Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خمور المهمشين في تونس تصنع النشوة والموت

أشهرها القوارص والكوخرة والسبيرتو وتؤدي إلى فقدان البصر والهلوسة وتخلف اضطرابات نفسية حادة

يعتبر اللاقمي مشروب الفقراء في الجنوب التونسي ويمكن تحويله الى مسكر بإضافة بعض الخمائر (مواقع التواصل)

ملخص

في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس، يصنع شباب الهامش مسكراته بنفسه بخلط مواد كيماوية وأخرى طبيعية، دون مراعاة مخاطرها الصحية.

هرباً من واقع صعب أو وضع مالي مأزوم، بات شباب الهامش في الأحياء الشعبية المحيطة بالمدن الكبرى في تونس يبتكرون أنواعاً من المسكرات أو المخدرات الرخيصة عبر خلط مكونات طبيعية أو كيماوية بحثاً عن النشوة.

وظاهرة "صناعة النشوة" أو ابتكارها خلقت مصطلحات جديدة تختزل هذا الهامش في مصطلح "الزبراطة"، وهم مستهلكو الكحول المخلوط بمشروبات غازية رخيصة الثمن.

كما استنبط عدد من سكان ولايات قفصة وسيدي بوزيد والقيروان مادة "القوارص"، وهي مادة سامة تحوي نسبة مرتفعة من كحول "الميثانول"، واستخدمها بعضهم كمشروب روحي على رغم أخطاره الصحية، وقد أودى بحياة أكثر من 10 شباب في القيروان (وسط) علاوة على 52 مصاباً في عام 2020، في أخطر حصيلة كشفت الواقع البائس لتلك الجهات المفقرة.

واكتشف بعض الشباب مسكراً آخر يسمى "الكوخرة" ويستخرج من نبتة "الخروع" التي تشبه في شكلها نبتة "الماريغوانا" وتوجد في الأودية، من خلال طبخ بذورها وشربها مثل الشاي، ولأنها سامة ومخدرة ومضارها الصحية خطرة جداً فقد تؤدي إلى الموت.

كما يعمد بعض الشباب الشغوف بالمخدرات إلى استخدام أنواع قوية وسامة من "الغراء" الذي يستخدم في صناعة الجلود والأحذية، وكذلك مادة "السبيرتو" وهي كحول سريع الالتهاب يتم خلطه بمشروبات غازية أخرى قبل شربه، كما يستخدم بعضهم "السيراج" وهو مادة ذات رائحة قوية تستعمل لتلميع الأحذية.

فقدان بصر وهلوسة

وأدمن عدد من الشباب على بعض المواد المخدرة التي تستخدم لتخدير الحيوانات وتباع في الصيدليات على رغم أضرارها الخطرة، إذ تؤدي إلى فقدان البصر والهلوسة، وحتى ارتكاب جرائم بشعة دون مبرر، كما تخلف اضطرابات نفسية حادة.

وعلى رغم أن "اللاقمي" هو عصير الفقراء ويسمى في جهات أخرى "اللقوم" أو "السحنتي" أو "الكلاو"، وينتشر في مدن الجنوب التونسي ويستخرج من النخيل بعد قطع النخلة على مستوى الرأس واستخراج السائل منها، إلا أنه يمكن تحويله إلى "لاقمي ميت" ثم مسكر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول محمد الشافعي من محافظة مدنين في الجنوب إن "اللاقمي يستخرج من النخل وهو مشروب لذيذ يقبل عليه أهل الجنوب، إلا أنه يتم تحويله إلى شراب مسكر بإضافة بعض الخمائر المصنوعة محلياً من الشعير ومكونات أخرى".

كما يصنع بعضهم الكحول بتخمير نشارة الخشب ثم استعمالها في صناعة المسكرات بعد إضافة مواد أخرى مخدرة وخلطها جميعاً بأحد أنواع العصائر المعلبة، ويسمى هذا المشروب في الأوساط الشبابية "البانتا".

إخفاق نفسي وعوامل اقتصادية

لجوء شباب الهامش في تونس إلى تلك المسكرات الخطرة يكشف واقعاً اجتماعياً يقول عنه أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية بالعيد أولاد عبدالله في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، إنه "نتاج أعوام من التهميش واحتقار تلك المناطق، إذ يغرز فيها الفقر أنيابه بينما يبحث الشباب عن أفق أرحب".

ويختزل أولاد عبدالله الدوافع إلى استخدام الشباب للمواد المخدرة في "الإخفاق النفسي والوضع الصعب الذي يؤدي إلى الهشاشة النفسية التي تدفع إلى محاولة نسيان الواقع، فيلجأ الشاب إلى المخدرات لقطع صلته بالواقع ولو لساعات معدودات".

 

كما يرتبط الإقبال على هذه المواد المخدرة بـ "العوامل المالية والوضعية الاقتصادية التي تحدد طبيعة العقار أو المخدر الذي يستهلكه الفرد، لذلك استنبطت فئات الأوساط الشعبية بعض المواد والمستحضرات من أجل صنع نوع من المسكرات من دون أن يعيروا اهتماماً لأخطارها الصحية، لأنها لم تستطع الوصول إلى ما يسمى المخدرات النظيفة".

ويدعو أستاذ علم الاجتماع إلى "تعزيز آليات التوعية وتحفيز الوقاية المحمولة على الوعي المجتمعي بأخطار هذه التركيبات، علاوة على ضرورة التفكير في مراكز متخصصة وإعادة إدماج المدمنين في الدورة الاقتصادية".

تاريخ صناعة الخمور في تونس

وتعود صناعة الخمور في تونس لعصور ساحقة، أي منذ دخول الفينيقيين إلى قرطاج، وقد كتب العالم والقائد القرطاجني "ماغون" في القرن الثاني قبل الميلاد حول هذه الصناعة، بدءاً من زراعة الكروم إلى استخراج النبيذ ضمن موسوعته الفلاحية، وقد أطلق اسمه على نوع من النبيذ التونسي الذي يحظى بالرواج إلى اليوم.

كما عرف يهود تونس بصناعة "البوخا" وهو مشروب روحي تقليدي مصنوع من ثمار التين، ولا يزال يباع إلى اليوم في الفضاءات التجارية الكبرى، ويحظى بالرواج ويشبهه التونسيون بعرق بلاد الشام، ويصدر إلى دول عدة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات