ملخص
ارتفاع الاقتراض العام في بريطانيا إلى أعلى مستوى له في مايو الماضي.
تجاوزت ديون بريطانيا حجم الاقتصاد للمرة الأولى منذ أكثر من ستة عقود، قبل القفزة المتوقعة في أسعار الفائدة التي قد تضيف مليارات أخرى إلى كلفة الاقتراض.
وزادت مدفوعات الفوائد المتزايدة وصفقة أجور هيئة الخدمات الصحية الوطنية في البلاد (أن أتش أس) من عملية الاقتراض العام حتى وصلت إلى أعلى مستوى لها في مايو (أيار) الماضي، وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني (أو أن أس).
وبذلك تخطت الديون المتراكمة على المملكة المتحدة حجم الاقتصاد السنوي للمرة الأولى منذ مارس (آذار) 1961 في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ومع رفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة أمس الخميس للمرة الثالثة عشرة على التوالي بمقدار نصف في المئة في إطار مكافحة التضخم، بعد أن أظهرت بيانات رسمية الأربعاء الماضي أن التضخم ظل مرتفعاً عند 8.7 في المئة في مايو الماضي من 6.8 في المئة في أبريل (نيسان) 2023.
إلى ذلك ارتفعت الزيادات الأساسية في الأسعار، والتي تستبعد الحركات المتقلبة في الغذاء والطاقة، إلى أعلى مستوى لها في 31 عاماً عند 7.1 في المئة، في حين دفعت الزيادة المفاجئة المستثمرين إلى المراهنة على أن أسعار الفائدة قد تصل إلى ستة في المئة قبل نهاية العام الحالي، في حين ارتفعت عوائد السندات الذهبية لأجل عامين.
عوائد أعلى من سندات الخزانة الأميركية
وتعليقاً على ذلك قال محلل "كابيتال إيكونوميكس" جوناس غولترمان لصحيفة "التلغراف"، إن "فوضى التضخم في المملكة المتحدة بدت على نحو متزايد وكأنها متقطعة بين الاقتصادات المتقدمة"، مضيفاً أنه "على رغم أن التضخم العام والأساسي أعلى بكثير من الهدف، فإن التضخم الأساسي ينخفض في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو ولكنه تسارع الآن في المملكة المتحدة".
وينعكس التضخم المرتفع على عائدات السندات الحكومية الطويلة الأجل، إذ ارتفع العائد على 10 سنوات بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة، في حين أن عوائد السندات الذهبية الطويلة الأجل أصبحت اليوم أعلى بكثير من عوائد سندات الخزانة الأميركية للمرة الأولى منذ التداعيات المباشرة للأزمة المالية لعام 2008.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن "القفزات في أسعار تذاكر السفر بالطائرة وتذاكر السينما والمسرح والسيارات المستعملة أسهمت جميعها في زيادة الضغط على كلفة المعيشة".
وعلى رغم تباطؤ تضخم أسعار المواد الغذائية بشكل طفيف، فإنه مرتفع مع ارتفاع الكلفة في المتاجر بنسبة 18.3 في المئة على مدى العام.
على الجانب الآخر ارتفع مؤشر أسعار التجزئة الذي لم يعد مقياساً رسمياً للتضخم ولكنه لا يزال مستخدماً لحساب الزيادات في أسعار السكك الحديدية، وتعريفات الهاتف المحمول والفوائد إلى نحو ربع ديون المملكة المتحدة، بنسبة 11.3 في المئة هذا العام.
الحكومة اقترضت 25.4 مليار دولار في مايو الماضي
وأظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الحكومة اقترضت 20 مليار جنيه استرليني (25.4 مليار دولار) لسد الفجوة بين الإيرادات الضريبية والإنفاق العام في مايو الماضي، وهو أكثر من ضعف ما تم اقتراضه في الشهر المماثل من العام الماضي عندما وصل إلى 9.4 مليار جنيه استرليني (11.9 مليار دولار).
وأرجع مكتب الإحصاء زيادة الاقتراض إلى الزيادات في مدفوعات الاستحقاقات، بما في ذلك معاش الدولة والائتمان الشامل وإعانة الأطفال، والتي قفزت جميعها بنسبة 10.1 في المئة في أبريل الماضي لتتناسب مع الزيادات في كلفة المعيشة، كما بلغ صافي الفوائد الاجتماعية 22.9 مليار جنيه استرليني (29.17 مليار دولار)، بزيادة 2.9 مليار جنيه استرليني (3.69 مليار دولار) عما كانت عليه قبل عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية "كانت هذه الزيادة إلى حد كبير بسبب ارتفاع الفوائد المرتبطة بالتضخم".
يشار إلى أن إجمالي الدين زاد أيضاً بدفع 9.8 مليار جنيه استرليني (12.48) من الخزانة العامة إلى بنك إنجلترا لتغطية الخسائر في برنامجه الضخم لشراء السندات مع ارتفاع أسعار الفائدة.
فاتورة الحكومة لخدمة ديونها ستستمر في الارتفاع
ويفوق حجم الاقتراض حتى الآن توقعات سابقة لمكتب الميزانية العمومية بمقدار 2.1 مليار جنيه استرليني (2.67 مليار دولار)، إذ قدر في وقت سابق حجم الاقتراض عند 40.8 مليار جنيه استرليني (51.96 مليار دولار).
ومع ذلك فإن الاقتراض للسنة المالية السابقة يقل حالياً بمقدار 18.3 مليار جنيه استرليني (23.31 مليار دولار) عن توقعات مكتب الميزانية العمومية في مارس الماضي.
وتخطت ديون المملكة المتحدة الآن أكثر من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أيضاً أقل بمقدار 1.3 نقطة مئوية عن توقعات مكتب الميزانية في مارس 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع التضخم الذي أدى إلى زيادة الحجم النقدي للاقتصاد، وبلغت الفائدة على الديون 7.7 مليار جنيه استرليني (9.8 مليار دولار) في مايو الماضي.
وتعليقاً على حجم الديون والاقتراض المرتفع، يعتقد اقتصاديون أن القفزة الأخيرة في عوائد السندات الذهبية تشير إلى أن فاتورة الحكومة لخدمة ديونها ستستمر في الارتفاع، بينما يعتقد كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في مؤسسة "بانثيون ماكروإيكونوميكس" صامويل تومبس أن "الارتفاع السريع في كلفة الاقتراض في المملكة المتحدة لن يترك مجالاً للتخفيضات الضريبية قبل الانتخابات إذا تم تأكيد التوقعات الحالية لأسعار الفائدة لتصل إلى 5.75 في المئة".
ويقدر مكتب مسؤولية الميزانية أنه سيضطر إلى رفع توقعاته لمدفوعات الفائدة بنحو 40 مليار جنيه استرليني (50.9 مليار دولار) في 2024/25 وحده إذا أعاد نشر التقديرات بناءً على عائدات السندات الحالية وتوقعات أسعار الفائدة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في العام المقبل قال تومبس إنه "من المرجح أكثر من أي وقت مضى أن يتجه المحافظون إلى الانتخابات العامة المقبلة في يناير (كانون الثاني) 2025 مع وعد بتخفيض الضرائب في المستقبل"، قائلاً "بدلاً من دفع رشى قبل الانتخابات".