قبل ثلاثة أشهر من انتهاء مدته الانتخابية، توفي الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن 92 سنة، وهو أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ تونس.
ومن المفارقات التي يسجلها التاريخ أن السبسي توفي في نفس اليوم الذي أعلنت فيه الجمهورية 25 يوليو (تموز) عام 1956، والذي كان حاضراً فيه برفقة أول رئيس للجمهورية التونسية آنذاك الحبيب بورقيبة.
انتقال السلطة واضح ومنظم
حدد الدستور التونسي الجديد الذي أقر بداية عام 2014، إجراءات وفاة الرئيس، والتي تنص على تولي رئيس مجلس النواب منصب رئيس الجمهورية، وتتم الدعوة لانتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز 90 يوماً.
ومن المعروف أن الانتخابات الرئاسية في تونس، أقر إجراؤها بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي ما يقارب فعلياً نفس المدة التي تفصل بين رحيل الرئيس وموعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
لكن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس نبيل بفون أعلن أن الانتخابات الرئاسية سيتم تقديم موعدها اثر وفاة الرئيس. وقال بفون أنه أمام رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر 90 يوما لتنظيم انتخابات رئاسية، وسيتم تقديم هذه الانتخابات لاحترام المهلة المحددة بالدستور" التي تنتهي في 23 اكتوبر (تشرين الاول) المقبل، ومن المقرر أيضا تنظيم انتخابات تشريعية في السادس من الشهر ذاته.
حداد وطني وإلغاء كل المهرجانات
من جهته، قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد اليوم إعلان الحداد الوطني لمدة سبعة أيام وتنكيس الأعلام بالمؤسسات الرسمية على إثر وفاة الرئيس.
كما قرر رئيس الحكومة إلغاء كافة العروض الفنية في مختلف المهرجانات الصيفية بجميع الولايات حتى إشعار آخر.
اجتماعات لترتيب نقل السلطة
إثر الإعلان رسمياً عن وفاة الرئيس عقد رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس مجلس النواب محمد الناصر اجتماعاً عاجلاً بحثا فيه ترتيبات الانتقال السلس للسلطة، وإعداد جنازة رسمية تليق بمنصب رئيس الجمهورية.
وخرج رئيس مجلس النواب من الاجتماع بتصريح مصور برفقة رئيس الحكومة أعلن فيه عن وفاة الرئيس وعزى الشعب التونسي بوفاة رئيسه، مذكراً بأن الدولة ستستمر وأنه بحسب الدستور، رئيس مجلس نواب الشعب هو من يتولى منصب الرئيس.
ودعا الناصر الشعب التونسي إلى التضامن وتوحيد الصفوف في هذه اللحظات الصعبة.
حزن شعبي كبير
أتت وفاة الرئيس بعد تعرضه في بداية الشهر الحالي إلى وعكة صحية خطيرة تسببت في انتشار الإشاعات عن وفاته، ما خلق حالة من التعاطف الشعبي الكبير معه.
الباجي القريب من الشارع وصاحب النكتة السياسية والذي أجاد مخاطبة الرأي العام بذكاء نادر، خلق رحيله حالة غير مسبوقة من الحزن والأسى بان جلياً في الشارع وفي وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تسابق فيها المواطنون للتعبير عن حزنهم لرحيله.
الرئيس السياسي بامتياز
الباجي قايد السبسي المولود في تونس العاصمة في 26 نوفمبر عام 1926، درس الحقوق وعمل محامياً وكان من الرجال الذين اعتمد عليهم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة في مناصب سياسية عدة، حيث كان وزيراً للداخلية ومن ثم وزيراً للدفاع ووزيراً للخارجية في الثمانينات، وكان رئيساً لمجلس النواب إثر أول انتخابات برلمانية شهدتها تونس بعد استلام الرئيس السابق بن علي مقاليد الحكم في 7 نوفمبر 1987.
عاش الباجي قايد السبسي أكثر سنوات عمره في العمل السياسي منذ الفترة التي سبقت استقلال تونس، حيث كان مناضلاً ضمن الحزب الحر الدستوري الذي قاد النضال لاستقلال تونس، وبعد الاستقلال كان طوال سنوات حياته ضمن الشخصيات السياسية رفيعة المستوى التي ساهمت بفعالية في بناء الدولة الحديثة.
دعوات للوحدة والحفاظ على الدولة
بعد ساعات من وفاة الرئيس، برزت تصريحات من مختلف الأحزاب والمنظمات الوطنية تدعو إلى الوحدة الوطنية والترفع عن الخلافات في هذه اللحظات العصيبة.
ونشر عدد من قادة الأحزاب تعازيهم للشعب التونسي ولعائلة الرئيس إثر وفاته، مذكرين بخصاله ومواقفه من أجل تحقيق استقلال تونس وبناء الدولة الحديثة وتثبيت أسس الدولة الديمقراطية.
جنازة رسمية
سينقل جثمان الرئيس الراحل إلى منزله وستنظم جنازة رسمية تشرف عليها وزارة الدفاع، وسيوارى الثرى في مقبرة الجلاز. وسيشارك عدد مهم من قادة دول شقيقة وصديقة في جنازة الرئيس الراحل.
أمنية أخيرة تحققت
الرئيس التونسي الراحل، كان يتمنى أن يوافيه أجله وهو في الحكم، خصوصاً بعد أن بلغ من العمر 93 سنة. وقبل ثلاثة أشهر من انتهاء مدته الرئاسية رحل تاركاً لوعة في قلوب الشعب التونسي وحزناً في قلوب كثير ممن عرفوه من قادة دول العالم وأصدقاء تونس.