Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السبحة في الخليج تخفي وراءها حرفة وأسرارا

تطورت عبر العصور وشكلت رمزاً للمكانة الدينية والاجتماعية أحياناً

بات للسبحة أسواق متخصصة في دول الخليج  (اندبندنت عربية)

ملخص

 اقتناء السبحة في الخليج ليس ترفاً وحسب، ولكنه أيضاً أحد مؤشرات المقام الديني والاجتماعي أحياناً، وهذا ما نعرفه عن أغلى أحجارها التي تنافس الذهب.

تحضر السبحة أو المسبحة في المجتمعات العربية الإسلامية في كل الأوقات، إلا أنها في المواسم الدينية والأفراح تكون أكثر حضوراً، فتقدم كهدايا خاصة في مواسم الحج والعمرة وفي الأعياد الإسلامية.

ومع الإقبال على الأكسسوار الذي يصنف على أنه من أكثر ما يتزين به الرجال، نشأت أسواق كبيرة وباعة متخصصون في الخليج مثل سوق المنامة في البحرين والمباركية التراثي بالكويت، وعرفت السبحة منذ عصور قديمة حين كانت تصنع في ذلك الحين من الأحجار أو القواقع والأصداف، ومن أشهر أنواع السبح المنتشرة في الأسواق المحلية حالياً الكهرمان والعاج والأحجار النادرة، وتطورت عبر العصور واحتلت مكانة دينية واجتماعية.

ولطالما كانت السبحة مثار اهتمام الخليجيين فبرعوا في صناعتها، وعلى رغم الصبغة الإسلامية والعربية للمسابح بشكل عام، فإن تاريخها ارتبط بالحضارات الشرقية والغربية.


السبحة في الأديان

ويروي الباحث الكويتي محمد كمال في حديثه إلينا أن "هناك عدداً من الدلائل التاريخية التي تشير إلى أن السبحة عرفت في الأديان والحضارات المختلفة خلال عصور ما قبل تاريخ الإسلام، وكانت وسيلة للتعبد لدى المسيحية والبوذية، وهي تعد تطوراً طبيعياً لفكرة القلادة، وقد ربط بعض الباحثين ظهورها بالاستخدامات الدينية إلا أن استقراء التاريخ يربط ظهور السبحة بالأحجار الكريمة".

ويضيف، "مع مرور الزمن تطورت القلائد وبدأت تأخذ أشكالها الحالية، وغزت الحضارات الشرقية والغربية مثل الحضارة الفينيقية في بلاد الشام والحضارة الرومانية، ومع ظهور الإسلام تحولت وصارت تعرف باسم "السبحة" واستخدمت في التسبيح، إضافة إلى العد والإحصاء".

ويؤكد أن "الاستخدام الديني لها لم يكن مقتصراً على المسلمين، فهناك كثير من الآثار لاستخدام السبحة في الأديان القديمة مثل الوثنية والبوذية، وكانت معروفة لدى اليهود والمسيحيين، ودلت المنحوتات والرسوم القديمة على استخدام الإنسان للسبحة منذ زمن بعيد في التأمل والتعبد".

 

 

عناصر ومواد

وفي جولة على إحدى أسواق السبح في المنامة، وقفت "اندبندنت عربية" على الحرفي جاسم الملا الذي وجدناه يعكف على صناعة حبات السبحة بدقة متناهية، وهو يقوم بتحويل قطع الأحجار الكريمة إلى قطع صغيرة متساوية تكون في ما بعد حبات سبحة طلبها أحد زبائنه، وهو في هذه المهنة منذ أعوام ويميزه كما يقول أنه يستعمل مواداً طبيعية لصنع المسابح، مما يزيد قيمة ما ينتج.

ويقول، "تتعدد المواد المستخدمة في صناعة حبات السبحة في الوقت الراهن ما بين الخامات الطبيعية والأحجار المصنعة، كما تتنوع بين الأحجار الكريمة مثل الماس والياقوت والزمرد، والأحجار ذات الأصل العضوي مثل الكهرمان واليسر الأسود واللؤلؤ والمرجان، وأيضاً المعادن مثل الفضة والذهب والمواد ذات الأصل الحيواني مثل العظم والعاج والخشب بأنواعه كالصندل والأبنوس".

ووفقاً للملا فإن الكهرمان يعد الأكثر طلباً في دول الخليج، وهو خام طبيعي ينشأ في الأساس من مادة لزجة مأخوذة من شجرة الصنوبر، ومع امتداد السنين باتت مادة صلبة تصنع منها السبح والمنحوتات.

 

 

ندرة وجودة

ويتحدد سعر الكهرمان بحسب نوعيته وجودته وتاريخه، فكلما كانت الخامة موغلة في الزمن الماضي ارتفعت قيمتها في الزمن الحاضر أكثر، ويقول التاجر البحريني عيسى راشد "أكثر ما يقبلون عليه رواد سوق السبح هو سبحات حبات الكهرمان ذات الأصول البولندية، وتتراوح أسعارها ما بين 300 و500 دينار بحريني  (الدينار يعادل 2.6 دولار).

ويعتبر غرام الكهرمان أغلى من غرام الذهب أحياناً، فتبدأ من دينار للغرام الواحد إلى 80 ديناراً (264 دولاراً)، وتصل أسعار السبح في بعض المزادات إلى أكثر من 17 ألف دينار (56 ألف دولار)، وباختلاف لونه ووزنه وعمره ينخفض أو يرتفع سعر الكهرمان، أما عن ألوانه فهي تتخذ الأصفر الذهبي والأصفر الداكن المائل للبني والأسود.

 

 

أرقام وأحجام

وتتعدد كذلك أحجام وعدد حبات السبحة تبعاً للغرض الذي تستخدم فيه وكذلك نوعية المواد الخام المستخدمة، أما عن عدد حبات السبحة الواحدة ففي معظم تصميماتها، وبخاصة في الدول الإسلامية، يتخذ من الأرقام الفردية عنواناً لعدد حبيباتها، ومن ضمنها سبحة الـ 99 حبة المستخدمة للأغراض الدينية مثل التسبيح بعدد أسماء الله الحسنى الـ 99، وأيضاً هناك سبحة الـ 33 حبة، وهي الأكثر شيوعاً خاصة لسهولة حملها، وأيضاً سبحة الـ 45 والـ 65 حبة، أما عن أحجام الحبات فالأكثر شيوعاً في الوقت الراهن الشكل البيضاوي والدائري والتفاحي، وتعقد في نهاية أطراف السبحة الكركوشة وبعض الحلي المصنعة من الفضة وغيرها من المعادن بطريقة معينة.

 

 

استخدامات عدة

وعلى رغم أن البدايات الأولى لاستخدام السبحة بصورتها الحالية كانت لغرض ديني بحت وكذلك العد والإحصاء، إلا أن استخداماتها تعددت في الوقت الراهن، بداية من الولع بنوع معين من الأحجار الكريمة إلى اعتبارها لدى بعض الناس رمزاً للمكانة الاجتماعية أو جزءاً مكملاً للمظهر، إضافة إلى استخدامها ديكوراً داخل المنزل، أو اتخاذ جمع النادر منها هواية، لذلك فإن السبحة أصبحت جزءاً من تراث وعادات وتقاليد كثير من العرب، خصوصاً في الشام والخليج العربي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات