ملخص
يتجه "الاحتياطي الفيدرالي" إلى رفع سعر الفائدة في اجتماعه القادم 25 و26 يوليو الجاري
رغم زيادة التوقعات باتجاه البنوك المركزية بقيادة "الاحتياطي الفيدرالي"، إلى إنهاء دورة التشديد النقدي، لكن تبقى علامات الحذر قائمة، بخاصة مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي وتصاعد تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي.
في ما يتعلق بالسوق الأميركية، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين، إن هدوء سوق العمل يلعب دوراً رئيساً في المساعدة على إبطاء التضخم في الولايات المتحدة، من بين مجموعة من العوامل التي تفرض ضغوطاً مضادة للتضخم. أضافت "تراجعت قوة طلبات التوظيف من جانب الشركات، وهدوء سوق العمل من دون وجود أي ضائقة حقيقية مرتبطة بذلك".
وأشارت إلى أن تكاليف الإسكان وأسعار المركبات من بين العوامل التي من المرجح أن تستمر في تهدئة ضغوط التضخم، لافتة إلى أن هوامش ربح الشركات يمكن أن تلعب دوراً، وفي الوقت نفسه حثت الوزيرة على عدم الإفراط في التفاؤل استناداً فقط إلى بيانات أسعار المستهلك لشهر يونيو (حزيران) الماضي.
يأتي التحسن في مشهد التضخم بمثابة منحة مرحب بها للوزيرة الأميركية، وإدارة الرئيس جو بايدن، بعد أن أخطأوا التوقع في عام 2021، إذ قالت الوزيرة في البداية، إن انفجار الأسعار الناجم عن الوباء سيكون "موقتاً"، وهي توقعات وصفتها لاحقاً بأنها "خطأ".
وعلى رغم الدلائل الإيجابية على انحسار التضخم، قالت رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، فإن المعركة ضد ارتفاع الأسعار لم تنته بعد. أضافت، "ليس هناك شك في أن الأنباء السارة عن التضخم هي أخبار جيدة بالفعل"، لكن في الوقت نفسه من السابق لأوانه حقاً إعلان النصر على التضخم".
وأظهر أحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك، أن التضخم السنوي تباطأ من أربعة في المئة إلى ثلاثة في المئة خلال يونيو الماضي، وهو أدنى مستوى منذ مارس (آذار) 2021، كما أظهرت أحدث بيانات مؤشر أسعار المنتجين، التي تقيس متوسط التغير في الأسعار التي تدفعها الشركات للموردين، تضخم الجملة السنوي سجل أدنى مستوى في ما يقرب من ثلاثة أعوام.
ومع ذلك، أظهر مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، أن التضخم كان ضعف هدفه البالغ اثنين في المئة في مايو (أيار) الماضي.
من المقرر صدور بيانات التضخم في نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر يونيو في 28 يوليو (تموز) الجاري، بعد يومين من اختتام الاجتماع التالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكن يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتجه بالفعل إلى رفع سعر الفائدة مرة أخرى في اجتماعه القادم خلال يومي 25 و26 يوليو الجاري.
مطالب بالحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة
في تصريحاتها، أقرت دالي، بأن هناك مخاطرة بأن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أعلى مما هو مطلوب في النهاية لخفض التضخم إلى اثنين في المئة. أضافت، "هذا لأنه قد يستغرق ما لا يقل عن عام عندما يتصرف بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى يتم الشعور بقراراته في جميع أنحاء الاقتصاد... إن تأثير التأخر هو جزء من السبب الذي يجعل سوق العمل قد بدأت للتو في إظهار علامات التباطؤ إضافة إلى وتيرة زيادات الأسعار الأبطأ بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي"، وأوضحت أن "مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لا يمكنهم فقط تعليق الأمل... التباطؤ سيحل جميع مشكلاتنا".
لهذا السبب يتعين على البنك المركزي الأميركي أن يظل ملتزماً برفع أسعار الفائدة إلى ما يكفي، ثم الاحتفاظ بهذا المعدل للوقت الذي يستغرقه خفض التضخم إلى اثنين في المئة بشكل واضح. وقالت دالي التي ستصوت على أسعار الفائدة في اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي العام المقبل، إنها لن تفكر بالضرورة في خفض أسعار الفائدة بمجرد أن يصل التضخم إلى اثنين في المئة.
وتابعت "أعلم أنه ليس بعيداً أن نفكر في الوقت الذي قد نبدأ فيه بتخفيض أسعار الفائدة. في الوقت الحالي، كل انتباهي منصوص عليه بشكل قاطع إذا كنا في حاجة إلى زيادة الارتفاع وكم من الوقت سنحتاج إلى زيادة لخفض التضخم إلى اثنين في المئة".
وبعد فترة وجيزة من تصريحاتها، أعلن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد، أنه سيتنحى عن منصبه في منتصف أغسطس (آب) المقبل.
الناتج المحلي يتجاهل التضخم المرتفع
ومع اتجاه التضخم نحو التراجع، كانت وزارة التجارة الأميركية أعلنت أن الاقتصاد الأميركي توسع بوتيرة أسرع بكثير في الأشهر الثلاثة الأولى من العام مما كان متوقعاً في السابق، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي، وهو أوسع مقياس للناتج الاقتصادي، بمعدل سنوي قدره اثنان في المئة خلال الربع الأول، ارتفاعاً من التقدير الثاني البالغ 1.3 في المئة، وكان هذا أيضاً أعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين بنسبة 1.4 في المئة، وفقاً لبيانات "رفينيتيف".
ويعكس التقدير النهائي للوزارة للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول مراجعة تصاعدية للصادرات، والإنفاق الاستهلاكي، والإنفاق الحكومي والمحلي، والاستثمار من شركات الإسكان، وأظهرت البيانات الجديدة أن الأميركيين أنفقوا أكثر على الخدمات وأقل على السلع، بما في ذلك قفزة في الإنفاق على خدمات الرعاية الصحية، فيما يمثل الإنفاق الاستهلاكي نحو ثلثي الناتج الاقتصادي وتضمنت أحدث التقديرات بيانات من مسح الخدمات ربع السنوي لوزارة التجارة.
وأسهمت التدفقات التجارية المعدلة بشكل إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي، إذ ارتفعت الصادرات أكثر مما كان متوقعاً في السابق بينما تم تعديل الواردات بالتخفيض.
ويظهر التقدير النهائي للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول أن الاقتصاد الأميركي كان في حالة أفضل بكثير مما كان يعتقد سابقاً، وذلك بفضل مرونة المستهلكين الأميركيين، على رغم أن الاقتصاديين يقولون، إن الزخم تباطأ في الأشهر الأخيرة.
في مذكرة بحثية حديثة، كتب كبير الاقتصاديين في "إرنست أند يونغ"، غريغوري داكو، "في حين أن المستهلكين لا يزالون ينفقون، فإنهم يمارسون مزيداً من حرية التصرف إذ إن التضخم المستمر ودورة التضييق التي يفرضها مجلس الاحتياطي الفيدرالي تلقي بظلالها... وما زلنا نعتقد أن الركود هو الأرجح أكثر من غيره، لكننا خفضنا احتمالات الركود لدينا إلى 55 في المئة، وإذا تحقق، فسيكون له خصائص فريدة".
أزمة إخفاق وإفلاس البنوك الأميركية
في الوقت نفسه أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الفيدرالي الرئيس ثابتاً عند نطاق خمسة إلى 5.25 في المئة في وقت سابق من هذا الشهر، وذلك على رغم أن معظم المسؤولين يتوقعون رفع أسعار الفائدة مرتين أخريين هذا العام للحد بنجاح من أي ضغوط تضخمية باقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما لا يزال التضخم يحوم فوق هدف "الاحتياطي الفيدرالي" البالغ اثنين في المئة، يواجه المستهلكون مشهداً اقتصادياً صعباً في المستقبل، لكن عديداً من الاقتصاديين، بمن فيهم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أشادوا بمرونة الاقتصاد الأميركي.
قد ينفق المستهلكون أكثر قليلاً، إذ لا يزالون يحاولون تعويض الوقت الضائع أو تأمين عمليات الشراء التي لم يكونوا قادرين عليها في السابق.
يقول كبير الاقتصاديين في بنك "كوميريكا"، بيل آدامز، "لا يزال المستهلكون الذين لا يزال لديهم دولارات تقديرية لاستخدامها ينفقونها إما على شراء سيارات جديدة، التي لم تكن متاحة في العامين الماضيين بسبب نقص الرقائق، أو إنفاقها على الخدمات، والاقتصاد المباشر... كثير من الخطط خرجت عن مسارها بسبب الوباء".
كان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أكد في تصريحات حديثة، البنك المركزي الأميركي قد يضطر لتشديد رقابته على نظام التمويل الأميركي في أعقاب إخفاق ثلاثة من أكبر البنوك الأميركية هذا الربيع. وأشار إلى أن قواعد أكثر صرامة تم وضعها بعد الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، جعلت البنوك الكبيرة متعددة الجنسيات أكثر مرونة في مواجهة التخلف عن سداد القروض على نطاق واسع، مثل انفجار فقاعة الإسكان التي أدت إلى تلك الأزمة.
لكن انهيار مصرف "وادي السيليكون" وبنك "سيغنتشر" وبنك "فيرست ريبابليك"، كشف عن نقاط ضعف مختلفة، التي من المرجح أن يعالجها البنك الفيدرالي خلال اقتراحات جديدة.
وفي ما لم يقدم جيروم باول أي تفاصيل، لكن مسؤولين آخرين في "الاحتياطي الفيدرالي" قالوا إن البنوك ينبغي أن تحتفظ برأس مال أكبر في كاحتياطي للحماية من خسائر القروض.