Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخيم الهول شمس "داعش" الباردة

محاكمات دولية لسجناء التنظيم خطوة مهمة تأميناً لسوريا والعراق

مخاطر داعشية تبدو جاثمة ليس على صدور السوريين والعراقيين فحسب بل العالم بأسره (أ ف ب)

ملخص

لا يمكن تبديد الخوف من "داعش" والجماعات المتشددة وإزالة خطرها من غير تكاتف عالمي، ومن هنا تتزايد مطالب إنشاء محكمة دولية لمحاكمة عناصر التنظيم

إرث ثقيل وبقعة صغيرة تحمل آثام تسع سنوات مضت من الإجرام الداعشي على الخريطة السورية. هنا مخيم الهول، حيث بقايا آكلي لحوم البشر بدم بارد، والقنبلة الموقوتة التي يخشى التحالف الدولي انفجارها في وجهه.

منذ تأسيسه عام 2014، يواصل التحالف الدولي لمكافحة "داعش" عمله على رغم سقوط ما يسمى دولة التنظيم الإرهابي في مارس (آذار) عام 2019، بعد إلحاق الهزيمة بآخر معاقله في قرية الباغوز بريف دير الزور الشرقي، شرق سوريا.

مخاطر داعشية تبدو جاثمة ليس على صدور السوريين والعراقيين فحسب، بل العالم بأسره، والذي يسعى اليوم إلى وأد فلول التنظيم وخلاياه المتوزعة وسط وأطراف بادية واسعة الامتداد قبل عودته للواجهة أو الولادة الجديدة، مستفيداً من شبكات اتصالاته الواسعة، وما يمتلكه من أذرع وفروع خفية تتوغل بالبلدان الأوروبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودون أي لبس لا يمكن تبديد الخوف من الجماعات المتشددة وإزالة خطرها من غير تكاتف عالمي، ولعل هذا ما دفع وزراء خارجية دول التحالف الدولي لهزيمة "داعش"، في اجتماعهم الأخير بالعاصمة السعودية (الرياض)، الخميس الماضي، إلى إعلان زيادة عدد الأعضاء إلى 86 عضواً بعد دخول جمهورية توغو كرغبة لحشد الجهود، وتوسيع النطاق الجغرافي لعمليات مكافحة التنظيم نحو أفريقيا وأفغانستان.

أهوال المخيم

وإزاء ذلك صوب المجتمع الدولي أنظاره نحو اجتماع التحالف الأخير، وما يدور داخل أخطر مخيم في العالم "الهول" الواقع على الحدود الشرقية بين سوريا والعراق، وفيه تقبع عائلات تنظيم "داعش"، ومعظمهم من النساء والأطفال.

وقال الناشط السياسي السوري أحمد الشيخ في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن مخيم الهول يتعدى كونه تجمعاً سكانياً أو موقع احتجاز، بل يمكن وصفه بـ"القنبلة الموقوتة" القابلة للانفجار في أي وقت. وأضاف "يعيش عشرات الآلاف من المعتقلين في هذه الرقعة الصغيرة، مع وجود آلاف الأجانب من مختلف أنحاء العالم، والحذر الآن من انفجار هذا المخيم مع مرور الوقت، وهنا نحن أمام جيش داعشي جديد يمتلك شيئاً أخطر من السلاح، وهي العقيدة التي يعيش لأجلها، ويقاتل لأجلها دون هوادة".

 

 

ولفت النظر إلى ما يرزح به المخيم منذ عام 2019 كتدني مستوى التعليم والصحة والنظافة، مرجعاً ذلك إلى نقص الكوادر البشرية، إذ يقدر عدد الموجودين فيه بـ56 ألف امرأة وفتاة وشاب لا يزالون في مخيمي الهول والروج بينهم 37 ألف أجنبي، بحسب ما أفادت به مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، فيونوالا ني أولين في إحاطة للجنة حقوق الطفل أواخر مارس (آذار) الماضي.

وذكرت المقررة الأممية "يوجد أكثر من 850 فتى آخر حرموا من حريتهم في السجون ومراكز الاحتجاز الأخرى بجميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك ما يسمى مراكز إعادة التأهيل، حيث يدخل عديد من الأطفال الآن عامهم الخامس من الاحتجاز في شمال شرقي سوريا عندما احتجزتهم سلطات الأمر الواقع بعد سقوط الباغوز، وحان الوقت لإعادتهم إلى ديارهم".

خطوة جريئة

في مقابل ذلك، اتخذت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أمس السبت، خطوة وصفت "بالجريئة"، بعد يومين من انتهاء اجتماع قوى التحالف الدولي بالرياض تمثلت بإعلانها محاكمة 10 آلاف مقاتل من أفراد تنظيم "داعش" المحتجزين لديها.

وبحسب بيان لـ"الإدارة الذاتية" فإن الإجراء يأتي "بعد فشل المجتمع الدولي في الاستجابة لنداءات ومناشدات الإدارة للدول واستقبال مواطنيها"، مطالبة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ذات الصلة بالمشاركة بشكل إيجابي والحضور وتقديم الدعم خلال جميع مراحل المحاكمات.

ولا يعني هذا القرار، وفقاً للبيان، عدول الإدارة عن رأيها في ضرورة إنشاء محكمة دولية أو محكمة ذات طابع دولي خاص بملف "داعش". وهنا يرى الناشط السياسي السوري أن هذا الإجراء يأتي بعد أن فرغ صبر القائمين على أكثر السجون خطورة بعد كل هذه السنوات، وهواجس إفلات هؤلاء، لا سيما في حال نشوب أي معركة مقبلة مع تركيا، حيث من المتوقع تدخل مجموعات من الدواعش لتحرير قادة وأفراد من الصف الأول، كما حدث في سجن الصناعة في مدينة الحسكة.

 

 

وحذر قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي (ستتكوم)، مايكل كوريلا من مقاتلي تنظيم "داعش" المحتجزين في سوريا والعراق، بوصفهم "جيشاً حقيقياً قيد الاعتقال"، وفي حال تحريرهم سيشكلون تهديداً كبيراً. وقدر مجلس الأمن الدولي وجود سبعة آلاف من تنظيم "داعش" نصفهم مقاتلون، بالتوازي مع عمليات خاطفة لقوات التحالف اعتقلت وأجهزت على عدد من القادة خلال الفترة الماضية، ومن أبرزهم أبو حسين القرشي.

اللافت للنظر تقاعس دول العالم من إرجاع رعاياها في السجون والمخيمات وكل ما يمت نحو أفراد التنظيم بصلة منذ سقوط "داعش". ودعا وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان الدول إلى تحمل مسؤوليتها من عدم إعادة رعاياها، بينما أشاد نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بخطوة بعض الدول الأجنبية التي استعادت رعاياها، معتبراً أن الأمر يقلص من سكان المخيمات، والتي تضم 10 آلاف أجنبي من 60 جنسية.

في المقابل، جدد البيان المشارك لوزراء خارجية دول التحالف تأكيد أهمية إيجاد حلول دائمة للسكان في شمال شرقي سوريا، بما في ذلك ضمان إيواء إرهابيي "داعش" المحتجزين في سوريا بشكل آمن وإنساني، وتحسين الظروف الأمنية ووصول المساعدات الإنسانية لأفراد أسرهم المقيمين في مخيمي الهول والروج. كما وعد التحالف بالمساهمة بشكل أفضل في الحاجات الأساسية المستمرة الإنسانية ومساعدة إعادة الإدماج للعائدين والتدابير الأمنية، وتحقيق الاستقرار للمجتمعات المحررة من "داعش" في جميع أنحاء شمال شرقي البلاد، ودعم تسوية سياسية دائمة تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2254 ودعم الاستقرار في المناطق المحررة من "داعش" والدفع بجهود المصالحة، وإعادة الإدماج لتعزيز الظروف المواتية لتحقيق حل سياسي للنزاع.

وأمام كل ذلك يمكن توقع إجراءات وخطوات اتجاه "داعش" بعد انتهاء اجتماعات التحالف الدولي، فخطر الجماعات المتشددة لا يتوقف وقد تتبدل صوره مع الوقت، كما أنه عابر للقارات مع تطور وسائل التواصل وأدواتها المتاحة للجميع، في حين ينظر المتابعون إلى "الهول" بكونه قنبلة موقوتة على وشكل الانفجار، ويجب صب الجهود لتفكيكها قبل فوات الأوان.

المزيد من تقارير