ملخص
الصراع العسكري على السلطة يؤدي إلى اشتباكات في دارفور صاحبة الـ20 عاما من العنف وجهود الوساطة تسفر عن تهدئة بمدينتين
يخشى سكان منطقة دارفور في السودان من أن يؤدي القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى إيقاظ الصراع في المنطقة الصحراوية مترامية الأطراف التي تذوق مرار الحرب بالفعل منذ عقدين من الزمان.
اندلع الصراع في دارفور عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين بوجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت بامتطاء الخيل في أعمال عنف أدت إلى مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد الملايين.
وعلى رغم اتفاقات سلام عدة إلا أن الصراع مستمر منذ ذلك الوقت، كما تصاعدت حدة العنف على مدى العامين المنصرمين.
وسرعان ما امتد العنف إلى دارفور بعد أن اندلعت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في وقت سابق هذا الشهر بالخرطوم.
هجمات انتقامية عرقية
وتحدث سكان ومصادر عن أعمال نهب وسلب وهجمات انتقامية عرقية واشتباكات بين الجيش والدعم السريع في مراكز تجمعات سكانية في أنحاء بالمنطقة التي تشتهر بالزراعة ويسكنها البدو وتعادل مساحة فرنسا تقريباً.
وساعدت جهود الوساطة المحلية على تهدئة الصراع في مدينتي نيالا والفاشر الرئيستين لكن القصف والنهب استمرا في مدينة الجنينة، مما أشعر سكان دارفور بالخوف من انفجار كبير آخر للحرب.
وقال الصحافي والناشط الحقوقي في نيالا أحمد قوجة "إذا استمر هذا وإذا قتل قادة عسكريون ينتمون إلى قبائل ذات تأثير، فسوف تحدث فوضى وستكون هناك تعبئة قبلية".
وتكتسب دارفور أهمية إستراتيجية لطرفي الصراع المتحاربين في السودان وهما القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي".
وبنى الرجلان حياتهما المهنية في دارفور، وأدى قتالهما الأخير إلى تعريض سكان الخرطوم لغارات جوية وعمليات نهب وإحساس بعدم الأمان.
وارتقى البرهان في صفوف الجيش أثناء القتال بدارفور، بينما بدأ حميدتي حياته العسكرية قائداً لإحدى الميليشيات التي قاتلت في معارك عدة لمصلحة الحكومة السودانية خلال صراع دارفور.
وبينما يحاول الجيش الآن طرد عناصر قوات الدعم السريع من مواقعهم في الخرطوم، فإن القوات شبه العسكرية يمكن أن تعود لجذورها بدارفور في محاولة لإعادة ترتيب صفوفها والحصول على مزيد من التعزيزات.
انضمام دولي؟
يمكن أن تتسبب زيادة إراقة الدماء في دارفور بجذب أنظار الولايات المتحدة مرة أخرى، إذ أدت أعمال عنف سابقة واتهامات بحدوث إبادة جماعية إلى إطلاق حملة من أجل تحقيق السلام ودخول واشنطن بفاعلية في المفاوضات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وما يزيد من احتمال حدوث مشكلات هو أن دارفور تقع على حدود أربع دول هي ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وتشهد الدول الأربع حالاً من عدم الاستقرار بسبب نزاعات داخلية، وبالنسبة إلى المدنيين فإن الوضع ينذر بتفاقم معاناتهم.
ويعيش نحو 1.5 مليون نازح في مخيمات بدارفور واستمرت موجات العنف لأعوام مع شن المقاتلين هجمات على المجتمعات السكنية وإحراق القرى ونهب إمدادات الإغاثة.
وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين في السودان ويل كارتر "بغض النظر عن الطريقة التي تسير بها المعركة حالياً في الخرطوم، نتوقع صراعاً أكثر دموية الآن في منطقة دارفور ومزيداً من الجماعات المسلحة والأسلحة والأعمال القتالية".
وذكرت مصادر في الجنينة بالقرب من الحدود مع تشاد بأن عناصر يمتطون الخيول ويقودون دراجات نارية وشاحنات نهبوا مناطق في المدينة، مما أدى إلى اندلاع قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
كبح العنف نسبياً
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بوقوع اشتباكات أول من أمس الإثنين، لكن السكان في نيالا والفاشر أشاروا إلى تمكنهم من كبح العنف نسبياً بعد الاتفاق على نشر قوات شرطة محايدة بمراكز البلدات التي تركها العناصر الذين لا يزالون متمركزين في مناطق سيطرتهم. وقال محمد سليمان، وهو طبيب في نيالا، "الحياة تعود ببطء لطبيعتها".
ومع ذلك اندلع قتال في المدينتين، مما أدى إلى سقوط قتلى وعمليات نزوح ونهب ووقف لعمليات الإغاثة التي يعتمد عليها عدد كبير من السكان المحليين.
وفي الفاشر وقعت بعض أسوأ الخسائر في أبو شوك، وهو مخيم للنازحين من القتال الذي دار حول قراهم، وأوضح سليمان أن الاشتباكات أدت إلى تدمير سوق المخيم وتوقف إمدادات المياه ومنع السكان من الوصول إلى المستشفى.
واعتبر قوجة أن المثير للقلق هو أن بعض العناصر يتعاملون مع الأشخاص بناء على جماعتهم العرقية أو قبيلتهم، مضيفاً "كنت أبحث عن دواء لشخص ما وأوقفني جنود واتهموني بأنني من قوات الدعم السريع" ومشيراً إلى أن هذه الاتهامات سببها مظهره.
ويزيد قلق السكان المحليين من احتمال أن تنتهي الحرب في دارفور على رغم أنها بدأت في الخرطوم، وقال قوجة عن الطرفين المتحاربين "إذا لم يتوصلا إلى تسوية سياسية فسوف يأتيان إلى هنا".