Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حدائق الخراب... هل تفقد تونس "الخضراء" صفتها الوارفة؟

54 متنزهاً في العاصمة والمحافظات هجرها الزوار والبلديات: "نعاني نقص الإمكانات والمعدات"

بعض المناطق الخضراء التي تمتد على أغلب التراب التونسي تشهد إهمالاً من قبل مسؤولي البلدية أو المواطنين أنفسهم (اندبندنت عربية)

ملخص

على رغم الاتهامات التي تلاحق المسؤولين التونسيين في ما يخص رعاية الحدائق والمساحات الخضراء فإن بعض الأسر تحمل المواطنين المسؤولية الأولى نتيجة عدم الحفاظ على نظافتها

يشكو التونسيون بخاصة أصحاب الدخل المنخفض تراجع مستوى الاعتناء بالمساحات الخضراء التي يتم الاعتماد عليها في التنزه أو ممارسة الرياضة أو لقضاء يوم بأقل المصاريف الممكنة، في ظل تدهور القدرات الشرائية للمواطنين، وارتفاع أسعار خدمات الترفيه.

لكن بعض المناطق الخضراء التي تمتد على أغلب التراب التونسي تشهد إهمالاً من قبل مسؤولي البلدية أو المواطن نفسه الذي لا يحافظ على هذه المساحات العامة، بسبب غياب ثقافة حماية البيئة السليمة.

بعد أسبوع من الضغط في الدراسة والعمل، يرافق محمد وأميرة طفليهما إلى حديقة الحي الذي يقطنون فيه، وبمجرد حلول موعد الإجازة الأسبوعية، يشرع الصغيران في لعب الكرة مع أصدقائهما من أطفال الحي أو استغلال الألعاب المنتشرة بهذه الحدائق.

تقول الأم التونسية "لا نملك سيارة حتى نذهب إلى أماكن بعيدة أو فضاءات ترفيه أخرى فوجدنا ضالتنا في هذه الحديقة. أجلب معي بعض الطعام وما نحتاج إليه لقضاء بعض الوقت الممتع".

لكن أميرة لا تخفي امتعاضها من الأوساخ التي تتكدس أحياناً أو من الألعاب التي يكسرها بعض المواطنين، ولا تصلحها البلدية، وبسبب هذه الأوضاع أصبحت الحدائق تستقطب فقط من لا سبيل لهم للذهاب إلى أماكن ترفيهية أخرى.

محاسبة المفسدين

على رغم الاتهامات التي تلاحق المسؤولين التونسيين في ما يخص رعاية الحدائق والمساحات الخضراء، فإن بعض الأسر على غرار أسرة أميرة تحمل المواطنين المسؤولية الأولى عن عدم الحفاظ على نظافتها، بخاصة وسط التجمعات السكانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول الأم "لو نظف كل مواطن بقايا ما يأكله أو ما يشربه سيبقى المكان نظيفاً ويستطيب قضاء أوقات ممتعة فيه، بخاصة أن أغلب السكان هنا لا ملجأ لهم لاستنشاق بعض الهواء النظيف إلا هذه الحديقة"، داعية البلدية إلى الصيانة المستمرة لهذه المناطق ومعاقبة من اعتبرتهم "مفسدين".

أما مراد فهو شاب اعتاد ممارسة الرياضة في مسلك حديقة البلفيدار بتونس العاصمة، إذ يقول إنه قبل سنوات كانت العناية بهذا المكان أفضل بكثير، ملقياً باللوم على البلدية التي لم تول هذه الحديقة الأضخم في البلاد الاهتمام اللازم ولا تقوم بصيانة التجهيزات، بل تحولت إلى مرتع للنشالين.

حديقة البلفيدار تمثل الرئة الأولى للعاصمة باعتبارها أكبر منطقة خضراء في تونس تسهم بشكل كبير في تنقية الهواء، وتضم أكبر موقع للحيوانات في البلاد ومساحات خضراء ومسالك صحية لممارسة الرياضة، لكنها تفتقر إلى تجهيزات عدة، وتعرف إهمالاً في بعض مناطقها بخاصة الخلفية منها. وعلى رغم ذلك تبقى ملجأ التونسيين الأول في كل المناسبات، خصوصاً مع دخول فصل الربيع.

محدودية الموارد

من جانبه، قال مدير عام المناطق الخضراء ببلدية تونس عادل بالطيب، إن صيانة المساحات الخضراء هي أكبر الإشكاليات التي تعترض البلديات، لكنه أكد في الوقت نفسه أن "تصرفات بعض المواطنين في عدم المحافظة على البيئة من أهم أسباب تكاثر الأوساخ أو تكسير التجهيزات".

بالطيب أوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن البلدية التونسية تبذل جهوداً كبيرة في تحسين وتهذيب المساحات الخضراء بإنشاء تجهيزات جديدة وألعاب للأطفال.

وأضاف "اتبعت البلدية سياسة إشراك المواطن في الحفاظ على هذه المناطق الخضراء بجعلها ملكاً خاصاً لا عمومياً"، مؤكداً أن "هذا التوجه حفز بعض المواطنين على مزيد من الاعتناء بها"، لكن على رغم ذلك تبقى بعض التصرفات غير الحضارية كالتخريب الذي طاول بعض التجهيزات، بخاصة أن الصيانة تتكلف الكثير في ظل محدودية الموارد المادية.

ومضى في سرد الأزمات التي تواجه البلدية التونسية بقوله "لا ننسى أيضاً الضغوط التي تعيشها البلاد في مسألة شح المياه"، مردفاً "نحاول التأقلم مع هذا الوضع في ما يخص المناطق الخضراء وسقيها".

ورصد دور المجتمع المدني الناجح في مساعدة الدولة التونسية، ضمن مناسبات عدة كعيد الشجرة والعيد العالمي للبيئة، باعتبارها تكرس ثقافة التشجير والاعتناء بالبيئة، مضيفاً "هدفنا جعل هذه التصرفات ثقافة يومية لدى المواطن، الذي يعتبر الشريك الأول مع البلديات للمحافظة على المساحات الخضراء".

أرقام خضراء

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن بلدية تونس العاصمة وحدها تضم نحو 1100 هكتار من المساحات الخضراء، و37 متنزهاً، إضافة إلى 17 متنزهاً وطنياً في محافظات مختلفة.

لكن هذه الأعداد المهمة من المتنزهات والمساحات الخضراء أصبحت عبئاً على البلديات التي تعجز أحياناً عن صيانتها والحفاظ عليها، بسبب نقص الموارد المالية والبشرية، وهذا ما جعل كثيرين يهجرونها، ولم تعد قادرة على استقطاب الزوار ومحبي ممارسة الرياضة.

من جهة أخرى، قال رئيس الكونفيدرالية التونسية لرؤساء البلديات فيصل الدريدي، إن البلديات تعاني نقصاً في الإمكانات المادية والمعدات اللوجيستية والموارد البشرية، مما جعل عديداً منها في بعض المناطق من دون مقار رسمية.

وأشار إلى وجود 86 بلدية تونسية من دون مقار، و187 بلدية موسعة تفتقر إلى إمكانية إيصال الخدمات إلى عمق الأرياف، إضافة إلى عدم إمكانية تحكمها في مواردها المالية، مما جعلها غير قادرة على التدخل أحياناً في أعمال الصيانة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي