ملخص
العالم اعتاد على رؤية نجوم الروك يرحلون باكراً لكن في الفترة الأخيرة بات النجوم يموتون لأسباب طبيعية وكثيرون منهم يستمرون بالغناء لما بعد عمر الـ70
أثناء مقابلة معه قبل أسبوعين، أبدى المغني والشاعر الغنائي الأميركي الكبير بول سايمون درجة عالية من التأثر على غير عادته. قال متأملاً في وفاة مغني الموسيقى الشعبية (فولك) غوردن لايتفوت الأخيرة ورحيل أصدقاء آخرين: "انتهى وقت جيلي".
إنه ليس الوحيد المتأثر، إذ تسببت الوفيات الأخيرة في صناعة الموسيقى بهدوء وبشكل خفي تقريباً في صدمة لدى جيل طفرة المواليد (المولودون بين عامي 1946 و1964). كانت تينا تيرنر آخر من غادرنا، لكن رحل قبلها ديفيد كروسباي عضو فرقة "كروسباي، ستيلز أند ناش"، وقبله رحلت كريستين ماكفي من فرقة "فليتوود ماك". كان حزن وصدمة عدد من جيل طفرة المواليد الذين تحدثت إليهم بعد وفاة ماكفي غير المتوقعة أكبر مما يتخيله المرء. لقد اختفى جزء من الموسيقى التي رافقت حياتهم، ولم يكن من المفترض أن يحدث ذلك.
بالطبع، كان نجوم موسيقى الروك دائماً يرحلون في الوقت غير المناسب، لكن هذا هو مغزى حديثنا، رحلوا في الوقت غير المناسب. يعرف عن كل من بريان جونز نجم فرقة "رولينغ ستونز" The Rolling Stones وجيم موريسون من فرقة "دورز" وجانيس جوبلين أنهم جميعاً جزء مما يطلق عليه "نادي 27" الذي يضم مجموعة من الفنانين الذين توفوا بسبب المخدرات أو الكحول في تلك السن المبكرة للغاية. تعرض جون لينون لإطلاق نار، بينما كان ديفيد بوي وجورج هاريسون يعانيان مشكلات صحية، وتوفيا قبل أوانهما بفترة طويلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الموجة الأخيرة من وفيات نجوم موسيقى الروك مختلفة، فهم يرحلون بسبب الشيخوخة. ورد في شهادة وفاة تينا تيرنر أنها توفيت "لأسباب طبيعية"، وهي عبارة لم نكن نقرأها كثيراً في شهادات وفاة نجوم موسيقى الروك في الماضي. توفيت كريستين ماكفي بسكتة دماغية وكانت تعاني انتشار السرطان في جسدها، أما غوردن لايتفوت، فرحل في مايو (أيار) الماضي عن عمر 84 سنة لأسباب طبيعية أيضاً.
لا ترتبط هذه الوفيات بأساليب العيش المتطرفة بل بالشيخوخة، تماماً مثلما توفي ليونارد كوهين عام 2016 عن عمر 82 سنة أثناء نومه بعد سقوطه في منزله. هذه ليست وفيات نجوم موسيقى الروك أند رول التي اعتدنا عليها، وعلى الجيل الذي كان يقيس حياته دائماً من خلال أبطاله الموسيقيين، أن يتصالح الآن مع شيخوخته، إذ يذكره بذلك بشكل واضح أبطال الموسيقى عينهم.
ليس الجميع بالطبع، يبدو أن أمثال بول مكارتني وبوب ديلان وفرقة "رولينغ ستونز" جاهزون للمواصلة، على رغم أنه تعين على فرقة "ستونز" التعامل مع الخسارة التي لم تكن متوقعة أبداً لعازف الدرامز والعضو المؤسس فيها تشارلي واتس عام 2021. لكن جيل طفرة المواليد سيدرك أن أبناء الستينيات لا يتمتعون جميعاً بصحة ولياقة جيدتين – وأن الحظ يحالف مكارتني وديلان وجاغر [قائد فرقة "رولينغ ستونز"]. توقف نيل دايمند عن إجراء جولات موسيقية منذ إصابته بمرض باركنسون، كما أن بول سايمون يعاني مشكلات في السمع واعتزل أيضاً إحياء الحفلات الحية.
وهذه مسألة أخرى يتعين على جيل طفرة المواليد التصالح معها. ببطء، ستنتهي الحفلات الرائعة التي يحييها أبطالهم. يستطيع ميك جاغر، بشكل مثير للدهشة، أن يتحرك برشاقة ويرقص بجنون في سن الـ80 تقريباً، لكنه لن يكون قادراً على ذلك عندما يقترب من الـ90. سيكون الاستسلام مفروضاً في وقت قريب حتى على أعتى الناجين من العصر الذهبي لموسيقى الروك.
ناقشت هذه النقطة مع كل من بول مكارتني وميك جاغر، وعندما أجريت مقابلة مع مكارتني قبل بضعة أعوام، سألته عما إذا كان يدرك بأنه محظوظ لحقيقة أنه لا يزال يقدم عروضاً حية.
أجاب: "نعم، أنا مدرك للأمر... لم أتوقع حدوثه. كنا دائماً نقول في "بيتلز" 10 أعوام. لكن موسيقانا استمرت أكثر وواصلت لأنها جيدة وبدا أننا القادرون على القيام بذلك. يوجد الآن جيل رائع شاب من الذين يمكنهم القيام بذلك أيضاً، لكن يحصل أن الأشخاص الذين يمنعونهم من الاستمرار هم القادرون مادياً ولديهم أغنيات ناجحة، أغنيات يعرفها الناس، وأعتقد بأن هذا أمر مهم. أعتقد بأنهم يمتلكون أدوات المسرح ولديهم القدرة على الغناء أمام الجمهور".
ناقشت الموضوع ذاته مع ميك جاغر الذي قال أيضاً إن "رولينغ ستونز" كانت تنوي الاستمرار، على رغم أنه قدم اعترافاً واحداً من خلال إضافة عبارة "إذا سمحت الصحة بذلك". جرت تلك المحادثة قبل وفاة تشارلي واتس، وهو تذكير قوي بأن "المشكلات الصحية" ستحدد الآن مستقبل نجوم فترة طفرة المواليد وعشاقهم.
وكذلك التأمل في الموت والرحيل. يتناول بول سايمون بكثافة في ألبومه الجديد (إنه لا يزال قادراً على الغناء المسجل، لكنه لا يستطيع القيام بجولة غنائية حية) مواضيع الدين والله والفناء للمرة الأولى. وعلى هذا النحو، ربما يظل سايمون المتحدث باسم أبناء جيل طفرة المواليد الذين يزداد تأملهم في أنفسهم.
© The Independent