Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب ينوع شراكاته الاقتصادية عبر بوابة "آسيان"

متخصصون يرون في الانفتاح الجديد توسيع دائرة الأسواق والفرص الاستثمارية المشتركة رغم التحديات

هناك تشابه بين طبيعة الاقتصادات الآسيوية والاقتصاد المغربي بالنظر إلى الاعتماد على التصنيع (أ ف ب)

ملخص

اعتمد المغرب منذ نهاية عام 2020 سياسة "الواقعية" في علاقاته الدولية إبان اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بمغربية الصحراء

رغبة منه في فك جزئي لارتباط اقتصاده بالاتحاد الأوروبي، يسعى المغرب خلال الأعوام الأخيرة إلى تنويع شراكاته التجارية بالتوجه نحو قوى اقتصادية مثل روسيا والصين، إلى أن حصل على اتفاق مبدئي لنيل وضع "شريك الحوار القطاعي" لدى رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، وبذلك يصبح المغرب الدولة الأفريقية الأولى التي تحصل على ذلك الوضع، وبالتالي سيمكنها ذلك من تطوير صناعاتها وكسب أسواق جديدة لمنتجاتها، إضافة إلى تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب "النمور الاسيوية" في مجالات عدة.

لماذا "آسيان"؟

واعتمد المغرب منذ نهاية عام 2020 سياسة "الواقعية" في علاقاته الدولية إبان اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بمغربية الصحراء، مما دفع بعض الدول إلى تبني توجه يدعم المغرب في قضية الصحراء، كانت آخرها إسبانيا وألمانيا، في المقابل لم يستجب الاتحاد الأوروبي لحد الآن للمطلب المغربي الخاص بتوضيح موقفه من نزاع الصحراء، الأمر الذي حدا بالمملكة إلى اعتماد توجه توسيع وتنويع دائرة علاقاتها الديبلوماسية والتجارية، باحثة عن أسواق جديدة لتقوية مبادلاتها التجارية.

وأوضح الاقتصادي بدر زاهر الأزرق أن التوجه نحو جنوب شرقي آسيا يسير وفق الامتداد الجديد للتطلعات الاستثمارية والاقتصادية للمغرب، بما تمليه توجهاته الاقتصادية والاستراتيجية حالياً التي ترتكز على مبدأ تنويع الشراكات، خصوصاً بعد توالي الأزمات الأخيرة لجائحة كورونا وموجات التضخم وتأثر اقتصاده بالاقتصاد الأوروبي جراء الارتباط الذي كان بينهما، وبالتالي "هناك توجه حثيث ليس لفك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي وإنما لتعزيزه، وبالموازاة مع ذلك تشجيع تنويع الشركاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الأزرق إلى أن المغرب في إطار ذلك التنويع توجه أخيراً نحو الصين ونوعاً ما نحو روسيا، إضافة إلى توغله القوي في السوق الأفريقية، وكذلك خلقه لشراكات مع عدد من الدول العربية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، موضحاً أن "هناك بوابة أخرى في جنوب شرقي آسيا، وتريد المملكة الاستفادة من تجربة نمور آسيا، تلك التجربة الرائدة في تسعينيات القرن الماضي التي دفعت دولاً مثل ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا إلى الواجهة".

أضاف الأزرق أن المغرب يطمح إلى خلق شراكة وتبادل للخبرات ويسعى إلى تأسيس نموذجه التنموي الجديد بشكل جزئي على التجارب الناجحة لتلك الدول، وأن هناك دوافع لتشجيع التعاون الاستثماري بين المملكة وهذه الدول في قطاعات متعددة متعلقة بمجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وصناعة السيارات، إذ يسعى المغرب إلى ترسيخ مكانته كأحد كبار مصنعي السيارات، إضافة إلى اقتحام صناعة السيارات الصديقة للبيئة.

فحوى الشراكة

وتشكل الاقتصادات الآسيوية المتطورة نموذجاً مهماً يمكن أن يستفيد منه المغرب من حيث تطوير خبراته الصناعية والتكنولوجية، إضافة إلى حجم تلك السوق التي بإمكان المملكة استغلالها في ترويج منتجاتها، وبحسب وزارة الخارجية المغربية فإن الرباط "اقترحت في فبراير (شباط) 2018 خطة عمل تعاونية تستهدف مجالات التعاون ذات الاهتمام المشترك التي من شأنها أن تسهم في رؤية آسيان، بحلول 2025، وقد تم تحيين خطة العمل هذه في فبراير 2023، مع أخذ التطورات التي حدثت منذ ذلك الحين في الاعتبار، لا سيما التداعيات المرتبطة بوباء كوفيد-19"، مضيفة أن تلك الشراكة "فرصة لتعاون جوهري قائم على مقاربة رابح-رابح" وأن المملكة أعربت عن استعدادها لتبادل خبراتها وتجاربها مع الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا في المجالات التي تحظى فيها المملكة باعتراف دولي من قبيل الفلاحة والأمن الغذائي والصيد البحري ومكافحة التلوث البحري والتجارة وإنعاش الاستثمار والسياحة والتعليم.

تعميق التعاون

وأوضح رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية نبيل الأندلوسي أن الاتفاق الجديد يمكن المغرب من تعزيز وجوده في منطقة "آسيان"، إضافة إلى الاستفادة من الفرص التي يتيحها الاقتصاد الآسيوي على أساس تبادل المنافع الاقتصادية وتعميق مجالات التعاون.

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي عبد العالي بوطيبة إلى وجود تشابه بين طبيعة الاقتصادات الآسيوية والاقتصاد المغربي بالنظر إلى الاعتماد على التصنيع من أجل خلق التنمية، وبالتالي يمكن التقارب بين الطرفين المغرب من الاستفادة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية كالصحة والتعليم، وفي طريقة تدبير المدن، كما يمكن للمغرب الاستفادة من التجربة الآسيوية للحد من الهجرة القروية، من خلال إنشاء منظومات اقتصادية داخل البوادي، ويوضح بوطيبة أن تلك الشراكة يمكنها دعم الصناعة المغربية عبر إرسال قطع الغيار لتركيبها في المملكة بهدف تقليص كلفة التوريد للقارة الأفريقية في وقت تشهد كلف الشحن ارتفاعاً مهولاً عقب الجائحة والحرب الروسية على أوكرانيا، مضيفاً أن ذلك التعاون يمكنه دعم التجربة المغربية المهمة في مجال الطاقات المتجددة عبر الاستفادة من الدول الآسيوية السباقة في اعتماد الطاقة الخضراء، إضافة إلى دعم الاستثمارات الضخمة في مجال الفوسفات.

 وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن الشراكة الجديدة بين المغرب ودول جنوب شرق آسيا ستجعل من المملكة بلداً له شراكات مع جل التكتلات الاقتصادية المهمة عبر العالم.

بدوره، أكد الأزرق أن المغرب يشكل فرصة اقتصادية جديدة لدول جنوب شرق آسيا لأنه منصة لوجستية وصناعية وتجارية موجهة نحو العمق الأفريقي، ويقدم كذلك فرصاً استثمارية واعدة لكل الشركاء، نظراً إلى عدد الشركات الصينية والغربية المستقرة فيه والتي تقوم بتصدير السلع والخدمات نحو القارتين الأفريقية والأوروبية لأن كلفة الإنتاج في المغرب أصبحت تنافس أقل كلفة في القارة الآسيوية، ناهيك عن عامل القرب الجغرافي من الأسواق الكبرى وقرب المواد الخام، وبالتالي فالمغرب يقدم بدوره مجموعة من الامتيازات الاستثمارية للدول الآسيوية ومن المتوقع أن تكون تلك الشراكة  واعدة جداً بين الجانبين.