Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤتمر أفريقي - أوروبي لإنهاء أزمة الهجرة غير النظامية أم لتعميقها؟

أعلنت السلطات التونسية إنقاذ واعتراض أكثر من 14 ألفاً وهو رقم مفزع أثار توجساً لدى تونس كما روما

تعرضت ميلوني لانتقادات حادة في شأن المحادثات التي أجرتها مع سلطات تونس واتهمها نواب بالبرلمان الأوروبي بالتعامل مع "ديكتاتور" (رويترز)

ملخص

جورجيا ميلوني تحركت على أكثر من صعيد خصوصاً بعد توافد أعداد كبيرة على مدينة صفاقس الساحلية القريبة من السواحل الإيطالية

أعلنت الحكومة الإيطالية أنها ستنظم مؤتمراً دولياً بين أفريقيا وأوروبا، في 23 يوليو (تموز) الجاري، لحل معضلة الهجرة غير النظامية مع تسارع وتيرة محاولات العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط انطلاقاً من القارة السمراء، وهو ما أدى إلى إغراق دول عدة مثل تونس وليبيا بالمهاجرين غير النظاميين.

وقال نائب رئيسة الوزراء الإيطالي الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية أنطونيو تاياني "بلادي ستنظم مؤتمراً حكومياً كبيراً بين دول أفريقية وأوروبية في شأن ملف الهجرة غير النظامية"، وذلك بعد أشهر من تقديم الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي تئن بلاده تحت وطأة أزمة المهاجرين، مبادرة في هذا الصدد.

 

ويأتي هذا المؤتمر المرتقب في وقت يتم فيه باستمرار إحباط محاولات للعبور بشكل غير قانوني إلى أوروبا، وهو ما يعكس مراهنة إيطاليا وبقية دول التكتل الأوروبي على أدوات تقليدية تكمن في دعم خفر السواحل لصد المهاجرين، مما يثير تساؤلات الآن حول ما إذا كان هذه المحطة ستنجح في إفراز اتفاقات ترتكز على مقاربات جديدة لملف الهجرة؟

رسائل إلى الإيطاليين

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي تتحدر من اليمين المتطرف، قد تحركت على أكثر من صعيد أخيراً لإيجاد تقارب مع دول مثل تونس التي أدت إليها زيارتان، في غضون أسبوع، لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين خصوصاً بعد توافد أعداد كبيرة منهم على مدينة صفاقس الساحلية القريبة من السواحل الإيطالية، مما فجر أزمة كبيرة في هذه المدينة، التي تعد العاصمة الاقتصادية لتونس، خصوصاً بعد تصريحات للرئيس قيس سعيد في شأن هؤلاء رفضها عديداً من المنظمات الحقوقية وعدت تمييزية.

وفي مايو (أيار) الماضي، أعلنت السلطات التونسية إنقاذ واعتراض 14 ألفاً و406 مهاجرين غير نظاميين، بينهم 13 ألفاً و138 أفريقياً، والباقون تونسيون، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وهو رقم مفزع أثار توجساً لدى تونس كما روما.

وقال النائب البرلماني التونسي السابق مجدي الكرباعي إن "المؤتمر الأفريقي - الأوروبي هو تصور خاص بإيطاليا، لأن ميلوني في النهاية تريد الترويج إلى أن هناك تقارباً وبرنامجاً مع تونس وليبيا والدول الأفريقية عموماً، وتريد أيضاً القول للإيطاليين إنها قادرة على حل مشكل الهجرة سواء باتفاقيات أو زيارات أو اجتماعات، إذا هي رسائل إلى الإيطاليين أكثر منها بحثاً عن مقاربات جديدة". وتابع الكرباعي، المقيم في إيطاليا والمهتم بقضية الهجرة، "في النهاية هي تريد أن تقوم باتفاقيات مع دول أخرى في ملفات مثل الترحيل القسري وغيره، لكنها ترنو إلى القيام باتفاقية مع ساحل العاج مثلاً لترحيل المهاجرين من جنسيات أفريقية". أضاف "الهاجس الوحيد لميلوني هو القيام بهكذا مبادرات لكسب أكثر اتفاقيات وإمكان إرجاع مهاجرين غير نظاميين، وهو أمر بني عليه برنامجها الانتخابي، شأنه شأن صد المهاجرين من العبور نحو الضفة الأخرى من المتوسط كما يحدث الآن في تونس".

وتعرضت ميلوني لانتقادات حادة في شأن المحادثات التي أجرتها مع السلطات التونسية، إذ اتهمها نواب في البرلمان الأوروبي، في جلسة استماع لها، بأنها تتعامل مع "ديكتاتور" في إشارة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، لكن ميلوني دافعت عن نفسها باللعب على وتر الهجرة غير النظامية وضرورة تحصين الحدود الأوروبية.

وقال الكرباعي إن "هذه الأحزاب اليمينية تتكلم إلى بطون الناس، وهذا ما تقوم به ميلوني حالياً، ما يهمها أن يموت المهاجرون بعيداً من حدود إيطاليا، هدفها أن تقنع الإيطاليين بأنها بصدد معالجة ملف الهجرة غير النظامية، ليس بإملاءات على الدول المصدرة، ولكن بالتعامل الند للند من خلال بعث مشاريع أو اتفاقيات جديدة ومنتديات عالمية بعيداً من أي تصورات بديلة".

مقاربة شاملة

ولم تكشف السلطات الإيطالية عن فحوى المحادثات المرتقبة التي ستتم في المؤتمر، خصوصاً أنه يتزامن مع انتقادات حادة لخفر السواحل الليبي الذي تدعمه روما والعواصم الأوروبية بانتهاك حقوق المهاجرين الذي يوجدون بعشرات الآلاف في ليبيا التي مزقتها الحروب منذ أكثر من عقد من الزمن.

ولطالما اتهمت تقارير صحافية غربية وسياسيون خفر السواحل الليبي بتسهيل أنشطة عصابات الاتجار بالبشر والتهريب في مواجهة موجات الهجرة غير النظامية وهو ما يحرج القادة الأوروبيين الذين يضخون دعماً كبير لخفر السواحل الليبي من دون العمل على وضع حلول من خارج الصندوق لمواجهة الهجرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة إنه "يجب العمل على وضع مقاربة وحلول شاملة وناجعة تخرج عن الإطار النمطي الذي سعت دول الاتحاد الأوروبي إلى انتهاجه طيلة هذه المدة، وهو إطار مبني على مقاربة أمنية عقيمة لا تجدي نفعاً، وأثبتت فشلها وعدم نجاعتها، مما يستدعي معالجات جذرية لظاهرة الهجرة غير الشرعية انطلاقاً من دول المنبع مروراً بدول العبور وصولاً إلى دول المقصد".

وتابع حمزة "باعتبار أن هذه القضية لها أسباب وجذور اقتصادية وتنموية وأمنية وفقر وغير ذلك، فيجب معالجة هذه الأسباب، لأن الحلول التي تصدرها دول الاتحاد الأوروبي الآن هي حلول أمنية تقليدية أثبتت، هذه السنوات، قصورها ومحدوديتها، فضلاً عن أنها تقوم على معالجة الآثار والنتائج وليس الأسباب".

مواجهة الهجرة غير النظامية

ولطالما طالبت منظمات حقوقية وسياسيون بضرورة التخلي عن الآليات التقليدية المتمثلة في حلول أمنية لمواجهة الهجرة غير النظامية، لكن هذه المطالبات لم تجد صدى في الاتحاد الأوروبي الذي واصل المراهنة على دعم خفر السواحل في دول العبور من أجل منع المهاجرين من الوصول إليه.

وقال أحمد حمزة "يجب العمل على وضع معالجات لجذور الظاهرة يتم من خلالها إشراك جميع الأطراف المعنية، لا الاستمرار بتوظيف دول شمال أفريقيا أو المغرب العربي، وخصوصاً ليبيا وتونس، كشرطي لحماية سواحل جنوب المتوسط وإغفال الدول الأوروبية مسؤولياتها في دعم هذه الدول بحلول ناجعة"، مضيفاً "يجب توسيع آفاق النظرة التقييمية والخروج من الحلول النمطية الأمنية التي ليست كافية وحدها في معالجة معضلة الهجرة، ويجب دعم تونس وليبيا من أجل تشديد سيطرتهما على الحدود مع دول الساحل الأفريقي".

وتعد إيطاليا أكبر دول الاتحاد الأوروبي تضرراً من موجات الهجرة، إذ أحصت وزارة داخليتها وصول أكثر من 61200 مهاجر خلال العام الحالي مسجلة بذلك ارتفاعاً يتخطى 23 ألف مهاجر في الفترة نفسها من العام الماضي.

وتعد تونس من أبرز نقاط العبور، لا سيما في ظل القرب الجغرافي الكبير لبعض محافظاتها من السواحل الإيطالية على غرار صفاقس التي تبعد نحو 190 كيلومتراً عن جزيرة صقلية الإيطالية، وهو قرب يحاول المهاجرون استغلاله على رغم الحوادث المأسوية التي تقود إليها محاولات العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير