Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الدور الذي قد تلعبه حقوق المعوقين في الحملات السياسية في بريطانيا؟

أظهرت جهود ناجحة بذلها ناشطون محليون في مدينة يورك الإنجليزية أن هناك طريقة لتحسين سجل المملكة المتحدة الرديء في ما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

تساعد الشارات الزرقاء الأشخاص الذين يعانون من إعاقة في ركن سياراتهم بالقرب من المكان الذي يريدون الذهاب إليه (غيتي)

ملخص

ما الدور السياسي الذي قد تلعبه حقوق المعوقين في بريطانيا والذين تقدر الإحصاءات الرسمية عددهم في عام 2021 بنحو تسعة ملايين و800 ألف ؟ 

كيف نحقق فوزاً؟

كان هذا هو السؤال الذي طرحته على عدد من الأصدقاء في مجال الإعلام والعلاقات العامة. وكان في الواقع وليد إحباط انتابني من الطريقة التي يتم بواسطتها تجاهل القضايا التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في كثير من الأحيان.

يمكن أن يؤدي موقف متطرف في كثير من الأوقات - كاضطرار أحد ركاب شركة طيران إلى الزحف لمغادرة طائرة (واقعة حقيقية حدثت في عام 2019، حين اضطر معوق على الزحف نزولاً على سلم الطائرة لأن شركة الطيران لم توفر له كرسياً متحركاً أو أية مساعدة أخرى) - إلى إحداث تغيير في وعي الرأي العام. وقد حصل ذلك الأسبوع الماضي. لكن رد فعل الناس في مجمله كان خاطفاً، وكما هي العادة، إذ قيل: "أليس هذا حقاً مثيراً للصدمة؟ الآن ما أحدث فضيحة على تلفزيون الواقع؟"، لأنه نادراً ما تكون هناك أية متابعة مستمرة لهذه القضية.

إلا أن الاستثناء هذه المرة حصل في مدينة يورك الإنجليزية، حيث كانت هناك متابعة لإحدى الفضائح التي أثيرت أخيراً، وتسببت في عواقب انتخابية.

كنت كتبت مرات عدة عن الجهود التي يبذلها ناشطون في تلك المدينة التاريخية ضد القرار المخزي الذي اتخذه مجلس محلي يسيطر عليه ائتلاف من حزبي "الليبراليين الديمقراطيين" و"الخضر"، الذي من المفترض أن يكون تقدمياً، الذي يمنع (بشكل فعال) مستخدمي الشارة الزرقاء أصحاب الإعاقة من الدخول إلى المركز التاريخي للمدينة.

وفي حين استفاد الحزبان من الدعم المتزايد لهما في الانتخابات المحلية الأخيرة في إنجلترا، وباتت لديهما الآن مجموعة كبيرة من أعضاء المجالس الجديدة، إلا أنهما في يورك عانا من هزيمة، بعدما حقق حزب "العمال" فوزاً بأغلبية الأصوات للمرة الأولى منذ عام 2015، ويهزم "الخضر" بشكل ساحق.

وقال الموقع الإلكتروني لحزب "العمال" في يورك خلال الحملة، إن "الحزب سيجعل مدينة يورك متاحة للجميع"، واعداً بإلغاء هذا الحظر غير المقبول.

ومن غير المرجح أن نحصل على إجابة قاطعة عن حجم الدور الذي لعبته هذه القضية في تأرجح نتيجة الانتخابات المحلية، قبل قيام مؤسسة "يوغوف" YouGov للاستشارات واستطلاعات الرأي، أو أحد منافسيها، بالتوجه إلى المدينة، وإجراء بحث في هذا الإطار.  لكن من الواضح أن القضية كان لها دور - وربما دور مهم - في تغيير الكفة لناحية السيطرة الحزبية على مجلس المدينة.

