ملخص
حراك ليبي لإطاحة باتيلي بعد تصريحات "محبطة" أمام مجلس الأمن، فما الذي حدث؟
قوبلت إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن بخصوص العملية السياسية والانتخابات العامة بغضب ليبي واسع توافق عليه كل الحلفاء والفرقاء تقريباً، واعتبروا تصريحاته في هذه الجلسة محبطة ويمكن أن تفاقم الانسداد السياسي وتعمق الأزمة الليبية.
كانت أكثر ردود الفعل حدة على كلمة باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي تلك التي صدرت في بيان رسمي من 17 مرشحاً رئاسياً طالبوا فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالبحث عن بديل لممثله الخاص في ليبيا، لفقدانه أي رؤية لحل الأزمة في البلاد بعد عام على توليه منصبه.
سياسي وليس قانونياً
قال المبعوث الأممي إلى ليبيا في إحاطته المثيرة للجدل، إن حل الأزمة الليبية سياسي وليس قانونياً بالتالي فإن اتفاق لجنة (6+6) لن يفضي إلى انتخابات قريبة، كما رأى أن تشكيل حكومة جديدة قد يعمق الأزمة والخلافات السياسية.
وذكر باتيلي في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، الإثنين الماضي، أنه "يتوجب على أصحاب القرار الرئيسين في ليبيا الوصول إلى اتفاق سياسي، فمن دون هذه الحلول التوافقية من المرجح لهذه القضايا الخلافية أن تؤدي بالعملية الانتخابية إلى طريق مسدود على غرار ما حدث عام 2021، وأن تفضي إلى مزيد من الاستقطاب وزعزعة الاستقرار".
وأضاف "في السادس من يونيو (حزيران) أعلنت لجنة (6+6) أنها توصلت إلى اتفاق على مشاريع قوانين في شأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ونعتبر جهود اللجنة خطوة مهمة إلى الأمام، لكنها غير كافية لحل القضايا الأكثر إثارة للخلاف والتمكين من إجراء انتخابات ناجحة".
ورأى أن "معايير الترشح للانتخابات الرئاسية وربط الانتخابات البرلمانية بالرئاسية ومسألة تشكيل حكومة موحدة جديدة هي مسائل موضع خلاف كبير وتتطلب أولاً وقبل كل شيء اتفاقاً سياسياً بين أبرز الفاعلين والمكونات الرئيسة المشكلة للطيف السياسي الليبي. ومن دون ذلك الاتفاق ستظل أحكام القوانين المتعلقة بهذه المسألة غير قابلة للتطبيق، بل وقد تؤدي إلى أزمة جديدة".
إجماع عزيز
أغلب الأطراف والكيانات السياسية الليبية، حتى تلك التي تفرقها خلافات عميقة، اجتمعت على انتقاد ما ورد في إحاطة المبعوث الدولي أمام مجلس الأمن. ورأت أنها يمكن أن تنسف التقدم المحرز بشق الأنفس في الحوار السياسي بين مجلسي النواب والدولة والتوافقات المهمة التي توصلا إليها في الجولة التفاوضية بالمغرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودفعت الصدمة من تصريحات باتيلي أمام مجلس الأمن 17 مترشحاً رئاسياً إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بضرورة تغيير ممثله في ليبيا، معتبرين أنه "أقحم نفسه بهذه التصريحات طرفاً في الأزمة الليبية".
وقال بيان صادر عن المرشحين الرئاسيين "نثني على جهود لجنة (6+6)، ونرحب بالنتائج التي توصلت إليها، وندعوها للعودة إلى الاجتماع للنظر في الملاحظات حيال مخرجاتها، ونطالبها بالتوصل إلى توافقات جديدة تفسح الطريق أمام إجراء الانتخابات بشقيها الرئاسية والتشريعية، وفي الوقت نفسه نستغرب موقف باتيلي حيال اجتماعات اللجنة ومخرجاتها والنأي بنفسه عن اجتماعاتها".
وأضاف البيان "كما نستغرب تخلي باتيلي عن مهمة الوساطة ووقوفه متفرجاً على الخلافات القائمة، ونستنكر انحيازه في إحاطته لمجلس الأمن لحكومة عبدالحميد الدبيبة التي سبق أن أنهى ولايتها مجلس النواب، ونتعجب من اعتباره توافق النواب والدولة على تغيير حكومة الدبيبة أمراً خلافياً".
بلا رؤية واضحة
نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الأسبق عبدالحفيظ غوقة، اعتبر أن "خلاصة ما قاله المبعوث الأممي عبدالله باتيلي في إحاطته هو أن الأزمة الليبية ستظل قائمة، وأنه لا يمتلك رؤية للحل".
وقال غوقة إن "باتيلي تراجع عن وعوده في إحاطته خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بتشكيل لجنة جديدة برعاية أممية تتولى ملف التحضير للانتخابات".
وأضاف "باتيلي من أكثر المبعوثين الأمميين الذين لم ينجحوا في إدارة الأزمة الليبية، وأعتقد أن الحل في ليبيا يكون باتفاق القوى الكبرى، ممثلة في أميركا وروسيا، فالأزمة تظل في مرحلة تجميد حتى ذلك الحين".
في المقابل، عبر رئيس ما يعرف بـ"الكونغرس التباوي" عيسى عبدالمجيد، عن استغرابه لما ورد في إحاطة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن في شأن الاتفاق الذي وصلت إليه لجنة (6+6).
وقال عبدالمجيد، إنه "في الوقت الذي نثمن جهود المملكة المغربية التي رعت ودعمت أعمال اللجنة فأنتجت توافقاً بالإجماع حول القوانين الانتخابية، نستغرب بشدة ما ورد في إحاطة باتيلي الذي اعتبر أن هذا التوافق ليس نهائياً ولا كافياً لإنهاء الخلاف، مع أن التعديل الدستوري الـ13 الذي رحب به سابقاً ينص على عكس ذلك".
خيبة أمل
أما المحلل السياسي الليبي عبدالله الكبير، فيعبر أيضاً عن خيبة أمله من إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا، التي قال فيها إن التوافق لا يجدي في شأن نتائج مفاوضات لجنة (6+6) ما دام هناك رفض من طيف واسع، مما يعني اعترافاً ضمنياً من باتيلي بفشل مسار بوزنيقة.
وأشار الكبير إلى أن "باتيلي يرى أن تشكيل حكومة جديدة يحتاج إلى اتفاق سياسي بين أبرز الفاعلين، وهي رسالة خاصة لعقيلة والمشري مفادها أن تشكيل الحكومة لن يكون حكراً على مجلسي النواب والدولة".
واعتبر الكبير أن "الإحاطة كانت بالمجمل مخيبة للآمال، ولم يبزغ منها أي بصيص أمل في انفراجة قريبة كإعلان البعثة عن الشروع في تنفيذ الانتخابات عبر مبادرة جديدة".
دعم الدبيبة
النقطة التي تسببت في إثارة غضب معظم الأطراف السياسية أكثر من غيرها ضمن إحاطة باتيلي لمجلس الأمن، كانت رفضه الضمني للتغيير الحكومي في الوقت الراهن، والتي اعتبرت تدخلاً في صلاحيات الأجسام التشريعية الليبية، وتعدياً على مهامها وتجاوزاً للمهام الموكلة للبعثة الأممية في ليبيا.
عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، صرح بأن "الإحاطة التي قدمها عبدالله باتيلي تؤكد عدم رغبته في إعادة تشكيل الحكومة، بعد تأكيده أنها مشكلة تضاف إلى المسائل الخلافية بالقوانين الانتخابية، ومنها ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية وغيرها".
وتابع "باتيلي مبعوث للدعم وتقريب وجهات النظر لخلق التوافق بين الليبيين، وليس لرسم السياسات وفرض الآراء، والأمم المتحدة مناط بها تقريب وجهات النظر وليس فرض أي حلول أو الإبقاء على أي حكومات، ونحن ماضون لحل النقاط الخلافية وتشكيل حكومة مصغرة مهمتها الإشراف على الانتخابات بعيداً من إرادات الأطراف الخارجية".
دعم غربي
على رغم الانتقادات التي وجهت للمبعوث الأممي في ليبيا عبدالله باتيلي من معظم الأطراف المحلية، فإنه ما زال يحظى بدعم دولي واسع خصوصاً في المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما قد يعرقل مساعي الأطراف الليبية لتنحيته عن منصبه واستبداله بمبعوث دولي جديد.
في السياق، أشاد مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى ليبيا وسفيرها ريتشارد نورلاند، الثلاثاء الماضي، بالإحاطة التي قدمها الممثل الخاص للأمين العام عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن، التي قال إنها "قدمت تعريفاً بالعقبات الرئيسة أمام تحديد خريطة طريق ذات صدقية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية".
وجدد نورلاند، في تغريدة على حساب السفارة الأميركية على "تويتر"، تأكيد "دعم الولايات المتحدة لجهود مبعوث الأمم المتحدة الرامية إلى جمع صفوف الليبيين للتغلب على تلك العقبات".