Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يستجيب الشباب السوداني لدعوة القتال مع الجيش؟

يرى متابعون أن قوات "الدعم السريع" تبني خطتها على أن القوات الحكومية تعاني من قلة عددية في سلاح المشاة

يرى البعض أن دعوة الجيش السوداني الشباب للانضمام كمتطوعين في صفوف المقاتلين تأتي لحماية المنازل والممتلكات (أ ف ب)

ملخص

برأي مراقبين أنه إذا أراد الجيش مشاركة الشباب في هذه الحرب فعليه أن يعدهم جيداً بإخضاعهم لفترة تدريبية كافية

في وقت تتصاعد فيه عمليات القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مدن العاصمة السودانية المثلثة (الخرطوم، أم درمان، وبحري) بشكل مكثف على كافة الجبهات أرضاً وجواً، وجه الجيش قيادات الفرق والمناطق العسكرية باستقبال وتجهيز المقاتلين المتطوعين للالتحاق بصفوفه في الحرب الدائرة منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، التي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى وقرابة الثلاثة ملايين نازح داخل البلاد وخارجها.

ويأتي هذا التوجيه في ضوء دعوة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان الشباب وكل من يستطيع حمل السلاح للدفاع عن الوطن، التي ما زالت تثير الجدل وسط المجتمع السوداني بين مؤيد ومعارض لها. فما جدوى عملية تطوع الشباب للمشاركة في الحرب، وما مدى الاستجابة لها؟

حقن الدماء

معتز هاشم (29 سنة) شاب سوداني يسكن مدينة ود مدني التي تبعد 180 كيلومتراً عن الخرطوم يقول إن "الدفاع عن الوطن واجب كل مواطن أياً كان ظرفه وعمره، بخاصة إذا كان العدوان من دولة أو جهة خارجية، لكن هذه الحرب المشتعلة في الخرطوم قرابة الثلاثة أشهر هي بين قوتين سودانيتين اختلفتا حول السلطة، وبدلاً من أن يحتكما إلى صوت العقل ويجنبا البلاد الدمار والخراب أصرا على حسم معركتهما عسكرياً، وأصبح الضحية الوطن والمواطن". وأضاف "رغم أن رأيي في قوات الدعم السريع أنها ميليشيات قبل أن يصفها الجيش بهذه الصفة، لكن يجب عدم زج الشباب في مثل هذه الحرب التي تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة حتى لا تزهق أرواحهم بهذه الطريقة السهلة التي لا تراعي ضرورة حقن الدم السوداني، لأن المشاركة في حرب كهذه تتطلب معرفة وخبرة بالقتال وليس مجرد أعداد تشارك لمجرد الاستعراض الإعلامي والنتيجة الموت المجاني".
أما الفاتح عثمان (26 سنة) وهو من سكان ضاحية أمبدة بأم درمان فأشار إلى أن "الجيش يمثل السودان مما يحتم على كل شخص على دراية بشؤون القتال، ولو مجرد التعامل مع السلاح أياً كانت درجته، الانخراط فوراً في صفوف القوات المسلحة، لأنه وضح بما لا يدع مجال للشك بأن هذه الحرب تهدف لاستهداف الوطن ممثلاً بالجيش والمواطن بنهب ممتلكاته وأمواله بالتالي لا سبيل غير الاستنفار الشعبي". وزاد "ما يحدث في الخرطوم يشكل تهديداً مباشراً لكل السودان، ولا سبيل لعودة الأمن والاستقرار غير التكاتف بيننا جميعاً من أجل نصرة الجيش بكل ما نستطيع".

فترة تدريبية

في سياق متصل، أوضح الباحث في مجال العلوم السياسية محمد خليفة صديق أن "مناداة الشباب لحمل السلاح غير مناسبة سواء من ناحية التوقيت أو المضمون، فالجيش كان في البداية يرفض هذه الدعوة لعلمه أن معظم الشباب غير مستعد للقتال المباشر في ساحة العمليات، بخاصة أن الحرب الدائرة الآن في البلاد بين جيشين لديهما قدرات عسكرية كبيرة، بالتالي لا يمكن الزج بهؤلاء الشباب في مثل هذا الصراع الدموي الذي يتطلب معرفة تامة باستخدام السلاح والنواحي التكتيكية والقتالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع صديق "إذا أراد الجيش مشاركة قطاع الشباب في هذه الحرب فعليه أن يعدهم الإعداد الجيد من خلال إخضاعهم لفترة تدريبية كافية حتى تكون مشاركتهم في القتال ذات فاعلية وإضافة حقيقية وليس مجرد تظاهرة عددية وفقد لأرواح لا علاقة لها بأمور القتال، بالتالي فإن دعوة الشباب للانضمام إلى الجيش في ميدان القتال ضد قوات الدعم السريع تحتاج إلى مراجعة".

