Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بدأ الناخبون بالانقلاب على الحزب الحاكم في بريطانيا؟

يحظى "المحافظون" بغالبية تزيد على 20 ألف صوت في دائرة "سيلبي أند آينستي"، لكن مع تقدم حزب "العمال" المعارض في استطلاعات الرأي، لا تزال الانتخابات الفرعية في هذه الدائرة غير محسومة النتائج. "اندبندنت" جالت في المنطقة للتعرف إلى آراء الناخبين

زعيم حزب "العمال" السير كير ستارمر برفقة كير ماذر، مرشح الحزب في الانتخابات الفرعية في دائرة "سيلبي أند آينستي" (غيتي)

ملخص

مع الرحيل غير المقبول للنائب عن حزب المحافظين وتزامناً مع أزمة خانقة في الرهن العقاري، إضافة إلى مجموعة من الشكاوى المحلية الممتعضة من تراجع وسائل النقل العام، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب "العمال" يمكن أن يقلب الغالبية الراهنة للمحافظين

تعد دائرة "سيلبي أند آينستي" الانتخابية معقلاً لحزب "المحافظين" البريطاني، إلا أن العثور في هذه الدائرة على ناخبين يتحدثون إيجاباً عن أداء النائب "المحافظ" المنتهية ولايته نايجل آدامز، هو أشبه بالبحث عن إبرة وسط كومة قش.

ريتشارد سكوفيلد - وهو صاحب محل لبيع الهدايا يسمى "هيفين أند هوم" Heaven & Home في الشارع الرئيس للبلدة، ومن الناخبين الذين لطالما أيدوا حزب "المحافظين" - قال إن "المرة الوحيدة التي رأى فيها سكان سيلبي آدامز، كانت أثناء تغطية تلفزيونية وهو يرافق رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون في البلدة. وقد بدا حينها سائقاً أكثر منه نائباً في البرلمان".

وسيتوجه الناخبون في الدائرة الواقعة في مقاطعة "نورث يوركشير" الإنجليزية إلى صناديق الاقتراع في 20 يوليو (تموز) الجاري، بعدما أنهى آدامز - وهو من أشد الموالين لبوريس - تمثيله للدائرة الانتخابية في البرلمان، بعد يوم واحد من رفض منحه "رتبة النبلاء" (عضوية "مجلس اللوردات" التي يمنحها الملك بناءً على توصية رئيس الوزراء لأفراد قدموا مساهمات للمجتمع، أو تولوا مناصب بارزة في الحكومة. لم يضع بوريس جونسون اسمه في قائمة الترشيحات).

ومع دخول الحملة الانتخابية الجارية عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة في هذه الدائرة "الزرقاء" (الموالية لـ"المحافظين") - التي تمتاز بسحرها الريفي وثرائها النسبي، وبأعمار سكانها التي هي أعلى من المتوسط الإجمالي في المملكة المتحدة - فإن مقعد "المحافظين" التقليدي يبدو أنه على وشك الانتقال إلى "اللون الأحمر" (لمرشح حزب "العمال")، وذلك لأول مرة منذ إنشاء الدائرة قبل 13 عاماً.

مع رحيل آدامز غير المقبول وتزامناً مع أزمة خانقة في الرهن العقاري، إضافة إلى مجموعة من الشكاوى المحلية الممتعضة من تراجع وسائل النقل العام، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب "العمال" يمكن أن يقلب الغالبية الراهنة للمحافظين في الدائرة والبالغة 20137 صوتاً لمصلحته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق استطلاع أجرته مؤسسة الأبحاث "جي أل بارتنرز" JL Partners، فإن كير ماذر مرشح حزب "العمال" البالغ من العمر 25 سنة، يتقدم بهامش كبير مقداره 12 نقطة على منافسته من حزب "المحافظين" كلير هولمز، وهي محامية وعضو في المجلس المحلي لمنطقة "إيست رايدينغز" المجاورة.

في سيلبي - وهي بلدة تطورت تاريخياً حول سوق منتظم وفي قلبها دير عمره ألف عام - بدا أن المشاعر السائدة تتوافق مع ما تعكسه نتائج الاستطلاع تماماً.

سكوفيلد، وهو جد لثلاثة أطفال كان قد افتتح متجره للهدايا قبل نحو 23 عاماً، يرى أن "آدامز غير معروف عملياً، وأن الناس في مثل هذا المجتمع المتماسك يلاحظون مثل هذه الأشياء".

ووصف متجره بأنه مكان يقصده الناس للدردشة، وقد لمس خيبة أمل كبيرة لديهم من طريقة الرحيل المفاجئ لآدامز. ومع ارتفاع كلفة المعيشة، بما فيها أسعار الغذاء والوقود والرهون العقارية، يواجه الناس كثيراً من المصاعب، فيما يعتبرون أن تخلي نائبهم عن مسؤولياته لأنه لم يحصل على رتبة النبلاء، أمر محبط، ويثير تساؤلات حول معنى تصرفه والتزامه تجاه المجتمع.

