Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودانيون بين حرب تلاحقهم وأزمات معيشة تضغط عليهم

تصاعد القتال في الخرطوم يخلف موجة نزوح جديدة والمواطنون بلا مأوى أو طعام

ملخص

الأزمة المعيشية أحكمت حلقاتها على حياة المواطنين وتأثرت جميع الولايات السودانية بالحرب.

في وقت لا يزال آلاف الفارين من ويلات حرب السودان يمنون النفس بالعودة للخرطوم بعدما شردوا قرابة الثلاثة أشهر، بدأت موجة نزوح جديدة عقب تصاعد القتال بشكل عنيف في معارك استخدمت فيها الغارات الجوية والمدفعية الثقيلة داخل الأحياء السكنية، مما أثار الخوف والهلع وسط السكان.

وأسفرت الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" خلال الأيام الماضية عن عشرات القتلى والجرحى وسط المدنيين، فضلاً عن تفاقم أزمات المعيشة وضعف الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وإغلاق الأسواق وتوقف المستشفيات علاوة على تنامي ظاهرة السلب والنهب في العاصمة.

أزمات متعددة

ومنذ اندلاع الصراع في الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي، نزح أكثر من مليون شخص داخل البلاد، وتأثرت أقاليم السودان المختلفة بحركة النزوح المستمرة، وعانى الآلاف أزمة انعدام السكن في ظل غلاء طاول مختلف جوانب الحياة، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع وانقطاع المياه والكهرباء وازدحام المستشفيات.

يقول المواطن طه عبدالرحمن يونس إن "صبره نفد مع أسرته بعد مرور 70 يوماً من اندلاع الاشتباكات وتلاشت أحلامهم في توقف المعارك الحربية وعودة الحياة لطبيعتها، فقرروا الخروج من الخرطوم عقب تصاعد القتال واستخدام الأسلحة المميتة داخل الأحياء السكنية، مما خلف عدداً من القتلى والجرحى علاوة على تدمير المنازل"، مضيفاً أن "أسرته اختارت مدينة عطبرة شمال البلاد للاستقرار هناك، كنا نأمل في وضع أفضل ولكن للأسف واجهنا مصاعب أسوأ من الحرب".

وأوضح أن "المعاناة أصبحت رفيقة للنازحين وأشدها أزمة السكن، فليس من السهل الحصول على منزل مناسب في ظل ارتفاع بدلات الإيجار بشكل كبير، إذ تتراوح ما بين 900 إلى 1500 دولار، في وقت يتقاضى سمسار العقارات بدل إيجار شهر، ويتزامن ذلك مع تصاعد في أسعار المواد الغذائية والحاجات الأساسية اليومية".

الفقر والبطالة

في غضون ذلك يواجه آلاف المواطنين حاجة ملحة للطعام والمياه والملجأ خلال نزاع ألحق ضرراً بعدد لا يحصى من المنازل وقوض بشكل كبير عمل منظمات الإغاثة الإنسانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق أشار أحد المواطنين بمنطقة أم بده في مدينة أم درمان ويدعى أمجد محمد صالح إلى أن "الفارين من دوامة العنف المسلح يعانون فقراً مدقعاً، فضلاً عن عدم تقاضي الموظفين في القطاعين العام والخاص لرواتبهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، كما تستمر كذلك معاناة الشباب بسبب البطالة".

ونبه إلى أن "هناك أزمة في السكن وارتفاعاً في أسعار الإيجارات، بخاصة ضمن المدن التي استقبلت عدداً كبيراً من النازحين مثل ود مدني بولاية الجزيرة جنوب العاصمة وبورتسودان في شرق البلاد، إذ ارتفع الطلب على المنازل بشكل مفاجئ حتى إن هناك من رمم بعض البيوت القديمة".

وتوقع المواطن الذي نزح إلى مدينة كريمة شمال السودان أن "تتفاقم معاناة الفارين من ويلات الحرب في فصل الخريف، خصوصاً بعد تحذير منظمة الصحة العالمية من انتشار الحصبة والملاريا والأمراض المنقولة بالمياه أو النواقل بسبب تجمع عوامل عدة مثل موسم الأمطار ونزوح السكان ومحدودية الحصول على مياه شرب آمنة، إضافة إلى تضاؤل الإمدادات الطبية بشكل كبير وفرار العاملين في القطاع الصحي خارج البلاد".

ثمن النزوح

إلى ذلك تشهد مناطق تجمع مركبات النقل العامة في المدن السودانية المختلفة ازدحاماً كبيراً بعد اشتداد المعارك بشكل عنيف، فضلاً عن تفاقم الأوضاع المعيشية لانعدام سلع أساسية مثل الدقيق والزيوت والألبان، إلى جانب تدهور الخدمات الصحية.

وتعتبر حنان عمر فتحي، ربة منزل من منطقة شرق النيل في الخرطوم، أن "استخدام سلاح الطيران والمدفعية الثقيلة داخل أحياء العاصمة عمل لم يحالفه التوفيق بدليل تضرر المواطنيين منه، لا سيما بعدما حصد أرواحاً عزيزة ودمر منازل أسر كثيرة وأضاع عليها شقاء عمرها".

ونوهت إلى أن "الآلاف دفعوا ثمن النزوح غالياً على رغم خروجهم مجبرين لأن الأوضاع في ولايات السودان أصبحت لا تطاق، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية إلى 300 في المئة وسط ظروف اقتصادية معقدة، علاوة على أزمة السكن وانقطاع إمدادات المياه والكهرباء لساعات طويلة، إضافة إلى تدهور القطاع الصحي".

أما الحل بالنسبة إلى فتحي، فيكمن في "تحرك سريع لولاة الولايات بتخصيص مراكز إيواء للنازحين الآتين من العاصمة لرفع عبء الإيجار عن المواطنين وتوظيف المبالغ التي بحوزتهم في توفير الحاجات الأساسية، وكذلك نقل الإغاثة التي وصلت إلى مدينة بورتسودان للأقاليم التي لا تشهد صراعاً مسلحاً وتوزيعها بعدالة على النازحين".

تدهور مريع

في الأثناء، شكا إسماعيل عوض الله العاقب، والي ولاية الجزيرة جنوب العاصمة التي نزح إليها معظم سكان الخرطوم، من تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، وأشار إلى أن "النزوح الكبير يضغط على الخدمات ويقلل من القدرة على توفير الكهرباء والمياه، ويأتي ذلك في وقت أطلقت بعض الولايات الأخرى مثل نهر النيل والنيل الأبيض وسنار حملات استنفار عام لتسجيل الوافدين والنازحين من العاصمة وتقديم الخدمات الممكنة واتخاذ الإجراءات اللازمة في ما يتعلق بالسيطرة على الأزمة المعيشية".

واعتبر الخبير الاقتصادي ضياء حامد أن "توقف الحركة الاقتصادية وإغلاق المصانع أبوابها ونفاد مخزون السلع مع توقف الوارد إلى السودان مؤشرات خطرة تنذر بمجاعة وشيكة في حال استمرار الحرب لفترة مقبلة".

ولفت إلى أن "الأزمة المعيشية أحكمت حلقاتها على حياة المواطنين وتأثرت جميع الولايات بالحرب، لا سيما أن توقف الإنتاج وصعوبة نقل البضائع من خارج البلاد أسهما في تصاعد الأسعار إلى أعلى معدل".

ورسم المحلل الاقتصادي صورة قاتمة للمشهد، منوهاً إلى أن "الموسم الزراعي مهدد بالفشل نظراً إلى أن معظم المواطنين لم يتمكنوا من حرث أرضهم حتى الآن بسبب انعدام الأمن والأمان والاستقرار، فضلاً عن أزمة شح الوقود ومعينات الزراعة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات