Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العطوة" تفصل في خلافات الفلسطينيين فهل تخفف زحام المحاكم؟

رجال العشائر مارسوا دور الدولة قبل تأسيس السلطة عام 1994 واعتمدوا العادات والتقاليد كـ"قوة تنفيذية"

العطوة أداة الإصلاح العشائري في حل النزاعات بين الفلسطينيين (اندبندنت عربية)

ملخص

تشكل "العطوة" أداة رجال الإصلاح العشائري لمنع استمرار المشكلات وتفاقمها وتنتهي في أغلب الأحيان بـ"صك صلح" معترف به رسمياً في المحاكم النظامية.

حتى قبل أن تتحرك قوات الأمن الفلسطينية عقب الجرائم واندلاع الخلافات بين مواطنين، يكون رجال الإصلاح العشائريين قد سبقوها في محاولة لتهدئة الأوضاع، والحفاظ على السلم الأهلي من خلال "العطوة"، وهو مصطلح يستخدمه وجهاء القضاء العشائري لحل الخلافات بين المتخاصمين سواء كانت عرضية أو مقصودة، وتبدأ من الإصابات أو الأضرار المادية وتنتهي بالقتل.

ومع أن رجال العشائر لا يمتلكون قوة مادية لفرض الصلح بين المتخاصمين وإنهاء النزاعات، إلا أنهم يعتمدون على العادات والتقاليد باعتبارها "قوة تنفيذية"، ولا يعتبرون أنفسهم بديلاً عن الأمن النظامي أو القانون، بل مسانداً لهما ومكملاً في إنهاء الخلافات والخصومات بين الفلسطينيين.

وتعد العادات والتقاليد والعرف مرجعاً للصلح العشائري، وهي تعود إلى مئات السنين، بحيث سبقت القانون النظامي الحالي.

وبسبب إسرائيل وغياب جهة تفرض القانون وتحافظ على النظام قبل تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، مارس رجال العشائر دور الدولة في حل الخلافات.

تراجع محدود

ومع تأسيس السلطة الفلسطينية تراجع بشكل محدود دور رجال الإصلاح قبل أن يعود، ليس إلى جنوب فلسطين فقط، بل إلى شمالها مع ضعف أداء الأمن الفلسطيني، وطول أمد التقاضي في المحاكم النظامية.

وتشكل "العطوة" أداة رجال الإصلاح العشائري في منع استمرار المشكلات وتفاقمها وإقرار الجاني بجريمته. وتنتهي في أغلب الأحيان بـ"صك صلح" معترف به رسمياً في المحاكم النظامية، ويتضمن إسقاطاً للحق الشخصي، على أن تتصدى المحاكم للتعامل مع الحق العام.

وينص القانون الفلسطيني على تخفيض العقوبة إلى النصف في حال وجود صك صلح عشائري.

يقول رجل الإصلاح في فلسطين داوود الزير إن المجتمعات العربية تتميز عن الشعوب الغربية بالمسؤولية الجماعية على عكس المسؤولية الفردية". ويضيف أن "الخصومات الكبيرة كالقتل والاعتداءات لا تحل بشكل نهائي إلا بالصلح العشائري، حتى لو كان هناك قرار من المحاكم النظامية".

وأشار الزير إلى أن "لجوء الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية إلى الصلح العشائري كان ضعيفاً في الماضي، لكنه ازداد خلال السنوات الماضية بسبب استحسانه وقبوله عندهم، بخاصة مع طول أمد التقاضي في المحاكم النظامية، وترسخ العادات العشائرية عندهم".

وأردف أن هناك من يسمى "الكفيل" وعمله يمثل ضامناً لتحقيق الصلح، وهو نوعان، "كفيل منع" لوقف الاعتداءات عقب وقوع الجريمة، و"كفيل دفع" يتولى تسديد الحق المالي لأصحابه، وتابع "ولي الدم لا يشعر بأنه أخذ حقه إلا بالصلح العشائري، حتى لو عوقب القاتل في المحاكم النظامية" منوهاً بأن دية الدم تتقاسم عائلة القاتل دفعها.

ومع ذلك فإن الزير اشتكى من وجود بعض النواحي السلبية في الصلح العشائري، "بسبب عدم انصياع الشباب لكلام كبارهم، والاستخدام الواسع لفورة الدم والجلوة"، إضافة إلى "دخول عناصر غير مؤهلة إلى مجال الإصلاح".

ويعود مصطلح "فورة الدم" إلى أعمال العنف والحرق والتكسير التي تقوم بها عائلة المجني عليه فور وقوع الجريمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمقصود بـ"الجلوة" إخلاء عائلة القاتل من منازلهم ومنطقة سكنهم، لكن يتم التوسع في استخدامها وطرد العائلة الكبيرة للقاتل وليس والده وأشقائه فقط، بحسب الزير. ومن أجل ذلك فإن رجال العشائر يعتزمون الدعوة إلى مؤتمر عام لضبط قطاع الإصلاح العشائري، ووضع مبادئ عامة مكتوبة، والقضاء على بعض السلبيات، إضافة إلى بعض المستجدات.

ورفض الزير الإجلاء الموسع لعائلة القاتل مشيراً إلى أن ذلك يجب أن يكون مقيداً، وشدد على ضرورة عدم منح شرعية لفورة الدم.

ويعتزم مؤتمر العشائر التأكيد بأن رجال الأمن لا دخل لعشائرهم بأفعالهم خلال أدائهم مهاهم، وهو ما يحصل حالياً بشكل غير مقبول وفق الزير.

وأرجع نقيب المحامين الفلسطينيين سهيل عاشور اللجوء إلى الحل العشائري إلى "ترهل الجهاز القضائي، وعدم قدرته على الفصل السريع في الدعاوى"، مشيراً إلى أنه "لم يعد أمام الفلسطينيين سواه للحفاظ على السلم الأهلي".

لكن عاشور أشار إلى أن معظم رجال الإصلاح العشائري يعملون على "تكريس مبادئ تؤدي إلى الفلتان الأمني والعنف وأخذ الحق باليد"، موضحاً أنه في كثير من الأحيان "يميلون إلى العائلات القوية على حساب الضعيفة التي يضيع حقها".

وشدد عاشور على أن الصلح العشائري لا ينهي قضايا القتل، حيث تعمل العطوة على تأجيل الحل إلى حين قيام أهل المجني عليه بقتل القاتل حتى بعد حصولهم على الدية".

ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت نادر سعيد أنه في ظل غياب الدولة ومؤسساتها فمن الطبيعي اللجوء إلى الإصلاح العشائري كآلية لحل الخلافات. وأرجع عدم ثقة الفلسطينيين بالقانون وأجهزة الدولة من محاكم ونيابة إلى "مقارنتها بالحكم الإسرائيلي الذي ينظرون إليه بشكل عدائي".

المزيد من منوعات