ومن الواضح أن حزب "العمال" المحلي يعتقد أن الوعد بإلغاء الحظر، هو العامل الذي من المحتمل أن يكون حقق له الفوز في التصويت. فقد أدرج هذا التعهد في مقدم قائمة وعوده التي شملت الوجبات المدرسية المجانية لأطفال المدارس الابتدائية، وبناء مساكن ميسرة الكلفة على أرض يملكها المجلس البلدي.

أما الفضل في بلوغ قضية (حقوق المعوقين) هذا المستوى الرفيع من لفت أنظار الرأي العام، فيعود إلى الجهود التي بذلها ناشطون محليون. وكانت رسائلهم أكثر وضوحاً وتركيزاً من كثير من الشركات التي انتهى بها الأمر بإنفاق ملايين الجنيهات على العلامات التجارية ووكالات الإعلان ومستشاري العلاقات العامة.

ويعود في الواقع الفضل كله إلى منظمة "منتدى حقوق الإعاقة في يورك" York Disability Rights Forum  (يقودها معوقون تعنى بتحقيق المساواة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعيشون أو يعملون في يورك) ومجموعة الحملات York Accessibility Action (أسسها أشخاص معوقون في يورك ومقدمو الرعاية)، اللتين أعدتا عريضة وقامتا باستكشاف السبل القانونية للطعن في المنع. كما يعود الفضل إلى حملة "عكس الحظر"  Reverse the Ban (تحالف جمعيات خيرية ومنظمات أخرى لإسقاط قرار منع وصول حاملي الشارة الزرقاء إلى شوارع المشاة في يورك) التي حشدت أكثر من 27 مجموعة لمواجهة ما كان ينظر إليها على أنها محاولة "فرق تسد".

وقد ساعدت هذه المجموعات في إبقاء القضية حية في وسائل الإعلام، على المستويين المحلي والوطني. وسعت إلى حشد حلفاء، بمن فيهم الممثلة البريطانية الشهيرة جودي دينش (التي تحمل لقب "دام" Dame). ويمكن القول إنها نجحت في مسعاها.

كل ما تقدم يفضي إلى طرح سؤال مثير للاهتمام وهو: إذا كان من الممكن القيام بذلك في يورك، فهل يمكن القيام به في مكان آخر؟

الأرقام المتعلقة بعدد المعوقين في بريطانيا، تعتمد على تقديرات الجهة التي ترغبون في استخدام أرقامها. فـ "المكتب الوطني للأحصاء"  Office for National Statistics (ONS) قدر العدد الرسمي بنحو 9 ملايين و800 ألف (في عام 2021)، أي نحو 17.7 في المئة من عدد السكان.

هذه الكتلة تعد كبيرة. وإذا ما بذلت جهود جماعية، وتمكنت من تحقيق مزيد من النتائج كتلك التي حدثت في مدينة يورك، فمن الممكن أن تبدأ معاملة بريطانيا للأشخاص المعوقين في التحسن.

في الوقت نفسه، فإنه يتعين مساءلة كثير من أعضاء المجالس المحلية المنتخبين حديثاً عما ينوون القيام به. فالمجالس التي تولاها تحالف حزبي "الخضر" و"الليبراليين الديمقراطيين" ليست وحدها التي قامت بعمل بائس حيال البريطانيين المعوقين، إذ إن جميع الأحزاب الرئيسة تعد مذنبة بارتكاب إخفاقات في هذا المجال، والأمر ينسحب على الحكومات المحلية والحكومة المركزية.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن الحملات هي في الواقع عمل شاق، ولا سيما بالنسبة إلى الأشخاص المعوقين الذين يمكن أن تشكل حياتهم اليومية تحدياً مؤلماً لهم ومسبباً للإرهاق. أعرف ذلك من خلال تجربتي الشخصية. لكن إذا أدركت الطبقات السياسية أن هناك ثمناً انتخابياً يجب دفعه لقاء سلوك يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذا التحدي، فربما تتغير الأمور نحو الأفضل.

© The Independent

المزيد من تحلیل