ملخص
الاندلاع المفاجئ للقتال في السودان تسبب في اختناقات لصادرات سلع مهمة على رأسها الذهب والسمسم والفول السوداني واللحوم مما يحرم البلاد من العملة الصعبة التي تحتاج إليها لاستيراد سلع أساسية
قال تجار في دبي إن الاندلاع المفاجئ للقتال في السودان تسبب في اختناقات لصادرات سلع مهمة على رأسها الذهب والسمسم والفول السوداني واللحوم، مما حرم البلاد من العملة الصعبة التي تحتاج إليها لاستيراد سلع أساسية.
وتدور رحى أعنف اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم، وتسببت في إغلاق المطار والمصارف وانقطاع الكهرباء عن الشركات وتعطيل الشحن بعد تعرض مكاتب ومصانع ومخازن للنهب على يد مسلحين.
وتحتاج البلاد بشدة إلى العملة الصعبة التي تجنيها من الصادرات، وخصوصاً تجارة الذهب عبر دبي التي تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار، لتتمكن من استيراد الوقود والقمح والأدوية والأغذية في ظل ما تشهده من كارثة إنسانية. وتسبب القتال حتى الآن في مقتل مئات ودفع 850 ألفاً للنزوح عن منازلهم. وستفاقم المشكلات التي تواجهها التجارة مأساة بلاد يعتمد نحو ربع سكانها على المساعدات الغذائية حتى من قبل اندلاع القتال الشهر الماضي.
نقص في العملة الصعبة
وقال مستورد للذهب في دبي إن صادرات الذهب القانونية إلى الإمارة توقفت بالكامل لأنها تعتمد على الشحن الجوي، بعدما جرى إغلاق المجال الجوي السوداني أمام أغلب الرحلات.
وأضاف "هذا يعني غياب العائدات اللازمة لاستيراد السلع الأولية الأساسية وسيدفع الجنيه (السوداني) للانخفاض". وتحدث هو ومتعاملون آخرون لوكالة "رويترز" شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
ودبي مركز تجاري منذ فترة طويلة للمصدرين السودانيين بعدما تسببت العقوبات الاقتصادية في عزل الشركات السودانية وجعلت المعاملات مع الخارج أمراً صعباً.
وبالنسبة إلى من بقوا في الخرطوم، مركز الأعمال في البلاد، فإنهم يعانون توقف الخدمات الأساسية وشح السيولة وإمدادات الغذاء فضلاً عن التزايد الحاد في أسعار الوقود.
وعود بالحلحلة
وقال أحد وكلاء الشحن، "أي شيء يمر عبر الخرطوم لا يمكنك القيام به"، مشيراً إلى أن البنوك تعرضت للنهب كما تعطلت الأنظمة المصرفية والجمركية المركزية، فيما لم تعد عمليات السحب والإيداع متاحة إلا في الضواحي.
وأوضح مسؤول في ميناء بورتسودان، وهو مركز الملاحة البحرية الرئيس بالبلاد، أن عمليات الشحن التجارية عبر الميناء توقفت بالكامل مع وقف شركات الشحن الكبرى للحجوزات الجديدة.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم إن مسؤولين من كل من الحكومة والميناء والقطاع المصرفي في بورتسودان يحاولون حل المشكلة.
وأضاف الوزير "نؤكد للناس أن السلع ستنساب... ستتخلص بصورة طبيعية، لن يكون هناك شح في السلع بسبب إجراءات مالية معقدة"، من دون التطرق إلى توقف نشاط الشحن.
إمكانات مهدرة
وبلغ العجز التجاري في السودان 6.7 مليار دولار العام الماضي، وتسببت إصلاحات كانت تهدف إلى جذب التمويل الأجنبي في انهيار سريع في قيمة الجنيه مع ارتفاع التضخم لأحد أعلى المعدلات في العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان المستثمرون يضعون خططاً لإقامة مشاريع جديدة خصوصاً في مجال الزراعة بهدف الاستفادة من الأراضي مترامية الأطراف الصالحة للزراعة وغير المستغلة والتوسع في عمليات معالجة المواد الخام لتنويع الصادرات.
وقال مصدر للحوم، "إذا استمرت الحرب ستخرج الشركات السودانية من سوق اللحوم بالكامل لأن المستوردين لن ينتظروا"، وأشار إلى أن فرصة الابتعاد عن تصدير الماشية إلى تصدير اللحوم صارت مهدرة الآن.
وبالفعل أعلنت مصر، وهي مستورد كبير للماشية السودانية، أنها تبحث سبل تنويع مصادر الاستيراد.
أضرار كبيرة
وعلى المدى الأطول ستقوض الأضرار التي لحقت بالمنطقة الصناعية الرئيسة في البلاد بمدينة بحري، حيث تعرضت مصانع كبرى للإحراق أو النهب، محاولات التعافي.
وقال أحد التجار الذين يتعاملون في السمسم والبذور الزيتية والسكر وتتكبد شركته خسائر يومية من جراء عدم الالتزام بالتعاقدات ونهب المستودعات وتضرر البنية التحتية، "إذا انتهت الحرب سيحتاج القطاعان الخاص والصناعي إلى وقت طويل ولدعم كبير للعودة لما كانا عليه".
ويشكو سكان في السودان من غياب الشرطة عن المشهد بينما تبادل طرفا الصراع الاتهامات بالمشاركة في أعمال النهب.