Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقيف وزير جزائري سابق يعيد فتح ملف الفساد ويؤجج التساؤلات

شاب من دون خلفية سياسية حزبية تم الترويج له كممثل للمجتمع المدني الذي كان يعول عليه في إنتاج نخبة بديلة

حبس وزير في حكومات ما بعد الحراك بتهم الفساد يثير التساؤلات في الجزائر (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

توقيف #وزير_جزائري_سابق بتهمة #الفساد بعدما تم الترويج له كممثل للمجتمع المدني الذي كان يعول عليه في إنتاج نخبة بديلة

في إجراء لم يكن متوقعاً، أعلن القضاء الجزائري إيداع وزير سابق في حكومة الوزير الأول بن عبد الرحمن، الحبس على ذمة استكمال التحقيق، بعد سماع أقواله في قضية فساد تخص شركة للحديد والمعادن. وفي حين اعتبر الشارع أن الفساد ظاهرة انتهت مع رحيل النظام السابق، جاءت الحادثة لتعيد إلى الأذهان ممارسات من يسميهم الشارع الجزائري بـ"العصابة"، وتثير المخاوف من النهب والاختلاس مرة أخرى.

عدوى الفساد

وتفاوتت الآراء بشأن تلك القضية، فالبعض رأى في هذا الإجراء القضائي تأكيداً على عدم التساهل مع التعديات والمخالفات التي ترتكب من أشخاص نافذين، في حين اعتبر متابعون للشأن السياسي أن "عدوى الفساد انتقلت من النظام السابق إلى الحالي". والوزير المنتدب السابق للمؤسسات المصغرة نسيم ضيافات، هو أول وزير في عهد الرئيس عبدالمجيد تبون يسجن بقضية فساد تتعلق بتبديد المال العام، وقد مثل أمام القضاء إلى جانب زوجته وشقيقه وعدد من المتهمين في قضية فساد تخص مجموعة "إيميتال" الحكومية للصناعات المعدنية.

وبحسب ما تم تداوله، فقد أمر القاضي بسجن الوزير بتهم تمكين أفراد من العائلة من مزايا في الشركة الحكومية للحديد والمعادن، حيث تم إحصاء نحو سبع شركات مناولة تتعامل معها عائلة الوزير ضيافات، فيما قرر وضع زوجته وشقيقه تحت الرقابة القضائية مع المنع من السفر.

وشغل نسيم ضيافات، منصب وزير منتدب مكلف بالحاضنات في أول حكومة للرئيس تبون مطلع 2020، ثم تم تعيينه وزيراً منتدباً للمؤسسات المصغرة في يونيو (حزيران) 2021، وأنهيت مهامه في سبتمبر (أيلول) 2022، ويصنف من كتلة الوزراء حديثي العهد بالعمل الحكومي.

نقاشات جدية

ولا تزال المتابعات القضائية والمحاكمات متواصلة ضد عديد الشخصيات من النظام السابق منذ 2019، ولم تعد تثير اهتمام المتابعين بعد خفت "ضجيجها" جراء سقوط الرؤوس الكبيرة من رؤساء حكومات ووزراء ورجال أعمال وجنرالات، ليبقى استرجاع الأموال المنهوبة في الداخل أو الخارج أهم ما يجلب انتباه الشارع.

وعلى رغم أن الحرب على الفساد خطوة لاقت ترحيباً من الشارع في الداخل ومن دوائر عدة في الخارج، غير أن هناك جهات ما زالت توجه انتقادات للسلطة في الجزائر، وتعتبر الحملة انتقائية تصنف في خانة تصفية الحسابات، على اعتبار أنها تركز على حقبة معينة تشمل فترة حكم الرئيس الراحل بوتفليقة، في حين يتم تجاهل تجاوزات سجلت خلال مراحل حكم أخرى بما في ذلك عهد الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون. غير أن "اعتقال" الوزير السابق في حكومة ما بعد الحرك أشعل الصخب من جديد ما قد يبدد كل الشكوك، ويفتح نقاشاً جدياً حول أسباب استمرار منظومة الفساد وتورط المسؤولين في قضايا النهب واستغلال الوظيفة وتعارض المصالح، على رغم وضع تبون محاربة الفساد وأخلقة الممارسة السياسية، كأولوية في سياساته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سعي رئاسي لمحاربة الظاهرة

