ملخص
بين "مدرب الحياة" والمعالج النفسي، من تختار لتحسين مسار حياتك، وهل تعتقد أن "اللايف كوتشينغ" يشكل بديلاً من العلاج النفسي؟
فجأة وفي خضم تلبد أجواء فهم العلاج النفسي، برز حل سحري حل وثاق هذا الثقل عن ظهر الناس، هو "تدريب الحياة"، أو "اللايف كوتشينغ".
في الواقع لم يبق اختصاص جديد إلا "وأدلى بدلوه" في العلاج النفسي، من المعالجين بالطاقة، والطب البديل، ومدربي الصحة، ومدربي الحياة، والمعالجين بالقرآن، والمعالجين بالأعشاب، وبالسحر وغيرها من الاختصاصات التي تعوزها الدقة العلمية.
المهم أن المريض أو الزبون وجد ضالته في كثير من الأحيان في هذه الأنواع من المعالجات. والأكثر أهمية أن يلجأ إلى متخصص قضى وقتاً وافراً في تعلم كيف يحيط بالأمور، ويطلب المساعدة عند حدود انتهاء مهمته.
والرائج الآن أن أكثر من يعانون مشكلات في الحياة باتوا يلجأون أولاً إلى "مدرب الحياة". فهل يشكل تدريب الحياة خروجاً آمناً من مأزق العلاج النفسي، وهل يحل مكانه، ولماذا يفضله الناس؟
في لبنان، تعرضت سيرين ضو عام 2018 لمرض مزمن اسمه "الألم الليفي العضلي"، ما اضطرها للعمل على شفاء ذاتها عبر تغيير جذري لأسلوب حياتها، وما قادها بالتالي بعد الاستفادة التي شعرت بها لدراسة "اللايف كوتشينغ" واحترافه.
"اللايف كوتشينغ" لا يعالج أمراضاً نفسية
وعن الفرق بين العلاج النفسي و"تدريب الحياة" تجيب سيرين بأن تدريب الحياة يحتاج إلى أشهر قليلة من الدراسة للحصول على الشهادة عبر دورات أو ورش عمل، وعلى رغم غوص التدريب في الماضي قليلاً، فإنه لا يعالج أمراضاً نفسية، بل يعالج الحديث الذاتي السلبي، ويرسم الأهداف المرغوبة للعميل، ويساعده على تحقيقها. أما علم النفس الذي يدرس في الجامعة لسنوات، فيعالج أمراضاً نفسية صعبة ويأخذ المريض في رحلة إلى الماضي لحل عقد وصدمات الطفولة.
وتذكر سيرين أنها توضح لعملائها أنها تساعدهم على تمكين أنفسهم وتحقيق أهدافهم، ولا تقدم العلاج النفسي.
وعلى رغم أنها تحول حالات عديدة للمعالج النفسي، تنصح سيرين "كل شخص أن يكون لديه مدرب حياة، كأي مدرب آخر مثل المدرب الرياضي، والمدرس، ومدرب الموسيقى... وتكون مهمة مدرب الحياة مع الأطفال كمدرب عقلي، يساعده على بناء أفكار إيجابية وصحية لحياته، وفي فهم عمل دماغه، وحديثه الداخلي، والتعاطي مع أصدقائه، ويحفزه على حياة صحية، وتشكيل هوية شخصية معافاة".
وعن كثرة مدربي الحياة وعدم كفاءة بعضهم، تجيب سيرين أنه في الحياة عامة، ليس كل من درس اختصاصاً يجيده تماماً، من هنا يظهر أشخاص غير أكفاء في كل المهن.
حلول سريعة!
وفي سياق مختلف تقول مدربة الحياة ومدربة الأهل رفيدة صالح، إن الناس يفضلون الذهاب إلى مدرب حياة بدل المعالج النفسي كون الفترة الزمنية لعمل الأخير أطول، "فنحن قد نحل صدمة طويلة بجلسة واحدة مع متابعات وتطبيق ما يلزم من جهة العميل". تعتبر رفيدة "أن ما نحمله من طفولتنا هو لتمكيننا من رسالتنا في الحياة. وفي حين يتعامل المعالج النفسي مع الأمر كمشكلة تستوجب الحل، نعمل نحن على تقوية العميل ليعرف أن ما يمر به تدريباً يحمل الوجع، وندربه على إزالة هذا الألم، وكيف يستفيد من هذا الحدث، وتمكينه من رؤية الأمور التي مر بها من دون دراما، علماً أننا نساعده على إظهار المشاعر وعدم كبتها والاستفادة من الموقف".
تجد رفيدة أن الناس يتابعون أكثر من قبل مدرب الحياة مما يتابعون مع العلاج النفسي، وتعتبر أن الشخص إذا كان واثقاً بأنه سيتخلص مما يزعجه يستطيع المدرب مساعدته، أما إذا كان يعتقد أن شفاءه يعتمد على الدواء فلا بد من تدخل الطبيب النفسي.
مهنة الطب النفسي و"الدخلاء"
وفي السعودية تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بمعرفات مدرب الحياة "اللايف كوتش" وهي مهنة تجد قبولاً وإقبالاً من الأشخاص القلقين من زيارة الطبيب النفسي فلا يرغب الكثيرون في الاعتراف بوجود مشكلات نفسية لديهم.
ويقدم نفسه "اللايف كوتش" بإنه الشخص الذي يساعدك في الوصول إلى أهدافك والتغلب على أي عقبات في طريقك، وأنه الخبير في تحسين وضعك المهني، والعلاقات الاجتماعية، والحياة الأسرية، والنظام الغذائي، واللياقة البدنية، والمهارات الحياتية.
"اللايف كوتش" عبير الحداد تقول بأن الكثير من الشباب يفضلون اللجوء إلى "اللايف كوتش" أكثر من الأخصائي النفسي "لأنهم يشعرون براحة أكبر وأن الموضوع أشبه بالفضفضة لصديق قريب من دون حواجز. وتلفت الحداد إلى أن "اللايف كوتش" لا يقدم أي نوع من التوجيه أو التدخل في قرارات من يقصده، بل يساعد العميل نفسه بالوصول إلى الحلول عن طريق أسئلة تثير الوعي لديه حتى يصل للحل النهائي في آخر الجلسة.
بحسب عبير الحداد المجتمع تغير بنسبة كبيرة في تقبل الأخصائي النفسي، و"الوعي أصبح مرتفعاً كثيراً عند جيل الشباب الذي أصبح يلجأ للمساعدة من الأخصائي أو "اللايف كوتش" بيسر وسهولة من غير أن يصيبه أي حرج أو خوف من نظرة المجتمع".
إلا أن الأخصائية النفسية نوف القحطاني ترى أن الكثير من الناس يخلط بين الأخصائي النفسي، والطبيب النفسي، و"اللايف كوتش" والتنمية الذاتية. ولا يوجد مهنة كثر عليها الدخلاء مثل مهنة "الطب النفسي". القحطاني تضيف "على الجميع أن يدرك أن الأخصائي لا يساعدك فقط في حل المشكلات التي تعاني منها فحسب، بل يمنحك المزيد من الوعي حول عملية العلاج نفسها ويرجع هذا لعدم الوعي بشكل جيد بالكيفية التي يتم العلاج النفسي بها وماهيته. فالمحادثة وتلقي بعض الإرشادات أحياناً ليست سوى جزء صغير من تجربة العلاج النفسي فالأخصائي مختلف عمن يعطيك عدداً من الكلمات المحفزة والعبارات الجميلة والحِكم القديمة الذي أعاد صياغتها من جديد لإقناع الشخص الجالس أمامه بما يقول".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت القحطاني الى أن دائماً ما تضحكها أحاديث مدربين الحياة "اللايف كوتش" فهم يدعون معرفة كل شيء، وأنهم أشبه بالموسوعة ويفهمون أفضل من أي شخص آخر. وهم خبراء بكل النواحي من العلاقات الزوجية إلى الحياة المهنية...الخ.
وتوجه نصيحتها لمن يستعين بمدرب الحياة "لا أحد يعرفك أكثر من نفسك فأنت الوحيد الذي تعرف نفسك لتقرر كل شيء في حياتك وكيف تفصِّل السعادة على مقاسك. عدا ذلك ليس سوى تخلٍ جبان عن ذاتك وحياتك فباستعانتك بهؤلاء أنت تسلم ذاتك لآخر ليعبث بها كيفما يشاء مقابل المال". وتختصر بأن ظاهرة "اللايف كوتش" ما هي إلا مجرد دردشة مدفوعة الأجر مع شخص ما.
وعن ارتفاع نسبة الأمراض النفسية في السعودية نفت "مدربة الحياة" أريج الخالد هذا وقالت "لا يوجد مرض نفسي إنما يوجد سلوك خاطئ يجب تعديله ولذلك وجدنا نحن مدربين الحياة".
أسعار وباقات جلسات "اللايف كوتش" في السعودية، تتفاوت بين ما يعادل 50 دولاراً و700 دولار لكل 45 دقيقة. وتحصل هذه الجلسات إمّا بطريقة مباشرة أو عن طريق "الأونلاين".
ولأن مجال التدريب على الحياة من أكثر المجالات الصاعدة بقوة في السعودية قرر عدد من الإخصائيين وضع كلتا القبعتين ليلحقوا بهذه الموجة ولا يخسرون العملاء.