Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف انقلبت صناعة السينما المصرية بسبب العرض في السعودية؟

يبحث المنتجون عن طرق ومواضيع لإرضاء الذوق السعودي والعرض في مصر لم يعد الهدف

لاقت الأفلام السينمائية المصرية إقبالاً كبيراً من الجمهور السعودي هذا العام والعام الماضي أيضاً (مواقع التواصل)

ملخص

بإيرادات تتعدى الـ 30 ضعفاً، عرض الأفلام المصرية في السعودية يغير شكل صناعة السينما ويقلب الموازين

لأعوام طويلة شكلت عروض الأفلام السينمائية المصرية في دول الخليج أحد أهم مصادر الإيرادات والدعم والنجاح إلى جانب العرض الأساس في دور العرض المحلية، ومنذ أعوام قليلة تحول الموضوع بشكل جذري ليصبح العرض في دول الخليج عامة وفي السعودية تحديداً المصدر الأهم والأضخم لإيرادات الأفلام المصرية، ووصلت الإيرادات إلى أرقام لا تقبل المقارنة مع السوق المصرية وبفارق قد يساوي مئات الأضعاف، مما جعل المنتجين يغيرون تفكيرهم وأصبح العرض في السعودية هو الطموح الجامح لكل صناع السينما.

قبول واسع

وبحسب أرقام رسمية وما نشره حساب السينما السعودية على "تويتر" فقد حقق فيلم "بيت الروبي" لكريم عبدالعزيز إيرادات وصلت إلى 137.842 مليون جنيه (نحو 4.5 مليون دولار أميركي) في المملكة، ونشرت مجلة "فارايتي" العالمية تقريراً عن الفيلم الذي انطلق في مصر في الـ 21 من يونيو (حزيران) الماضي، وفي السعودية يوم 22 من الشهر ذاته قبيل عيد الأضحى، وأكد التقرير أن الفيلم سجل في أول أيام عرضه قبولاً واسعاً في جميع أنحاء السعودية، إذ حصل على 73 ألف تذكرة وبلغت أرباحه أكثر من 4.1 مليون ريال سعودي (أكثر من 1.1 مليون دولار) خلال أسبوعه الأول، وأزاح من صدارة شباك التذاكر السعودي الفيلم العالمي "ذا فلاش"The flash .
وذكر تقرير "فارايتي" أن "بيت الروبي" حقق إجمال أرباح في الشرق الأوسط بما يزيد على 2.5 مليون دولار منذ بداية عرضه، وبحسب الموزع المشارك للفيلم فإن "بيت الروبي" يمثل خامس أعلى افتتاح لفيلم عربي في السعودية، وهي أكبر سوق للأفلام الكوميدية في الشرق الأوسط، وتم توزيع الفيلم المصري في السعودية من قبل "فرونت رو أرابيا".

كما جاء في التقرير أن "الأداء القوي لـ ’بيت الروبي‘ لا يعتبر مفاجأة كبيرة في السعودية، إذ حصدت الأفلام العربية 32 في المئة من إيرادات شباك التذاكر المتزايدة التي بلغت عام 2022 حوالى 250 مليون دولار، وعلى رأسها الأفلام المصرية على رغم أنها تمثل سبعة في المئة فقط من إجمال العروض".

"تاج" و"البعبع"

وحقق فيلم "تاج" لتامر حسني ودينا الشربيني في السعودية إيرادات وصلت إلى 11.117 مليون ريال، أي ما يعادل 91.580 مليون جنيه مصري (نحو 2.9 مليون دولار أميركي) خلال ثلاثة أسابيع فقط، بينما وصلت إيرادات فيلم أمير كرارة وياسمين صبري "البعبع" في شباك التذاكر لدى دور العرض السعودية إلى 10.761 مليون ريال سعودي، بما يعادل 88.618 مليون جنيه مصري (نحو 2.8 مليون دولار أميركي).

وكان فيلم "شوغر دادي" لبيومي فؤاد وليلي علوي أهم مفاجآت السينما المصرية من حيث الإيرادات في دور العرض السعودية، إذ نجح في إزاحة فيلم الأكشن "فاست أكس" للنجم العالمي فين ديزل والذي كان متصدراً بحسب قناة الإخبارية السعودية.

وبينما حقق الفيلم في مصر إيرادات لم تتجاوز 7 ملايين جنيه (نحو 226 ألف دولار)، فقد حقق في السعودية ما يعادل 250 مليون جنيه مصري (حوالى 8 ملايين دولار).

تصدر القمة

ولاقت الأفلام السينمائية المصرية إقبالاً كبيراً من الجمهور السعودي هذا العام والعام الماضي أيضاً، إذ تصدرت الأفلام المصرية قائمة الأعلى إيرادات خلال عام 2022، مثل فيلم "بحبك" لتامر حسني الذي حقق حوالي 58.8 مليون ريال سعودي (15.6دولار)، وأيضاً فيلم "من أجل زيكو" لمنة شلبي وكريم محمود عبدالعزيز، وحقق إيرادات وصلت إلى 41.5 مليون ريال سعودي (نحو 11 مليون دولار)، أما فيلم "وقفة رجالة" لماجد الكدواني ففاقت إيراداته 58 مليون ريال سعودي (15.46 مليون دولار).
ونشر حساب السينما السعودية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائمة الأفلام الأعلى إيرادات في شباك التذاكر السعودي على الإطلاق، وجاء في المركز الأول فيلم توم كروز "Top Gun: Maverick" كأكثر الأفلام حضوراً في تاريخ السينما السعودية، بعدما باع أكثر من مليون تذكرة ووصلت إيراداته إلى 77.7 مليون ريال سعودي (20.7 مليون دولار)، وتلاه في المركز فيلم "Spider-man: no way home"، ومن المركز الثالث إلى الخامس على التوالي ثلاثة أفلام مصرية هي "وقفة رجالة" و"بحبك" و "من أجل زيكو".
وفي التفاصيل فإن فيلم "وقفة رجالة" الذي حل في المركز الثالث باع أكثر من 800 ألف تذكرة بقيمة 58.6 مليون ريال سعودي (نحو 15.6دولار).
وأوضح حساب "السينما السعودية" أن "وقفة رجالة" هو ثالث أكثر الأفلام حضوراً في تاريخ السينما السعودية.
وفي المركز الرابع جاء فيلم "بحبك" من إخراج وبطولة تامر حسني بعدما باع أكثر من 754 ألف تذكرة بإيرادات بلغت 48.8 مليون ريال سعودي (نحو 13 مليون دولار).
وفي المركز الخامس فيلم "من أجل زيكو" للمخرج بيتر ميمي الذي باع 637 ألف تذكرة بإيرادات بلغت قيمتها 41.5 مليون ريال سعودي (نحو 11 مليون دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وضع استثنائي

ورصد الناقد الفني أحمد شوقي الوضع الراهن وتأثير العرض في السعودية على تغيير سوق صناعة السينما المصرية وخريطة الإنتاج، وكتب في مقالة نشرت أخيراً أنه قابل أحد أبرز المنتجين المصريين خلال العام الماضي، وعندما سأله عن أداء فيلمه الذي صدر حديثاً في القاعات المصرية فوجئ برد غير متوقع قال فيه المنتج "لا أهتم كثيراً بما يحققه الفيلم من أرباح في مصر، فلو اكتفى بجمع جنيه واحد فلن تكون مشكلة، فقد حققت مكسبي بالفعل من خلال عقد ونسبة توزيع الفيلم في القاعات السعودية".
وتابع شوقي في مقالته أن "هناك وضعاً استثنائياً تعيشه السينما المصرية الجماهيرية منذ افتتاح قاعات العرض في السعودية، وحققت بعض الأفلام أرباحاً قياسية بحساب فارق العملة، أحدثها فيلم الكوميديا الرومانسية ’شوغر دادي‘ الذي جمع من القاعات المصرية ما يقارب 7 ملايين جنيه (226 ألف دولار)، وتجاوزت إيراداته في السعودية ما يقارب الـ 30 ضعفاً".

كما كشف شوقي في مقالته أن "الاعتماد على تحقيق الأفلام أرباحاً كبيرة خارج نطاق بلدها أمر طبيعي في صناعة السينما، مثل السوق الصينية التي صارت ذات أهمية فائقة للأفلام الأميركية".

عقود سابقة

 واختتم الناقد الفني كلامه بالقول إن "تأثير السوق السعودية في الفيلم المصري يمتد لعقود تسبق افتتاح قاعات السينما هناك، أي خلال مرحلة إنتاج أفلام محدودة الكلفة بتمويل سعودي كي تطرح على شرائط الفيديو".
واتفق الناقد الفني أمجد جمال مع رأي شوقي وقال إن "السوق السعودية أصبحت معياراً مهماً جداً في اختيار الأفلام والأبطال والمواضيع، وهناك ذوق أصبح يستحسن تقديمه للجمهور هناك حتى يلاقي الترحاب الكبير والنجاح، وهو الشكل الكوميدي في الأعمال السينمائية". وأضاف جمال، "ربما فرض هذا الذوق نجوماً بعينهم وشهد مولد ممثل كوميدي كبير وهو بيومي فؤاد الذي يتمتع بنجومية مرتفعة في السعودية، وكذلك علي ربيع ومحمد ثروت وبعض نجوم الكوميديا الذي لا يحظون بالألق نفسه في مصر".
وكان أحمد شوقي قال في النقطة ذاتها إن "القاسم المشترك بين الأفلام المصرية الناجحة في السعودية هو ارتباطها بالأساس بالكوميديا مع بعض الرومانسية، وبعبارة أخرى إن الأفلام ذات الخصوصية المصرية يمكن أن تخاطب مشاهداً سعودياً يحب هذا النوع، أما معركة التقنيات والأفلام الضخمة والمطاردات والمعارك فهي محسومة سلفاً لأسباب يمكن تفهمها منطقياً، فلن نختلف حول أن مشاهدة توم كروز يقاتل أمتع بكثير من مشاهدة أحمد عز يحاول تقليده، ولهذا لم يحقق فيلم ’كيرة والجن‘ وهو الأضخم من حيث الإيرادات في السينما المصرية، النجاح ذاته لدى الجمهور السعودي".

تحديثات مهمة

وفي سياق متصل قال المنتج هشام عبدالخالق إنه "منذ بداية صناعة السينما المصرية وعبر عصورها المختلفة كان التوزيع للخليج يشكل نسبة كبيرة من إيراداتها، واعتمد المنتجون على هذا المصدر، وفي فترات كثيرة شارك الإنتاج السعودي في تقديم أفلام مصرية مهمة جداً لا تزال أيقونات، ولذلك فليس غريباً أن تشكل السوق السعودية بعد افتتاح دور عرض عبر أرجاء البلاد مصدراً مهماً للدخل".
وتابع عبدالخالق، "بدأت السعودية بإنشاء أول دار عرض سينمائي في أبريل (نيسان) 2018، ووصل عدد دور السينما فيها خلال 2022 إلى 63 دار عرض في مقابل 54 فقط عام 2021، وبلغ إجمال الإيرادات 905 ملايين ريال سعودي (نحو 241 مليون دولار) في ديسمبر(كانون الأول) 2022، بزيادة قدرها تسعة في المئة، في مقابل 874 مليون ريال سعودي (نحو 233 مليون دولار) عام 2021، وذلك وفقاً لهيئة الإعلام المرئي والمسموع" السعودية.
وكشف عبدالخالق أن "تأثير العرض في الخليج وتحديداً السعودية صار أملاً للمنتجين حتى يضمنوا أموالهم في ظل ضعف إيرادات دور العرض في مصر بسبب الظروف الاقتصادية والتضخم".

مرحلة استكشاف

وقال المنتج جمال العدل إن "هناك طفرة ضخمة حدثت بسبب دخول السعودية سوق العرض بهذه القوة، وهذا أمر إيجابي جداً لأنه يشجع الجميع على الاستمرار في الصناعة على رغم كل المعوقات"، مضيفاً أن "السوق السعودية جديدة ولا نزال في مرحلة استكشاف ودرس الذوق الذي سيحقق النجاح الأكبر، ولكن من المؤكد أن السينما المصرية تتمتع بحال جذب كبيرة هناك".
وختم العدل بالقول "حتى نستفيد كصناعة فن وسينما من الطفرة والإقبال السعودي على عرض الأفلام المصرية، علينا درس الأمر ومعرفة متطلبات السوق السعودية وذوق الجمهور هناك من محبي السينما".
اقرأ المزيد

المزيد من سينما