ولدى سؤال سكوفيلد عمن سيمنح صوته له في 20 يوليو؟ أجابني الشخص البالغ من العمر 65 سنة: "ما زلت بصراحة غير متأكد، لكن يمكنني الجزم بأن كثيراً من الناس الذين يأتون إلى المتجر يقولون إن الوقت قد حان للتغيير، وأعتقد أنني أتفق معهم".

يعد اقتراع دائرة "سيلبي أند آينستي" بطبيعة الحال، أحد ثلاثة انتخابات فرعية تجرى في الـ20 من الشهر الجاري. أما المقعدان الآخران فهما "أوكسبريدج أند ساوث روسليب" - الذي شغر باستقالة بوريس جونسون - و"سامرتون أند فروم"، وهو المقعد السابق لديفيد واربورتون النائب "المحافظ" الذي كان قد تنحى الشهر الماضي، وسط اتهامات بتحرش جنسي (نفاها)، وتعاطي مخدرات (أقر بها).

يشار إلى أن التوقعات أشارت في البداية إلى أن حزب "المحافظين" سيخسر مقعديه (في أوكسبريدج لمصلحة حزب "العمال"، وفي سومرتون لمصلحة حزب "الليبراليين الديمقراطيين")، لكنه سيحتفظ بمقعده في "سيلبي أند آينستي".

ومع ذلك، فإن مؤيدي حزب "العمال" باتوا واثقين من أن هذه الناحية من مقاطعة "نورث يوركشير" سيتغير لونها الحزبي هي الأخرى.

ويرى ناشطون أن المخاوف التي تطغى على الناس نتيجة ارتفاع أقساط الرهن العقاري، وغلاء كلفة المعيشة، والكارثة التي أحدثتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس العام الماضي [عقب ميزانيتها المصغرة]، أدت جميعها إلى زعزعة ثقة الناخبين في حزب "المحافظين" هنا. وعلى المستوى المحلي، أسهم خفض خطوط نقل الحافلات إلى مدينتي يورك وليدز القريبتين، إضافة إلى تزايد المخاوف في شأن تراجع الأعمال في الشركات والمحلات التجارية المحلية، في تفاقم الشعور بالاستياء وسط الناس.

جاك براود، العضو في المجلس المحلي عن حزب "العمال" قال إن "كل فرد تتحدث إليه يشعر بخيبة أمل. الناس يبحثون عن بعض الأمل، وهم يدركون أنهم لن يحصلوا عليه بمواصلة الرهان على الأمور نفسها التي يقدمها لهم ’المحافظون‘".

وقد تدفق ناشطون من مختلف الأحزاب السياسية على المنطقة، كما شخصيات بارزة - مثل زعيم حزب "العمال" السير كير ستارمر ونائبته أنجيلا راينر - وقامت بزيارتها وزيرة الخزانة في حكومة الظل "العمالية" ريتشيل ريفز، متسلحة بخطة خمسية مصممة خصيصاً لمعالجة المخاوف المحلية في المنطقة، تضمنت وعوداً في شأن قضايا تعتبر مهمة للمجتمع المحلي، مثل: كلف الوقود، والجرائم الريفية، والحماية من الفيضانات.

وأشاد مارك كرين، عضو المجلس المحلي عن "المحافظين"، بـ"الجهود الحثيثة التي يبذلها هؤلاء الناشطون"، مشيراً إلى إصرارهم على التواصل معه مرات عدة (في قرية برايتون). وقال "لقد طرقوا بابي ثلاث أو أربع مرات، وكانوا يسألونني: "ما نية التصويت لديك"، وعلى رغم إبلاغهم بانتمائي السياسي كعضو "محافظ" في المجلس المحلي، فإنهم لم يتراجعوا وواصلوا التواصل معي".

وبينما يصر كرين على أن "المحافظين" لا يزالون قادرين على الفوز بالدائرة الانتخابية، يشير إلى أن "ما حدث (في وستمنستر) خلال الأشهر الـ12 الماضية لا يساعدنا، وكذلك طريقة انسحاب نايجل". ومع ذلك، يعتقد أنهم "سيحققون فوزاً بغالبية ضئيلة جدا".

شخصان سبق أن تحولا عن التصويت لـ"المحافظين" هما: ستيف ودنيز هاريسون. فالزوجان جلسا خارج فندق "جورج إن" The George Inn - في ظل الدير العريق في البلدة - عندما تحدثت معهما "اندبندنت" الخميس.

أكدا أنهما صوتا لمصلحة حزب "المحافظين" في عام 2019، إلا أنهما بعثا بورقتي اقتراع عبر البريد لمصلحة حزب "العمال" هذه المرة. وأكدت دنيز، وهي ممرضة متقاعدة، أن "القرار حسم وتم اتخاذه وكان سهلاً للغاية".

أما ستيف فقال وهو يرتشف شرابه: "نحن في حاجة إلى عودة بعض الكبار إلى السلطة. إن هؤلاء الرعاع الراهنون، هم كأطفال المدارس يتجادلون في ما بينهم، ويكذبون علينا، وهم يسعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية. الوضع بات لا يطاق".

الرجل البالغ من العمر 65 سنة، والذي كان من المعجبين برئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وجد أوجه تشابه بين بلير والسير كير ستارمر. وقال إنه "في الوقت الذي لا يوافق فيه على كل ما قاله زعيم حزب ’العمال‘"، إلا أنه يعتقد أنه "صادق ويتمتع بالنزاهة".

وتوازياً، أعرب زوجان آخران، أثناء مرورهما في ساحة السوق خلابة المعالم، عن قلقهما في شأن سداد أقساط الرهن العقاري لمنزلهما.

الزوجان اللذان يتوليان تربية طفلين صغيرين في المدرسة الابتدائية، يعتزمان معاودة التفاوض على عقد الرهن العقاري في السنة المقبلة، شأنهما شأن نحو مليون أسرة أخرى حددها "بنك إنجلترا" على أنها قد تواجه زيادة في الأقساط الشهرية بنحو 500 جنيه استرليني (655 دولاراً أميركياً).

وقالت الأم التي تعمل موظفة إدارية في أحد المكاتب: "لا أعرف من أين يمكننا الحصول على هذا المبلغ من المال. لقد سبق أن قمنا بتقليص شراء الطعام وأشياء أخرى بسبب ارتفاع الفواتير. لم يبق شيء لم نقم بالاستغناء عنه. إنه أمر فظيع. فنحن نكد بالعمل كي نسعى إلى منح طفلينا مستوى معيشياً لائقاً، لكن يبدو أن كل شيء يعمل ضدنا. هل سيتعين علينا بيع المنزل؟ ربما، لا أعرف. إذا فكرت في الأمر كثيراً، أشعر بالعياء من جراء القلق".

وأكد الثنائي أنهما سيصوتان لحزب "العمال".

مع ذلك، يجدر التوضيح أن هذا لا يعني أن نتيجة الانتخابات أصبحت مؤكدة وباتت أمراً مفروغاً منه. ففي القرى الخارجية الأكثر ثراءً في الدائرة الانتخابية - وهي "أبلتون روبوك"، و"بولتون بيرسي"، و"نورث دافيلد" - يشير "المحافظون" إلى أنهم ما زالوا صامدين لجهة الحفاظ على الدعم من ناخبيهم، في حين تبدو كلير هولمز نفسها مرشحة قادرة على كسب التعاطف.

ويقول جون سميث وهو لحام متقاعد مبتسماً فيما كان جالساً في ساحة سوق سيلبي: "إنها تتمتع بلهجة أصيلة لسكان مقاطعة يوركشير"، معتبراً أن تلك "ميزة إيجابية لمصلحتها كانطلاقة أولى".

ويبدو أن هناك جانبين في ما يتعلق بالسيد ماذر مرشح حزب "العمال"، يثيران بعض المخاوف لدى الناخبين: فهو صغير في السن، كما أنه يقيم في مدينة لندن.

جولي ريكس علقت على ذلك أثناء قيامها بعملها في محل "كارول وين للزهور" Carol Winn Florists في الشارع الرئيس للمدينة: "إن (ماذر) يبلغ من العمر 25 سنة فقط! لا أعتقد أنه يجب الحكم على شخص ما بناءً على عمره، لكن هل يمكنه حقاً أن يدرك الصعوبات والمعاناة التي يعيشها الناس؟".

ومع ذلك، أضافت الفتاة البالغة من العمر 56 سنة أن والدها يعيش في مزرعة تتم تدفئتها بالوقود. وقد اضطر إلى تقطيع الحطب خلال فصل الشتاء لتوفير كلفة التدفئة. وتضيف متسائلة: "ماذا يعرف ملياردير مثل ريشي سوناك عن هذه التفاصيل؟".

هذه النقطة تعيدنا مرة أخرى إلى ريتشارد سكوفيلد في متجر الهدايا. فقبل التغييرات الحدودية التي عززت هذه المنطقة باعتبارها معقلاً لحزب "المحافظين"، كان يتولى تمثيل منطقة سيلبي في البرلمان نائب عن حزب "العمال" يدعى جون غروغان خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1997 و2010.

ويقول سكوفيلد: "لم أكن أبداً من ناخبي حزب ’العمال‘، لكنني أتذكر رؤيته يسير في الشارع الرئيس متأبطاً كثيراً من الملفات. وإذا ما أوقفته، فيبقى في مكانه مستمعاً إليك، ويتبادل معك أطراف الحديث. لم أعر ذلك اهتماماً أو تقديراً كافيين في ذلك الوقت، لكن إذا ما جرى انتخاب ماذر وحدث أي شيء من هذا القبيل، فلا أعتقد أن الناس سيهتمون بمدى صغر سنه".

© The Independent

المزيد من دوليات