ملخص
لم يمر يوم واحد على سكان الخرطوم خلال الأشهر الثلاثة الماضية من دون أن تهتز منازلهم بفعل القتال والقصف.
عاد ممثلون عن الجيش السوداني لمدينة جدة (غرب السعودية) لاستئناف المفاوضات مع قوات الدعم السريع، في حين دخلت الحرب بين الطرفين شهرها الرابع اليوم السبت.
وقال مصدر حكومي طلب عدم الكشف عن هويته إن "وفد القوات المسلحة السودانية عاد لجدة لاستئناف المفاوضات" مع قوات الدعم السريع، فيما لم تعلق قوات الدعم السريع على استئناف المفاوضات التي أعلن راعياها السعودي والأميركي الشهر الماضي تعليقها إلى أجل غير مسمى.
حرب استنزاف
في الـ 15 من أبريل (نيسان) 2023 اندلع صراع على السلطة بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ونائبه آنذاك محمد حمدان دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع، وأوقعت المعارك 3 آلاف قتيل في الأقل، وأدت إلى نزوح ولجوء حوالى 3 ملايين آخرين.
ويعكس إيفاد الجيش ممثلين إلى "مفاوضات جدة" عودته للمشاركة في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار، بعد أن قاطع الأسبوع الماضي محادثات استضافتها أديس أبابا، إذ أعلنت وزارة الخارجية السودانية اعتراضها على رئاسة الرئيس الكيني ويليام روتو لجنة رباعية منبثقة من رابطة دول شرق أفريقيا (إيغاد)، واتهمت نيروبي بالانحياز إلى "الدعم السريع."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقبل تعليق "مفاوضات جدة" أعرب الوسطاء الأميركيون عن خيبة أملهم بسبب إحجام الطرفين عن العمل على هدنة حقيقية، ويقول مراقبون إن البرهان ودقلو اختارا خوض حرب استنزاف، ويأمل كل منهما في الحصول على تنازلات أكبر من الطرف الآخر على طاولة المحادثات.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية لم يمر يوم واحد على سكان الخرطوم من دون أن تهتز منازلهم بفعل القتال والقصف، وللهرب من الحرب في العاصمة وعمليات النهب المتصاعدة، فقد فرّ 1.7 مليون شخص من الخرطوم، لكن ملايين لا يزالون داخل منازلهم من دون أية مؤشرات إلى إمكان توقف القتال.
وقال شهود في شمال غربي الخرطوم إن "اشتباكات بجميع الأسلحة استمرت اليوم السبت غداة معارك عنيفة حدثت أمس الجمعة وأدت إلى تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود في أكثر من منطقة".
وأفادت وزارة الصحة السودانية اليوم السبت بمقتل أربعة مدنيين وإصابة أربعة آخرين في هجوم لقوات الدعم السريع بطائرات مسيرة على مستشفى في أم درمان.
غير أن المعارك الأكثر عنفاً وقعت في إقليم دارفور غرب البلاد، حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليوناً، حيث دمرت قرى وأحياء بكاملها في هذا الإقليم، فيما دفن مدنيون في مقابر جماعية، وتم اغتيال قادة محليين بسبب انتمائهم العرقي من قبل قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها، كما أفادت تقارير بوقوع فظاعات تشمل العنف الجنسي، مما دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إعلان فتح تحقيق في جرائم حرب محتملة.
حديث الكوليرا
وعلى رغم أن القتال يتركز في الخرطوم ودارفور فإن جبهات جديدة تشتعل بين حين وآخر وخصوصاً في الجنوب، حيث قال شهود إن مجموعة متمردة سيطرت على قاعدة للجيش في جنوب كردفان أمس الجمعة.
ونزح أكثر من 2.4 مليون سوداني من منازلهم إلى مناطق أخرى داخل السودان، حيث يعانون بسبب الطرق المغلقة وانهيار النظام المصرفي وندرة الخدمات الصحية.
وطالبت منظمات الإغاثة الإنسانية مراراً بفتح ممرات آمنة لنقل المساعدات والعاملين، وسبق أن حذرت من أن موسم الأمطار الذي بدأ في يونيو (حزيران) الماضي يمكن أن يتسبب في انتشار الأمراض.
وأعلن عاملون في منظمات الإغاثة والمنظمات الصحية خلال اجتماع الخميس الماضي ظهور حالات حصبة في 11 من ولايات السودان الـ 18، إضافة إلى إصابة 300 شخص بالكوليرا أو الإسهال الشديد ووفاة ثمانية منهم"، وفق بيان أصدرته أمس الجمعة منظمة الإغاثة الإسلامية.
وقالت منظمة الصحة العالمية أمس الجمعة إن "من الصعب تأكيد التقارير عن انتشار الكوليرا بالنظر إلى أن معامل الصحة العامة لا تعمل".
وتخشى الدول المجاورة للسودان التي هرب إليها نحو 740 ألفاً، وفق الأمم المتحدة، من اتساع نطاق النزاع، وقال المسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيار دوربس إن إغلاق الحدود في دولة جنوب السودان أدى إلى إفراغ عدد من محال "السوبر ماركت" وتدهور الوضع الإنساني الهش أصلاً.