ملخص
بلمسته الرقيقة وغير الوعظية لمواضيع اجتماعية ومشاهد غرف النوم الإغرائية، يأتي مسلسل "الملكة شارلوت" ليقدم كل ما قد يرغب فيه عشاق "بريدجيرتون"
هل الحب قوي بما فيه الكفاية لتوحيد مجتمع منقسم؟ في عالم "بريدجيرتون" Bridgerton الجواب هو "نعم" مدوية – وذلك بغض النظر عن كل الأدلة التي تشير إلى أن الجواب، في العالم الواقعي، هو "كلا". لكن بالنسبة إلى عمل درامي رومانسي يشكل فكرة عذبة لا تخلو من البساطة.
ومع احتلال موسمي "بريدجيرتون" الأولين موقعين من أصل ثلاثة في صدارة قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة من إنتاجات "نتفليكس" باللغة الإنجليزية بكل الأوقات، فإن التوسع في إنتاج العمل كان مجرد مسألة وقت. "الملكة شارلوت" Queen Charlotte هو المحاولة الأولى لــشوندا رايمس [كاتبة أعمال تلفزيونية ومنتجة] في البناء على النجاح الغامر لعرض يستحضر الحقبة الريجينسية (Regency) [أو عهد الوصاية على العرش البريطاني ويوافق بشكل تقريبي الأعوام 1795-1837].
والعمل، باعتباره "بريكويل" [فيلم أو مسلسل جديد يتناول أحداث سبقت الجزء السابق له]، يستكشف صعود الملكة القرينة إلى سلطة عرش الأسرة الملكية البريطانية والمجتمع كامرأة سوداء من وراء البحار (فكرة جديدة بامتياز!). وقبل أن يتسنى للمنتقدين رفع أصابعهم للتغريد حتى، ولإبداء اعتراضهم على استخدام العرض واستغلاله حق الإبداع، فإن صوت الليدي ويسلداون، السيدة الرشيدة ابنة علية القوم، يسبقهم ويفتتح المسلسل. "إنها قصة الملكة شارلوت من عائلة بريدجيرتون"، يعلن صوت ويسلداون (الذي تؤديه جولي أندروز). ويتابع الصوت: "هذا ليس درساً في التاريخ، بل قصة خيالية مستلهمة من الواقع". وهنا ينبغي تحذير هواة التاريخ بأن المسلسل يأخذ المشاهدين بعيداً في قصته الباذخة والغنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تلعب إنديا آمارتيفيو دور شارلوت الشابة، فيما تعود غولدا روشيفيل من مسلسل بريدجيرتون لتظهر مؤدية دورها بسن أكبر في مجموعة مشاهد استشرافية (تتخيل المستقبل) ضمن المسلسل. ومثل من أدت الدور قبلها، تقوم آمارتيفيو بتقديم شارلوت بملامح وحركات متعجرفة ومزعجة من المسلي جداً مشاهدتها بما فيها إيحاءات الانزعاج وضبط المشاعر. وتروي القصة أنه بعمر لا يزيد على "الـ17" أرسلت (شارلوت) بحراً من ألمانيا إلى إنجلترا كي تتزوج الملك البريطاني الشاب المتوج حديثاً، جورج الثالث (يؤدي دوره كوري ميلكريست). ويمكن القول من دون تردد إنها لم تُسرّ بقرار شقيقها، وولي أمرها، القاضي بتزويجها. وخلال الرحلة إلى القصر تفكر غرز نفسها وسط مشدها للحؤول من قدر الزواج الذي ينتظرها ما دامت قادرة على ذلك.
وتقول شاكية: "لا أحد ممن هم مثلك أو مثلي سبق وتزوج بأحد أولئك الناس". ذاك تفصيل لم يغفله بلاط الملك الذي لا يبذل أي محاولة لإخفاء تفاجئه إزاء "سواد" من ستغدو ملكة عما قريب. حتى إن الأميرة الأرملة، والدة جورج (ميشيل فيرلاي التي أدت الدور بامتياز بفضل سلاطة لسانها)، خلال اجتماعهم الأول، تقوم بفرك خد شارلوت كي ترى إن كان اللون سينتقل إلى أصابعها. إلى هذا، ولأن لا أحد يُعلِمها بأي مقدمات مفيدة عن العريس الذي ينتظرها، تتخوف شارلوت من الأسوأ.
لكن عندما تلتقي بــجورج في اللحظة التي تشكل فرصتها الأخيرة للهرب، تتبدد مخاوف شارلوت بسرعة، إذ بدل الغول الذي توقعت لقاءه وتخوفت منه، يبدو شريكها الجديد وسيماً في الحقيقة. وكما تسير الأمور عادة في أعمال شوندا رايمس (مثلاً "فضيحة" Scandal و"تشريح غراي" Gray’s Anatomy) يأتي لقاء الشريكان الجديدان الأول واعداً جداً، تتخلله نظرات الإعجاب المتبادلة. اللقطات المستقبلية تجعل المشاهد يدرك أن حباً حقيقياً واحتراماً متبادلاً سيزهر ما بين الشريكين في نهاية المطاف – لكن بعد العرس بفترة قليلة يبدو واضحاً أن درب الحب بينهما لن يكون سهلاً.
ويقوم القصر في الأثناء بنسج الاندماج العائلي وتحويله إلى أمر بوسع البلاد كلها التعلم منه، مانحاً الشرف والاحترام لأفراد المجتمع من غير البيض. وفي هذا السياق تنتاب الحماسة على نحو خاص الشابة الليدي دانبوري (تؤدي دورها أرسينا توماس) جراء تلك التطورات، فتقرر التأكد من حصول تغييرات فعلية وليس فقط كلامية، بالنسبة إلى سكان لندن الملونين في العقد الثامن من القرن الـ18. ومثلما فعلت آدجوا آندو في أدائها دور ليدي دانبور المتقدمة في السن، تتمكن توماس من خطف الأضواء بأدائها الحاذق والذكي والماكر.
بمقاطعه الكلاسيكية المتضمنة بوفرة موسيقى وفنون البوب، ومشاهد غرف النوم الإغرائية، يأتي "الملكة شارلوت" ليقدم كل ما قد يرغب فيه عشاق [مسلسل] "بريدجيرتون"، وذلك بلمسات نقد اجتماعي تبدو منعشة وغير وعظية. لذا إن اعتبرنا هذا المسلسل معياراً، فإن تراث "بريدجيرتون" سيتابع تصدره قائمة المشاهدة في "نتفليكس" – والسبب منطقي جداً.
© The Independent