Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اغتيال قيادي بإثيوبيا قد يكتب شهادة وفاة الـ"فانو"

مراقبون يحذرون من "تيغراي جديد" ومعارضو أمهرة يتوعدون آبي أحمد

مقاتلون من ميليشيات "فانو" الأمهرية الإثيوبية  (أ ف ب)

ملخص

نزع سلاح مجموعة "فانو" الإثيوبية أعقاب اغتيال سياسي يثير الشك في  نوايا الحكومة بالبلاد

وضع ملايين الإثيوبيين أياديهم على قلوبهم بعد اغتيال رئيس فرع حزب الازدهار الحاكم بإقليم أمهرة جرما شيطلا وخمسة من مرافقيه الخميس الماضي، إذ تصاعدت المخاوف من انزلاق الأوضاع إلى مواجهات عنيفة، لا سيما بعد اتهام الحكومة المركزية لاثنين من قيادات القوات الخاصة الأمهرية (الحليف السابق للحكومة في معارك إقليم تيغراي)، بالضلوع في عملية الاغتيال.

إجراءات الحكومة الإثيوبية امتدت لتشمل اتخاذ تدابير أمنية واسعة، استهدفت اعتقال مجموعات كبيرة محسوبة على ما تسميها "الميليشيات القومية" في إقليم أمهرة، مما صعد من وتيرة الخلافات التي كانت نشبت بعد محاولة الحكومة الفيدرالية نزع سلاح القوات الخاصة للإقليم المعروفة باسم "فانو"، تطبيقاً لبند من بنود اتفاق السلام الشامل الذي وقعته مع جبهة تحرير تيغراي في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وينص اتفاق السلام الشامل على توحيد القوة العسكرية تحت لواء وزارة الدفاع الإثيوبية، ونزع سلاح الميليشيات المسلحة كافة، وإعادة دمج عناصرها داخل الجيش النظامي، وهو ما ترفضه القوات الأمهرية، معتبرة أنها ليست طرفاً في الاتفاق، فضلاً عن أن تكوينها كجهة مسؤولة عن الأمن والسلام في الإقليم، جاء وفقاً للدستور الفيدرالي الإثيوبي، الذي يمنح كل إقليم مسؤولية حماية أراضيه بتكوين قوات تتبع إدارته.

زوابع ما بعد الاغتيال 

اغتيال القيادي الأمهري الذي يتقلد منصب رئيس فرع حزب الازدهار الحاكم في الإقليم الإثيوبي، يتزامن مع حال من الاضطراب الأمني والسياسي على أراضيه، إذ تم إطلاق وابل من الرصاص من قبل مسلحين مجهولين، أدى إلى سقوطه مع عدد من مرافقيه وحراسه الشخصيين، فيما أصيبت عقيلته بجروح بالغة. وفي حين دانت القوى السياسية الأمهرية المعارضة وكذلك قوات فانو عملية الاغتيال، وجهت أديس أبابا أصابع الاتهام إلى حلفائها السابقين، مؤكدة أنها تملك أدلة دامغة لتورط "الميليشيات الأمهرية" في عملية "التصفية". 

وسارعت الحكومة الإثيوبية المركزية التي يقودها رئيس الوزراء آبي أحمد، إلى نشر ما قالت إنه دليل إدانة، إذ بثت مكالمات مسجلة قالت إنها لقياديين اثنين من القوات الأمهرية، إذ كانا يخططان لعملية الاغتيال أثناء وجود الضحية في سيارته رفقة عائلته وحراسه الشخصيين.

ويتضح من المكالمة المسجلة "أن الشخصين يستهدفان حياة قيادي الحزب الحاكم ومرافقيه"، وفي حين لم يتم التحقق من صحة المكالمة من أطراف محايدة، قال ناشطون مؤيدون للقوات الخاصة الأمهرية (فانو) إنها "تسريبات مفبركة لأغراض سياسية"، تهدف بالأساس إلى إيجاد مبررات قانونية وسياسية لنزع سلاحها، بعد أن عجزت إدارة آبي أحمد على فعل ذلك، نتيجة المعارضة الكبيرة التي وجدتها في الإقليم.

بدوره دعا "حزب المواطنة من أجل العدالة الاجتماعية" الأمهري المشارك في الحكومة المركزية إلى ضرورة إدانة الاغتيالات السياسية، مؤكداً "أن التحقيقات القانونية ينبغي أن تجرى عبر شخصيات نزيهة ومحايدة".

وأعرب الحزب المقرب من رئيس الوزراء آبي أحمد عن تحفظه على التناول الإعلامي والدعائي لعملية الاغتيال، مطالباً بـ"تنزيه التحقيقات من الأهداف السياسية، وضرورة استمرارها عبر الوسائل القانونية، بعيداً من الاستقطابات السياسية التي قد تجر الإقليم وإثيوبيا إلى حرب أهلية". 

"غياب النزاهة"

في المقابل قال المتحدث الرسمي لحركة الأمهرة القومية طاهر محمد، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "غياب النزاهة وتطبيق العدالة الانتقائية من الأسباب الرئيسة لاستمرار مسلسل الدم في البلاد".

وأضاف "لا يمكن عزل هذا الاغتيال عن المسار السياسي الذي يتبعه النظام الحاكم في الإقليم والبلاد عموماً"، مؤكداً "أن غياب العدالة الناجزة والتعامل المزدوج مع الاغتيالات السياسية يشجعان على استمرار هذه الجرائم على يد أكثر من طرف". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقرأ طاهر محمد الوضع الحالي في إقليم أمهرة باعتباره يدعو إلى القلق، محذراً من أن الأوضاع باتت "مرشحة لمزيد من العنف والعنف المضاد، إذ لم يعد الحوار سبيلاً لحلحلة القضايا الخلافية".

ومضى في تحذيراته بالقول "إن محاولة تسجيل النقاط وكسب جولة سياسية ضد الخصوم من خلال استغلال الاغتيالات أضحى أمراً اعتيادياً"، مشككاً في "المعلومات المتداولة على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة عن خلفيات وطريقة الاغتيال التي استهدفت القيادي جرما شيطلا"، مؤكداً "أن المسار الطبيعي لتلك المعلومات، ينبغي أن يكون جهاز القضاء وليس وسائل الإعلام". 

المتحدث باسم حركة الأمهرة القومية أبدى تحفظه على دعوات حزب الازدهار الحاكم بإثيوبيا، لمظاهرات في عدد من المدن على خلفية اغتيال قياديه، موضحاً "أن ذلك يعد من قبيل الاستغلال السياسي للحدث".

وأشار إلى أن الحزب الحاكم ظل يرفض منح التصريح للقوى المعارضة لتنظيم مظاهرات، فيما يمنح لنفسه حق تنظيم مسيرات مؤيدة، مما يكشف عن "الازدواجية في التعاطي مع حق المواطنة، وهو ما يضاعف أيضاً من وتيرة الاستقطاب السياسي في البلاد".

مقدمة لإنهاء "الميليشيات"

وما بين هذا وذاك رأى المحلل السياسي المختص بمنطقة القرن الأفريقي أحمد فايد أن "عملية اغتيال شيطلا تأتي كجزء من المماحكة السياسية التي يشهدها إقليم الأمهرة، بعد أن انفضت مبررات التحالف السابق بين ميليشيات فانو والجيش النظامي الإثيوبي بانتهاء حرب إقليم تيغراي". 

فايد أكد كذلك لـ"اندبندنت عربية" أن "مواجهة الجيش وفانو كانت مؤجلة حتى انتهاء شروط التحالف المتمثلة في هزيمة جبهة تحرير تيغراي"، موضحاً "أن التحالف تم وفق أرضية العدو المشترك"، وبهزيمة هذه القوة ودخولها بين الطاعة، فإن "الصدام كان منتظراً"، حيث لا يمكن السماح "بوجود قوات موازية للجيش النظامي، لا سيما وأنها تشعر الآن بنشوة النصر".

ورجح "أن تكون عملية الاغتيال برمتها مرتبطة بالاستحقاقات الضرورية، لإنهاء أي مظاهر مسلحة خارج المؤسسة العسكرية"، غير أنه لم يستبعد أن تتدهور الأوضاع في إقليم أمهرة الإثيوبي في حال رفض "فانو" تسليم سلاحها للدولة وإعادة إدماج عناصرها في الجيش النظامي.

وأضاف "قد يكون الاغتيال تم من جهات محسوبة على ميليشيات فانو، لكن في الآن نفسه يمنح فرصة جديدة لإدارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، من أجل التحريض على حلفائه السابقين، وصولاً إلى نزع سلاحهم بالتراضي أو عبر القوة العسكرية". 

احتكار العنف 

بدوره قال الباحث المتخصص في الشأن الإثيوبي سمئون تفري، "إن وجود عدد من المجموعات المسلحة داخل إقليم أمهرة يمثل سبباً مباشراً لاستمرار مسلسل الاغتيالات السياسية في إثيوبيا"، موضحاً أن "أحد مظاهر الدولة الحديثة، هو قدرتها على الاحتفاظ بالحق الحصري في استخدام القوة"، بالتالي فإن تعدد مراكز القوة العسكرية في أية دولة يعد أمراً غير شرعي.

وقال تفري في حديث مع "اندبندنت عربية" إن "وجود قوات خاصة لكل إقليم خارج قيادة وزارة الدفاع الوطني، يعد من البدع السياسية التي سنها النظام الإثيوبي السابق لأغراض سياسية، تتمثل في الاحتفاظ بالذراع العسكرية لحزب جبهة تحرير تيغراي".

ولفت إلى أن هذا الوضع أسهم في إضعاف الجيش النظامي الإثيوبي طوال العقدين الماضيين، مما دفع حكومة آبي أحمد إلى الاستعانة بـ"ميليشيات قومية في حربها ضد جبهة تيغراي"، مؤكداً أن استمرار الوضع على ما هو عليه يعد "مهدداً للأمن والاستقرار، فضلاً عن تهديده لبقاء البلاد موحدة". 

واعتبر أن "الوقت قد حان بعد تكرار الاغتيالات السياسية، لأن تضع الدولة حداً للانفلاتات الأمنية والعسكرية، وتعمل على احتكار استخدام القوة العسكرية على المؤسسة الدستورية المتمثلة في الجيش الفيدرالي الإثيوبي".

الباحث المتخصص في الشأن الإثيوبي تفري اختتم حديثه بالتأكيد على أن "القيادي المغتال جرما شيطلا دفع ثمن مواقفه السياسية المعلنة، إذ ظل يدعو إلى توحيد القوة العسكرية وإدماج كل عناصر الميليشيات القومية تحت إدارة وزارة الدفاع الإثيوبية". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير