ملخص
يواصل مجلس أمناء الحوار الوطني انعقاده الدائم لاستكمال تنظيم جدول أعمال المحاور الثلاثة السياسي والمجتمعي والاقتصادي ولجانها الـ19 لمناقشة 113 قضية مطروحة
فيما تشتد الأزمة الاقتصادية في مصر على وقع تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاعات غير مسبوقة لنسب التضخم، وسط ما يراه البعض "انسداداً سياسياً محكماً" على المشهد، قبل استحقاق الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، تترقب الأوساط المصرية مسار انطلاق اجتماعات "الحوار الوطني" وما ستفضي عنه من نتائج، بعد أن انطلقت جلسته الافتتاحية الأسبوع الماضي، عقب أكثر من عام على دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في 26 أبريل (نيسان) 2022، إلى إجراء "حوار وطني حول مختلف القضايا".
بقدر بعض التفاؤل الذي أثارته الجلسة الافتتاحية، بتباين التوجهات والأفكار الذي ظهرت خلال كلمات المشاركين، أثارت حادثة إلقاء القبض على أقرباء وأنصار للمرشح الرئاسي المحتمل والمعارض بشدة للحكومة أحمد طنطاوي المخاوف مجدداً بشأن "جدية السلطات" في التعاطي مع حالة الحوار الوطني، ما دفع "الحركة المدنية الديمقراطية" (تضم مجموعة من الأحزاب المدنية) للتلويح بإمكانية الانسحاب منه، معلنة في بيان، أنها "ستتدارس بكل عناية التطورات المعيقة لنجاح الحوار لكي تحدد جدوى استمرارها في المشاركة"، على حد وصفها.
وأياً كانت المواقف السياسية من الحوار، الذي قال بشأنه الرئيس المصري في كلمته المسجلة بالجلسة الافتتاحية، إنه يهدف إلى "صالح وطننا العزيز ولرسم ملامح جمهوريتنا الجديدة، التي نسعى إليها معاً، دولة ديمقراطية حديثة ونضع للأبناء والأحفاد خريطة طريق لمستقبل واعد مشرق يليق بهم"، تتباين آراء المراقبين والمعنين، حول ما إذا كان "الحوار الوطني" في مصر، الذي تجاوزت مرحلة الإعداد والتمهيد له أكثر من عام، وقسمت قضاياه إلى ثلاثة محاور رئيسة (سياسية واقتصادية ومجتمعية)، هو "حالة جادة" يبحث من خلالها الجميع عن حلول للتحديات والأزمات التي تواجه الدولة، أم مجرد "مكلمة" في ضوء ما يراه البعض "رسائل سلبية" تصدرها السلطات ولا تتوافق مع ما هو معلن من أهداف.
إشارات جيدة لم تكتمل
على رغم طول فترة الإعداد والتمهيد لانطلاق الحوار الوطني والتي تجاوزت العام، فضلاً عن الاستغراق في التفاصيل، ما أثار قلق ومخاوف قوى المعارضة، أوحى تنوع آراء المشاركين واختلاف مرجعاتهم الفكرية والثقافية، في الجلسة الافتتاحية يوم 3 مايو (أيار) ببعض "التفاؤل" لدى الأوساط المصرية والمتابعين بشأن جدية الحالة التي تشهدها البلاد للمرة الأولى خلال العقد الأخير.
ففي كلمته المسجلة خلال الجلسة الافتتاحية، قال السيسي إن دعوته للحوار الوطني، التي أطلقها في إفطار الأسرة المصرية في 2022، "تأتي من يقين راسخ لديه بأن أمتنا المصرية تمتلك من القدرات والإمكانات، التي تتيح لها البدائل المتعددة، لإيجاد مسارات للتقدم بجميع المجالات، سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً، وأن مصر تمتلك من كفاءات العقول وصدق النوايا وإرادة العمل ما يجعلها في مقدمة الأمم والدول".
وذكر السيسي أن "أحلامنا وآمالنا تفرض علينا أن نتوافق ونصطف للعمل، ونجتمع على كلمة سواء"، مشيراً إلى أن التحديات التي تواجه الدولة المصرية على جميع الصعد "عززت من إرادته على ضرورة الحوار، الذي يتطلع لأن يكون شاملاً وفاعلاً وحيوياً يحتوى جميع الآراء، ويجمع كل وجهات النظر، ويحقق نتائج ملموسة ومدروسة، تجاه جميع القضايا على جميع المستويات".
ودعا كذلك المشاركين في "الحوار الوطني" إلى بذل الجهود لإنجاحه و"اقتحام المشكلات والقضايا وتحليلها، وإيجاد الحلول والبدائل لها"، مؤكداً دعمه المستمر لهذا الحوار وتهيئة كل السبل لإنجاحه وتفعيل مخرجاته "في إطار من الديمقراطية والممارسة السياسية الفاعلة".
من جانبهم، ألقى عدد من السياسيين ورؤساء الأحزاب كلمات، كان أبرزها كلمة الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين التي وضعت دستور 2014، والتي كانت "حادة وكاشفة وخارج السياق" وفق ما أوضحه بعض الحضور لـ"اندبندنت عربية"، إذ قال إن "الشعب المصري في هذه المرحلة يشعر بكثير من القلق، لأنهم يخافون على مصير هذا البلد"، مشيراً إلى أن هناك تساؤلات بشأن أوضاع الديون، وحال الاقتصاد، وأداء البرلمان، ومصير المحبوسين احتياطياً، مؤكداً أن الإجابة عن جميع الأسئلة "يجب أن تكون صريحة وأمينة".
وتابع موسي "أرى بكل صراحة أن نتائج هذا الحوار وإن كانت من الطبيعي أن ترفع إلى رئيس الدولة، فإنها يجب أن تبلغ إلى الشعب عن طريق البرلمان ليناقشها، فإذا جاءت من الحكومة مقترحات محددة بناءً على توصيات معينة من هذا الحوار، كان البرلمان على علم واضطلاع على كل ما جرى من خلال الاطلاع على التقارير التي تقدم إليه رسمياً عبر هذا الحوار".
وأضاف "الطريق صعب، والتحديات خطيرة حقاً وغير مسبوقة، ولا أقول إن التحديات كلها تأتي من الخارج، هناك تحديات بسبب أخطاء في الداخل، ويجب أن نكون صرحاء في أن نعالجها وبسرعة، وأنا من المتفائلين بأن قدرة الشعب المصري وتجاربه وآماله يمكنها أن تحدث النقلة المطلوبة، وأن تقف في وجه التهديد بالانهيار"، على حد وصفه.
الحبس الاحتياطي
في الأثناء، وغداة "تفاؤل" الجلسة الافتتاحية، ما لبث أن خيم القلق مجدداً مع إعلان البرلماني المصري السابق أحمد الطنطاوي "اعتقال قوات الأمن عمه وخاله وبعض أصدقائه"، قبيل عودته إلى مصر قادماً من بيروت، التي أقام فيها لأشهر، ما أعاد معه قضية "الحبس الاحتياطي" الخلافية بين قوى المعارضة والحكومة إلى الواجهة.
هذه "الرسالة السلبية"، وفق تعبير الأطراف المدنية ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية"، معتبرين أنها "قد تفرغ الحوار الوطني من مضمونه"، دفعت بالحركة المدنية الديمقراطية (تضم في عضويتها 12 حزباً معارضاً، و10 من الشخصيات السياسية المصرية المحسوبة على تيارات المعارضة) إلى إعلان أنها "ستتدارس بكل عناية التطورات المعيقة لنجاح الحوار لكي تحدد جدوى استمرارها في المشاركة".
وذكرت الحركة المدنية، في بيانها التي نشرته يوم الجمعة الماضي 5 مايو أنها وعلى رغم دلالات المشهد في الجلسة الافتتاحية، الذي وصفته بأنه كان "عامراً بتنوع الحضور وفتح المجال للرؤى المستقلة والمعارضة"، فوجئت بأخبار "إلقاء القبض على اثنين من أقارب وعدد من أنصار عضو مجلس النواب السابق أحمد الطنطاوي"، مضيفة أنه "لم يتم وحتى الآن الإفراج عن معظم أعضاء الأحزاب الذين تم التعهد بخروجهم، ومن تبقوا من القائمة التي تم التوافق على خروجها مع بدء الحوار".
ووفق بيان الحركة المدنية، فإنها "قررت في بيانها الصادر في 2 مايو الجاري، المشاركة في (الحوار الوطني) بعد أن تلقت تعهدات باستكمال الضمانات التي طالبت بها وتوافقت عليها مع الجهة الداعية قبل أيام قليلة من الجلسة الافتتاحية للحوار"، مشددة على أنها "ستتحلى بأقصى درجات ضبط النفس، لكنها تؤكد مجدداً أن الاستمرار في ظل هذه الأجواء أمر بالغ الصعوبة".
"مكلمة" أم "تحول جاد"؟
على وقع التفاؤل الحذر وعودة القلق والترقب بين مؤيدين يرون في الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني "خطوة إيجابية نحو بناء الجمهورية الجديدة"، وهو الشعار الذي رفعته إدارة الحوار، وآخرين يتمسكون بأن "الحوار لن يحدث تغييراً في المشهد، خصوصاً أنه تزامن مع اعتقال مقربين من المعارض المصري أحمد طنطاوي"، يدور النقاش في الأوساط السياسية المصرية بشأن "جدية الحوار من عدمه" ومستقبل نتائجه، التي "لن تكون ملزمة بل فقط استرشاديه" للرئيس أو الحكومة المصرية، وفق المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان.
ويرى الدكتور عمرو هاشم ربيع عضو مجلس أمناء الحوار الوطني أنه من الصعب التكهن بمدى جدية الحوار الوطني من عدمه في التوقيت الراهن، معتبراً أن الفيصل في النهاية سيكون في نتائج مخرجات اللجان التي ستعلن خلال المرحلة المقبلة، ومن المرجح أن تظهر نتائج الحوار للعلن في غضون شهر وحينها يمكن الحكم عليه.
ولا يستبعد ربيع، خلال حديثه لنا، أن هناك ثمة مخاوف لدى قطاع عريض يرى أن ذلك الحوار لن يحقق الهدف المرجو منه، مضيفاً "الكل متخوف لكن في الوقت نفسه ليس متشائماً"، موضحاً أن جلسات اللجان الـ19 بالحوار الوطني ستنعقد بالتوازي مع بعضها البعض، حيث تعقد لجان المحور السياسي الأحد المقبل، والاقتصادي يوم 16 مايو الجاري، والاجتماعي يوم 18 مايو، لافتاً إلى أن البداية ستكون من القضايا الأكثر أهمية، بحسب ما يحددها مجلس الأمناء بالتوافق مع مقرري اللجان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر عضو مجلس أمناء الحوار الوطني قضية الحبس الاحتياطي من المحاور الرئيسة على مائدة النقاش، مضيفاً "تلك القضية انطلقت من داخل مجلس الأمناء وتطرق لها الأعضاء منذ 9 أشهر من أجل التوصل لحلول جذرية لها".
وتعقيباً على ما انتهت إليه الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمناء بشأن عدم المساس بالدستور، يؤكد ربيع أن "من مصلحة المعارضة عدم المساس بالدستور وإذا حدث تعديل له سيكون للأسوأ".
ويعضد الطرح السابق، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عماد جاد، الذي يؤكد أن الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني سجلت مواقف محددة، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه حالياً "هل سيتم الأخذ بالمقترحات التي تقدمت بها أم لا؟"، لا سيما أن الحوار الوطني لا يتضمن آليات ملزمة للتنفيذ، لكن جميع توصياته سيتم رفعها مباشرة إلى رئيس الجمهورية، وهو ما سيحدد ما يختاره ولا إلزام عليه في تنفيذها، بحسب قوله.
ويرى جاد، في تصريح خاص، أن توافر الإرادة السياسية شرط رئيس لإحداث إصلاحات سياسية وانفراجه حقيقية، متمنياً نجاحه وألا يكون أشبه بـ"مكلمة" تنتهي بإصدار نحو 3 أو 4 توصيات، لتجميل المشهد فقط من قبل السلطة، بحسب تعبيره.
ويختلف مستشار مركز الأهرام للدراسات مع ما ساقه المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية بشأن استبعاد قضية تعديل الدستور والسياسة الخارجية، قائلاً "كنت أتمنى عدم استبعادهما وأن يتم طرح القضايا المرتبطة بهما على مائدة النقاش"، موضحاً أن الدستور به مواد بعضها يحتاج إلى التعديل وأخرى تتطلب جدية التطبيق، وهو ما كان يستلزم طرح القضية للنقاش أمام الجميع.
وكان المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان قد ذكر في الجلسة الافتتاحية أن "كل القضايا مطروحة ولا استبعاد لأي قضية ولا خط أحمر واحد على أي نوع من الطروحات إلا ما يقتضيه الدستور والقانون، فلكل منا أن يقول ما يرى". إلا أنه عاد وذكر أن مجلس أمناء الحوار اتفق بالإجماع على استبعاد 3 قضايا هي "عدم المساس بالدستور القائم"، و"السياسة الخارجية المصرية"، و"الأمن القومي الاستراتيجي".
وذكر رشوان أنه "لا توجد قوى سياسية واحدة ولا نقابة مهنية أو عمالية واحدة أو جمعية أهلية أو تيار شبابي أو حزب لم يشارك في الحوار داخل مصر، فلا يوجد فرد واحد داخل هذه التيارات أعلن رفضه للحوار"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "هناك فئتين لم تشاركان في الحوار الوطني، هما من مارس العنف وشارك فيه، ومن يرفض دستور البلاد"، موضحاً أن هناك في مجلس الأمناء "نسبة كبيرة من المعترضين على سياسات تجرى في مصر وهذا حقهم، وما يجرى هو صياغة بدائل إما في شكل مقترحات تشريعية أو قرارات تنفيذية".
وفقاً لجاد، فإن المؤشرات "غير مبشرة" حتى الآن، مشيراً إلى أن هناك أخطاء وقعت فيها إدارة الحوار الوطني، مثل استمراره لمدة عام كامل، علاوة على رفع الأمانة العامة توصية بشأن الإشراف القضائي قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية.
ولا يتفق مستشار مركز الأهرام للدراسات مع ما يراه البعض بأن هناك قضايا محورية ومفصلية قد يتوقف عليها مصير الحوار برمته، قائلاً "لا أعتقد أن هناك قضايا بعينها يتوقف عليها مصير الحوار، لكن أي تطور قد يطرأ من الوارد أن يدفع تيار المعارضة للانسحاب".
في المقابل، يطرح المهندس حسام الخولي نائب رئيس حزب مستقبل وطن وممثل الغالبية البرلمانية للحزب بمجلس الشيوخ رؤية مغايرة، موضحاً أن تمثيل جميع أطياف المجتمع يؤكد أن هناك رغبة جادة لإنجاح الحوار الوطني، مضيفاً أن التنوع مطلوب من أجل معالجة جميع القضايا من مختلف الجوانب والزوايا لخدمة المواطن والصالح العام في النهاية، قائلاً: "أعتقد أننا أمام حوار وطني جاد وحقيقي وليس شو إعلامي".
ويرى ممثل الغالبية البرلمانية بمجلس الشيوخ أن جميع القضايا في مختلف الموضوعات والمجالات التي تشغل اهتمامات المواطنين سيتم طرحها على مائدة النقاش، ولا توجد قضية بعينها قد تعرقل مسار الحوار الوطني، مستشهداً بقضية الحبس الاحتياطي بأنها ستكون مطروحة من بين محاور عدة، وفي النهاية ما سيتم التوافق عليه سيتم إقراره.
ماذا ننتظر؟
فيما لا تزال الرؤية غير مكتملة بعد لما سينتج من الحوار الوطني من نتائج أو توصيات، غير معلوم مدة حسمها بعد، يرى مراقبون ممن تحدثوا إلينا، أن "المعيار الحاسم في الحكم على نجاح التجربة من عدمها يكمن في تطبيق وتنفيذ المخرجات وانعكاسها على أرض الواقع".
ويرى سيد عبد العال رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ، أن الحوار الوطني بدأ بجلسات شديدة الجدية وستكون له نتائج شديدة الأهمية في المرحلة المقبلة، مضيفاً أن البعض يعتبر الحوار مقصوراً على قضايا بعينها سواء سياسية أو اقتصادية فقط، وهو فهم خاطئ لمجريات وطبيعة الحوار، لأن الرئيس السيسي أكد في دعوته المسبقة أن الحوار الوطني شامل ونتائجه سيتعامل معها وفقاً لصلاحياته، والحكومة ليست طرفاً مشاركاً فيه.
ويتفق رئيس حزب التجمع، في حديثه لنا، مع الأصوات المطالبة بضرورة إيجاد حلول في قضية الحبس الاحتياطي والتي طرحت في الجلسة الافتتاحية، قائلاً: "الحزب تقدم من قبل برؤية أعمق في قضايا الحبس الاحتياطي وعلى رغم أننا نثمن قرارات الرئيس في هذا الجانب، إلا أن الحل يكمن في إصدار تعديل تشريعي ينظم تلك القضية برمتها وليس بموجب قرارات عفو رئاسي"، مؤكداً أن أهم نتيجة يمكن التوصل إليها من الحوار تكمن في التوافق حول رؤية مشتركة لبناء الجمهورية الجديدة.
ويؤكد فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن قضية الإصلاح السياسي مفصلية ومحورية في مسار الحوار، ويبقى الخلاف في بقية القضايا الأخرى أمر مشروع ومنطقي، قائلاً "علينا أن نتفق على صيغة مناسبة للتعايش السياسي بين الأفرقاء".
ويرى زهران خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن جدية الأطراف المشاركة في الحوار الوطني بمثابة الضمانة الوحيدة لإنجاحه، مضيفاً أنه من الوارد أن يتحقق إنجازاً من مخرجات الحوار الوطني لأنه لا يوجد في الحياة دائماً "فشل ذريع أو نجاح باهر"، لكن التساؤل الذي سيطرح نفسه "هل سيكون ذلك الإنجاز كافياً أم لا؟".
بدوره يقول عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إن "تقييم جدية حالة الحوار الوطني ستتضح خلال الأسابيع المقبلة"، معتبراً أن "مخرجات الحوار والعمل على تنفيذها ستكون المعيار الحاسم".
ووفق الشوبكي، فإنه ما من شك في أن توقيت إلقاء القبض على أقرباء وأنصار طنطاوي "يعكس مشكلة تتمثل بالأساس في تعاطي الدولة مع المختلفين في الرأي بأدوات خشنة". وأوضح "من الوارد أن أي نظام سياسي يستوعب بعض المختلفين في الرأي ويستبعد آخرين، لكن الاستبعاد هنا يجب ألا يكون بأدوات أمنية خشنة كالاعتقال"، معتبراً أنها "تؤثر في مصداقية الحوار الوطني وبين صفوف المتخوفين من جدية الدولة في التعاطي معه".
من جانبه، يقول مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية والمقرر العام المساعد للمحور السياسي بالحوار الوطني، إنه وعلى رغم "توقعاته المتواضعة بشأن مخرجات الحوار الوطني المنتظرة بعد استبعاد ملفات رئيسة هي تعديل الدستور والسياسية الخارجية والأمن القومي، إلا أن مجرد انضمام أحزاب وشخصيات سياسية كانت سابقاً مهمشة يعد إشارة انفتاح جيدة".
وأضاف السيد "نحن نتحرك في ظرف يعوق أي عمل سياسي مستقل خارج ما تسمح به الحكومة، لكن وعلى رغم ذلك إذا ما أنتج الحوار الوطني توسيعاً لهامش حرية الرأي والتعبير وإعادة النظر في ملف الحبس الاحتياطي وعمل الأحزاب والنقابات سيكون أمراً جيداً".
ويواصل مجلس أمناء الحوار الوطني انعقاده الدائم لاستكمال تنظيم جدول أعمال المحاور الثلاثة السياسي والمجتمعي والاقتصادي ولجانها الـ19 لمناقشة 113 قضية مطروحة، حيث من المنتظر أن تبدأ اجتماعات اللجان النوعية الأسبوع المقبل بالتناوب بين المحاور الثلاثة، والجمعة الماضي قال المنسق العام للحوار ضياء رشوان إن جلسات الحوار الوطني من المفترض أن تنطلق خلال أسبوع أو 10 أيام على حد أقصى.