Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشهد العلاقات التونسية – الفرنسية أزمة صامتة؟

البعض يعتبر أن عملية جربة التي أودت بحياة 6 أشخاص وأزمة التأشيرات كشفتا الكثير

الشارع التونسي يتحدث عن فتور في العلاقات بين تونس وفرنسا على رغم التقارب اللافت بداية عهد الرئيس قيس سعيد (أ ف ب)

ملخص

هل تمر العلاقات الفرنسية – التونسية بفترة جمود وفتور؟

أثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد رد فيها على اتهامات غربية بوجود معاداة للسامية، تساؤلات حول الجهة المقصودة من تصريحاته، خصوصاً أن فرنسا كانت من أول الدول التي تحدث رئيسها إيمانويل ماكرون عن ذلك، وتعهده بمكافحة معاداة السامية مع تونس.

وقال الرئيس سعيد إن عائلته حمت اليهود من الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وكرر نفي وجود معاداة للسامية في تونس بعد الاعتداء الذي وصفته السلطات التونسية بـ"الإجرامي" الذي استهدف معبد الغريبة وهو أقدم معبد يهودي في أفريقيا.

ويأتي ذلك في وقت تنقسم فيه أوساط دبلوماسية ومراقبون في شأن تقييم العلاقات بين فرنسا وتونس، لا سيما بعد الاتهامات المتبادلة الأخيرة بين البلدين، وأيضاً أزمة مرتبطة بالتأشيرات التي تُمنح للتونسيين لدخول فرنسا.

وكان رئيس البرلمان التونسي، إبراهيم بودربالة، قد بادر إلى رفض التلميحات بوجود معاداة للسامية في بلاده بعد ساعات قليلة من تصريحات للرئيس الفرنسي، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت العلاقات بين باريس وتونس تشهد فتوراً.

لا أزمة

ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه تونس في مايو (أيار) الحالي، اعتداء تمثل في استهداف عنصر في الحرس الوطني لمعبد الغريبة، من دون أن ينجح في الوصول إليه، لكن هذا الهجوم أودى بحياة ثلاثة عناصر أمنية واثنين من الزائرين، إضافة إلى مقتل منفذ الهجوم.

وتضم تونس أقلية دينية يهودية لا تتجاوز 2000 شخص، يعيشون في جزيرة جربة التي تضم أقدم معبد يهودي في البلاد وفي القارة الأفريقية. وكان عدد هؤلاء يفوق 100 ألف حتى خمسينيات القرن الماضي، لكنهم غادروا بعد جولات الحرب بين العرب وإسرئيل.

وقال الدبلوماسي التونسي أحمد ونيس "لا أعتقد أن هناك فترة برود، لكن تزامن عملية جربة الإجرامية وأزمة التأشيرات ملفت نوعاً ما، على رغم أنه مرتبط بسياقات اجتماعية وسياسية أخرى في علاقة بسياسة فرنسا عموماً في هذا الإطار تجاه دول شمال أفريقيا".

وأضاف ونيس في تصريح خاص، "بالنسبة إلى التصريحات الفرنسية التي أعقبت عملية جربة، فإنها تؤكد أن باريس شأنها شأن بعض المجتمعات الغربية، تدعم إسرائيل بكل الطرق، هذه مجتمعات ترفض كل ما يمس سلامة الإنسان اليهودي سواء كان متصلاً بإسرائيل أو في ما يتعلق بديانته فقط".

وأوضح أن "الرئيس ماكرون يؤكد أن هناك ضغوطاً مسلطة على السياسة الفرنسية في ما يخص الوافدين من شمال أفريقيا، وأنه يجب مراجعة قضية التأشيرات ومنحها، وطالما بقيت المراجعات والترتيبات محصورة بهذه القضية، فهذا لا ينم عن أزمة صامتة أو فتور بين البلدين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد ونيس على أن "هذا أمر ظرفي، لأن القاعدة الانتخابية في فرنسا كما في إيطاليا تحاول تجاوز قضية الهجرة سواء المباشرة أو غير النظامية بما في ذلك من يسعى إلى الهجرة بشكل رسمي".

وكان الرئيس سعيد قد زار فرنسا عام 2020، التقى حينها الرئيس ماكرون وقاما بمحادثات حول الحرب الأهلية في ليبيا، والعلاقات الثنائية، وأعلن الرئيس الفرنسي عزم بلاده مواصلة دعم تونس، وبدا الطرفان وقتذاك متقاربين للغاية، ونفى الرئيس سعيد أن تكون "تونس قد تعرضت إلى الاستعمار المباشر من فرنسا، وأنها فقط كانت محمية من قبلها"، وهو ما أثار جدلاً سياسياً في البلاد.

برود وفتور

لكن موقفه من هذه القضية يبدو أنه تغير، إذ قال في ذكرى الاستقلال في 20 مارس (آذار) الماضي، إن "ما حدث لتونس كان احتلالاً باسم الحماية كالاحتلال باسم الانتداب، هو استعمار واستيطان واحتلال للأراضي التونسية"، محاولاً قطع الطريق أمام الانتقادات التي طاولته بسبب موقفه السابق.

وقالت الصحافية المتخصصة في الشأن السياسي، جيهان علوان، "من الواضح أن العلاقات بين تونس وفرنسا تتسم في الآونة الأخيرة بنوع من البرودة والفتور، ولعل الانتقادات الأخيرة التي وجهها الرئيس سعيد إلى الذين يتهمون بلاده بمعاداة السامية إثر عملية جربة، في إشارة واضحة وغير مسبوقة منذ تولي الرئاسة إلى فرنسا، التي أكدت بأنها تقف إلى جانب تونس لمواصلة مكافحة معاداة السامية وجميع أشكال التعصب... كشفت هذا الفتور والتصدع الواضح بين الطرفين".

وأردفت علوان "شهدنا تقارباً لافتاً بين الرئيسين ماكرون وسعيد إثر صعود هذا الأخير إلى منصب رئاسة الجمهورية، ولمسنا دعماً معلناً من السلطات الفرنسية لسعيد في الإجراءات التي أعلن عنها في 25 يوليو (تموز) وفي الأجندة السياسية التي نفذها إثر هذه الإجراءات، ولا ننسى على سبيل الذكر تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون خلال القمة الفرانكفونية في جربة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما أعرب عن أمله في أن تتم خريطة الطريق المنبثقة عن إجراءات 25 يوليو، في موقف مغاير للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية بخاصة مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، الذين طالبوا بالرجوع للشرعية الدستورية والحوار الوطني الشامل".

واستدركت بالقول "غير أنه اليوم لا يمكن إلا أن نلحظ فتوراً فرنسياً في الدفاع عن مواقف الرئيس سعيد، سواء في ما يتعلق بملف الأفارقة جنوب الصحراء، والأزمة الاتصالية والدبلوماسية التي تسبب فيها بيان رئاسة الجمهورية في شأن هذا الموضوع، إذ اتهمت تونس بتصاعد موجة التمييز العنصري وخطاب الكراهية ضد أفارقة جنوب الصحراء، كما عبرت السلطات الفرنسية منذ فبراير (شباط) الماضي عن قلقها إزاء موجة الاعتقالات السياسية، داعيةً السلطات إلى ضمان احترام الحريات لا سيما حرية التعبير".

وتابعت علوان "هذا إضافة إلى الموقف الفرنسي الغامض تجاه دعم تونس في الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي. فخلافاً لإيطاليا التي تسعى جاهدة لحشد الدعم المالي لتونس من الاتحاد الأوروبي، لا نرى أي مجهود لفرنسا في هذا الاتجاه، بل يبدو أن فرنسا تدعم وتتبنى موقف أغلب دول الاتحاد الأوروبي، الذي يشترط إصلاحات سياسية وعودة للمسار الديمقراطي كشرط أساس لتقديم المساعدات المالية لتونس".

ولفتت إلى أن "هذا قد يمثل خيبة أمل بالنسبة إلى السلطة التونسية، باعتبار أن المواقف الفرنسية الأخيرة على الأصعدة كافة، لم تكن في حجم انتظارات تونس، بالتالي الأزمة بين تونس وفرنسا تجاوزت الصمت إلى الانتقادات وردود الأفعال والمواقف لتصبح أزمة واضحة".

وفي ظل انحسار النفوذ الفرنسي في القارة السمراء في أعقاب الانسحاب من مالي وغيرها، والدخول القوي لـ"فاغنر"، من غير الواضح ما إذا كانت ستجازف باريس بتوتير علاقتها مع السلطات التونسية، على رغم الانتقادات التي تواجهها بسبب تحفظها على وضع الحريات والديمقراطية في تونس، إذ يتهم رئيسها بتقويضها وهو ما ينفيه الرجل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير