ملخص
عملت أنقرة على وقف الدعاية المكثفة ضد مصر من وسائل الإعلام وقنوات الإخوان ضمن إطار التقارب مع القاهرة منذ 2021، فما مصير قيادات وأعضاء الجماعة في إسطنبول؟
أثار رفض الحكومة التركية منح الجنسية والإقامة للداعية المصري وجدي غنيم، الموالي للإخوان المسلمين، على غرار ما سبق أن فعله المصريون بقادة التنظيم وأعضائه في ظل التقارب التركي - المصري وإعادة تعيين السفراء، تساؤلات حول مستقبل الإخوان في إسطنبول.
وجدي غنيم ظهر في تسجيل مصور نشره على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إنه سعيد بفوز الرئيس رجب طيب أردوغان بالانتخابات، لكنه حزين بسبب رفض السلطات التركية طلبه في الحصول على الجنسية الذي تقدم به منذ تسعة أعوام.
وأضاف أن "السلطات التركية رفضت تصريح الإقامة الذي طلبته على أمل أن أتحرك بحرية وأن أتلقى العلاج، لكنني لن أتمكن من العيش هناك بعد الآن"، موضحاً أنه يبحث عن بلد جديد ليعيش فيه.
بحسب مصادر مقربة من الإخوان فإن رفض الحكومة التركية منح غنيم طلب الجنسية وتصريح الإقامة لا يتعلق فقط بالتقارب التركي - المصري وإعادة العلاقات كما كانت قبل 2013، وإنما يتعلق أيضاً بأسباب أخرى، منها علاقة غنيم بالمشكلات.
شخصيات مثيرة للجدل
المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب أحمد سلطان يقول إن "أنقرة ترى أن غنيم شخصية مثيرة للجدل ومزعجة"، مشيراً إلى أن السلطات التركية تجري تغييرات جذرية بين الحين والآخر ضد وجود الإخوان على أراضيها.
ويضيف "وضع قادة الإخوان في تركيا لم يعد كما كان، فهناك قادة حصلوا على الجنسية وآخرون حصلوا على تصاريح إقامة بدلاً من ذلك وفريق ثالث حصل على تصاريح إقامة إنسانية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة في مصر عمرو عبدالمنعم، فيقول إن بعض أعضاء جماعة الإخوان في تركيا تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية وتصريح الإقامة منذ فترة، وحصل عدد من القادة والإعلاميين الموالين للإخوان على الجنسية، فيما تأخرت طلبات بعضهم، وعلى رغم أنهم قدموا طلبات جديدة فإن السلطات رفضت كثيراً منها مثل وجدي غنيم وعماد البحيري وأحمد عبده وهاشم أبو خليل وهشام عبدالله والإعلامي الموالي للإخوان حسام الغمري الذي تم ترحيله في فبراير (شباط) الماضي بسبب ما اعتبرته أنقرة "إهانة لمصر"، موضحاً أن سبب رفض الحكومة التركية لهؤلاء الأشخاص هو أن بعضهم متهم بالعنف في مصر وبعضهم يعمل ضد مصالح تركيا.
بحسب مصادر مطلعة فإن وجدي غنيم الملقب بـ"خطيب الإخوان" أثار أزمة دبلوماسية بين تركيا وتونس عام 2017 عندما انتقد البرلمان التونسي والرئيس التونسي آنذاك قايد السبسي في مقطع مصور نشره على "يوتيوب"، إذ تسبب في ذلك الوقت في توتر بين تركيا وتونس، واستدعت وزارة الخارجية التونسية السفير التركي عمر فاروق دوغان للاحتجاج، كما أعلن السفير أن أنقرة قررت اتخاذ إجراءات قانونية ضد غنيم بعد هجومه "غير المقبول" على الرئيس السبسي وبعض المؤسسات في البلاد، وعام 2019 قررت الحكومة التونسية منع وجدي غنيم من دخول أراضيها.
نحو إعادة العلاقات
عام 2017 حكمت محكمة مصرية على وجدي غنيم وبعض أعضاء الإخوان بالإعدام بعد إدانتهم بإنشاء ما يسمى "خلية وجدي غنيم" للقيام بأعمال إرهابية في مصر، وحددت النيابة العامة المصرية التهم الموجهة إلى غنيم وآخرين على النحو التالي "في الفترة ما بين 2013 وأكتوبر (تشرين الأول) 2015 تم تشكيل جماعة بشكل غير قانوني لعرقلة أحكام الدستور والقوانين وأنشطة مؤسسات الدولة والهيئات العامة، والاعتداء على الأفراد وحرية المواطنين بهدف الإضرار بالوحدة والسلم الاجتماعي".
خلال الأشهر الماضية قطعت تركيا ومصر خطوات كبيرة في عملية إعادة العلاقات بينهما، والإثنين الماضي أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهنئته بفوزه في الانتخابات الرئاسية التركية واتفقا على "رفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء".
في فبراير الماضي اتصل السيسي هاتفياً بأردوغان تضامناً مع أنقرة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا، وكل ذلك عقب المصافحة بين الرئيسين خلال المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر نهاية العام الماضي.
مستقبل في خطر
أما في خصوص تأثير التقارب بين أنقرة والقاهرة في مستقبل أعضاء الإخوان بتركيا وتخفيف الانتقادات الإعلامية للإخوان ضد مصر وعدم تسليط الضوء على أنشطة عناصر الإخوان في تركيا، خصوصاً المدانين بقضايا عنف في المحاكم المصرية، فيقول أحمد سلطان إن من المتوقع تحذير قادة الإخوان وأن تفرض تركيا قيوداً على الجنسية وتصاريح الإقامة لأعضاء الإخوان وتراجع شرعية الجنسية السابقة التي حصل عليها أعضاء التنظيم، مشيراً إلى أن رفع العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة وقرار تعيين سفراء زاد من مخاوف الإخوان في شأن مستقبل وجودهم في إسطنبول، بحيث بدأ بعضهم يفكر في اللجوء إلى بلدان أخرى، بينما يتوقع آخرون أنهم سيعملون في سرية سياسية داخل تركيا لبعض الوقت.
من جهة أخرى عملت أنقرة على وقف الدعاية المكثفة ضد السيسي من جانب وسائل الإعلام وقنوات الإخوان في إطار التقارب مع القاهرة منذ 2021، كما أعلنت قناة "مكملين" الفضائية، إحدى القنوات الثلاث التابعة لجماعة الإخوان التي تبث من إسطنبول في نهاية أبريل (نيسان) 2021 أنها ستوقف بثها نهائياً من تركيا، كما دعت السلطات التركية إلى "وقف البث من أراضيها بشكل كامل، أو وقف البث الاستفزازي ضد مصر من قبل القنوات الموالية للإخوان ("الشرق" و"مكملين" و"وطن") التي تسهم في بث الفتنة ضد مصر"، وجاء ذلك بسبب عدم الامتثال لـ"اتفاق أخلاقيات الإعلام" المعمول به في تركيا.
نقلا عن اندبندنت تركية