Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تودع "الاجتهاد" بإعلان ثالث مشاريع منظومة التشريعات

إطلاق نظام المعاملات المدنية لتنظيم العلاقة بين الأفراد وقانونيون يشيدون بقدرته على تعزيز الشفافية وجذب الاستثمار

مقر وزارة العدل السعودية بالعاصمة الرياض   (واس)

ملخص

أطلق ولي العهد السعودي نظام المعاملات المدنية لحماية الملكية واستقرار العقود وحجيتها وتحديد مصادر الحقوق والالتزامات وآثارها ووضوح المراكز القانونية مما ينعكس إيجاباً على مناخ الاستثمار بالبلاد 

ضمن سلسلة تطوير البيئة التشريعية التي تعمل عليها السعودية منذ أكثر من ثلاثة أعوام لإكمال تدوين نظامها القانوني وحفظ الحقوق وترسيخ مبادئ العدالة، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، ثالث مشاريع منظومة التشريعات المتخصصة باسم "نظام المعاملات المدنية".

ويشمل النظام أحكاماً تحدد جميع ما يتعلق بالعقود من أركانها وحجيتها وآثارها بين المتعاقدين، والأحكام المتعلقة ببطلانها وفسخها وأحكام الفعل الضار وقواعد التعويض عنه، فيما تعول الجهات القانونية في السعودية على أن يساعد النظام الجديد في تنظيم العلاقة بين الأفراد أثناء معاملاتهم والحد من حالات المنازعات بينهم، وتقليل أمد الفصل في الخصومات وتوفير البيئة العدلية للمواطنين والمقيمين في البلاد وتهيئة البيئة الاقتصادية للمستثمرين.

وقال الأمير محمد بن سلمان إن "نظام المعاملات المدنية يمثل نقلة كبرى منتظرة ضمن منظومة التشريعات المتخصصة، وقد روعي في إعداده الاستفادة من أحدث الاتجاهات القانونية وأفضل الممارسات القضائية الدولية، في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وأتى منسجماً مع التزامات الرياض الدولية في ضوء الاتفاقات التي صدقت عليها، بما يحقق مواكبة مستجدات الحياة المعاصرة".

الاختلافات في فقه المعاملات

وأوضح المحامي نايف آل منسي أن نظام المعاملات المدنية يختص بـ "فقه المعاملات"، وهو الذي ينظم كل المعاملات المدنية بين الناس في إبرام العقود.

وعن آلية العمل السابقة أشار آل منسي إلى أن "الأحكام في المعاملات المدنية كانت في السابق تؤخذ مباشرة من كتب الفقه الإسلامي، وهي تعج بالاختلافات والآراء المتباينة لأن القضية الواحدة قد تعرض على قاضيين، فيحكم فيها كل واحد منهما برأي خلاف الآخر بحسب الراجح له، فنكون أمام اختلافات بالأحكام في قضايا متشابهة".

وأضاف أن "وضوح النظام سيورث جانباً من الاطمئنان النفسي لطرفي النزاع بالحكم الصادر في قضيتهما كونه لم يصدر عن اجتهاد القاضي أو وفق رأيه الراجح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن خطوات التعديل في الأنظمة القضائية في السعودية لا تتوقف، إذ أعلنت البلاد تشريعات سابقة لنظام الأحوال الشخصية الذي سيسري العمل به في الـ 28 من يونيو (حزيران) الجاري، ونظام الإثبات الذي سيبدأ سريانه خلال يوليو (تموز) المقبل.

ويرى آل منسي إن "التشريعات المعلنة ستكون النواة التي سيعمل عليها القضاء في المستقبل، وستسهم في تقليص مساحة الاجتهاد الشخصي إلى خمسة في المئة، وبذلك سيختفي تفاوت الأحكام الذي كان سائداً في وقت سابق، وستتغير طبيعة المعاملات بين الأفراد والكيانات وستكون أكثر تنظيماً".

العدالة الناجزة

من جهته اعتبر رئيس مجلس إدارة جمعية المحامين التعاونية المستشار القانوني محمد العزي أن النظام "أحد المؤثرات الرئيسة في المجال العدلي والقطاع الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "عمل لجان العدالة الوقائية سيتسارع ويصبح الأمر مكتوباً ومعلوماً والاحتكام إليه أيسر وأظهر، وحينما تجتمع القوانين في نظام واحد فإنها تسهل على المتقاضين، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين أو مستثمرين، معرفة حقوقهم وما عليهم من واجبات".

وكان ولي العهد السعودي ذكر عقب الإعلان إن نظام المعاملات المدنية جاء منطلقاً من أسس تتمثل في حماية الملكية واستقرار العقود وحجيتها، وتحديد مصادر الحقوق والالتزامات وآثارها، ووضوح المراكز القانونية، مما ينعكس إيجاباً على مناخ الاستثمار ويزيد جاذبيتها، ويسهم أيضاً في تنظيم الحركة الاقتصادية واستقرار الحقوق المالية وتسهيل اتخاذ القرارات الاستثمارية، إضافة إلى تعزيز الشفافية وزيادة القدرة على التنبؤ بالأحكام في مجال المعاملات المدنية، والحد من التباين في الاجتهاد القضائي وصولاً إلى العدالة الناجزة، والإسهام كذلك بالحد من المنازعات.

وأكد المستشار القانوني عادل عبدالمحسن البراهيم أن النظام بمثابة "تأطير لفقه المعاملات الذي تناوله الفقهاء المسلمون عبر الأزمنة، وروعي فيه أحدث الاتجاهات القانونية والممارسات القضائية الدولية، فحياة المواطن والمقيم تدور في فلك معاملات مع الآخرين مع مختلف أنواعها، ولذلك ينطلق من أسس حماية الملكية واستقرار العقود وحجيتها، وتحديد مصادر الحقوق والالتزامات وأثرها في الأفراد بشخوصهم الطبيعية أو الكيانات الاعتبارية، ويوضح مراكزهم القانونية بكل دقة".

العدل أساس الاستثمار

مع ما يمر به العالم من تحولات سياسية واقتصادية متسارعة الخطى ومحكومة بقانون العولمة الاقتصادية والتنافس الحاد بين الدول، يمكن القول إن تطوير منظومة العدل وتحقيق العدالة في المجتمع لهما دور في التنمية الشاملة، وهو ما ذكره الأمير محمد بن سلمان في مقابلة سابقة له مع الإعلامي عبدالله المديفر عام 2021، إذ قال إن "العالم كله يعمل على قوانين واضحة لتنظيم حياة البشر، وإذا أردت أن تضاعف الاستثمارات الأجنبية من 5 مليارات ريال (نحو 33 1.3 مليار دولار) إلى 17 مليار ريال (4.53 مليار دولار) وتقول للمستثمر تعال واستثمر عندي، وأنا لدي اختراع جديد من دون أن يعرف محاميه الإجراءات التي تتخذها، ولا يعرف كيف تطبق، ويحتاج أن يستثمر في مبالغ ضخمة، فسيتجنب الاستثمار في هذه الدولة".

في السياق عدت المستشارة الاقتصادية ريم أسعد أن "البيئة العدلية هي أساس التنمية الاقتصادية بمكوناتها، سواء تلك التي تستهدف تحفيز القطاع الخاص أو تستقطب الاستثمارات الأجنبية"، وأكدت أن الاستثمارات الأجنبية تأتي عندما تكون التشريعات واضحة وعادلة وتتسم بالمساواة بين الجميع، ومثل هذه القرارات والتشريعات ستسهم بشكل كبير في زيادة موثوقية المستثمر في البلاد".

وأعلنت الرياض عزمها إطلاق الأنظمة الأربعة بعد اكتمالها عام 2022، لكن إعلان النظام الثالث جاء في موعد مختلف عن المحدد له في الربع الرابع من 2022، وبقي نظام واحد تحت الدراسة وهو النظام الجزئي للعقوبات التعزيرية، إذ نشرت وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس) أن سبب التأخير كان لإجراء مزيد من الدراسة والتدقيق والمراجعة لأحكامه، إذ استحدثت لجان لهذا الغرض من متخصصين على مستوى عال، نظراً إلى أهميته وحساسيته وارتباطه بأنظمة عدة ومجالات مختلفة وأنشطة متنوعة، مما يقتضي إحكام نصوصه والتأكد من توافق أحكامه مع نظيرتها من الأنظمة ذات العلاقة، ومواءمتها لتلك المجالات والأنشطة، سعياً إلى تجويدها وضمان كفاءة النظام في تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي