Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نتقبل أننا جميعا نزداد فقرا؟ لا يملك العاملون أي خيار آخر

يكتب جيمس مور قائلاً إن التعليقات التي أدلى بها كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا هيو بيل في بودكاست أميركي كانت غير حكيمة وسيستغلها أولئك الذين يسعون إلى الحد من استقلال المؤسسة

"سيكون قليل من التفهم لدى كبار الشخصيات في بنك إنجلترا للعواقب الحقيقية المترتبة عن الركود الاقتصادي الحالي أفضل بكثير من تحذير العاملين" (رويترز)

ملخص

إن التعليقات التي أدلى بها كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا هيو بيل، في بودكاست أميركي كانت -في رأي الكاتب- غير حكيمة وسيستغلها أولئك الذين يسعون إلى الحد من استقلال المؤسسة

يا للهول. لقد قال عضو آخر في لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا شيئاً محرجاً. هذه المرة هو هيو بيل، كبير الاقتصاديين في المصرف. إذا كنتم قرأتم بعضاً من خطابات بيل، سترون أن لديها ميلاً إلى أن تكون بالأحرى معقدة، إذا جاز التعبير. لكن أثناء ظهوره في تدوين صوتي (بودكاست) أنتجته كلية كولومبيا للحقوق في الولايات المتحدة، اختار بعض الكلام البسيط.

قال: "بطريقة ما، في المملكة المتحدة، يحتاج المرء إلى تقبل أنه أسوأ حالاً والتوقف عن محاولة الحفاظ على قوته الشرائية الحقيقية من خلال رفع الأسعار، سواء بأجور أعلى أو بتمرير كلف الطاقة إلى العملاء. وما نواجهه الآن هو هذا التردد في تقبل ذلك، نعم، نحن جميعاً في وضع أسوأ، وعلينا جميعاً أن نأخذ نصيبنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أولاً، هذا تصريح غريب جداً، بالنظر إلى أن العاملين البريطانيين ليس لديهم خيار سوى تقبل أنهم يزدادون فقراً. هم بالفعل "يأخذون نصيبهم".

فلنلقِ نظرة على البيانات الرسمية، البيانات نفسها التي ستتوفر للجنة السياسة النقدية المكلفة تحديد معدلات الفائدة في بنك إنجلترا عندما تجتمع هذا الشهر. تظهر البيانات أن نمو الأجور السنوي للأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير (شباط) الماضي بلغ 5.9 في المئة – ما يفوق التوقعات كلها في الاستطلاع الدوري الذي تجريه "رويترز" والذي حدد إجماع الخبراء المشاركين عند 5.1 في المئة. وباستثناء العلاوات، ظل نمو الأجور السنوي ثابتاً عند 6.6 في المئة مقارنة برقم الشهر السابق.

هذان الرقمان هما في الواقع غير تقليديين بمعايير التاريخ الحديث، لكن الفكرة هي: لا يزال الرقمان يمثلان خفضاً للأجور في القيمة الحقيقية. ويتضح أن الخفض كبير عندما يرى المرء أن معدل التضخم يساوي حالياً 10.1 في المئة وهو في خانة العشرات منذ سبعة أشهر.

كذلك ليست أزمة كلف المعيشة ظاهرة قريبة الأجل في بريطانيا. في الواقع يتحمل العاملون فترات طويلة من انخفاض المداخيل الحقيقية منذ الأزمة المالية خلال 2007-2008. وتظهر أرقام "مؤسسة القرار"، المؤسسة البحثية، أن متوسط المكاسب المعدلة وفق معدل التضخم يقل الآن عما كان عليه عام 2008. ومن غير المتوقع أن يتعافى هذا المتوسط حتى أواخر عشرينيات القرن الـ21 في أحسن الأحوال. ولو استمرت الأجور في النمو بالنسبة السابقة للأزمة المالية، لكنا نكسب 218 جنيهاً استرلينياً (273 دولاراً) إضافياً في الأسبوع في المتوسط. وهذا أكثر من 10 آلاف جنيه في السنة. فكروا فقط في ما يمكنكم فعله بهذا المبلغ. حتى بعد احتساب الضريبة. إنه رقم مذهل.

في هذه الحالة، ليست هناك حاجة لأن "نعلم" أننا جميعاً أفقر. إنها حقيقة يومية من حقائق الحياة، وتكون في الأغلب مخيفة للأشخاص الذين لا يتمتعون براتب من نوع راتب بيل – حوالى 180 ألف جنيه، وفق التقرير السنوي للمصرف. إنه شيء يواجههم كل مرة يجدون أنفسهم أمام صندوق الدفع في أحد محال السوبرماركت.

من السخيف جداً الاعتقاد بأن أي شخص سيدخل في مفاوضات على الأجر وهو يفكر، حسناً، أن كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا يقول إننا بحاجة إلى تقبل أننا جميعاً نصبح أفقر لكي نكسب المعركة ضد التضخم.

أيها السيد بيل، اسمح لي أن أشرح: بعض أولئك الذين يضربون حالياً سعياً وراء مطالبات بأجور معززة يفعلون ذلك ليس بسبب الجوع إلى تحسين مستويات المعيشة. هم يضربون لأنهم لا يشعرون بأن لديهم أي خيار. ربما يفعل بعضهم ذلك بسبب الجوع الفعلي، ذلك أن أوضاعهم المالية الشخصية تفتقر إلى المنطق على نحو متزايد.

تذكرنا تعليقات بيل بتعليقات رئيسه، محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي، الذي يجني مئات آلاف الجنيهات، وقال العام الماضي إن على العاملين الامتناع عن طلب زيادات في الأجور تتناسب مع معدل التضخم، علماً أن أجوراً كهذه لا تحصل عليها سوى أقلية صغيرة من العاملين على أي حال. انظروا في الأرقام المذكورة أعلاه.

يبدو أن بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية يشعرون بالتململ إزاء تكرار دوامة الأجور-الأسعار التي شهدتها السبعينيات. لكننا لم نصل حقاً إلى هذا الوضع، في الأقل ليس بعد. كذلك يملك العاملون قدرة تفاوضية أقل بكثير مقارنة بهم قبل 50 عاماً تقريباً عندما كانت النقابات أقوى بكثير – حتى في خضم سوق العمل الضيقة.

إن أمثال بيل وبايلي بحاجة حقاً إلى التفكير، ذلك أن تعليقات كهذه تهدد بإفساد سمعة بنك إنجلترا. إنها وقود للسياسيين الأكثر غباء في بريطانيا الذين يفندون علناً الاستقلال (الضروري جداً) الذي يتمتع به بنك إنجلترا. سيستخدمونها لإطلاق نيران جديدة على المصرف.

توشك لجنة السياسة النقدية على استخدام هذا الاستقلال لفرض زيادة مؤلمة أخرى في معدلات الفائدة، مما سيضر بالمقترضين ويخفض في شكل إضافي مستوى معيشتهم. ولن يكون أمامهم خيار سوى قبول ذلك. سيؤدي رفع معدل الفائدة – بواقع 0.25 في المئة على الأرجح – إلى زيادة الضغط على الاقتصاد. ولن تكون خطوة شعبية. لكنها ستكون ضرورية. يجب السيطرة على التضخم في بريطانيا.

على هذه الخلفية، سيكون قليل من التفهم لدى كبار الشخصيات في بنك إنجلترا للعواقب الحقيقية المترتبة على الركود الاقتصادي الحالي أفضل بكثير من تحذير العاملين الذين يستعدون ليقولوا لرؤسائهم: "من فضلك، سيدي، هل يمكنني الحصول على مزيد من المال؟"

© The Independent