ملخص
إذا خسر حزب المحافظين الانتخابات العامة المقبلة فقد يكون لديهم نظرياً الفرصة للعودة بسرعة إلى واجهة العمل السياسي، فحزب العمال سيرث اقتصاداً وطنياً مأزوماً
لدى ديفيد فروست، المفاوض الحكومي خلال الاستعدادات لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وعضو مجلس اللوردات عن حزب المحافظين "طموحات لزعامة حزب المحافظين" بحسب ما قيل لنا، فوفقاً لصحيفة "تايمز" البريطانية فهو يشغل حالياً موقعا متقدماً في لائحة الشخصيات التي تلقى قبول الحزب لتولي المنصب، مما يسمح له بالترشح في إحدى الدوائر المحسومة للمحافظين والفوز، على أن يتخلى عن منصبه في مجلس اللوردات وبالتالي التطلع إلى أن يصبح زعيماً لحزب محافظين معارض بعد الانتخابات المقبلة.
أيها القراء، عندما سمعت الخبر سخرت منه لكنني تذكرت بعد ذلك أن المرة الأخيرة التي سخرت فيها بقوة من أمر مماثل كانت عندما اقترح أحدهم عليّ فكرة أن جيريمي كوربين ربما قد يصبح زعيماً لحزب العمال، ولذلك دعونا نتريث ونراجع الموضوع.
إذا خسر حزب المحافظين الانتخابات العامة المقبلة فقد يكون لديهم نظرياً الفرصة للعودة بسرعة إلى واجهة العمل السياسي، فحزب العمال سيرث اقتصاداً وطنياً مأزوماً، كما أن المالية العامة في وضع مزرٍ وخدمات الصحة الوطنية (NHS) على سرير الطوارئ.
زعيم حزب العمال كير ستارمر بالكاد قد يحقق الغالبية أو ربما لن يحققها حتى، فلو نجح حزب المحافظين في التحلي بالانضباط ونجح نوابه في التمسك بريشي سوناك كزعيم لهم فربما كان الأمل في متناولهم لاستغلال خيبات الأمل المتوقعة من حكومة عمالية خلال بضع سنوات، لكنهم لن يفعلوا ذلك.
وبناء على فهمنا لسيكولوجية الهزيمة فمن المتوقع أن يلجأ المحافظون حال خسارتهم الانتخابات إلى تبادل الاتهامات والتفكير غير العقلاني كآلية للتكيف، والمؤشرات على ذلك أصبحت ظاهرة منذ الآن، فمن خلال اختيارهم ليز تراس العام الماضي كان ذلك أول خروج لأعضاء الحزب عن الواقع، وهذه جملة لم ينطق بها أحد المعلقين السياسيين بل كانت لنائب رئيس الحملة للخروج من الاتحاد الأوروبي والوزير السابق مايكل غوف.
نواب حزب المحافظين نجحوا في إنقاذ الوضع ولكنهم لم ينجحوا في معالجة الحمى التي ضربت الحزب، فبعض أعضائه، لنكون عادلين، توصلوا إلى نتيجة مفادها أنهم قد ارتكبوا خطأً، لكن غالبيتهم رأى بأن عدم نجاح التجربة الحية التي أجروها لتفجير كل قواعد الإدارة المالية نبع من عدم تنفيذها بالشكل الصحيح، أو لأنه قد نُفذت بشكل سريع جداً، أو لأن الأرضية لم تكن مهيأة لذلك، أو لأنها خُربت من قبل مؤسسة الحكم [في إشارة إلى قطاع الخدمة المدنية].
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ميدان معارك الحرب الأهلية في حزب المحافظين لا يشغله اتباع زعيم فاشل واحد فقط بل اثنان، وبوريس جونسون حاول أن يهدم الهيكل على من فيه خلال عملية الإطاحة به، ولكنه ومثل "شمشوم فاشل" low-rent Samson نجح فقط في ترك بعض الأضرار المادية الطفيفة خلفه على جدارن [الهيكل]، لكنه ترك على رغم ذلك آثاراً تشير إلى شعوره بالمرارة خلفه.
استقالة زاك غولد سميث كوزير دولة لشؤون البيئة ليس من شأنها أن تغير من توجهات كثير من الناخبين، فمعظم أولئك الذين لديهم آراء متطرفة بخصوص قضايا البيئة يتفقون مع غولد سميث في أن سوناك غير مهتم بقضايا البيئة، لكن هذه الاستقالة تسهم في تأكيد الابتعاد المستمر من الأيديولوجية العامة لحزب المحافظين في ظل جونسون.
وعلى غرار الطريقة التي انتقل بها حزب العمال من حقبة البليرية الشاملة [نسبة إلى رئيس الوزراء توني بلير]، وصولاً إلى واقع بدا فيه الحزب مختلفاً تماماً، فقد شهد حزب المحافظين بدوره انتقالاً من النهج الليبرالي الشامل تحت حكم ديفيد كاميرون مروراً بطريق التشكيك في أوروبا على طريقة جونسون، ووصولاً إلى عدد من الشيع المتنافسة للفوز بحقوق امتياز تمثيل حزب المحافظين.
