ملخص
ماذا بعد مطالبة مالي بمغادرة قوات حفظ السلام الدولية أراضيها "من دون تأخير"؟
كان لمطالبة مالي بمغادرة قوات حفظ السلام الدولية أراضيها "من دون تأخير" وقع شديد، لكن البوادر بدأت تظهر قبل هذا الإعلان، في وقت تتزايد الانتقادات لبعض عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، خصوصاً في أفريقيا.
في الـ16 من يونيو (حزيران) الجاري طالب وزير الخارجية المالي عبدالله ديوب بانسحاب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) "من دون تأخير"، منتقداً "فشلها" في تحقيق الاستقرار في البلد منذ وصولها إليه عام 2013.
ليست البعثة الوحيدة
في ظل هذه الظروف يتعين على مجلس الأمن الدولي الذي كان من المفترض أن يصوت الخميس المقبل على تجديد تفويض البعثة أن يقبل بهذا الطلب، بحسب مصادر دبلوماسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال أحد هذه المصادر لوكالة الصحافة الفرنسية إن مشروع القرار الأخير الخاضع للمناقشة الذي يجب أن يوافق عليه مجلس الأمن، "يصدق على الانسحاب"، ويتحدث عن فترة ستة أشهر لتنظيم رحيل نحو 12 ألف جندي وشرطي.
من جهتها قالت الأستاذة في السياسات الدولية في جامعة "فوردهام" الأميركية أنجالي ديال "منذ الانقلاب العسكري عام 2020، أصبحت مينوسما في أزمة دائمة".
ولطالما تحدثت الأمم المتحدة عن العوائق التي يضعها المجلس العسكري الحاكم في وجه تحرك البعثة، في حين كان المجلس يطالب ببعثة تتولى مهاجمة المجموعات الإرهابية.
وأكدت ديال أن البعثة الأممية في مالي "ليست البعثة الوحيدة في العالم التي تواجه هذا النوع من المشكلات المرتبطة بالدولة المستضيفة"، ضاربة أمثلة عدة، منها البعثات المنتشرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
القبعات الزرق المرفوضة
من جهته قال باتريك لابودا من جامعة "زوريخ" إن "هناك أزمة تراض في دول عدة في أفريقيا، لكن لا يجب أيضاً أن نعمم كثيراً، هذا القرار توضحه أولويات الحكومة المالية".
وأضاف أن "السكان والحكومات ليسوا راضين عن خدمات القبعات الزرق"، لكن "الأسباب تختلف في كل بلد".
وأشار ريتشارد غوان، من "مجموعة الأزمات الدولية" غير الحكومية، إلى نقاط مشتركة بين البعثات الأممية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان ومالي، حيث "القبعات الزرق تجد صعوبة في لعب دور فاعل في مواجهة أعمال العنف المستمرة".
وتابع "ينظر السكان المحليون عادة إلى وحدات الأمم المتحدة بتشكيك وازدراء".
وجرت أيضاً تظاهرات مناهضة للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تطالب الحكومة بـ"تسريع" رحيل بعثة الأمم المتحدة.
في هذا الإطار وفي ظل حملات التضليل الإعلامي "عملت الأمم المتحدة كثيراً على تحسين تواصلها الإستراتيجي واتصالها مع السكان وزيادة الوعي العام بما يمكن (لجنودها) تحقيقه وعدم تحقيقه"، بحسب جولي غريغوري، من مركز "ستيمسون" البحثي الأميركي.
بذلك، فإن أحد المبادئ الثلاثة لحفظ السلام واضح، هو أنه لا يسمح لجنود حفظ السلام سوى باستخدام القوة كملاذ أخير للدفاع عن أنفسهم أو عن البعثة، فهم ليسوا أداة لفرض السلام ولا قوة لمكافحة الإرهاب.
"فاغنر" ووصفة الفوضى
لكن بعض الحكومات في أفريقيا "تعتبر أن الأمم المتحدة تضيع كثيراً من الوقت في الحديث عن حقوق الإنسان ولا تخصص وقتاً كافياً للقضاء على المتمردين الذين يمثلون مشكلة"، بحسب ريتشارد غوان، مشيراً إلى "البديل" المتمثل في مجموعة "فاغنر" الروسية المسلحة التي تشكل "وصفة لمزيد من الفوضى" بحسب قوله.
واعتبرت جولي غريغوري أن الانقسامات داخل مجلس الأمن الدولي لا تساعد في تحسين الوضع، موضحة "أعتقد بأن مستويات المعارضة التي نراها من قبل الدول المستضيفة - ليست كلها لكن بعضها - مرتبطة بالانقسامات في مجلس الأمن".
وأضافت "تستخدمها الدول المستضيفة للأسف كوسيلة ضغط للدفع باتجاه تحقيق مصالحها الخاصة".
وحذر باتريك لابودا من أن قرار مالي "سيبعث ربما بإشارة إلى الحكومات الأخرى مفادها بأنه إذا لم تكوني راضية يمكنك أن تتطلبي، ويمكن أن يقلل ذلك من مساحة المناورة" لدى الأمم المتحدة.
لكن على رغم كل القيود والصورة السلبية التي تشوبها حالات اعتداء جنسي أو إصابات بالكوليرا بسبب جنود الأمم المتحدة في هايتي، يشدد المتخصصون على ضرورة عدم نسيان "النجاحات" التي حققتها عمليات الأمم المتحدة.
وقالت أنجالي ديال "الصورة التي تتراءى لنا عن عمليات حفظ السلام تشوبها إخفاقات لأنها إخفاقات واضحة وكبيرة".
وأضافت "لكنها أداة ناجحة إلى حد ما. انتشارها كفيل أحياناً بالحد من اتساع النزاعات وتقليل عدد الضحايا، إضافة إلى حماية السكان من المتمردين".
