ملخص
يعيش أبناء الجالية السورية حالة تخبط وعدم استقرار ويقدر عددهم بـ30 ألفاً في أنحاء السودان بحسب إحصاءات دبلوماسية
أمام عيون زوجته وأطفاله، سقط عمر عراطة وهو مهندس سوري لاجئ في السودان، مضرجاً بدمائه، بعد أن اعترضته مجموعة مسلحة أثناء رحلة نزوحه من الخرطوم إلى مدينة عطبرة، للانتقال بعدها إلى بورتسودان، حيث بدأت الواقعة بتفتيش مركبته مع أربع سيارات أخرى في طريقها إلى النجاة من واقع الصراع المرير في العاصمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
جريمة القتل حدثت حين هم مسلحون من أفراد مجموعة غرضها السلب بتفتيش النساء، الأمر الذي رفضه المهندس عراطة، وأبدى اعتراضاً شديداً لهذا التصرف، بل وتعارك معهم إلى أن قتل برصاصهم، أمام أنظار أسرته وأصدقاء له.
وتفيد المعلومات الواردة أن أصدقاء المهندس نقلوا جثمانه إلى منطقة "الجيلي" حيث ساعدهم المدنيون هناك من أبناء المنطقة في مراسم الدفن لديهم واستضافوا العائلات السورية ووقفوا إلى جانبهم في محنتهم. ووصف اللاجئ السوري، الذي عاش رحلات نزوح قاسية في حياته بـ"الشجاع" و"البطل".
السوري عراطة واحد بين 15 سورياً من ضحايا الحرب الدائرة في السودان بحسب التقديرات الأولية، ويروي سوري مقيم في السودان، طلال ناصيف، أن العائلات السورية اضطرت إلى الخروج من البلاد والانتقال بسياراتها الخاصة، وتعرضوا للنهب والسلب من قطاع الطرق. ولفت النظر في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "الفقيد المهندس عراطة يعرفه كل أبناء الجالية السورية، لقد قتل بكل دم بارد أمام ناظري عائلته وأطفاله".
وأردف، "يعيش السوريون أوضاعاً في غاية الصعوبة بسبب الصراع القائم، الذي أدى إلى انقطاع الكهرباء والمياه وشح المواد الغذائية بشكل عام، وغلاء الأسعار استغلالاً من قبل تجار الأزمات والحروب".
بر الأمان
يعيش أبناء الجالية السورية حالة تخبط وعدم استقرار، ويقدر عددهم بـ30 ألفاً في أنحاء السودان بحسب إحصاءات دبلوماسية، في حين أعربت دمشق عبر وزارة خارجيتها عن حرصها على مساعدة مواطنيها الراغبين بالإجلاء وأجرت اتصالات مع دول شقيقة وصديقة للمساعدة في ذلك وفق بيان لها "لقد أعدت السفارة قوائم بأسماء المواطنين بالتعاون مع أبناء الجالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الخارجية السورية في بيانها "بمساعدة الأشقاء في السعودية جرى حتى الآن إجلاء المئات من السوريين من مدينة بورتسودان التي وصل إليها فريق من السفارة، وإجلاء العشرات بمساعدة الأشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية والجزائر".
في غضون ذلك تقدمت شركة "أجنحة الشام" للطيران وهي شركة خاصة، بمبادرة وصفتها الحكومة بـ"السخية" لإنجاز رحلة إجلاء، وتبدو الترتيبات لهذه الرحلة ستكون وفق قوائم التسجيل مع اتباعها برحلات عدة إضافية.
جحيم الحرب
بعد 12 عاماً من الحرب السورية، يجتر السوريون ممن لجأوا إلى السودان ذكريات مؤلمة، وهم يرون حجم كارثة ألمت ببلد النيل، وكيف تحول من ملاذ آمن إلى مكان معدم حولته دهاليز السياسة وأتون الحرب إلى ساحة صراع مسلح، يغوص بالاقتتال وانعدام الأمان والفلتان الأمني.
يروي أحد الناجين مدى المساعدة التي قدمتها دول عربية بمد يد العون للسوريين في وقت عاشوا حالة ضياع للخروج من أجواء المعركة، قائلاً "ساعدت السعودية في إجلاء سوريين إلى أراضي المملكة ومنحتهم إقامة شهراً مع حرية التنقل، ومن لم يمتلك مكاناً للإقامة قدمت له المبيت، وتكفلت المملكة بحجز فندق بخمس نجوم لمدة سبعة أيام، وتسهيلات كثيرة، ومن قدم إلى الرياض من دون جواز سفر طلب الجانب السعودي حضور ممثل عن السوريين ليوافق على دخولهم".
ووردت معلومات عن وصول ممثل من طاقم البعثة الدبلوماسية السورية إلى بورتسودان لمتابعة أعمال الإجلاء، بينما قال القائم بأعمال السفارة لدى الخرطوم في حديث لإذاعة "شام أف أم" المحلية إن "الوضع في السودان صعب، 15 سورياً ضحايا الاشتباكات وجميع أعضاء البعثة الدبلوماسية بخير".
وأطلق ناشطون من سوريا والسودان نداءات استغاثة لإنقاذ من بقي في البلاد، وطالبت إحدى الناشطات بالعمل على تسليم جوازات السفر الموجودة في السفارة، التي أغلقت وقت اندلاع المعارك ليتمكن السوريون من الفرار.