ومضى المتخصص في العلوم السياسية قائلاً "لكن إذا كانت الدعوة للشباب الذين لديهم خبرة سابقة وسبق لهم المشاركة في القتال يمكن أن تكون مقبولة بهذا الشكل، لكن الدعوة المفتوحة للمشاركة هي عين الخطأ، وكان يمكن أن تكون هناك دعوة لكتائب الحرب بمشاركة الشباب في وحدات متخصصة كمجالات الإعلام ببث الأخبار الصادقة ومحاربة الإشاعات ومساندة الجيش إعلامياً ومعنوياً ومادياً، فضلاً عن التحام الجيش مع المواطنين، وغيرها من المجالات التي يمكن يسهم فيها الشباب كقوة دفع من خلف الكواليس بعيداً من ساحة المعركة".

قبول شعبي

بدوره رأى الباحث السياسي الزمزمي بشير أن "دعوة الجيش الشباب للانضمام كمتطوعين في صفوف المقاتلين تأتي لحماية المنازل والممتلكات والمرافق المدنية والضغط على قوات الدعم السريع للخروج من تلك المواقع باتجاه الطرقات العامة حتى يسهل ضربها، بيد أن تلك القوات (الدعم السريع) تبني خطتها على أن الجيش يعاني من قلة عددية في عناصر المشاة، لكنه يتفوق بسلاح الجو والمهندسين والمدرعات، بالتالي فإن هذه الدعوة ترفع العبء عن القوات المسلحة لحماية المدنيين وممتلكاتهم، في وقت وردت معلومات بأن قوات الدعم السريع تستنفر لتجنيد أفراد لها في ولاية غرب دارفور بعد تناقص أعدادها وهي ميزة لا تريد فقدها خصوصاً وأنها تعتمد على قوات تسعى إلى الكسب السريع للمعركة والانشغال بالغنائم المتمثلة في أعمال النهب والسلب لسيارات المواطنين وأموالهم وممتلكاتهم، كما ليس لديها التجربة والخبرة العسكرية المتراكمة في إدارة المعارك مثل الجيش".

وواصل بشير "رغم أن عديداً من المتخصصين والمراقبين يعتقدون أن دعوة الجيش الشباب للانضمام إلى جانبه جاءت متأخرة، إذ إنه كان رافضاً لهذه الدعوة منذ بداية الحرب لإثبات قدرته على حسم المعركة لصالحه، فضلاً عن إقفال الباب أمام ما روج له بأن الإسلاميين هم من أشعلوا الحرب، بالتالي فإن الدعوة للتعبئة العامة بإمكانها التشويش على المشهد داخل القوات المسلحة في المرحلة الأولى التي خاض فيها الجيش المعركة وحده ووجد سنداً جماهيرياً كبيراً (مادياً ومعنوياً) في العاصمة وأقاليم البلاد كلها".

وأردف الباحث السياسي قائلاً إن "هذه الدعوة لاقت قبولاً شعبياً منقطع النظير وربما تفتح الباب أمام عودة سكان الخرطوم الذين نزحوا إلى خارجها ودول الجوار، لكن هذا الأمر يحتاج إلى قوة ميدانية حكيمة حتى لا تنحرف عن أهدافها مع تطاول أمد هذا الصراع وتزايد حالات السلب والنهب. فالجيش أراد أن يلعب بهذه الورقة من أجل الضغط على قوات الدعم السريع. ونجحت هذه التجربة في منطقة كرري بأم درمان التي تعاون سكانها في إقامة تروس وحراسة للأحياء ويريد الجيش تعميم هذه التجربة في بقية مناطق العاصمة".

المزيد من متابعات