ملخص
هل تنتهي الحرب في السودان بالحل السياسي أم بالتدخل العسكري؟
يترقب كثير من السودانيين باهتمام بالغ ما سيسفر عنه الحراك الدولي والإقليمي الذي ينشط هذه الأيام لإنهاء الحرب الدائرة في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، سواء بالنظر إلى المحادثات التي جرت في مؤتمر "إيغاد" بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا الإثنين الـ10 من يوليو (تموز) الجاري أو مؤتمر قمة دول الجوار السوداني الذي استضافته القاهرة الخميس الماضي.
فما السيناريو الأقرب الذي سيتفق عليه في شأن معالجة الأزمة السودانية، وهل بإمكانه أن يؤدي إلى وقف القتال واستقرار البلاد؟
الحل السياسي
يوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) محمد الفكي سليمان أن جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية ظلت تؤكد في جميع المنابر واتصالاتها بالأطراف ذات العلاقة بأن حلحلة الأزمة في السودان تتمثل في حل سياسي، الأمر الذي سيعزل أصحاب الأجندة التي تدعو إلى استمرار الحرب، لذلك نلاحظ هذه الأيام وبعد ثلاثة أشهر من القتال المتواصل عادت قضية الحرب في الخرطوم لتتصدر المشهد مرة أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "لدي يقين تام بأن الحل السياسي هو الموضوع الرئيس على الطاولة الآن، ويعتبر السيناريو الأقرب لإنهاء هذه الأزمة، بل ليس هناك حديث عن أي نوع من التدخلات العسكرية".
وتابع سليمان "بالتأكيد هناك أطراف تريد استمرار الحرب وتدفع بكل السبل والوسائل لكي تتصاعد وتيرتها ولا تتوقف على الإطلاق مهما كلف ذلك من إراقة دماء ودمار للبنى التحتية وغيرها من المواقع والمساكن، لكن في الوقت القريب جداً سيتجه الجميع نحو الحل السياسي وفق نقاشات سياسية لم تنقطع منذ اندلاع الحرب".
وأردف "يضطلع الاتحاد الأفريقي بدور أكبر في التنسيق بين المبادرات القائمة كافة في شأن إنهاء الصراع السوداني، وإن موقفه واضح حول استعادة الدور المدني لحكم السودان خلال الفترة الانتقالية، وبالتالي إسكات صوت البندقية في الخرطوم وبقية مناطق البلاد".
تفاهمات إقليمية
في السياق، أعرب الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ عن اعتقاده بأن "الخلاف الإقليمي الناتج من دعوة التدخل العسكري في السودان الواردة في مبادرة إيغاد والتحفظات عليها التي اتضحت في خطابات رؤساء مصر وإريتريا وأفريقيا الوسطى ونوعاً ما جنوب السودان سيفتحان الباب أمام الوصول إلى حل الأزمة السودانية بعيداً من خيار التدخل"، لافتاً إلى أن ذلك سيكون "نظير التزام صارم بمنح طرفي القتال (الجيش وقوات الدعم السريع) فرصة أخيرة، وفي حال فشلهما قد تتم الاستعانة بذلك الخيار، ويرجع هذا التفسير لعدم إشارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في خطابه أمام قمة دول جوار السودان إلى مسألة التدخل العسكري".
وأضاف أن الاتهامات التي توجهها وزارة الخارجية السودانية لبعض دول الجوار وغيرها بقولها إن "مساعيها لا تحقق الاستقرار للسودان" تعبر عن حال اختطاف مؤسسات الدولة لمصلحة عناصر الرئيس السابق عمر البشير وحزبهم المحلول، متابعاً "أعتقد بأن عدم تمثيل مؤسسات حكومة الأمر الواقع بعد الحرب هو إحكام لعزلها لأنها تعبر عن النظام السابق، لذلك فإن فرص وجودهم المستقبلي في الحكم تتراجع في ظل التفاهمات الإقليمية والدولية التي تجعل مطالبهم نفسها غير مؤثرة".
مخاوف وتداعيات
وواصل أبو الجوخ "في تقديري أن المخاوف التي أبدتها حكومة البرهان ناتجة من التداعيات التي يمكن أن تترتب على التدخل العسكري الخارجي، خصوصاً حظر الطيران والمدافع والخروج من المدن باعتباره يصب في مصلحة الدعم السريع، إذ إنها ميزات تفوق الجيش في العمل العسكري، لذلك ظل يرفض هذا المقترح انطلاقاً من تخوفه حيال اللجوء إليه من قبل إيغاد أو الاتحاد الافريقي".
وأردف "لا يمكن إنهاء الحرب من دون الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار يقوم على إخراج القوات النظامية من العمل السياسي وإصلاحها وتفكيك التمكين بإبعاد عناصر نظام البشير وإعادة بناء المؤسسة العسكرية السودانية على أساس قومي ومهني بعيداً من الحزبية، ثم تأتي المرحلة الثانية المتمثلة في تسليم السلطة إلى المدنيين في كل مستويات الحكم من أجل تحقيق أهداف الانتقال والتحول الديمقراطي في ضوء أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) وصولاً إلى تنظيم انتخابات عامة في نهاية المرحلة الانتقالية".
وقال أبو الجوخ "من المهم تنسيق المسارات الثلاثة التي تشمل إيغاد ومنبر جدة الذي تتبناه الوساطة السعودية- الأميركية ومؤتمر قمة دول الجوار السوداني الذي استضافته القاهرة أخيراً من أجل تحقيق مصلحة الشعب السوداني في سرعة وتسهيل إجراءات إنهاء الحرب واستعادة مسار الحكم المدني الديمقراطي، لأنه في حال حدوث تنافس أو عدم تنسيق في ما بينها ستترتب على ذلك إطالة أمد الحرب واتساع رقعتها في مناطق عدة، مما يهدد وحدة البلاد واستقرارها".
تأثيرات الحرب
وظل المجتمع الدولي والإقليمي يحذر باستمرار من تأثيرات هذه الحرب التي أودت بحياة آلاف المدنيين والعسكريين وتشريد ما يقرب من 3 ملايين شخص بما في ذلك 2.2 مليون نازح داخل ولايات السودان المختلفة، وأكثر من 600 ألف لاجئ عبروا الحدود إلى الدول المجاورة، بخاصة مصر وإثيوبيا وتشاد.
وتتصاعد هذه الأيام وتيرة الاشتباكات بصورة عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، فضلاً عن تبادلهما الاتهامات ببدء القتال وارتكاب خروق لسلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية لهذه الحرب بعد ثلاثة أشهر على اندلاعها.