ملخص
فور انتهاء التمرد شرع الكرملين في التحرك لفرض السيطرة الكاملة على الإمبراطورية العالمية للمجموعة "فاغنر" لضمان بقاء النفوذ الروسي في بقاع عدة من الشرق الأوسط وأفريقيا
في الساعات التي أعقبت وقف تقدم مجموعة "فاغنر" نحو موسكو، شرع الكرملين في التحرك لفرض السيطرة الكاملة على الإمبراطورية العالمية للمجموعة المرتزقة التي بناها رجل الأعمال العسكري يفغيني بريغوجين.
وكتبت "وول ستريت جورنال" في تقرير لها أن مسؤولين روساً أبلغوا الرئيس السوري بشار الأسد، كما اتصل كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية برئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، الذي يضم حراسه الشخصيون مرتزقة "فاغنر"، وقدموا تأكيدات بأن أزمة يوم السبت لن تعرقل توسع روسيا في أفريقيا. ثم انتقلت طائرات حكومية من وزارة حالات الطوارئ الروسية من سوريا إلى مالي، وهي من المواقع الخارجية الرئيسة الأخرى لـ"فاغنر".
ووفقاً لمصادر الصحيفة الأميركية من دبلوماسيين وضباط استخبارات ومنشقين عن "فاغنر"، وأشخاص مطلعين ومراجعة بيانات الرحلات الدولية، فإن النشاط الدبلوماسي المحموم عكس محاولة فلاديمير بوتين للتقليل من الفوضى الداخلية وطمأنة شركاء روسيا في أفريقيا والشرق الأوسط بأن عمليات "فاغنر" هناك ستستمر من دون انقطاع على أن تكون من الآن فصاعداً تحت إدارة موسكو المباشرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال السنوات الماضية، ساعد "فاغنر" الكرملين في حشد النفوذ الدولي وجمع إيرادات مالية، من خلال شركة "كونكورد" القابضة التابعة لبريغوجين وشبكة من الشركات الوهمية التي ساعدت في تحويل الأموال إلى الكرملين، وذلك وفقاً لمسؤولين غربيين ووثائق اطلعت عليها الصحيفة.
وقال مسؤولون غربيون إن شركات "فاغنر" تحقق مئات الملايين من الدولارات سنوياً في أفريقيا، بما فيها من صادرات ذهب السودان إلى ألماس جمهورية أفريقيا الوسطى، وهي مصدر مهم للتمويل للحفاظ على نفوذ روسيا في القارة وتمويل العمليات في أوكرانيا.
وتوظف "فاغنر" أكثر من 30 ألف مقاتل، من بينهم 6000 فرد يقومون بأعمال متنوعة خارج روسيا وأوكرانيا، من حماية المناجم والسياسيين في جمهورية أفريقيا الوسطى، إلى حراسة آبار النفط والأراضي التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا. في مالي، ينتشر مقاتلو "فاغنر"، بدعم من مقاتلات ومروحيات روسية الصنع، إلى جانب الجنود الماليين في القرى الصحراوية لقتال الجماعات الإرهابية.
يتوقف مصير عمليات "فاغنر" الآن على ما إذا كان الكرملين يستطيع في الوقت نفسه تهميش بريغوجين والحفاظ على الإمبراطورية التي بناها. وبعد سنوات من إنكار أي صلات بين الكرملين و"فاغنر"، قال بوتين يوم الثلاثاء إن الدولة الروسية كانت تمول المجموعة لفترة الاثني عشر شهراً المنتهية في مايو (أيار).
في روسيا، أمام رجال "فاغنر" حتى الأول من يوليو (تموز) لتوقيع عقود مع وزارة الدفاع. وكان بريغوجين، الذي هبطت طائرته يوم الثلاثاء في بيلاروس، قد كرر مراراً أن رجاله سيرفضون العقود. ولم يوضح رئيس المرتزقة إن كان سيحاول السيطرة على عمليات "فاغنر" الخارجية أثناء وجوده في المنفى أم لا.
وفي مسعى من الكرملين لوضع اليد على عمليات "فاغنر" الخارجية، توجه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين إلى دمشق في عطلة نهاية الأسبوع لحث الأسد على منع مقاتلي "فاغنر" من مغادرة سوريا من دون إشراف موسكو، بحسب ما أفاد مصدر مطلع للصحيفة. وذكر بيان صادر عن مكتب الأسد بعد الاجتماع أنهما بحثا التنسيق المشترك خاصة في "ضوء الأحداث الأخيرة".
وقال مصدران مطلعان إن مقاتلي "فاغنر"، الذين عملوا بشكل مستقل إلى حد كبير في سوريا، تلقوا أوامر يوم الثلاثاء بالذهاب إلى قاعدة جوية تديرها وزارة الدفاع الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية، وقد امتثلوا.
في مالي، يراهن المجلس العسكري على موسكو لفرض السيطرة على بلد يخسر أراضي أمام الحركات المتشددة منذ سنوات. ومن المقرر أن تصوت الأمم المتحدة هذا الأسبوع لسحب جميع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة البالغ عددها 13000، في أعقاب مطالب حكومة مالي الانقلابية بإنهاء مهمة الأمم المتحدة الأمنية التي دامت عشر سنوات.
وتعتمد حكومة مالي، التي تدفع لشركة "فاغنر" 10 ملايين دولار شهرياً، على مرتزقة الشركة لملء الفراغ، وفقاً لمسؤولين أمنيين غربيين.
وطلبت روسيا من مقاتلي وعناصر "فاغنر" البقاء في مواقعهم، وفقاً لضابط استخبارات أميركي، وأن رفض الامتثال سيؤدي إلى أعمال انتقامية قاسية.
ومنذ أن شن بوتين حربه على أوكرانيا، اتخذت "فاغنر" خطوات حثيثة لتوسيع وجودها في افريقيا وخارجها. في بداية العام، نشرت "فاغنر" إعلانات تجنيد جديدة للمقاتلين ذوي الخبرة، معلنة توسعها في القارة.
وفي يناير (كانون الثاني)، أجرت "فاغنر" محادثات حول إرسال قوة عسكرية إلى بوركينا فاسو، وهي دولة في غرب أفريقيا مهددة أيضاً من قبل الحركات الإرهابية والتي قررت طرد القوات الفرنسية. كما أشارت الوسائل الدعائية للمجموعة إلى أنها كانت تضع نصب عينيها بعد ذلك على ساحل العاج، مع ما يعنيه ذلك من سيطرة على ساحل المحيط الأطلسي بأفريقيا.