ملخص
مع الأولاد وحر الصيف، ستكونون في موقف صعب سواء قمتم ببعض الأمور أو لم تقوموا بها
ليس التنقل بالقطار هو أسوأ أمر، مع أن السفر على متن قطار الأنفاق في لندن خلال موجة الحر يبدو أشبه بحجز تذكرة ذهاب من دون رجعة إلى جهنم أو إلى جحيم دانتي (Dante’s Inferno القصيدة الملحمية التي ألفها دانتي أليغييري في القرن الـ14)، حيث يعلو صراخ الملاعين (المحكوم عليهم باللعنة) وصيحاتهم وبكاؤهم من حولكم (فضلاً عن ذلك الرجل السكير الذي يجلس إلى جانبك والذي يحاول مراراً لمس ساقك).
ولا أعني العمل أيضاً، مع أنه بحلول منتصف الظهيرة يتحول تكييف الهواء إلى ما يشبه الحساء الساخن فيما يبدأ القميص ذو الأكمام الطويلة الذي ترتديه لتحافظ على مظهر "المحترف" بالالتصاق بظهرك بطريقة مزعجة ومعها تنهار لائحة الأمور التي وعدت مديرك بالقيام بها قبل حلول وقت الغداء.
ولا أعني التوجه إلى وسط المدينة التي ستكون حتماً لندن بالنسبة لي، على رغم أن محاولة التقدم عبر الحشود هو أمر مضنٍ ومرهق. وأن تكون محاطاً بأجساد ساخنة وكسولة (هل لاحظ أحد غيري البطء الذي يسير به الأشخاص عندما تضرب موجة حر؟) بوسعه أن يشعرك بالاختناق والغضب والحنق. يبدو الأمر مشابهاً لكابوس أو أحد تلك الأحلام التي مهما حاولت السير فيها بخطى متسارعة، تقوم قدماك بجرك إلى الوراء أو أن تصبح متجذراً في المكان من دون حراك كالخوض في الدبق اللزج الذي لا خروج منه، كما في المسلسل الدرامي "أشياء غريبة" Stranger Things.
وفيما نتطرق إلى موضوع الأجسام، تستحضرني ملاحظة هامشية: من المثير للاهتمام كيف أنه ما إن ترتفع حرارة الطقس، حتى يتوقف الجميع عن المبالاة [بشكل أجسادهم]. فجأة تصبح البشرة ساحة معركة مفتوحة وتزخر الطرقات بأجساد مليئة بالندوب والشامات المخفية والوشوم والثقوب (لوضع الأقراط). وتبدأون برؤية وجوه غير مألوفة عن قرب بشكل غير متوقع لأننا نقوم بعمل جيد في تغطية أنفسنا خلال أي وقت آخر من العام، أليس كذلك؟ ولكن بعدها، تطل الشمس بأشعتها ومن ثم نبدأ برؤية أجزاء من أجسام بعضنا بعضاً لم يسبق أن شاركناها مع أقرب المقربين أو خارج أي إطار آخر من المواقف الحارة. ربما يكون الأمر صدمة وامتياز في آن معاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا شك في أن كل من يعرفني سيعلم أنني من أشد المعجبين بالقفطان [ثوب طويل] caftan وكلما كان أوسع وأكبر حجماً كلما كان ذلك أفضل. أحب التجول وأنا أرتدي قفطاناً من موديل السبعينيات في معظم الأيام (تلك التي لا أرتدي فيها رداء من العصر الفيكتوري للعمل من المنزل). ولكن في الأيام التي تسجل فيها الحرارة 30 درجة، كما أشارت التوقعات الجهنمية، أذهب لتوصيل أولادي إلى المدرسة بقطعة علوية من لباس السباحة التي أنسقها مع شورت قصير ولا أفكر في الأمر مرتين قبل الخروج. في الواقع، مع إطلاق تحذيرات عدة من موجة حر تطاول أجزاء كبيرة من إنجلترا وتوقع أن ترتفع الحرارة إلى أكثر من 34 درجة في بعض المناطق، وهو ما قد يجعل منه اليوم الأكثر حراً هذا العام حتى الآن، سأقوم بارتداء تلك الملابس وسألوح بفرح لناظر المدرسة السيد بوب فيما أتجاوز البوابة مروراً بالقرب منه.
وهنا أصل في نهاية المطاف إلى استنتاجي الحتمي المدمر للروح: أسوأ ما يمكن فعله خلال موجة الحر من دون استثناء؟ إنه استضافة يوم لعب للأولاد.
نعم، بعد المدرسة لن يكون علي كالعادة إطعام ولدي وتسليتهما، بل سأكون مسؤولة عن أربعة أولاد (صديق لكل من ولدي) ويطلبون كلهم في آن معاً الحصول على المثلجات أو على فرصة للعب في الخارج (وهذا أمر سيترافق كما يدرك أي أهل مع المهمة البشعة التي لا تطاق والمتمثلة في استخدام الكريم الواقي من الشمس وهي مهمة أشبه بالقيام بمنح قطك الأليف حماماً مهدئاً). سيريد الأولاد التخلص من ملابسهم قدر الإمكان خلال خمس دقائق من دخولهم المنزل وهو دائماً أمر غريب عندما تستضيف أولاد عائلة أخرى للمرة الأولى، كما يحصل معي اليوم، هذا ولم تتعرفوا إلى أهلهم بعد.
مع الأولاد وحر الصيف، ستكونون في موقف صعب سواء قمتم ببعض الأمور أو لم تقوموا بها. ستعانون في الحالين: الجو حار للغاية للجلوس في الداخل ومشاهدة فيلم (كم أشتاق لبطانيات الشتاء والأيام التي نقضيها في السرير) والجو حار أيضاً للخروج من دون مخاطرة الإصابة بحروق ناجمة عن الشمس، وإن كان لديكم أولاد صغار، ولكنكم لا تملكون حديقة وتريدون الخروج، فهذا يعني حتماً أنه ستتوجب عليكم مرافقة أربعة أولاد تحت سن العاشرة على متن حافلة إلى حديقة اللعب المحلية.
هناك، سرعان ما ستشعرون بحرارة قدميكم ترتفع على الأسفلت فيما يواجه الأولاد الذين يفترض بكم الاعتناء بهم والتأكد أنهم بمأمن من الأذى، خطر الإصابة بحروق من الدرجة الثالثة من خلال التسابق للنزول على الزلاقة (من الشخص الذي فكر بصنع زلاقات من الحديد في حدائق الأولاد؟). وسيتشاجرون إلى ما لا نهاية ونحن ننتظر في الطابور للحصول على المثلجات وهو أمر سيجعلك تعلن إفلاسك بحد ذاته، سيكلفك ذلك 3.50 جنيه استرليني (4.4 دولار) مقابل القطعة الواحدة من مثلجات "مستر ويبي" Mr Whippy هذه الأيام (أرشدوني إلى أولياء أمور لا يكرهون الموسيقى الرنانة لعربة المثلجات وسأثبت لكم بأنهم يكذبون).
ومن ثم سيقوم أحد الأولاد بإسقاط المثلجات على الأرض وستبدأ المغامرة برمتها من جديد باستثناء أنكم الآن أصبحتم من دون نقود (لأن عربة المثلجات اللعينة لا تأخذ سوى الأوراق النقدية التي لم يعد أحد يملكها بوفرة في هذه الأيام).
وفي حال تسنى لكم تجاوز الطابور والعودة لحديقة اللعب أو إذا حالفكم الحظ بالذهاب إلى العشب الأخضر خارج متنزه اللعب، فستجدون أنفسكم محملين كجمل الصحراء بقوارير المياه والوجبات الخفيفة وقبعات البيسبول والملابس الواقية من الشمس وهي أمتعة ستضيعونها في ما بعد وسيتحتم عليكم أن تشرحوا لأولياء الأمور الآخرين الذين لم تتعرفوا إليهم بعد أنكم لستم عديمي المسؤولية، بل تشعرون بالحر فحسب.
يبدو أن الفتاة التي تحتفل طوال الوقت خلال الصيف هي الموضة الرائجة حالياً (Feral girl summer) - هو أسلوب انتشر على "تيك توك" ويجسد الفتاة المستقلة غير المبالية التي لا تهدأ - ولكن إن كان لديكم أولاد فأنتم كذلك منذ أول يوم. يستحيل أن تكونوا غير ذلك وحتماً ليس خلال موجة الحر!
© The Independent