تعرض الرئيس الأميركي جو بايدن لحادثة سقوط خلال قيادة دراجته الهوائية صباح السبت، 18 يونيو (حزيران)، لكنه لم يُصَب بأذى.
وأظهر فيديو وزعه البيت الأبيض، الرئيس الأميركي البالغ (79 سنة)، ينهض مباشرة بعد سقوطه ويقول "أنا بخير".
ووقع الحادث عندما كان بايدن يمارس رياضة ركوب الدراجة الهوائية مع زوجته جيل بالقرب من المنزل، الذي يقضيان فيه عطلهما في "ريهوبوث بيتش" في ديلاوير، وخلال توجهه للتحدث إلى بعض الأشخاص الذين تجمعوا لالتقاط الصور له.
منذ فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي لمنافسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لم يتوقف الجدل حول صحة جو بايدن، الذي خبر السياسة الأميركية لعقود ونجح في إقناع الناخب بخبرته ورؤيته السياسية الناتجة من أعوام خدمته الطويلة.
لكن هذه الخبرة لم تغمض عيون الناخبين عن كونه أكبر الرؤساء الأميركيين سناً عند استلامه مفاتيح المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، متجاوزاً الـ78 سنة.
ويتكرر ظهور علامات الشيخوخة عليه مع كل خطاب أو مؤتمر جماهيري، إلى حد دفع إلى التشكيك في سلامة قدراته العقلية مع تلعثمه المتكرر ونسيانه وخطئه في أسماء الدول والرؤساء، أو ترديده كلمات غير مفهومة وإتيانه إشارات وتصرفات غريبة خلال بعض الخطابات.
وبعيداً من الفكاهة التي أثارتها بعض تصرفات بايدن، وسيل التعليقات الساخرة التي أظهرتها تفاعلات المتابعين لبعض المقاطع المتداولة، ومن بينها مقطع يبدو فيه بايدن وكأنه "يصافح الهواء" عقب انتهائه من إلقاء خطاب، اتخذ الجدل حول صحة الرئيس الأميركي منحى أكثر جدية وأشد خطورة.
وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أن الأميركيين غير متأكدين من اللياقة العقلية للرئيس لتولّي المنصب. وقال ترمب، "بينما لا يمكننا فعل أي شيء حيال تدهور حالة جو بايدن الجسدية والعقلية، بمساعدة أصواتكم في نوفمبر (تشرين الثاني)، لدينا فرصة لوقف التدهور في بلدنا"، في دعوة للتصويت للجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس المنتظرة، وهو ما قد يمهد لإجراءات ضد الرئيس بشأن تسليم السلطة، بحسب مراقبين.
زلات بايدن وشبح ألزهايمر
وكانت الحملة الانتخابية للرئيس الجمهوري السابق ترمب ركزت على اتهام بايدن بـ"الخرف" ودعاه منافسه أكثر من مرة إلى الخضوع لاختبار معرفي إدراكي لتقييم قواه العقلية، لكن التقرير الطبي الذي صدر مع انطلاق الانتخابات أوضح أن بايدن يتمتع بصحة جيدة تؤهله للقيام بعمله كرئيس.
وأشار التقرير إلى معاناته من ارتفاع نسبة الكولسترول، فضلاً عن مشكلة صحية تعود إلى عام 1988 حينما أجريت له عملية جراحية بعدما انفجر أحد الأوعية الدموية في مخ بايدن.
وبعد فوزه بالرئاسة، ظلت الانتقادات تلاحقه، بخاصة منذ سقوطه مرات عدة خلال صعوده سلم الطائرة الرئاسية في مارس (آذار) من العام الماضي، بالتوازي مع نسيانه أسماء بعض أفراد عائلته وإدارته، بمن فيهم وزير دفاعه لويد أوستن.
وعلى الرغم من أن الحالة الصحية للرؤساء الأميركيين غالباً ما كانت محاطة بالسرية، لكن نتيجة تقدمه في السن والعلامات التي أظهرت ضعف وضعه الصحي وسط مخاطر الإصابة بفيروس كورونا، أثار بعض المشرعين الأميركيين الجمهوريين القلق بشأن صحة الرئيس، وهو ما دعا طبيب البيت الأبيض كيفن أوكونر إلى نشر تقرير صحي مفصل في نوفمبر الماضي أكد أن بايدن يتمتع بـ"الصحة الجيدة" و"القدرة" على أداء وظيفته الرئاسية، وذلك عقب خضوعه لفحص طبي روتيني تطلّب قيام بايدن بنقل سلطاته إلى نائبته كامالا هاريس لمدة ساعة و25 دقيقة خلال إجراء منظار القولون الذي استوجب تخديره.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يتوقف روني جاكسون، طبيب البيت الأبيض السابق وعضو مجلس النواب الجمهوري، عن المطالبة بإخضاع بايدن لاختبارات صحية وعقلية لتأكيد لياقته وقدرته على القيام بمهمات منصبه، مؤكداً أن حالة الرئيس الأميركي تُعدّ "قضية أمن قومي"، وأنها لن تسعفه لاستكمال ولايته الرئاسية إلى نهايتها.
وكتب جاكسون على "تويتر" في يوليو (تموز) الماضي ما يشير إلى اعتقاده أن بايدن "سيستقيل أو سيقنعونه بالاستقالة من منصبه في وقت ما في المستقبل القريب لأسباب طبية أو سيتعين عليهم استخدام التعديل 25 للتخلص من هذا الرجل".
وظهرت نائبة الرئيس الأميركي وهي تحاول تصحيح زلة لسان بايدن حينما تحدث عن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، مؤكداً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما يتمكن من تطويق كييف، "لكنه لن يحصل أبداً على قلوب وأرواح الشعب الإيراني..."، فحاولت هاريس تذكيره بأنه يقصد الشعب الأوكراني، كما ظهرت زوجته جيل بايدن وهي تذكّره بمصافحة الجمهور خلال مشاركة في الحفل الأول الذي استضافه البيت الأبيض بمناسبة عيد الفصح.
قبيل خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأميركي في مطلع مارس الماضي، أجرت شبكة "أيه بي سي" الإخبارية وصحيفة "واشنطن بوست" استطلاعاً أظهر أن غالبية الأميركيين 54 في المئة "لا يعتقدون أن الرئيس بايدن لديه القدرات العقلية التي يتطلّبها منصب الرئاسة"، بينما يرى 40 في المئة أن لديه القدرة العقلية للقيام بمهماته الرئاسية، وكانت تلك النسبة عام 2020 قبل الانتخابات الرئاسية 51 في المئة مقابل 43 في المئة على الترتيب.
ويرى بعض الباحثين أن الهاجس المتنامي بشأن تدهور الحالة الصحية والعقلية للرئيس الأميركي عززت مساعي الجمهوريين من أجل تعزيز فرصهم الانتخابية في التجديد النصفي للكونغرس المقررة هذا العام، وكذلك الانتخابات الرئاسية 2024، فضلاً عن المطالبة باختبار قدرات الرئيس العقلية من أجل إحراجه سياسياً، وخفض الدعم لقراراته وتخريب شعبيته بصورة كبيرة، ما سيزيد فرص خسارة الديمقراطيين الاستحقاقات الانتخابية المقبلة نتيجة تدهور شعبية الرئيس بسبب القلق حول وضعه الصحي والقرارات الكارثية، وعلى رأسها الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.
مصير ولاية بايدن
يحدد التعديل 25 لدستور الولايات المتحدة الإجراءات الواجبة حال إعلان عدم قدرة الرئيس على القيام بواجباته، وبعد ذلك يتولى نائب الرئيس مهمات الرئيس على الفور، لكن إذا اعترض الرئيس على مثل هذا الإعلان، يحل الكونغرس هذه المسألة، وتمت المصادقة على هذا التعديل عام 1967، ويعوّل الجمهوريون على تفعيل هذه المادة الدستورية من أجل إطاحة بايدن، كما سبق أن أكد النائب الجمهوري روني جاكسون، لكن اللجوء إلى هذه الخطوة سيتطلب بداية إثبات أن الرئيس غير قادر على ممارسة مهماته.
وبحسب التعديل 25 للدستور الأميركي، على الرئيس أن يبلغ خطياً رئيسَي مجلسَي الشيوخ والنواب بأنه سينقل السلطة مؤقتاً إلى نائب الرئيس، لأنه غير قادر على ممارسة مهمات منصبه، أو أن يقوم نائب الرئيس وعدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بإبلاغ قادة مجلسَي الشيوخ والنواب بأن الرئيس غير قادر على أداء واجباته، وأن نائب الرئيس سيصبح رئيساً بالإنابة. وإضافة إلى قيام بايدن نفسه بتفعيل هذه المادة خلال جراحة القولون الأخيرة، فقد عيّن الرئيس رونالد ريغان نائبه جورج بوش الأب رئيساً بالنيابة لمدة 8 ساعات خلال خضوعه للتخدير الكامل لإزالة ورم سرطاني من أمعائه الغليظة عام 1985، ونقل جورج بوش الابن سلطاته إلى نائبه ديك تشيني عام 2007 خلال خضوعه لمنظار القولون.