Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بايدن أكبر سنا من أن يصلح لقيادة أميركا؟

تقدم العمر هو النقطة الأضعف للرئيس لكنه أيضاً مصدر عزمه وتصميمه

ملخص

الطريقة الوحيدة التي يمكن لبايدن من خلالها إقناع الشعب الأميركي بأنهم أساءوا تقديره هو أن يظهر لهم من خلال الكلام والفعل أنه قوي وفي حالة تركيز

جدد تعبير "حفظ الله الملكة"، الذي أطلقه الرئيس الأميركي جو بايدن، أول من أمس الجمعة، خلال خطاب حول عنف السلاح، التكهنات حول لياقة وحدة بايدن العقلية والبدنية بسبب تقدمه في السن، خصوصاً أنه جاء بعد أيام من تعثره على كيس من الرمل وسقوطه على خشبة مسرح أكاديمية القوات الجوية الأميركية.

سقطات بايدن أصبحت تثير حيرة الأميركيين، وتزيد من أسئلتهم حول ما إذا كان أكبر سناً من أن يصلح لقيادة الولايات المتحدة لأربع سنوات أخرى، في ظل ما يعتقدون أنه تدهور في إدراكه المعرفي، الذي يعززه تلعثمه المستمر وإشاراته الغريبة التي لا يجد البعض لها تفسيراً.

فهل يمكن أن يتنازل بايدن عن استكمال ترشحه لانتخابات 2024؟ وهل يخشى الديمقراطيون ترشح منافسين عبر حزب ثالث بما يخصم من الأصوات التي يمكن أن تذهب لبايدن بما يعزز فرص المرشح الجمهوري؟ أم أن هناك تضخيماً سياسياً وراء صحة بايدن؟

ما مغزى عبارات بايدن؟

مرة أخرى تتسبب كلمات بايدن غير المفهومة في حيرة الأميركيين وإثارة قلقهم مما يمكن أن يكون عليه حال رئيس البلاد بدنياً وعقلياً إذا فاز بدورة حكم جديدة مدتها أربع سنوات تنتهي وعمره (86 سنة)، فقد فشل الجميع في تفسير ما الذي يعنيه بهذه العبارة الغريبة حين قال في ختام خطاب بولاية كونيتيكت حول تشديد قوانين حيازة السلاح: "ليحفظ الله الملكة، يا رجل".

لا يستخدم الرؤساء الأميركيون هذا التعبير، الذي كان يستخدم عادة في ختام الخطابات الرسمية في المملكة المتحدة، كما أن الملكة إليزابيث الثانية التي سبق لبايدن أن التقاها في سبتمبر (أيلول) الماضي توفيت، واعتلى نجلها تشارلز العرش من بعدها، ولم يعرف ما مغزى كلمة "يا رجل" التي أعقبت العبارة.

وفي حين لم يفهم المراسلون الذين رافقوا بايدن ما المقصود من العبارة، وفشلت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض في إقناع الأميركيين بأنه كان يتوجه بملاحظته إلى أحد الحاضرين الذي لم تفصح عن هويته أو هوية الملكة المعنية، فإن ارتكاب زلات وهفوات متكررة من بايدن أصبح يثير مزيداً من التساؤلات حول لياقته الذهنية والبدنية بشكل لافت، وهو ما تغذيه نسبياً هجمات الجمهوريين على حالة جو بايدن الصحية، خصوصاً بعد أن أحدث سقوطه على مسرح أكاديمية القوات الجوية الأميركية قبل أيام إثر تعثره في كيس رمل، قلقاً مماثلاً حول تقدمه في السن، الذي استغله الرئيس السابق دونالد ترمب في إعلاناته الهجومية على بايدن.

ويعتبر عمر بايدن البالغ (80 سنة) أحد العناصر المثيرة للجدل ونقطة انتخابية ساخنة منذ أن أصبح في سن 78 من عمره أكبر شخص يتولى الرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة، وبحلول نهاية فترة ولايته الحالية، سيبلغ 82 سنة، وإذا فاز بإعادة انتخابه سيبلغ (86 سنة) بنهاية ولايته الثانية، أي أكبر بثماني سنوات من متوسط العمر المتوقع للرجل الأميركي العادي.

الرئيس الراحل رونالد ريغان، الذي احتفظ بلقب أكبر رئيس أميركي لعقود، أنهى ولايته الثانية عن عمر 77 سنة و349 يوماً، ويعتقد على نطاق واسع أنه عانى مرض ألزهايمر في نهاية فترة رئاسته، بينما لا يزال متوسط عمر الرؤساء الأميركيين في يوم التنصيب هو 55 سنة.

هل من تدهور معرفي؟

مع ظهور علامات على أن خللاً ما ربما يعانيه بايدن كما يشير البعض، ناقشت افتتاحيات الصحف الكبرى ومقالات بعض الكتاب ما إذا كان الرئيس بايدن يعاني بالضرورة تدهوراً معرفياً، خصوصاً أنه كثيراً ما يتعثر في كلماته، لكن قد يكون ذلك جزئياً بسبب تاريخه مع التلعثم بحسب ما يقول الصحافي جون هندريكسون الذي وصف تلعثم بايدن، وكفاحه المستمر للسيطرة عليه، بأنها النقطة الضعف الأكثر وضوحاً للرئيس، ومع ذلك فهو يشير إلى أنها أيضاً المصدر الرئيس لعزمه وتصميمه، في حين يلاحظ كبار خبراء الرعاية الصحية أن بعض أشكال الخرف يمكن أن تؤدي إلى التلعثم، وأن تلعثم الطفولة يظهر في بعض الأحيان بين كبار السن، خصوصاً إذا عانوا زيادة في الارتباك أو القلق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي العام الماضي، أشار الكاتب مارك سيغل عبر مقال رأي نشره موقع "ذا هيل"، إلى أن 15 في المئة في الأقل ممن تزيد أعمارهم على 75 سنة يعانون ضعفاً إدراكياً، وأن لدى الرئيس بايدن عديداً من عوامل الخطر التي يمكن أن تزيد من احتمالية حدوث مشكلات معرفية، مؤكداً أن تقرير الطبيب الخاص بالرئيس بعد فحص بايدن الجسدي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 وجد تدهوراً كبيراً في مشية الرئيس، والتي يمكن أن تكون مرتبطة في بعض الحالات بمرض تنكسي في الدماغ أو النخاع الشوكي، على رغم أن التقرير خلص أيضاً إلى أن بايدن كان لائقاً لتنفيذ مهام الرئاسة بنجاح.

واستناداً إلى عدم شعبية بايدن في استطلاعات الرأي الأخيرة، اعتقدت هيئة تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الجمهور الأميركي يفهم أن انتخاب رجل في الثمانينيات من عمره وفي تراجع واضح لمدة أربع سنوات أخرى قد يكون خطأً تاريخياً.

وقالت الصحيفة إن مطالبة الناس بانتخاب رجل هو بالفعل أكبر رئيس يتولى هذا المنصب هو عمل محفوف بالمخاطر ويقترب من الأنانية، بل زعمت الصحيفة أن البيت الأبيض يخفي الحالة الجسدية والعقلية الحقيقية لبايدن التي هي في حالة تراجع واضح لأي شخص غير أعمى، على حد وصف الصحيفة.

حقيقة أم مبالغة؟

لكن قد يكون من الظلم الشديد وضع افتراضات حول قدرة بايدن على أداء وظيفته بسبب عمره، على حد قول مجلس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز"، التي توضح أنه من المستحيل إنكار أن السياسة ونظريات المؤامرة، وليس الحقائق، هي التي تغذي في الأقل بعض القلق في شأن حالة بايدن الصحية والعقلية.

ومع ذلك تشير الصحيفة إلى أنه لا يجب على بايدن والمرشحين الآخرين التظاهر بأن التقدم في السن ليس مشكلة، إذ يتعين على بايدن لإعادة انتخابه تقديم تطمينات صريحة للناخبين، الذين شاهدوا أقرباءهم وأفراد أسرهم يتدهورون بسرعة في ثمانينيات العمر.

وتزعم الصحف الليبرالية أن فكرة تدهور الحالة الذهنية لبايدن تخضع لمزيد من التركيز والتلاعب من الإعلام اليميني المحافظ وأنه على مدار السباق الرئاسي لعام 2020، كان نشطاء الحزب الجمهوري ومسؤولو حملة ترمب يشيرون إلى أن بايدن يخسر تركيزه الذهني، وتداولوا مقاطع فيديو تم تعديلها بشكل خادع، كما زعم مذيعو شبكة "فوكس نيوز" أن بايدن يعاني الخرف، وهو ما غرد به أيضاً دونالد ترمب، وتم عرض إعلانات هجومية تشير إلى أنه غير لائق عقلياً.

خلال رئاسة بايدن استمرت هذه الهجمات، حيث كتبت مجموعة من 54 مشرعاً جمهورياً العام الماضي، رسالة مفتوحة للتعبير عن القلق في شأن الحالة المعرفية الحالية للرئيس وطالبوا بايدن بإجراء اختبار اللياقة العقلية، وأشاروا إلى علامات التدهور العقلي وفق ما تصفه جمعية ألزهايمر، ثم شرحوا سلسلة من زلات بايدن واستطلاعات الرأي حول حالته العقلية.

في المقابل، كتب ماثيو كوبر في صحيفة واشنطن الشهرية، أنه يجب على الديمقراطيين أن ينظروا إلى سن بايدن المتقدم على أنه ليس وضعاً مثالياً، ولكنه أفضل من البدائل المحتملة، فبينما كانت التقارير الصحية المرضية لبايدن أقل من مطمئنة، إلا أنه كان قادراً على أداء المهمة بشكل جيد، وفي حالة بدنية أفضل من الرؤساء السابقين الذين تغلبوا على أسوأ العاهات، مثل رونالد ريغان وفرانكلين دي روزفلت وودرو ويلسون، وباستثناء حدوث تدهور صحي كارثي، سيكون بايدن في حالة أفضل في فترة ولايته ثانية من ريغان وروزفلت وويلسون.

ما رأي الأميركيين؟

عندما كان بايدن مرشحاً في سباق عام 2020، ألهم أداؤه القوي نسبياً في المناظرات ضد ترمب واستراتيجية حملته المبسطة في ظل وباء "كوفيد-19" الثقة في أنه على رغم عمره كان لا يزال في حالة صحية جيدة ومسيطراً على مدركاته، ما جعل الناخبين يعتقدون أنه لائق عقلياً بهامش 21 نقطة، وفقاً لما ذكره موقع "بوليتيكو".

لكن هذه الثقة لم تدم، وبحلول نوفمبر 2021، قال 48 في المئة من الناخبين إن بايدن غير لائق عقلياً لتولي المنصب، وبعد ثلاثة أشهر، وصل هذا الرقم إلى 54 في المئة، وفي أبريل (نيسان) الماضي أشار استطلاع أجرته وكالة "أسوشيتد برس" مع مركز نورك لأبحاث الشؤون العامة، إلى أن ثلاثة من كل أربعة أميركيين شملهم الاستطلاع يفضلون عدم ترشح بايدن مرة أخرى، بما في ذلك غالبية الديمقراطيين"، وذلك بسبب المخاوف في شأن عمر بايدن، إضافة إلى صخب جيل الشباب من الديمقراطيين الذين يقولون إنهم يريدون قيادة تعكس ديموغرافيتهم وقيمهم.

وفي أحدث استطلاع للرأي أجرته "واشنطن بوست" و"أي بي سي نيوز" في أبريل ومايو (أيار) الماضيين، قال 68 في المئة من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع إن بايدن كان أكبر من أن يحظى بفترة ولاية ثانية، كما تراجع تصنيف أدائه الوظيفي الإجمالي إلى 36 في المئة، بعد أن سجل 42 في المئة في فبراير، وشعر 34 في المئة فقط أن بايدن يتمتع بالحدة العقلية التي تسمح له العمل كرئيس، في حين شعر 30 في المئة فقط أنه يتمتع بالثبات البدني اللازم لهذا الدور.

وأكد هذه النظرة استطلاع أجرته شبكة "أن بي سي" في أبريل، قال فيه 70 في المئة من الأميركيين إن بايدن لا ينبغي أن يترشح لولاية حكم ثانية، بينما قال 26 في المئة فقط إنه ينبغي ذلك، وصوت 51 في المئة من بين الديمقراطيين ضد بايدن بسبب عامل العمر.

هل يقترب الموت؟

كانت سفيرة أميركا السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، المرشحة للرئاسة في الحزب الجمهوري، هي الوحيدة بين المرشحين الرئاسيين التي تثير قضية الموت المحتمل للرئيس بأشد العبارات صراحة، حينما حذرت الناخبين أنهم إذا صوتوا لجو بايدن في انتخابات 2024 فسوف يعتمدون على الرئيس كمالا هاريس (في إشارة إلى تصعيدها بشكل تلقائي من منصب نائب رئيس إلى الرئيس)، لأن فكرة استمرار بايدن حتى 86 سنة ليس محتملاً بحسب اعتقادها.

لكن هل من المحتمل أن يموت بايدن قبل عمر 86 سنة؟ يجيب خبيران في معهد بروكينغز، في واشنطن وهما وليام غالستون وإلين كامارك، حيث يشيران إلى جدول أعمار الحياة الذي نشرته إدارة الضمان الاجتماعي، والذي يقول إن فرصة الرجل العادي في سن 82 للعيش حتى عمر 86 تصل إلى 67 في المئة بالولايات المتحدة، مما يعني أن فرصة بايدن أو ترمب في الحياة تظل كبيرة بالنظر إلى كونهما ليسا رجلين عاديين، فكل منهما أبيض، متعلم جيداً، ميسور الحال، وممتلئ الأسنان ومن غير المدخنين، وهي عوامل تزيد من احتمالات الحياة، وفقاً لدراسة أجرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم.

الأعمار الخارقة

قبل 15 عاماً، صاغت إميلي روجالسكي، الباحثة في علم الأعصاب بجامعة نورث وسترن، عبارة "الأعمار الخارقة" للإشارة إلى كبار السن الذين فقدوا القليل من قدراتهم المعرفية أو لم يفقدوا أياً منها، والذين كانوا في الثمانينيات من العمر رشيقين عقلياً مثل الأشخاص الذين في الستينيات أو السبعينيات، ومن بين هؤلاء الممثلة بيتي وايت التي توفيت قبل شهر واحد فقط من عيد ميلادها المئة، والتي ظلت تسحر جمهورها وهي في التسعينيات من عمرها، وكذلك نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة التي احتفظت بحدتها العقلية ونشاطها في الثمانينيات من عمرها وهي ترتدي الكعب العالي.

وربما تنطبق هذه التسمية على جو بايدن ودونالد ترمب، وفقاً للباحث المتخصص في طول العمر جاي أولغانيسكي وفريقه في جامعة إلينوي، والذين فحصوا السجلات الطبية المتاحة للجمهور لكل من بايدن وترمب، وخلصوا إلى أنهما من المحتمل أن يكونا من كبار السن الذين يحافظون على وظائفهم العقلية والبدنية ويميلون إلى العيش لفترة أطول من الشخص العادي في سنهم، مما يعني أنهما سيكونان على مستوى الوظيفة.

هل ينسحب بايدن؟

على رغم الضغوط التي تعرض لها بايدن ومحاولة بعض المقربين منه إقناعه بعدم خوض سباق الرئاسة لدورة حكم ثانية خشية ترشح بعض الأسماء اللامعة على قائمة حزب ثالث بما يهدد حظوظ بايدن في الفوز، فإن بايدن يبدو مصراً على المضي قدماً في طريقه حتى النهاية، حيث قال إنه يحترم شكوك الناخبين في صحته وقدراته العقلية بسبب سنه، وأصر على أنه أخذ ذلك في الاعتبار عند التفكير في الترشح مرة أخرى، ويكرر دائماً أنه بحالة جيدة، ويشعر بالحماس تجاه الآفاق المستقبلية، مستشهداً بآخر تقرير لطبيب الرئيس، كيفين أوكونور، الذي أوضح أنه لائق للخدمة وينفذ جميع مسؤولياته بالكامل من دون أي استثناءات أو تسهيلات.

ومع ذلك، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن لبايدن من خلالها إقناع الشعب الأميركي بأنهم أساءوا تقديره هو أن يظهر لهم من خلال الكلام والفعل أنه قوي وفي حالة تركيز، وهذا يعني قضاء مزيد من الوقت في المؤتمرات الصحافية، ومزيد من الأحداث العامة، ورحلات السفر عبر الولايات المتحدة، لكن قضاء أكثر من عطلة نهاية الأسبوع في المنزل لن يؤدي إلا إلى تعزيز المعتقدات التي يريد بايدن تبديدها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير