Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الديوانية الأردنية... بيت الذاكرة والوجدان

تمسكت بدورها الحيوي رغم التقدم حضارياً ومعمارياً

تحافظ الديوانية على نمطها المعماري التراثي رغم التقدم العمراني (اندبندنت عربية)

ملخص

#الديوانيات العريقة في #الأردن تستمد حضورها من #الترابط_العشائري والمباني ذات الإرث التاريخي وليس فقط من أقدميتها ونشاطاتها.

تخوض "الديوانية" في الأردن نزاعاً قوياً كي تظل على قيد الحياة، ويؤكد متخصصون أن "دورها لا ينتهي" في المجتمع الأردني، لكن "الديوانية" مرت بتحولات كبيرة وخطرة أدت إلى خفوت حضورها وبدأ ذلك وفقاً للإعلامي أحمد أبو غنيمة بعد 1920 لأسباب عدة. فالدولة الأردنية قبل تأسيسها خلال ما يقرب من قرن من الزمن "وجدت نفسها في مواجهة تحديات اجتماعية وسياسية داخلية وخارجية، مما أدى إلى ظهور دور لبعض الديوانيات العريقة بوصفها مقار معارضة من ’السكان الأصليين’ في حراك اجتماعي استمر حتى 1929". 

وأدى هذا الحراك إلى ظهور دور الديوانية الأردنية بوضوح، الذي ظل ملحوظاً حتى تاريخ الاستقلال 1946 بوصفها مضافات لكبار العائلات، وبعد ذلك دخل الأردن مرحلة مفصلية سميت مرحلة التوسع العمراني والازدياد السكاني، فاتجهت الدولة إلى بناء مؤسسات المجتمع المدني، ما طمس دور هذه المقار بشكل موقت، لتحل محلها مقار الأحزاب السياسية التي شهدت ذروتها مطلع الألفية الثانية. 
ومع ذلك لا تزال هناك حاجة ومبرر لوجود هذه الأماكن الحيوية رغم التقدم الحضري والتغيرات الاجتماعية وفق القيمين على مضافة آل التل العريقة أو ما يسمى ديوان عشيرة آل التل في محافظة إربد. 
 
 
إذ أنشئت ديوانيات جديدة وفق نمط معماري حديث منذ 2005 بكلفة بلغت مئات آلاف الدولارات أحياناً كما هي الحال مع ديوان جمعية دير طريف في العاصمة عمان، فيما ظلت الديوانيات القديمة محافظة على نمطها المعماري المرتبط بإرثها التراثي إضافة لوجود ديوانيات تحت الإنشاء حالياً بمجهودات فردية وإمكانات ذاتية متواضعة.
ديوانيات عريقة
لا تأخذ ديوانية آل التل عراقتها من الماضي فقط، إذ يمتد عمرها لما يقرب من 150 سنة، ولكنها تتميز كبناء يحافظ على نمط معماري خاص وتستمد قوتها وحضورها من الترابط العشائري المميز، ومضافة التل تفتح أبوابها يومياً مساء، وأي توسعة أو صيانة لمبانيها تنجز بحرص شديد في سبيل الحفاظ على النمط العمراني الذي يعكس هويتها. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ووفق أبو وصفي راكان التل، تتسع المضافة التي استضافت كبار شخصيات الدولة الأردنية إلى 250 شخصاً جلوساً، وما يقرب من هذا العدد داخل غرفها، كما يوجد باحة كبيرة. ويؤكد التل أن المضافة تحتضن ما يزيد على 300 ضيف في مناسبات منوعة منها إفطارات رمضان التي تقام منذ 20 سنة، إذ بدأت فكرة هذا المشروع من خلال نقاش أثير في الديوانية للإجابة عن سؤال: كيف تتصرف بزكاة أموالك لتتحول الفكرة إلى مشروع متكامل يمارس منذ ذلك الوقت.
كما أنها عقدت قبل أشهر قليلة جلسة صلح ناجحة لإنهاء نزاع في جريمة قتل امتد لسبع سنوات. ويشير أبو وصفي إلى أن طمس دور الديوانية أردنياً لم يكن مبرمجاً، ولكنه جاء وفق تحليله الشخصي نتيجة تغير العلاقات والبعد والتوسع والتقدم التقني إذ "سُلبت أدوار" من المضافة مثل تراجع دورها في الانتخابات. 
يذكر أن إربد المحافظة الشمالية تحتوي سبع مضافات كل منها يعود لعائلة وقد تغنى الشاعر وصفي التل بها واصفاً إياها بـ"الخرزات" وهو الاسم الذي صار مرادفاً للمدينة إذ تسمى أحياناً "إربد الخرزات".
تركيبة السلطة
يوضح الإعلامي أحمد أبو غنيمة أن تركيبة السلطة في الأردن لا تسمح بوجود دور محوري للديوانيات، بمعنى أن "طمس" دورها كان مبرمجاً، لأن بعضها مثل "ديوان أبناء الطفيلة" قاد حراكات اجتماعية مؤثرة أزعجت السلطات بخاصة في فترة "الربيع العربي"، عاد ذلك ضمن سياق التعمية على جهود ونشاطات المعارضة الأردنية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن.
ويشير الناشط السياسي والنقابي إلى أحداث تاريخية مثل ثورة الكورة (1921)، وثورة الماجدية (1923) وإلى مقاطعة انتخابات أول مجلس تشريعي (1929) على أنها أحداث خرجت من رحم الديوانية الأردنية قبل الاستقلال، مما جعل الدولة الأردنية منذ القدم متأهبة لتنامي هذه الكيانات السياسية. 
 
 
من جهته يهتم المحامي مصطفى درس مدير جمعية "دير طريف" في العاصمة، الذي يعمل في هذا المجال منذ 2005 بفكرة تحويل الديوانية إلى "وقف ذري" وتعني صيغة "الوقف الذري" أن الممتلكات تظل لذرية المساهمين والأعضاء في الجمعية التي تغطي واجب العزاء والأفراح والمناسبات وتؤجر وتستثمر في الوقت ذاته لكي يكون محمياً وفق قوانين حماية الأموال العامة.
ويرى أن حل الجمعيات وارد، ولذلك لا بد من الصيغة الوقفية التي تعد أقوى الصيغ القانونية المتاحة حالياً لحماية هذا الصرح.   
تحت الإنشاء بجهود ذاتية
رغم تغير الأدوار والتحولات الاجتماعية ما زال المجتمع الأردني مجتمعاً عشائرياً حتى في مناطق الحضر وتحديداً في المدينة، ويوضح حسون خليل أن عائلته خصصت عمارة في واحدة من ضواحي العاصمة الحيوية في منطقة صويلح لإنشاء ديوانية عائلية، لكن الطريف في قصة هذه الديوانية التي تقام على ممتلكات خاصة لأحد أعمامه الميسورين أنها تأتي في سياق مناكفات عائلية بين شقين من عشيرة أردنية عريقة فضل عدم ذكرها، إذ أدى التلاسن بين الحمولتين على ضوء خلافات عائلية قديمة إلى تحفيز شباب حمولته لتخصيص هذا المبنى القديم لهذه الغاية. 
ويوضح حسون أن شباب حمولته يصرون على إقامة الديوانية وتحمل كلفة تسجيلها وترخيصها رغم الضائقة المالية نكاية بالحمولة الأخرى التي لا تمتلك حالياً مقراً دائماً لها، ويلجأ رجالها إلى إقامة تجمعاتهم التي يصل حضورها إلى عشرات الأشخاص فوق أسطح البنايات الخاصة وأحياناً في مناطق ضيقة مثل كراجات السيارات وبشكل متناوب بانتظار إنشاء مقرهم الدائم. 
يذكر أن بعض الديوانيات والمضافات والجمعيات العائلية تتعثر مالياً مما يقود إلى حلها، وتفيد إحصاءات بأن هناك نحو ألفي جمعية عائلية في الأردن حالياً عدا عن الجمعيات المهنية والخيرية والمتخصصة، فيما تنشأ سنوياً 300 جمعية ويحل منها عدد مماثل كل عام.
اقرأ المزيد

المزيد من منوعات