Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فليتناولوا "الكيش"... تاريخ الطهو الغريب لمأكولات التتويج

من دجاج التتويج إلى فطيرة الخضار الخاصة بالملك تشارلز، نستكشف في ما يلي كيف صقلت مختلف الأطباق صورة الملكية

يبدو هذا الطبق ملائماً للنباتيين نظراً إلى أنّ الملك أقرّ بتناوله نظاماً غذائياً يرتكز على النبات في بعض أيام الأسبوع (اندبندنت/ غيتي)

ملخص

مع اقتراب تتويج الملك تشارلز الثالث، تمّ الكشف أخيراً عن الطبق اليومي الذي ستتناولونه بكثرة بهذه المناسبة وهو "فطائر الكيش الخاصة بالتتويج"

هل تكثرون من تناول أطباق الدجاج الخاصة بالتتويج؟ يبدو الأمر مشابهاً بعض الشيء لعام 1953. مع اقتراب تتويج الملك تشارلز الثالث، تمّ الكشف أخيراً عن الطبق اليومي الذي ستتناولونه بكثرة بهذه المناسبة وهو "فطائر الكيش الخاصة بالتتويج" coronation quiche.

قام الملك وزوجته الملكة القرينة شخصياً باختيار هذه الوصفة المكوّنة من السبانخ والفول الأخضر والطرخون. توقّعوا رؤية ذلك الطبق على الطاولات في كافة أنحاء البلاد خلال احتفالات حفل "الغداء الكبير" Big Lunch الذي يُقام في الشارع والذي سيجري تزامناً مع التتويج الذي يمتدّ خلال عطلة نهاية الأسبوع.

يبدو هذا الطبق ملائماً للنباتيين نظراً إلى أنّ الملك أقرّ بتناوله نظاماً غذائياً يرتكز على النبات في بعض أيام الأسبوع فضلاً عن استخدام مكوّنات في موسم زراعتها حالياً في خطوةٍ اتّخذها الثنائي الملكي المحبّ للبيئة للمساعدة في خفض الأميال الغذائية Food miles  (هو مصطلح يشير إلى المسافة التي يأخذها نقل الطعام من وقت إنتاجه حتى يصل إلى المستهلك).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لنترك جانباً الجانب "الفرنسي" الواضح لفطيرة الكيش (نعم، كانت هنالك أطباق تتضمن الكريما والمعجنات التي تحتوي على البيض في إيطاليا وإنجلترا تعود إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر، ولكن نعم الكيش هو طبق فرنسي)، كان الإعلان الذي استحوذ على ردود فعلٍ مختلطة، خطوة حديثة بالكامل اتّخذتها العائلة المالكة.

على رغم أنّ دجاج التتويج شكّل على مرّ السنوات علامة رائجة على ساحة إعداد السندويشات، غير أنّ الكشف عن طبقٍ "رسميّ" خاص بالتتويج هو في الواقع مفهوم جديد. منذ ما يقارب 70 عاماً، وبمناسبة تتويج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، لم يتمّ بذل أيّ جهد لجلب الأطباق الملكيّة إلى المطبخ المنزلي.

كجزءٍ من مأدبة التتويج في 2 يونيو (حزيران) 1953، تمّ تقديم طبق "دجاج الملكة إليزابيث" Poulet Reine Elizabeth للضيوف وهو طبق يعود الفضل في ابتكاره إلى روزماري هيوم وكونستانس سبراي من معهد "كوردون بلو" في لندن الذي تولّى إعداد الطعام الخاص بالحدث وتألّفت الوصفة الأصليّة من "دجاج صغير مشوي والماء وبعض النبيذ الذي يغطّي الجزر والنباتات العطريّة والملح والفلفل وكريم صلصة الكاري" ويُقدّم مع سلطة الرزّ والبازلاء الخضراء والفلفل الحلو بحسب ما ورد على موقع مدرسة الطهي.

نظراً إلى أنّ معظم المملكة المتحدة كانت لا تزال تشعر بتأثيرات الترشيد ما بعد الحرب، كانت لائحة المكوّنات مثيرة للاهتمام. يُقال إنّ الطبق استوحي من "دجاج اليوبيل" jubilee chicken وهو طبق دجاج يُحضّر بالمايونيز وبودرة الكاري الذي ابتُكر خصيصاً للاحتفال باليوبيل الفضي للملك جورج الخامس في عام 1935.

ولكن لم يتوقّع أحد أن يكون ذلك طبقاً استثنائياً مميزاً، طبق سيقوم بالرحلة من كونه طبقاً ملكيّاً إلى إحدى الأطباق المفضّلة للحفلات في السبعينيات وصولاً إلى حشوة السندويشات الشعبية (تتضمّن قائمة الطعام الأخيرة التي أوردها مقهى "بريت" دجاج التتويج الموضوع في خبز بلومر). وفي هذا السياق، وصفت مؤرّخة الطعام الدكتورة آني غراي أصول القصّة بأنّها "مخيبة للآمال إلى حد ما". وتقول لي بأنّ "دجاج التتويج شكّل طبقاً من بين العديد من الأطباق في مأدبة خاصة عام 1953 ولم يُطلق عليه هذا الاسم إلا بعد عامين من التتويج".

نتيجةً لذلك، كان الرابط بين تتويج الملكة إليزابيث وابتكار دجاج التتويج مفاجأة للبعض على مواقع التواصل الاجتماعي مع الإعلان عن طبق الكيش الملكي.

وكتب أحد المستخدمين على "تويتر": "يا إلهي... دجاج التتويج... أراه مجدداً أمامي على مدى 28 عاماً من دون أي مغزى".

نجد أنفسنا في مكان غير مألوف مع طبقٍ للاحتفال بالتتويج وقد اختاره الملك والملكة بنفسيهما وهو طبق يشير إلى مقاربة القرن الحادي والعشرين لملكيّة تقدّم نفسها على أنّها أكثر دفئاً وانفتاحاً في علاقتها مع الجمهور.

بحسب البروفسورة ريبيكا إيرل من جامعة "ووريك"، يُعدّ ذلك ابتكاراً حقيقياً. وأضافت: "تاريخياً، لم يكن يتحتّم على أفراد الشعب الاحتفاء بالتتويج من خلال ابتكار أطباق جديدة أو من خلال إعادة ابتكار قوائم طعام المآدب الرسمية. فطهاة البيوت الذين أملوا في محاكاة شرائح لحم بيكاسين بالسابليه côtelettes de bécassines à la Souvaroff التي قُدّمت في تتويج إدوارد السابع عام 1902 وجدوا أنفسهم أمام طبق معقّد يتضمّن فيليه السمك وبالباتيه ومشروب البراندي والترافل".

وأضافت: "وُصفت تلك الطريقة في كتاب الطهي الخاص بالشيف الملكي غابريال تشومي ’الشيف الملكي: ذكريات الحياة ضمن الأسر الملكية من الملكة فيكتوريا إلى الملكة ماري’ Royal Chef: Recollections of life in royal households from Queen Victoria to Queen Mary، ولكن قلما ألهم هذا أحداً إلا ما خلا أولئك الأكثر جرأة للتجريب.

البروفسورة إيرل رأت أن "الجهود المبذولة اليوم لتشجيعنا جميعاً على خبز كيش التتويج تعكس الشعبية الهائلة التي يتمتّع بها الطبخ كنشاط ترفيهي، فضلاً عن محاولات النظام الملكي لإعادة تقديم نفسه بما يتلاءم مع القرن الحادي والعشرين".

خلال السنوات السبعين التي فصلت بين حفلتي التتويج في المملكة المتحدة، تمّت مشاركة عدد محدود من وصفات المناسبات الملكية. احتفاءً باليوبيل الذهبي للملكة إليزابيث الثانية عام 2002 تمّ الكشف عن نسخة منقّحة لطبق "دجاج الملكة إليزابيث" Poulet Reine Elizabeth وهي وصفة دجاج مخبوز يُحضّر مع الكريما الطازجة والمايونيز والزنجبيل والحامض (وتُقدّم مع سلطة المعكرونة). ولليوبيل البلاتيني العام الماضي، تمّ ابتكار "البودينغ البلاتيني" Platinum Pudding كجزءٍ من منافسة وطنية، كان الطبق الفائز لفائف الليمون السويسرية وأماريتو ترافل الذي فاز على أكثر من 5000 طبق حلويات أخرى.

ولكن، كانت حلوى بودينغ أمباير كريمساس (Empire Christmas) التي تُعتبر عادةً أوّل وصفة لديها ارتباطات ملكيّة وابتكرها هنري سيدار الذي كان رئيس الطهاة في قصر بكنغهام، هي الحلوى التي تمّت ترقيتها لتصبح طبقاً وطنياً. ويعود تاريخ هذه الحلوى إلى العشرينيات مع إحضار كلّ مكوّن من المكوّنات الـ17 التي تتألّف منها الحلوى من منطقة معيّنة من الإمبراطورية البريطانية. تمتّعت تلك الحلوى بشعبيّة غير مسبوقة وكانت أشبه بالانقلاب في مجلس التسويق الخاص بالإمبراطورية.

مع اختيار الملك تشارلز حفل تتويج أصغر من أسلافه، حتّى أنّه تجنّب إقامة مأدبة الكومنولث التي أقامتها والدته، ستكون احتفالات تتويجه مختلفة تماماً عن تلك التي أُقيمت للملك جورج الرابع عام 1821.

ففي ذلك الوقت، اتّبع العاهل الجديد، المعروف بشغفه للطعام الفرنسي الغنيّ، تقليداً يعود إلى القرن الثاني عشر من خلال استضافة مأدبة كبيرة تحت الأسقف المقبّبة لقاعة وستمنستر. كان الأمر بغاية البذخ لدرجة أنّ ذلك التقليد انتهى بعد أكثر من 600 عام، ولم تشهد البلاد منذ ذلك الحين أيّ مأدبة تتويج.

فقد تجمّع أكثر من 1500 ضيف حول ما يفوق الخمسين طاولة في ما كان ليشكّل اليوم إنفاقاً بعدّة ملايين من الجنيهات الاسترلينية. وبحسب موقع "ذا كونفرزيشن" The Conversation، تألّفت أوّل مجموعة من 20 طبقاً تضمّنت فيليه الدجاج وسوتيه الفطر بالزبدة وشرائح لحم الضأن المقلية والمشوية وصلصة الفلفل وفطيرة طائر السمان التي تُقدّم ساخنة.

ولم تكن الأطباق التي تبعتها أقلّ دسماً مع 22 ومن ثمّ 31 طبقاً بما فيها سمكة السول المطبوخة بالشامبانيا وحساء السلحفاة وإناء سكّر مغزول مليء برغوة المرينغ.

بعد تسع سنوات، وتزامناً مع أزمة اقتصادية، قرّر وليام الرابع خليفة الملك جورج الابتعاد عن هذا النوع من البذخ.

هل قلتم مقاربة متقشّفة للملكيّة في وقت الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد؟ من شأن التاريخ أن يكرّر نفسه حتماً...

© The Independent

المزيد من منوعات