ملخص
كارلسون كان معروفاً باعتباره أبرز دعاة "فوكس نيوز" في مرحلة تقهقر وسائل الإعلام وتحولها إلى منابر لتأجيج الضغائن على اختلاف أنواعها
مع استقالة تاكر كارلسون، أبرز مذيعي شبكة "فوكس نيوز" الأميركية وأكثرهم شهرةً ربما، يسلط الضوء مجدداً على الدور الذي لعبه في تلميع مشاهد أعمال الشغب في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، الحادثة التي عرفت فيما بعد باسم "غزوة الكابيتول". فعلى سبيل المثال وجه كيفين مكارثي رئيس مجلس النواب الأميركي اللوم إلى كارلسون متهماً إياه بالتعليق على أعمال الشغب تلك وتقديمها على أنها نزهة عابرة لسياح مسالمين وليسوا متمردين عنيفين عرضوا أعضاء الكونغرس، ومنهم ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، للخطر.
كارلسون كان معروفاً باعتباره أبرز دعاة "فوكس نيوز" في مرحلة تقهقر وسائل الإعلام وتحولها إلى منابر لتأجيج الضغائن على اختلاف أنواعها، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو جندرية أو اجتماعية.
وفي هذا السياق، أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن كارلسون غادر، أمس الإثنين، "فوكس نيوز" بعد أقل من أسبوع من موافقة الشبكة التلفزيونية الأميركية على دفع 787.5 مليون دولار أميركي (630 مليون جنيه استرليني) لتسوية دعوى تشهير تقدمت بها شركة "دومينيون لأنظمة التصويت" التي كان فيها لبرنامج كارلسون الذي يحظى بواحد من أبرز تصنيفات المشاهدة على قنوات الشبكة، الدور الأبرز.
دعوى التشهير التي تقدمت بها "دومينيون" ضد "فوكس نيوز" جاءت بعد زعم الأخيرة أن الشركة زودت الجهات الرسمية المشرفة على الانتخابات الرئاسية عام 2020 بآلات إحصاء للأصوات تم التلاعب بها بغرض إسقاط الرئيس السابق دونالد ترمب. ورأت "نيويورك تايمز" في خروج كارلسون "زعزعة لمشهد الشبكات الإخبارية ويصدم الحركة المحافظة" في الولايات المتحدة".
ونقل أحد التقارير عن بيان أصدرته "فوكس نيوز" أن "الشبكة ومقدم البرامج اتفقا على الافتراق، ونحن نشكره على خدمته للشبكة كمقدم برامج، وقبل ذلك كمساهم".
الحلقة الأخيرة من برنامج كارلسون "تاكر كارلسون تونايت" كانت الجمعة الماضي، والذي واظبت "فوكس نيوز" على بثه منذ عام 2016. وفي السنوات الأخيرة طور كارلسون من أدواته ليدخل في صلب عمل الشبكة الإخبارية إلى الحد الذي أعطى فيه انطباعاً بأنه شخص لا يمكن المساس به. وفي عام 2021 وقع عقداً جديداً مع الشبكة لتوسيع برنامجه إلى خدمات البث الصوتي (Podcast) وسلسلة تسمى "تاكر كارلسون أوريجينالز" Tucker Carlson Originals لخدمة البث المباشر.
الدعوى الأخيرة لم تكن هي الوحيدة ضد كارسون، فالأخير محور دعوى قضائية أخرى تقدمت بها المنتجة السابقة في الشبكة آبي غروسبرغ في مارس (آذار) 2023، وتزعم فيها أن زميلها السابق "كان رأس حربة ثقافة [مبادئ] تروج لـ كراهية النساء والتمييز في مكان العمل"، وأنها شاهدت في مقر الشبكة صوراً كبيرة لرئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي الديمقراطية المناوئة لترمب وهي في ملابس السباحة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدورها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" بالتحقيق الذي أجرته مسبقاً عن برنامج كارلسون ومحاولاته إذكاء عنصرية البيض لتحقيق أكبر قدر من المشاهدات، واصفة البرنامج بالأكثر عنصرية في تاريخ الشبكات الإخبارية، وكذلك محاولات مقدمه لوراثة الحركة الجمهورية المحافظة التي تكونت حول ترمب.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين داخل "فوكس نيوز" أن المنتج التنفيذي الأول لبرنامج "تاكر كارلسون تونايت" جاستن ويلز فقد أيضاً وظيفته في الشبكة، وقد تعاون مع كارلسون منذ إطلاق البرنامج في عام 2016. وكان البرنامج يبث خلال الساعات الأكثر مشاهدة للتلفزيون في الولايات المتحدة. أما في شأن المرحلة المقبلة في حياة كارلسون المهنية فتوقعت "نيويورك تايمز" أن تساعده شهرته وشعبيته على أن يستقطب عروض عمل من مؤسسات إخبارية محافظة أخرى، وربما يفكر في إنشاء منصته الخاصة.
وأوردت أن شبكة "آر تي" الإخبارية التلفزيونية الحكومية الروسية عبرت عن ترحيبها به في صفوفها، فقد دعته في تغريدة على حسابها في "تويتر" إلى "طرح مزيد من الأسئلة" ضمن صفوفها، وهي كثيراً ما نقلت تعليقاته بعد ترجمتها إلى الروسية، ولا سيما التعليقات التي تتبنى نظريات المؤامرة الروسية في شأن التطورات العالمية.
الجدير بالذكر أنه وفي مراسلات خاصة كشفت عنها التحقيقات في دعوى "دومينيون" ضد "فوكس نيوز" عبر كارلسون عن كرهه واحتقاره لترمب، متهماً الرئيس السابق بتوريطه هو والشبكة بمعلومات خاطئة عن الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وأورد أحد التقارير الإخبارية أن كريستوفر رودي الرئيس التنفيذي لشبكة "نيوزماكس" الإخبارية المحافظة قال في بيان إن خروج كارلسون سيعزز ابتعاد المشاهدين عن "فوكس نيوز"، علماً أن "دومينيون" تقاضي "نيوزماكس" بتهمة التشهير أيضاً على خلفية مزاعم بتزوير الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
ورأت "نيويورك تايمز" أيضاً أن دور كارلسون قد فاق كونه مقدم برنامج شهيراً وحسب، فهو على ما أفادت الصحيفة، قد قام بملء الفراغ الذي تركه دونالد ترمب بعد خسارته الانتخابات، كما ناصر أولئك الأكثر حماسة للرئيس السابق وبعضاً من أكثر آرائهم تطرفاً. وبالحماسة نفسها التي سارع بها للدفاع عن مرتكبي أعمال الشغب يوم السادس من يناير 2021 بث الشكوك حول المهاجرين أو محتجي حركة "حياة السود مهمة"، أو لقاحات "كوفيد-19".
وفي تحقيق آخر كانت قد أجرته أيضاً "نيويورك تايمز" تقصت فيه مراحل حياة كارلسون المهنية، بما في ذلك مقابلات مع عشرات من أصدقائه وزملائه السابقين وتحليلات لأكثر من ألف و100 حلقة من برنامجه على "فوكس نيوز" رأت الصحيفة مقدار التعاطف المتعاظم الذي أظهره كارلسون للحركة العنصرية المؤيدة لحقوق المولودين في الولايات المتحدة على حساب حقوق المهاجرين إليها، والتي اخترقت المجال السياسي الأميركي ومقدار تشابك صعوده مع التحولات التي عرفتها شبكته والحركة المحافظة الأميركية.