ملخص
رصدت #السلطات_الأردنية #انتهاكات في #دور_الرعاية والحماية الخاصة بـ #الأطفال و #النساء
تحفل مراكز حماية الأسرة في الأردن بعديد من القصص المروعة لأطفال انتهكت براءتهم وأمهات معنفات أو فتيات هاربات من المنازل ومهددات بالقتل تحت ذريعة "جرائم الشرف".
ووفقاً لما رصدته السلطات في السنوات الماضية، ثمة انتهاكات عدة تحدث في دور الرعاية والحماية الاجتماعية في الأردن، من أبرزها العنف والإساءة النفسية وسوء المعاملة الجسدية والإهمال والاعتداءات الجنسية، بل إن الأمر طاول حتى دور إيواء كبار السن، إذ تحقق وزارة التنمية الاجتماعية في حادثة تعرض مسنة لحروق من الدرجة الأولى في أحد المراكز المتخصصة برعاية المسنين، مما يشير إلى أن الاعتداءات باتت ظاهرة.
عنف ضد الأطفال
ويرصد استشاري الطب الشرعي هاني جهشان، العنف ضد الأطفال في مؤسسات دور الإيواء وفي الرعاية البديلة، بعد أن يكونوا قد تعرضوا مسبقاً لمشكلات التفكك الأسري والعنف والمشكلات الاقتصادية، فينتهي بهم المطاف في مؤسسات الرعاية الاجتماعية برضا أسرهم أو رغماً عنهم.
وتتنوع مؤسسات الرعاية الاجتماعية "بين دور الأيتام ومراكز إصلاح الأحداث والمدارس الداخلية ومراكز الاستشفاء، حيث يغيب التواصل بين الأطفال وذويهم أو يكون محدوداً جداً بحيث يزيد من الانتهاكات". ويطالب جهشان "الجهات المعنية بأنظمة فاعلة لأمان وحماية للأطفال في مؤسسات الرعاية الاجتماعية عبر الإفصاح عنها والاستجابة القانونية لها".
لا يقتصر الأمر، وفق جهشان، على هذه الانتهاكات فقط، "بل تمتد إلى إيقاف الأطفال في سجون مع البالغين بدلاً من مراكز تأهيل ورعاية خاصة بهم، وعدم وجود محاكم خاصة بالأحداث وغياب أماكن احتجاز الفتيات إلى جانب عدم كفاءة وانتظام التدريب على حقوق الطفل في ما يخص أجهزة الشرطة والقضاة والمدرسين في التعامل مع الأطفال في المؤسسات، إضافة إلى غياب البرامج والخدمات التأهيلية".
وتشهد بعض دور الرعاية انتهاكات لدى حضانات الأطفال التي يكون لها أذى نفسي بالغ على نموهم، بينما تشهد مؤسسات أخرى كدور الأيتام تشغيل الأطفال بأعمال شاقة. في حين يعد الأطفال من أصحاب الاحتياجات الخاصة الجسدية والعقلية، الفئة الأكثر تعرضاً للإساءة والإهمال داخل المؤسسات الاجتماعية وفي أماكن الرعاية.
هاربات من المنزل
وتدفع بعض الظروف كثيراً من الفتيات للتشرد والجنوح والهرب من المنزل، وهو ما يجعل نسبة تعرضهن لإساءة جنسية أربعة أضعاف الأطفال الذكور، من بين هذه الظروف تعرضهن لممارسة الدعارة وإرغامهن على الزواج المبكر.
اليوم، ووفقاً للإحصاءات الرسمية، ثمة مستقبل مجهول ينتظر نحو 144 فتاة متغيبة عن منزلها، ما بين قلقهن من الحياة في مراكز الإيواء، أو رد فعل الأهل، وغالباً تكون نهاية هؤلاء القتل تحت مبرر جريمة الشرف وارتكاب العار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في معظم الحالات ترفض الأسر إعادة احتضان بناتهن المتغيبات، في حين تتضاءل فرص الحياة الطبيعية خارج دور الرعاية، فلا فرص عمل، ولا تعليم، فضلاً عن نظرة المجتمع الدونية والسلبية.
وبحسب الإحصاءات فقد بلغت نسبة حالات الاستغلال الجنسي المتعلقة بظروف تغيب الفتيات عن المنزل نحو 72 في المئة من مجمل الحالات.
ويصف متخصصون في المجال التربوي ما يحدث من عواقب للأطفال أو الفتيات اللواتي يلجأن لدور الرعاية ظناً منهن أنها ستشكل مظلة حماية لهن، بالخيبة والانتكاسة، إذ يخرج الأطفال منها مثقلين باضطرابات نفسية وسلوكية كالاكتئاب، والقلق وتأخر النمو واضطرابات الطعام والميل للسلوك الانتحاري وإيذاء الذات، فضلاً عن تحولهم إلى ضحايا للاتجار الجنسي وممارسة الدعارة، وفي جانب آخر يفقد هؤلاء فرص التعليم ويصبحون عبئاً على مجتمعاتهم.
لكن الأرقام الرسمية لا تعكس حقيقة أعداد المتغيبات في البلاد، فوفقاً لمراقبين تتم تسوية بعض الحالات في المراكز الأمنية وإدارة حماية الأسرة، بخاصة في الحالات التي تتغيب فيها الفتيات لساعات عدة فقط.
زوجات معنفات
وفي جانب متصل تبرز ظاهرة الزوجات المعنفات اللاتي يلجأن إلى مؤسسات الحماية الاجتماعية، وفي الغالب يكون السبب تعرضهن للعنف من قبل الأزواج أو من قبل العائلة.
وتقول إحداهن إنها لجأت إلى المبيت في إحدى الحدائق العامة ليالي عدة قبل أن تنتقل إلى "سجن أكبر" هي وطفلها، على حد وصفها، في إشارة إلى مراكز الإيواء هرباً من تعنيف الأسرة أو الزوج.
وتتحدث ساجدة أسعد عن تعرضها للعنف، وتقول "لديَّ القوة والإرادة لتحقيق الحياة المستقلة التي أتمناها".
ساجدة خريجة دبلوم موارد بشرية رفضت عائلتها استقبالها بعد طلاقها، فقررت الاستقلال في السكن للحفاظ على حضانة طفلها متحدية كثيراً من المعايير المجتمعية، وخسرت عملها خلال جائحة كورونا وكونها المعيلة الوحيدة لطفلها بسبب رفض طليقها دفع النفقة، قررت بيع مأكولات شعبية وتقليدية على عربة قبل أن تتمكن من استئجار محل تجاري.
أصعب موقف بالنسبة إلى ساجدة كان توجهها لحماية الأسرة وقضاء أربعة أشهر في دار رعاية مع طفلها رغماً عنها، حيث حولت إلى الحاكم الإداري، وكانت أمام ثلاثة خيارات، وهي إما التراجع عن قرار الطلاق، وإما السكن مع أهلها وفق شروطهم أو الحجز في دور الرعاية ونقل الطفل إلى دار الأيتام.
تلقي ساجدة باللائمة على القوانين التي تمنعها من تسجيل طفلها في المدرسة أو إصدار جواز سفر لعدم وجود والده، وقد تتحول ولايته إلى جده وليس أمه.
وتقول وزارة التنمية الاجتماعية إزاء ذلك، إن غالبية حالات التغيب تتم من طريق الحاكم الإداري، أما الحالات التي يتبين أنها تشكل خطورة على حياة الفتاة أو السيدة، فتحول إلى دور الرعاية.
وتشير الإحصاءات إلى تزويج عدد كبير من المعنفات القاصرات بمقتضى المادة 308 من قانون العقوبات، وهو زواج يوصف، وفق مراقبين، بأنه لـ"محو العار".
ووفقاً لوزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، يتخلى ذوو نحو 40 في المئة من منتفعي دور الرعاية الإيوائية عنهم، ولا يطلعون على أحوالهم إلا في حال اتصال المراكز بعائلاتهم، ومن ناحية أخرى، يتمتع بعض المنتفعين بزيارات أسبوعية ويمكنهم الخروج للمبيت مع أسرهم.
ويبلغ عدد مراكز الإيواء في الأردن 32 مركزاً، 25 منها تابعة للقطاع الخاص، في حين يوجد مركزان تطوعيان وخمسة مراكز حكومية، وبلغ عدد المنتفعين في القطاع الخاص والتطوعي 1113، و555 في الحكومي.
وتؤكد وزارة التنمية الاجتماعية أنها عالجت كل الملاحظات التي تردها حول وجود انتهاكات في مراكز الحماية والإيواء الاجتماعية عبر فرق مكلفة التقييم والمتابعة والتفتيش. كما تقدم الوزارة دعماً نقدياً للأسر البيولوجية، أو حتى البديلة، لدعمها في توفير الرعاية اللازمة لأبنائها، إلى جانب توفير الخدمات المساندة وتقديم الحماية والرعاية والمحافظة على سلامة المنتفعين الجسدية والنفسية تحت طائلة المساءلة القانونية.
حق الرد
بعد نشر التقرير وصل إلينا رد من وزارة التنمية الاجتماعية في الأردن ننشره كما ورد، عملاً بحق الرد الذي تضمنه "اندبندنت عربية" بناءً على المعايير الصحافية المعمول بها.
تؤكد وزارة التنمية أن أياً من المسؤولين فيها لم يلتق كاتب التقرير، ولم يصرح لا باسمه، ولا باسم الوزارة، وعليه فإن رد الوزارة الوارد في التقرير مفبرك تماماً. وترى الوزارة أن الكاتب حاول بناء تقريره على حادثة واحدة، روى جزءاً منها، وأغفل أهم تفاصيلها من خلال تطرقه في بداية التقرير إلى الحروق التي تعرضت لها مسنة في إحدى دور الإيواء من دون الإشارة إلى أن الوزارة أعلنت عنها في حينه، وتم تحويل الملف إلى الجهات القضائية، مستخدماً هذه الحالة دليلاً على وجود ظاهرة اعتداءات وتعميمها، في حين أنها حالة فردية اتخذت الوزارة تجاهها جميع الإجراءات القانونية الكفيلة بتحقيق الردع الخاص والعام بهذا السياق. وتؤكد الوزارة أنه لا تسامح أو تهاون مع أي حالات إساءة أو إهمال قد يتعرض لها أي من المنتفعين في دور الإيواء بأصنافها كافة.
وتتابع الوزارة في ردها أن بعض ما ورد في التقرير ما يشير إلى جهات أخرى، ومنها القضاء والمحاكم والأمن العام، ولم يتوفر حق الرد للأطراف كافة، وبخاصة أن هناك فريقاً وطنياً للحماية من العنف يتألف من أكثر من 35 جهة ومؤسسة مجتمع مدني، تعمل على الرقابة والمراجعة لمنظومة الحماية.
- إيقاف الأطفال في السجون مع البالغين ادعاء عارٍ عن الصحة، حيث يتوفر مراكز للأحداث الموقوفين، وأخرى للمحكومين، وتتبع لوزارة التنمية الاجتماعية.
- لا يخفى على أي متابع ومهتم أن هناك محاكم متخصصة للأحداث في الأردن، وتعمل على مدار الساعة، وليس كما ادعى كاتب التقرير بعدم وجود محاكم متخصصة للأحداث، ويوجد مكاتب مخصصة لمراقبي السلوك والأخصائيين الاجتماعيين في محاكم الأحداث كافة، التزاماً بما نص عليه القانون في هذا السياق.
- أما الادعاء بتشغيل الأطفال في أعمال شاقة في الدور والمؤسسات، فهذا افتراء واضح ليس له أيضاً ما يسنده، حيث تقدم دور رعاية الأطفال جميع الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية للأطفال، وتتابع تحصيلهم العلمي والدراسي، وتقدم لهم المصروف اليومي، ويسجل سنوياً نجاح كثير منهم في الثانوية العامة، ويتم إلحاقهم بالدراسة الأكاديمية أو التقنية أو المهنية، وحسب رغباتهم وميولهم، كما تقدم لهم خدمات الرعاية اللاحقة من تعليم وسكن وزواج لمساعدتهم على بدء حياتهم باستقلالية واعتماد على الذات، ويذكر أن الوزارة لها دور في مكافحة عمل الأطفال والحد منه مع شركاء رسميين وغير رسميين، ولا يعقل أن يمارس في الدور التابعة لها أو تشرف عليها.
- بالنسبة إلى الوزارة فهي معنية بالدور، وتسمى دور التربية والتأهيل للأحداث، وليس مراكز إصلاح الأحداث ومراكز الأشخاص ذوي الإعاقة.
- بالنسبة إلى ما ورد حول الفتيات المتغيبات من الأحداث، فإن نسبة التكرار لا تتجاوز اثنين في المئة، ويتم دمج عدد منهن مع أسرهن من خلال العمل مع الأسر ضمن خطة تدخل واضحة مع الشركاء، والسجلات والتقارير تؤكد ذلك من عدد الداخلين والخارجين منها.
- حول ما ورد عن دور الوفاق الأسري، فإن دور الوفاق الأسري للنساء المعنفات تستند خدماتها إلى الموافقة المستنيرة للسيدة، ولا يتم إجبارها على البقاء في الدار في حال رفضت الخدمات.
- إن العمل مع الحالات يتم ضمن منهجية إدارة الحالة مع الشركاء، وليس وزارة التنمية الاجتماعية دون سواها، حيث يعقد مؤتمر حالة لاتخاذ القرار المناسب بالتشارك مع المنتفعة لتحقيق مصلحتها الفضلى.
- مراكز الإيواء التابعة للوزارة مرتبطة بأكثر من وسيلة رقابية، إحداها الرقابة الإلكترونية، والرقابة بالكاميرات، بما لا يتعارض مع حماية خصوصية المنتفعين، والرقابة الإدارية عبر الكوادر البشرية، وكذلك رقابة الجهات غير الحكومية ضمن رقابة صارمة، ومكلف إياها موظفون ليس لديهم ارتباط بمديري الدور الإيوائية.
- إن حالات التغيب والتكرار، والتي تمت الإشارة إليها في التقرير، يتم العمل عليها ضمن برامج متخصصة بالدمج داخل الأسرة، ويتم العمل على التمكين الاقتصادي والاستقلال المالي للحد من العنف، وكذلك يتم العمل مع الأسرة والأشخاص الداعمين لمحاولة الحد من العنف وإعادة الإدماج داخل الأسرة.
- احتوى التقرير على أرقام قديمة غير محدثة، ولم يتم التواصل مع الوزارة للاطلاع على الأرقام المحدثة، والتي تنشرها أصلاً باستمرار في تقارير شهرية على موقعها الإلكتروني، ولوسائل الإعلام، إضافة إلى استخدام مصطلحات لا تدخل ضمن استخدام الوزارة ومؤسساتها ومنظومة الحماية والرعاية لديها، كما استخدم بعض النسب في التقرير التي لا تستند إلى أساس علمي، ولم يوثق كاتب التقرير مصادره في هذا السياق.