وفي السياق، تكشف الحقوقية نبيلة سليمي، في تصريح مقتضب، أن القضية تخص المجمع العمومي للصناعات المعدنية والحديدية "إيميتال"، وتمس الوزير المنتدب السابق نسيم ضيافات، وكذا المدير العام للشركة الجزائرية لإنشاء المنجزات والهياكل المعدنية، و37 شخصاً آخرين متهمين في وقائع فساد، مشيرة إلى أن الوزير متهم باستغلال النفوذ وتبديد أموال عمومية وتقديم امتيازات غير مستحقة للغير، بتدخله لمصلحة أفراد عائلته للحصول على صفقات بطريقة مشبوهة وغير قانونية، وباستغلال نفوذه، وذلك على مستوى أحد فروع المجمّع. وشددت على أن الرئيس تبون يسعى للقضاء على الفساد في البلاد من أجل إرساء دولة القانون وبناء جزائر جديدة يطبق فيها القانون على الجميع من دون استثناء، ويحاسب كل فرد فيها على الأفعال غير المشروعة، حتى وإن كان هذا الفرد يشغل منصب "وزير".

وتعد القضية الثانية من نوعها التي يتورط فيها وزير في فترة الرئيس عبدالمجيد تبون، بعد أن تم الحكم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على وزير الموارد المائية السابق أرزقي براقي، بعشر سنوات سجناً نافذاً، على رغم أن الوقائع تعود لفترة سابقة، وهو الذي شغل منصبه في حكومة عبدالعزيز جراد الأولى، وأنهيت مهامه خلال التعديل الحكومي في فبراير (شباط) 2021.

قضية تثير أسئلة عدة

إلى ذلك، يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، أن قضية الفساد هذه تثير أسئلة عدة بداية من الخصائص التي تميز الوزير ذاته وظروف وصوله إلى هذا المنصب، بالإضافة إلى ما تعلق بالمحيط السياسي العام، وعلاقته بالتسيير الريعي الذي ما زال سائداً للشأن الاقتصادي. وقال "نحن أمام وزير شاب من دون خلفية سياسية حزبية، تم الترويج له عند وصوله للحكومة كممثل لهذا المجتمع المدني، الذي كان يعول عليه في إنتاج نخبة بديلة للنخبة القديمة المتهمة بكل الخروقات"، مشيراً إلى أنه شاب بمؤهلات علمية ومهنية متواضعة جداً على اعتبار أنه حاصل على ليسانس في اللغة الفرنسية من جامعة داخلية، وبعض التجربة في تسيير مؤسسة اقتصادية عائلية داخل القطاع الخاص.

وأبرز جابي أن "الوزير ضيافات مثل كثير من وزراء هذه المرحلة، لم يكن ليصل إلى موقعه الحكومي لولا الظرف المضطرب الذي كان يمر به النظام السياسي خلال فترة الحراك وما بعدها مباشرة، والتي سمحت للكثير من اللوبيات باقتراح أسماء لها داخل مؤسسات الدولة المركزية كالحكومة". وأضاف أن "قضية الوزير تؤكد استشراء الفساد داخل مؤسسات النظام السياسي، الذي ما زال يعتمد على اقتصاد ريعي غير مرتبط بزمن محدد، فساد تقوم ثقافة سياسية بإسناده وتعميمه، ترتكز هي الأخرى على ممارسات سائدة داخل النسق الاقتصادي والاجتماعي، انطلاقاً من العائلة، وهي تتعامل مع وصول أفرادها إلى مراكز القرار كفرصة للاستيلاء على المال العام وتحويل طابعه القانوني من مال عام إلى خاص". وختم أنه "لا يمكن تصور بداية القضاء على الفساد وتفكيكه من دون الإصلاح الجذري للنظام السياسي، من خلال تعزيز الديمقراطية وبناء مؤسسات قوية وعدالة مستقلة وإعلام مهني حر وبرلمان ممثل تفرزه انتخابات شفافة تدعمها أحزاب سياسية متنوعة حاضرة شعبياً، بمواطنين أحرار".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات