ملخص
من المقرر أن يجتمع ماكرون مع قيادات البرلمان، اليوم الإثنين، ومع أكثر من 220 رئيس بلدية من البلدات والمدن التي تضررت من أعمال الشغب، الثلاثاء
عاد الهدوء، نوعاً ما، إلى بعض المدن والضواحي في فرنسا بعد أعمال الشغب التي شهدتها البلاد احتجاجاً على مقتل مراهق على يد الشرطة عند نقطة تفتيش مرورية.
وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان إنه تم نشر 45 ألف شرطي مرة أخرى، ليل أمس الأحد، لردع مثيري الشغب الذين أضرموا النار في سيارات ونهبوا متاجر واستهدفوا قاعات البلديات ومراكز للشرطة، وشمل ذلك الهجوم على منزل رئيس بلدية لاي ليه روز، بينما كانت زوجته وأطفاله نائمين بالداخل.
وأرجأ الرئيس إيمانويل ماكرون زيارة دولة كان من المقرر أن تبدأ لألمانيا، أمس الأحد، للتعامل مع أسوأ أزمة تشهدها فرنسا تحت رئاسته منذ احتجاجات "السترات الصفراء" التي اجتاحت معظم أنحاء البلاد في أواخر 2018.
رؤساء البلديات
ودعا رؤساء البلديات في فرنسا إلى تجمع "مدني" أمام كل مقار البلديات للتنديد بموجة العنف التي تشهدها المدن راهناً والتي بدا وكأن حدتها تتراجع في مختلف أنحاء البلاد.
ودعت جمعية رؤساء بلديات فرنسا المواطنين "إلى تعبئة مدنية للعودة إلى النظام الجمهوري" بعد هجوم عنيف اقتحمت خلاله سيارة ليل السبت الأحد منزل رئيس بلدية في منطقة باريس مما أثار تنديداً بالإجماع.
وشددت الجمعية على "الاضطرابات الخطرة" التي "تستهدف بعنف كبرى رموز الجمهورية أي مقار البلديات والمدارس والمكاتب العامة ومراكز الشرطة البلدية" منذ 27 يونيو (حزيران) الماضي.
وبدا أن حدة العنف إلى تراجع بعد أعمال شغب متواصلة لخمس ليال. فأوقفت القوى الأمنية 157 شخصاً ليل الأحد- الإثنين في مقابل أكثر من 400 في الليلة السابقة، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية، ولم يسجل وقوع أي حادثة كبيرة.
وقضى عنصر في فرق الإطفاء الفرنسية يبلغ الرابعة والعشرين في سان دوني قرب باريس عندما كان يكافح حريقاً اندلع في سيارات في مرأب تحت الأرض ليل الأحد- الإثنين بحسب وزارة الداخلية. ولم يؤكد أي طرف رسمياً حتى الآن وجود رابط بين الحريق وأعمال الشغب.
و"ستطلق كل البلديات الفرنسية صفاراتها" ظهر الإثنين بالتوقيت المحلي، بحسب جمعية رؤساء البلديات، بعد أن أثار الهجوم العنيف بسيارة اقتحمت منزل رئيس بلدية إي-لي روز، فنسان جانبران، في ضاحية باريس الجنوبية صدمة وشجباً.
تجاوز عتبة
وبعد الهجوم على منزل جانبران أكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن لرؤساء البلديات أن الحكومة "لن تدع أي عمل عنيف يمر" من دون محاسبة مشددة على اعتماد "الصرامة القصوى" في العقوبات.
ويعرب مسؤولون سياسيون عن خشيتهم من أنه "تم تجاوز عتبة" من خلال اقتحام سيارة تحوي مواد حارقة منزل جانبران الذي كان يومها في مقر البلدية. وفتح القضاء تحقيقاً بتهمة "محاولة الاغتيال".
وخلال فرارها مع طفليهما الصغيرين، أصيبت زوجة رئيس البلدية، ميلاني نواك، وهي مساعدته ومستشارة مناطقية بكسر في قصبة الساق.
وقال جانبران "ما من شك في أنهم كانوا يريدون إحراق منزلي".
وروى لمحطة "تي أف 1" التلفزيونية "عندما أدركوا أن ثمة أشخاصاً في الداخل لم يتوقفوا، على العكس أطلقوا مفرقعات بشكل مجنون". وأكد "لم أتصور يوماً أن عائلتي ستتعرض لتهديد الموت"، داعياً إلى "يقظة جمهورية".
اجتماعات ماكرون
من المقرر أن يجتمع ماكرون مع قيادات البرلمان، اليوم الإثنين، ومع أكثر من 220 رئيس بلدية من البلدات والمدن التي تضررت من أعمال الشغب، الثلاثاء.
وفي منتصف أبريل (نيسان)، أمهل ماكرون نفسه 100 يوم لتحقيق المصالحة والوحدة في بلده الذي انقسم بعد إضرابات متتالية واحتجاجات عنيفة في بعض الأحيان بسبب رفعه سن التقاعد، وهو ما وعد به في حملته الانتخابية.
وأذكت وفاة نائل (17 سنة)، المراهق الذي قتلته الشرطة بعد أن أوقفت سيارته في إحدى ضواحي باريس، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والجمعات الحقوقية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية الممنهجة داخل أجهزة إنفاذ القانون، وهو ما تنفيه السلطات.
وصرح المدعي العام بأن رجل الشرطة، الذي أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب، قال للمحققين إنه أراد منع مطاردة للشرطة خوفاً من التسبب في إصابات، وهو قيد التحقيق بتهمة القتل العمد. وقال محاميه لوران فرانك لينارد إنه لم يكن ينوي قتل الشاب.
جدة نائل تحث على إنهاء الشغب
من جانبها، قالت جدة نائل إنها تريد انتهاء أعمال الشغب التي اندلعت في أنحاء البلاد بعد مقتل حفيدها ودخلت ليلتها السادسة، أمس الأحد.
وأضافت السيدة التي عرفتها وسائل الإعلام الفرنسية باسم نادية أن مثيري الشغب يستغلون مقتل نائل كمبرر لإحداث فوضى، وأن الأسرة ترغب في استتباب الهدوء.
وقالت نادية لتلفزيون "بي أف أم"، "أطلب منهم (مثيري الشغب) التوقف عن ذلك". وأضافت "نائل مات. ابنتي ضاعت. لم تعد ترغب في الحياة بعد الآن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولدى سؤالها عن حملة لجمع الأموال تلقت تعهدات بأكثر من 670 ألف يورو (731 ألف دولار) للشرطي المتهم بالقتل العمد في حادثة إطلاق النار، قالت نادية "قلبي يؤلمني".
تراجع الخسائر والاعتقالات
قالت وزارة الداخلية إنها ألقت القبض على 719 شخصاً، ليل السبت- الأحد، أي أقل من 1311 في الليلة السابقة عليها و875، ليل الخميس.
وذكر رئيس شرطة باريس لوران نونيز أن من السابق لأوانه القول إن الاضطرابات قد أخمدت، وقال "من الواضح أن الأضرار كانت أقل، لكننا سنظل مستعدين في الأيام المقبلة، وعلى درجة عالية من التركيز، ولا أحد يدعي النصر".
وكانت المنطقة الأكثر سخونة، ليل السبت- الأحد، هي مرسيليا، إذ أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مثيري شغب، وخاضت اشتباكات مع شبان في محيط وسط المدينة حتى ساعة متأخرة من الليل. كما حدثت اضطرابات في باريس ونيس المطلة على البحر المتوسط وستراسبورغ، شرق البلاد.
وحثت الصين ودول غربية مواطنيها على توخي الحذر بسبب الاضطرابات التي قد تشكل تحدياً كبيراً لفرنسا بذروة الموسم السياحي في الصيف في حال تصاعدها في محيط المعالم السياحية بوسط المدينة.
وقال مكتب الشؤون القنصلية الصيني إن القنصلية الصينية قدمت شكوى رسمية بعد تهشم زجاج حافلة تقل مجموعة سياح صينيين، الخميس الماضي، مما ألحق إصابات طفيفة بهم.
وأغلقت واجهات المتاجر في شارع الشانزليزيه الشهير بباريس، الليلة الماضية، ووقعت اشتباكات في أماكن أخرى متفرقة. وقالت الشرطة إن ستة من المباني العامة تضررت، وأصيب خمسة من أفراد الأمن.
مجموعات مدربة
وفي منطقة باريس اقتحم مثيرو شغب منزل رئيس بلدية لاي ليه روز بسيارة، وتعرضت زوجته وأطفاله لهجوم بالألعاب النارية أثناء فرارهم.
وزارت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن المنطقة، أمس الأحد، بصحبة رئيسة منطقة باريس فاليري بيكريس، التي ألقت بالمسؤولية في أعمال العنف على مجموعات صغيرة مدربة جيداً. وقالت "الجمهورية لن تستسلم، وسنقاوم".
واستقبل رئيس البلدية بالترحاب، وقالت واحدة من السكان تدعى ماري كريستين "إنهم يحطمون الأشياء لمجرد تحطيمها، يريدون نشر الرعب ومهاجمة المسؤولين المنتخبين ومحاولة تعريض الجمهورية للخطر".
وقال وزير المالية برونو لو مير، السبت الماضي، إن نحو 10 مراكز تجارية تعرضت للنهب في غمرة الاضطرابات. وأضاف أن أكثر من 200 متجر تعرضت للهجوم، كما استهدفت بنوك ومحال لبيع التبغ والملابس ومنافذ للوجبات السريعة.
وبالغ حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، المنافسة الرئيسة لماكرون في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، في تصويره لماكرون على أنه غير حاسم في ما يتعلق بقضايا الهجرة.