من المثير جداً مثلاً كيف أن لائحة المشاركين في كتاب جديد يقوم بتحريره ديفيد غوك، "لماذا الدفاع عن يمين الوسط" The Case for the Centre Right، تبدو وكأنها دعوة لا متناهية إلى تأسيس حزب مختلف للمحافظين، ومن بين هؤلاء روري ستيوارت Rory Stewart ومايكل هيزلتاين Michael Heseltine ودومينيك غريف Dominic Grieve ودانيال فينكلشتاين Daniel Finkelstein وكيفين بارويل Gavin Barwell وأمبر رود Amber Rudd وأندرو كوبر Andrew Cooper وآن ميلتون Anne Milton وسام جيماه Sam Gyimah وتيم بيت Tim Pitt، وسيكون ذلك حزباً للمحافظين على وسطية إلى درجة تجعل منه متداخلاً مع حزب الليبراليين الديمقراطيين (كما يراه سام جيماه)، ويتماهى حتى مع مكتب كير ستارمر (الذي يشغل أندرو كوبر وظيفة مستشار فيه).
ويبدو ذلك وكأنه حزب للمحافظين معادلاً "للبليريين" الذين تخلى عنهم حزبهم [العمال] عندما سار مسيرته الطويلة من أجل تطبيق الأيديولوجية الصافية [في حقبة كوربين]، ولفترة من الزمن بعد التمزق الذي سببه "بريكست" كان جونسون قادراً على الحفاظ على وحدة ما تبقى من حزب المحافظين من خلال تمسكه بنهجين متناقضين في مواجهة كل القضايا الكبيرة، فكان مؤيداً للهجرة ولكنه مؤيد للخروج الحاد من أوروبا، ويؤمن بدولة رعوية كبيرة وفي الوقت نفسه مؤيد للدولة الرشيقة الصغيرة، ويدعم دولة ذات ضرائب منخفضة ولكنه يفرض ضرائب مرتفعة، ومؤمن بحماية البيئة وفي الوقت نفسه مؤمن بنمو مناطق الحائط الأحمر الصناعية الثقيلة وانبعاثات مداخنها [في وسط إنجلترا]، ولكن بعد هزيمة المحافظين في الانتخابات [المقبلة] سيضطر الحزب إلى الاختيار.
وهكذا يمكن أن تكون رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس مجرد زعيمة مرحلية، كما كان عليه الحال مع إد ميليباند [رئيس حزب العمال الذي قاد الحزب قبل جيريمي كوربين]، والتي فتحت الطريق أمام وصول النسخة الكوربينية لحزب المحافظين، والذي سيخرج من الجانب المظلم والهامشي للمعلقين الصحافيين، ليعرض الرسالة الحقيقية الكاملة القوة والخالية من الأعذار، وهذا الشخص هو اللورد فروست.
هناك عدد من المشكلات في هذا السيناريو، وأنا أعتقد أنها مشكلات عميقة للغاية مقارنة بالأسباب التي دفعت إلى الاعتقاد بأن كوربين لم يكن بإمكانه الفوز في مسرح انتخابي ضعيف يشغله أندي بيرنهام Andy Burnham، وإيفيت كوبر Yvette Cooper، وليز كيندال Liz Kendal.
المشكلة الأولى هي أن النواب يلعبون دوراً أكثر أهمية، كحراس للبوابة وفق قواعد حزب المحافظين، مما اعتدنا عليه في حزب العمال، وكان كوربين بحاجة إلى 35 ترشيحاً كي يدخل المنافسة على زعامة الحزب، فيما يتوجب على مرشح حزب المحافظين الحصول على دعم ثلث نواب الحزب للوصول إلى دورة التصفية بين المرشحين الفائزين الأخيرين والذين سيقوم أعضاء الحزب في البت بالفائز بينهما.
المحررة السياسية لمجلة "سبكتيتورز" Spectator كايتي بولز والتي نشرت المعلومات عن طموحات اللورد فروست لقيادة الحزب (على رغم النفي من أولئك المقربين منه) تعتقد بأن الفرصة متاحة لفروست إذا ما خسر حزب المحافظين الانتخابات بشكل كبير وحصل على أقل من 200 مقعد نيابي، لكن البروفيسور تيم بييل Tim Bale وديفيد جيفري David Jeffery أظهرا أن توازن القوى في كتلة حزب المحافظين البرلمانية قد لا يتغير كثيراً، بغض النظر عن سوء أداء الحزب خلال الانتخابات.
أنا لا أعتقد أن فروست هو زعيم محتمل [لحزب المحافظين] لأنه في الأساس من الصعب عليه أن يصبح منافساً كونه نائب جديد، لكنني أعتقد أنه من الممكن أن تكون عضوية الحزب قد سيطر عليها نوع من أنواع الكوربينية في حزب المحافظين.
إن مسألة زعامة الحزب ستتجه نحو تحديد أي من المرشحين سيكون مقبولاً لدى النواب، فكيمي بادينوك وبيني موردانت هما المرشحتان المقبولتان المفضلتان، وإن كان الاحتمال منخفضاً، ستكونان الأنسب في قول ما يود أعضاء الحزب سماعه ، وبكلمة أخرى من سيكون كير ستارمر حزب المحافظين؟
© The Independent