Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يختفي الخبز من تونس قريبا؟

متخصصون يرون انسحاب الأزمة إلى الرز والزيت والسكر

تبلغ حاجات المخابز من الدقيق 50 ألف طن شهرياً ما يساوي 600 ألف طن في السنة (أ ف ب)

ملخص

شبح الإغلاق يخيم على عدد من المخابز في ظل اضطراب تزودها بالدقيق والأزمة قابلة للتصاعد حال عدم التدخل من قبل السلطات المتخصصة لإنقاذ القطاع

تشكو المخابز في تونس نقصاً في المواد الأولية وبالتحديد الدقيق، بعد أن ندر هو والسميد والزيت، محولة الأمر إلى أزمة متجددة، مع عجز السلطات عن تغطية الحاجات منها منذ أشهر. تزامن ذلك مع نقص الدقيق بأنواعه إضافة إلى الزيت النباتي بالمتاجر، وذلك إثر تراجع مسجل في محاصيل الحبوب في الموسم المنقضي واللجوء إلى الاستيراد، مما أدى إلى اضطراب في توفير الخبز في أغلب المحافظات.

لم يقتصر تذبذب تزويد السوق المحلية على الخبز فقط، وتعداه إلى مواد أساسية أخرى، مما أدى إلى تنبيه العاملين في قطاع المخابز من أزمة حادة، ودفع بالرئيس قيس سعيد إلى التحذير من معضلة حقيقية خلال لقائه وزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب قزاح، متهماً "لوبيات ومضاربين" بالوقوف وراء مسألة ندرة الخبز، وفقدان بعض المواد الأخرى على غرار القهوة والسكر، لغاية التنكيل بالشعب، داعياً مؤسسات الدولة إلى تحمل مسؤولياتها للحد من هذه الممارسات، وفق تعبيره.

وبينما تشهد أغلب المحافظات التونسية نقصاً حاداً في عدد من المواد الغذائية الأساسية، بدت المخاوف أكثر حدة مع اقتراب الموسم السياحي وعودة المغتربين التونسيين التي تتزامن مع ارتفاع الاستهلاك. وتتكرر مشاهد التونسيين يومياً في العاصمة وبقية المدن وهم يقفون في طوابير طويلة في محاولة للحصول على حصتهم اليومية من الخبز.

شبح الإغلاق

يقدر رئيس المجمع المهني لأصحاب المخابز العصرية بكونفيدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (منظمة مستقلة)، محمد الجمالي، نسبة المخابز التي أغلقت بـ30 في المئة. ويرى أن شبح الإغلاق يخيم على عدد من المخابز في ظل اضطراب تزودها بالدقيق، وأن الأزمة قابلة للتصاعد حال عدم التدخل من قبل السلطات المتخصصة لإنقاذ القطاع.

عجزت الكميات المتوفرة للدقيق والسميد عن تغطية حاجات المخابز، بعد أن عمدت الدولة إلى إعطاء الأولوية للمخابز المنتجة للخبز المدعم، وهي ما يطلق عليها "المخابز المصنفة" مما خلق أزمة تزويد لدى المخابز غير المصنفة وعددها 1500 وتتزود حالياً بنحو 40 في المئة من مخصصاتها السابقة، لكن ما لم يتم ضخ الكميات الكافية بالسوق فإن 50 في المئة منها سيضطر إلى إيقاف نشاطه، بحسب ما يحذر الجمالي، الذي لا يستبعد اختفاء الخبز تماماً في تونس خلال الأشهر المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأطلق المجمع المهني للمخابز العصرية نداءً إلى وزارة التجارة وتنمية الصادرات، طالب فيه بمزيد من الحرص على احترام التزاماتها تجاه أصحاب المخابز لتفادي تدهور الوضع.

شد الحزام 

يفسر رئيس الغرفة الوطنية للمخابز المصنفة، محمد بوعنان، ندرة الخبز وتأخر التزويد بمادة الدقيق لدى جميع المخابز في الأيام القليلة الماضية، بتأخر تفريغ حمولة باخرة محملة بالحبوب الموردة، والحاجة إلى إخضاع الحمولة للتحاليل اللازمة، مما تسبب في النقص الفادح، لكنه يشير أيضاً في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى التخفيض الملحوظ في الكميات التي يتم ضخها في السوق من الدقيق من قبل السلطات المتخصصة، في إطار التقشف الذي تنتهجه الدولة على خلفية ظاهرة التبذير المتفشية، إذ تسجل تونس يومياً إهدار 900 ألف خبزة باعتمادها علفاً للحيوانات، وفق بوعنان، فيما تبلغ حاجات المخابز من الدقيق 50 ألف طن شهرياً ما يساوي 600 ألف طن في السنة.

الفساد المتربص

وتدعم تونس عدداً من المواد الأساسية وأبرزها الخبز كذلك السكر والزيت النباتي، في حين يتم تحديد تسعيرة موحدة للقهوة والشاي والرز، وخصصت موازنة عام 2023 نحو 2.52 مليار دينار (828 مليون دولار) لدعم المواد الأساسية مقابل 3.77 مليار دينار (1.24 مليار دولار) عام 2022 بتخفيض يساوي 1.24 مليار دينار (407 ملايين دولار) بنسبة 33 في المئة، في تجسيد لبرنامج الحكومة لإصلاح دعم المواد الأساسية، وهو ما يفسر تراجع كميات الدقيق التي يتم ضخها في السوق، وفق عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة)، منير حسين.

إفلاس المؤسسة

ويشير منير حسين إلى أن ندرة الخبز نتيجة حتمية لتقليص الاعتمادات المالية المخصصة لدعم المواد الأولية المعتمدة في صنع الخبز وهي بالأساس الدقيق، لكن في المقابل وعدت الحكومة بالتحكم في مسالك توزيع المواد الغذائية وبخاصة المدعمة، الأمر الذي لم يطبق على أرض الواقع.

ويلفت حسين إلى أن النقص في الخبز والدقيق والسكر والقهوة والرز أدى إلى تنشيط المضاربة والسوق السوداء، متوقعاً تفاقم الوضع وتعمق النقص بسبب عوامل إضافية، منها إفلاس المؤسسة الحكومية المكلفة توريد الحبوب وهي ديوان الحبوب (حكومي) بعد أن تجاوزت ديونه ثلاثة مليارات دينار (986 مليون دولار)، وهو المزود الوحيد للمخابز، ولن يختلف الأمر، كما يقول، لدى المواد الغذائية الأخرى المفقودة في السوق.

يضيف "هذه معطيات مرتبطة بالوضعية المالية لتونس وإشكاليات السيولة والصعوبات التي يعانيها ميزان المدفوعات، ويبدو أن الدولة التونسية تولي المحروقات والأجور وخدمة الدين الأولوية القصوى في سلم النفقات، واجتمعت هذه العوامل لتؤدي إلى ندرة المواد الغذائية وازدهار السوق السوداء وما يرافقها من فساد".

اقرأ المزيد