Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آمر جديد للحرس الوطني التونسي... لتشديد مكافحة الهجرة أم الإرهاب؟

توقيف موال لـ "داعش" في صفاقس كان يخطط لتنفيذ "أربع عمليات إرهابية متزامنة"

حقق العميد حسين الغربي نجاحات في مجال مكافحة الإرهاب بحسب مراقبين (رئاسة الجمهورية التونسية)

ملخص

أشرف العميد الغربي على الفرقة المتخصصة بمقاومة الإرهاب في أكثر من مناسبة، قبل عام 2011 وبعده

أعلنت السلطات التونسية تعيين العميد حسين الغربي آمراً للحرس الوطني بعد أيام من الاعتداء الدموي الذي استهدف معبد الغريبة اليهودي في جزيرة جربة خلال فترة الزيارة السنوية لهذا المعبد، مما أثار ردود فعل مختلفة داخلياً وخارجياً.
واتضح أن منفذ الاعتداء الذي رفضت السلطات تصنيفه إرهابياً، واكتفت بوصفه بـ"الإجرامي"، هو عنصر أمن سابق في جهاز الحرس الوطني، الذي تم تعيين الغربي على رأسه خلفاً للعميد فاضل قزقز الذي قالت السلطات إنه "دعي إلى مهام أخرى" دون توضيح طبيعة هذه المهام.
واختلفت تأويلات في شأن قرار التغيير في صلب هذا الجهاز الأمني، وخصوصاً أنه يتزامن مع استمرار تصاعد وتيرة الهجرة غير النظامية، مما حول مدناً برمتها إلى ما يشبه المقبرة للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء على غرار ولاية صفاقس (جنوب) التي يزداد فيها الوضع سوءاً وسط عجز السلطات عن التدخل الحاسم.

توقيف موال لـ "داعش"

في سياق متصل، أعلن جهاز الحرس الوطني التونسي اليوم الجمعة توقيف شخص يشتبه بأنه موال لتنظيم "داعش" وبحوزته مواد متفجرة وكان يخطط لتنفيذ "أربع عمليات إرهابية متزامنة" في البلاد على أبواب فصل الصيف.
وقال المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي إن هذا "العنصر الإرهابي" أوقف في صفاقس، موضحاً أنه "خطط لهذه العمليات بالتنسيق مع آخرين خارج تونس".
ومثل المشتبه به أمام قطب مكافحة الإرهاب الذي أصدر مذكرة توقيف بحقه، وفق ذات المصدر.
وقال الجبابلي "إنه موال لداعش"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

روح جديدة للحرس الوطني

ويأتي تعيين العميد الغربي آمراً للحرس الوطني بعد أشهر من تعيين كمال الفقيه وزيراً للداخلية بعد انسحاب يكتنفه الغموض لسلفه توفيق شرف الدين، الذي قال إنه استقال من أجل الاستجابة لمتطلبات أسرته إثر وفاة زوجته، فيما أفادت رئاسة الجمهورية بأنه تم إنهاء مهامه.
وقاد الغربي الفرقة المتخصصة في مكافحة الإرهاب، لكن مراقبين أمنيين يعتقدون أن هذا التعيين قد يرتبط بالتغييرات التي تشهدها وزارة الداخلية مع تولي الفقيه هذه الوزارة.
وقال الضابط المتقاعد في الحرس الوطني، علي الزرمديني، "في اعتقادي، إن التغيير في قيادة الحرس الوطني ليس في إطار محاربة الهجرة غير النظامية ولا الإرهاب بقدر ما هو متعلق بإعطاء نفس جديد للسلك وتكريم حسين الغربي الذي قاد الوحدة المتخصصة باقتدار كبير وحرفية عالية ونجح في إدارتها محققاً نجاحات باهرة ومهمة".

وشدد الزرمديني على أنه "بعيداً من كل الهزات، فإن هذا التعيين يندرج ضمن إطار إعطاء روح ونفس جديدين لسلك الحرس الوطني أمام المتغيرات التي حصلت في وزارة الداخلية أخيراً، وقد تلا هذا التعيين تغييرات أخرى، حيث يسعى وزير الداخلية الجديد إلى إعطاء نفس جديد للأسلاك والأجهزة التابعة لوزارته".

 


تعيين مرتبط بالظاهرتين

في المقابل، ربط مراقبون تعيين الغربي بتطورات ملف الهجرة غير النظامية، حيث تستمر واحدة من أكبر موجات المهاجرين نحو السواحل الإيطالية، مما يؤرق السلطات التونسية والأوروبية على حد سواء.
كما ربط مراقبون هذا التعيين بالاعتداء الذي استهدف كنيس الغريبة في جزيرة جربة، ونفذه عنصر أمن سابق وقضى إثره زائرين يهوديين ورجلي شرطة، بينما اتهم الرئيس قيس سعيد في تعليق على الحادثة، من وصفهم بأنهم "مجرمون" بالسعي إلى لأضرار بقطاع السياحة في البلاد.
ولم يصف سعيد الهجوم بالإرهابي على رغم أن أوساطاً سياسية ومسؤولين أجانب لم يترددوا في إدانته وإدراجه في خانة "معاداة السامية"، وهو أمر أزعج السلطات التونسية التي رفضت ذلك التصنيف.
وقال الباحث السياسي التونسي إبراهيم الوسلاتي إن "العميد الغربي أشرف على الفرقة المتخصصة بمقاومة الإرهاب في أكثر من مناسبة قبل عام 2011، وبعده، وهو كان وراء مقتل لقمان أبو صخر ومراد الغرسلي (القياديين بحركة عقبة بن نافع المتشددة التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) بالتالي له تجربة وخبرة في ميدان مقاومة الإرهاب وإذا تحدثنا عن الإرهاب فإن هذه الظاهرة مرتبطة بالتهريب أيضاً وليس تهريب السلع والبضائع، بل كذلك تهريب البشر والاتجار بهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الوسلاتي أن "تونس أصبحت المركز الأول للمهاجرين غير النظاميين، وللحرس الوطني التونسي باع وذراع، سواء في السابق أو الآن، في مكافحة تلك الظاهرة، وبرز دوره بشكل لافت في مقاومة الإرهاب وقدم العديد من عناصره في هذا المجال، بالتالي فإن تعيين الغربي مرتبط بأمرين، من جهة بعملية جربة والرجل لديه خبرة، ومن جهة أخرى بالهجرة غير النظامية، ناهيك بأنه شخصية محترمة عموماً من جانب زملائه الذين يشهدون له بالكفاءة، لذلك ربما يكون الشخص المناسب في المكان المناسب".
وقبل أيام، أعلنت السلطات التونسية إنقاذ واعتراض 14 ألفاً و406 مهاجرين غير نظاميين، بينهم 13 ألفاً و138 أفريقياً، والباقون تونسيون، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وهو رقم كبير دفع السلطات الإيطالية إلى التحرك لتكثيف التنسيق مع نظيرتها التونسية.
وتسود في تونس مخاوف متنامية من أزمة إنسانية، لا سيما في ظل ما تشهده محافظة صفاقس التي تملك أطول شريط ساحلي في البلاد يقدر بـ225 كيلومتراً، من تكدس لجثث المهاجرين الذين غرقوا في عرض البحر.


مراجعة الانتدابات الأمنية

ويأتي هذا التعيين في وقت تصاعدت فيه المطالبات بمراجعة الانتدابات التي تمت في المؤسسة الأمنية بعد انتفاضة 14 يناير (كانون الثاني) 2011، خصوصاً أن عديداً من الهجمات كان منفذوها عناصر أمن سابقين. ويعد الاعتداء الذي شهدته جربة في 10 مايو (أيار) الجاري ثاني هجوم يستهدف كنيس الغريبة الذي يزوره مئات اليهود من حول العالم سنوياً.
وفي عام 2002، شهد المعبد هجوماً بشاحنة ملغومة تسبب بمقتل 21 سائحا غربياً، تبناه تنظيم القاعدة الإرهابي ودفع السلطات التونسية إلى تبني إجراءات مشددة سنوياً خلال فترة الزيارة.
وقال الباحث إبراهيم الوسلاتي إن "المؤسسة الأمنية ضربت بعد عام 2011، وتمت شيطنتها بشكل كبير، ودائماً يتم توظيفها من قبل السلطة السياسية مهما كانت، سواء في عهد (الرئيس الأسبق زين العابدين) بن علي أو بعد عام 2011، خصوصاً من طرف حركة النهضة الإسلامية، بالتالي تطهير المؤسسة الأمنية، وهي مؤسسة سيادية، أصبح ضرورة".
ولفت الوسلاتي إلى أن "العفو العام أيضاً الذي تم إصداره في عام 2011 منح بعض الأشخاص الذين حملوا السلاح ضد الدولة تمتعوا بالعفو العام وتم دمجهم بالمؤسسة الأمنية، وهذا خطر حقيقي خصوصاً أننا نريد تكريس أمن جمهوري حقيقي، لكن التطهير الذي يتم الحديث عنه في وزارة الداخلية، والأصح أن نتحدث عن تنظيف، نتمنى أن يكون في إطار قواعد موضوعية مثل الكفاءة والولاء للوطن والعقيدة الأمنية وليس لأطراف بعينها، هذه معايير يجب أخذها بعين الاعتبار".
من جهته حذر علي الزرمديني من أن "الانتدابات الأمنية شهدت إخلالات كبيرة في العشرية الماضية، ويشكل الاستقطاب حلقة رئيسة في نشاط الجماعات الإرهابية، وهي لا تطمح لاستقطاب العناصر الجدد في الأسلاك الأمنية وحسب، بل تسعى حتى لاستمالة المتقاعدين الذين لهم تجربة كبيرة. تسعى الجماعات الإرهابية إلى انتداب كل الفئات، خصوصاً العناصر التي تدربت وتعتبرها جاهزة ولديها تجربة وخبرة عسكرية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات