Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال غزة بلا مأوى ويواجهون نقص الغذاء

1180 طفلاً نزحوا من بيوتهم أغلبهم للمرة الرابعة

أطفال غزة بلا مأوى ولا غذاء (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

القتال العسكري في غزة تسبب في بقاء 459 أسرة بلا مأوى ولا غذاء، من بينهم 1180 طفلاً يعانون أمراضاً نفسية

على قائمة أحلامه الكبيرة في نظره، والصغيرة في عين مَن حوله، كتب حافظ (15 سنة) حلمه في الحياة على حصالة بلاستيكية، كان يدخر بداخلها مصروفه اليومي بقدر لا يتجاوز ربع دولار، على أمل أن يشتري سرير يضعه في زاوية غرفته ويخطط عليه بقية أحلامه.

حلم حافظ لم يعد قابلاً للتحقيق، لسبب واحد فقط، أنه لم يعد يمتلك ذلك البيت الذي سيضع داخله سريره الجديد، بعد أن انضم الطفل وعائلته إلى قائمة النازحين، على إثر تدمير الجيش الإسرائيلي بيوتهم السكنية، في عملية "السهم الواقي" العسكرية، التي انتهت 13 مايو (أيار) الجاري، بعد خمسة أيام من القتال العسكري.


النزوح الرابع

في 11 مايو الجاري، غادر حافظ بيته حافي القدمين، على أصوات عويل أمه ووالده، ونزح الطفل من منزله إلى بيوت الجيران، يشاهد من نوافذهم عمارته السكنية وهي تنهار بفعل صاروخ إسرائيلي، كان ذلك النزوح الرابع للقاصر.

 

 

لم يكن ذلك النزوح هو الأول، فعندما كان حافظ في الخامسة من عمره نزح للمرة الأولى مع أسرته من حي الشجاعية بعد أن شن الجيش الإسرائيلي هناك هجوماً كبيراً أثناء قتال عام 2014، وعلى رغم صغر سنه في ذلك الوقت، إلا أنه لا يزال يتذكر أصوات صراخ أمه وجيرانه، الذين هربوا على متن شاحنة كبيرة وقتها.

كان الطفل يعتقد، حينها، أن ذلك النزوح الأول والأخير الذي يعيشه، ولم يتوقع أن الهرب من بيته الآمن، سيكون سبيل النجاة الوحيد له في أي عملية عسكرية تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، وتكرر معه المشهد نفسه في قتال 2021، وقتال 2022، والتصعيد الأخير.

مشهد مكرر

عاصر معظم أطفال غزة الذين هم بعمر حافظ أربع عمليات عسكرية كبيرة نفذتها إسرائيل في غزة، بالتالي فإن أغلبهم يعيشون النزوح للمرة الرابعة، الأمر الذي أثر سلباً على صحتهم النفسية والاجتماعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول حافظ "بعد تدمير بيتنا، للمرة الأولى، نزحت مع عائلتي، وبعد انتهاء القتال، وقتها، انتقلنا للعيش في منطقة أخرى نعتقد أنها هادئة؛ لكن يبدو أن الهرب من البيت وتدميره يلاحقنا حيثما ذهبنا".

سبب النزوح لحافظ مشكلات صحية، إذ يقول والده آدم "عندما نزحنا خلال قتال 2021، ونتيجة للهروب من حمم القذائف وهول مشهد النزوح أصيب بصدمة نفسية وعلى إثرها بات لديه تبول لا إرادي ظل يعاني منه لبعض الوقت".

خفض الغذاء

يعيش حافظ حالياً عند الجيران، ويأكل من طعامهم، فوالده منذ القتال العسكري لم يعمل ليوم واحد، وبالعادة يتلقى راتبه مقابل أيام عمله، وبسبب تعطله بات يعتمد على الديون لشراء مستلزمات أساسية ومساعدة الجيران.

وتشير بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" إلى أن 80 في المئة من الأسر النازحة اقترضت المال منذ اليوم الأول للهرب من البيوت لتدبير أحوالها، وما يزيد على 85 في المئة من الأسر اشترت طعامها بالديون، وأكثر من 40 في المئة منهم انخفض معدل استهلاكهم للطعام إلى النصف.

وتظهر "أوتشا" أن النازحين يعيشون في ظروف سكنية تعاني من انعدام شروط الأمن والسلامة للأطفال، ولا تحفظ الكرامة والخصوصية، وهو ما يستدعي التدخل الدولي لتوفير مساكن إيواء خاصة بهم، وإن لم يحدث ذلك فإنهم خلال أيام سيكون النازحون بلا مأوى.

ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة WFP فإن 40 في المئة من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة تحت خط الفقر، ويعتمد 70 في المئة منهم على المساعدات الغذائية التي تصلهم.

 

 

ويقول مسؤول برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، سامر عبد الجابر، إنهم مع بداية يونيو (حزيران) المقبل لن يستمروا في تقديم مساعدات غذائية بسبب تقليص الدعم عنهم، وهذا سيجعل النازحين عرضة لفقدان الغذاء بشكل خطير.

أسباب النزوح

وبحسب مدير عام دائرة الحماية الاجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية، رياض البيطار، فإنه نتيجة القتال العسكري في غزة، هناك 459 أسرة بلا مأوى، وتضم أكثر من 2515 شخصاً، منهم 1180 طفلاً، و688 سيدة، و97 من كبار السن، إضافة إلى ثلاثة أشخاص من ذوي الإعاقة.

وقال البيطار "اتباع إسرائيل في عمليتها العسكرية الأخيرة سياسة تدمير المنازل هو السبب وراء نزوح العدد الكبير من بيوتهم، وبالعادة فإن الأسر الفلسطينية مكونة بالمتوسط من ستة أفراد معظمهم أطفال، وهذا أيضاً ما جعل العدد يزيد".

ويضيف "لم نقم بفتح أي مركز إيواء للنازحين على رغم ضخامة عددهم، وجميعهم تم إيوائهم ولو بشكل موقت عند الأقارب والجيران، وذلك على رغم ظروف السكان الصعبة".

ويؤكد البيطار أن حالة الإيواء هذه موقتة، ولن تستمر لأسبوعين، وبعدها سيكون هؤلاء النازحين "مشردين"، منوهاً أنهم بحاجة إلى التدخل العاجل من أجل توفير بدل إيجار مستقل حتى إعادة إعمار مساكنهم، ولا تستطيع الجهات الحكومية في غزة تأمين ذلك.

مشكلات نفسية

ويشير البيطار إلى أن أصوات الطائرات والانفجارات تسببت في ترويع الأطفال، وتركت آثاراً نفسية عميقة لديهم، وبحسب المتابعة أوجدت حالة من الهلع والخوف والرعب لدى النساء، لافتاً إلى أنه بسبب الغارات الكثيفة فقد عدد من الأطفال حياتهم بسبب الخوف.

 

 

وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن جميع أطفال غزة فوق الثلاث سنوات بحاجة إلى علاج نفسي، وهو ما تؤكده المعالجة النفسية المتخصصة بعلم سلوك الأطفال، سمر عطية، قائلة إنهم "لم يشفوا من الآثار النفسية، وجزء منهم ربما يعيش حالة اضطراب ما بعد الصدمة لفترة تزيد على خمس سنوات".

وتضيف عطية "تراكم الصدمات يولد في داخلهم حالة نفسية معقدة، وفي أغلب الحالات يكون العلاج موقتاً، بخاصة وأن الأطفال يعيشون في بيئات تعجز عن تأمين علاج نفسي ملائم، ولذلك من الصعب أن يتأسس طفل على تربية سليمة بعيدة من الحرب في قطاع غزة، وما نقوم به مجرد محاولات لتعزيز العلاج النفسي السليم".

المزيد من متابعات