حادثة هي أشبه بالنكتة أو الطرفة التي لا تُصدق، شهدتها مدينة النبطية في الجنوب اللبناني، مساء الأربعاء، تتمثل في إقدام صاحب مطعم ينتمي إلى حزب متشدد دينياً، على منع حفلة شعرية وفنية تحمل اسم الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش. أما السبب، فلم يكن سياسياً ولا أمنياً في ظل جو التوتر الذي يعيشه فلسطينيو المخيمات في لبنان، بل كان دينياً وبحسب "فتوى" أعلنها صاحب المطعم تقضي بتحريم "الطبلة" أو "الدربكة" واعتبارها أداة تثير الغرائز لدى الرجال والنساء. هدد صاحب المطعم الذي يملك نفوذاً في المنطقة، الفرقة العازفة ومنظمي الحفلة وطلب منهم التوقف عن العزف والغناء وقراءة شعر محمود درويش، بعد نصف ساعة على بدء الأمسية. أذعن الجميع للتهديد، خصوصاً أنه آتٍ من رجل حزبي، فأوقفوا الحفلة وتفرقوا وسط اعتراض الجمهور الذي جاء يستمع إلى شعر درويش مقروءاً ومغنى، وإلى قصائده التي لحنها وغناها الفنان مارسيل خليفة ومنها "جواز السفر" و"أمي" و"أحمد العربي" وسواها. وكان "ديوان الأدب" في النبطية هو من نظم الحفلة ودعا إليها واتفق مع صاحب المطعم لإحيائها. وافق صاحب المطعم وفي ظنه أن الحفلة شعرية ولا غناء فيها ولا موسيقى، لكنه فوجئ بالفرقة الموسيقية تعزف على آلات شرقية ومنها الطبلة، فقامت قيامته ومنع الحفلة، مهدداً الفرقة والمنظمين. فالطبلة برأيه تسيء إلى الدين وتثير الغرائز وهي محرمة شرعاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد انسحاب الفرقة والجمهور خوفاً من أي مواجهة، علّق عازف الطبلة ويُدعى مصطفى طعان، على المنع مستغرباً ومستهجناً، وعبّر في تصريح تلفزيوني له، أنها المرة الأولى التي تُمنع الطبلة في لبنان، بينما هي منتشرة في كل الفرق الشرقية، وتمثل نقطة مركزية في لعبة العزف الشرقي والأغنيات الطربية. واستنكر رئيس "ديوان الأدب" نظام إبراهيم هذا الفعل الظلامي كما وصفه، في تصريح تلفزيوني أيضاً، وقال إن الطبلة آلة موسيقية عريقة ومعروفة في التراث الموسيقي العربي.
سألت "اندبندنت عربية" مرجعاً دينياً طلب عدم ذكر اسمه، عن الطبلة وإذا كانت محرّمة دينياً، فأفاد بأنها محرّمة فقط في حفلات الفسق والفجور التي تسيء إلى الإنسان وأخلاقه. أما في حفلات الطرب والموسيقى الشعبية، فهي ليست محرّمة دينياً بتاتاً.
وما أن تسرب الخبر حتى اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي مستنكرةً وشاجبةً هذا المنع وداعيةً إلى رفض مثل هذه القرارات الظلامية. ودعا بعضهم إلى احترام الشاعر محمود درويش الرمز العربي الكبير. وربط بعض المعلقين بين منع حفلة "مشروع ليلى" في جبيل ومنع حفلة النبطية، معتبراً أن موجة "داعشية" تسود لبنان ثقافياً وفنياً.