Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني أن يقفل طريق المصنع بين لبنان وسوريا؟

معبر حيوي بين البلدين يشكل صلة الوصل الرئيسة بين بيروت ودمشق

ملخص

استهدفت غارة إسرائيلية محيط معبر المصنع متسببة في حفرة بعرض أربعة أمتار، ما أدى إلى انقطاع الطريق الدولي الأقصر بين لبنان وسوريا التي قصدها حتى الآن نحو 310 آلاف شخص هرباً من القصف الإسرائيلي المتصاعد، حسب إحصاءات الحكومة اللبنانية.

ظهر أمس الثلاثاء اتهمت إسرائيل "حزب الله" باستخدام معبر المصنع الرسمي لتهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، محذرة من أنها لن تسمح بذلك ولن تتردد في التحرك إذا اضطرها الأمر. في اليوم نفسه نفت السلطات اللبنانية هذه المزاعم، وأكدت أن جميع الشاحنات التي تمر عبر المعابر الشرعية بما فيها معبر المصنع تخضع للتفتيش. وبعد أقل من 24 ساعة على تحذيرها نفذت إسرائيل تهديدها وقصفت فجر اليوم الجمعة محيط نقطة المصنع، مما تسبب في انقطاع الطريق الدولي الذي يربط لبنان وسوريا ويقصده منذ أيام عشرات الآلاف للفرار من الحرب المستعرة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.

الغارة الإسرائيلية استهدفت محيط معبر المصنع ووقعت داخل الأراضي اللبنانية متسببة في حفرة بعرض أربعة أمتار، بحسب ما أعلن وزير النقل والأشغال العامة اللبناني علي حمية. وبفعل الضربة انقطع الطريق الدولي الأقصر بين لبنان وسوريا التي قصدها حتى الآن نحو 310 آلاف شخص هرباً من القصف الإسرائيلي المتصاعد، حسب إحصاءات الحكومة اللبنانية.

 

حصار واستنزاف

في الشق العسكري، يضع الباحث الأمني والاستراتيجي ناجي ملاعب هذه الضربة في إطار الاستراتيجية العسكرية التي وضعتها إسرائيل لتجفيف مصادر "حزب الله"، مشيراً إلى أن تل أبيب سبق أن أعلنت أنها ستراقب كل ما يدخل لبنان عله يحمل أسلحة أو إمدادات لـ"حزب الله". وتنفيذاً لهذه الاستراتيجية هدد الجيش الإسرائيلي الطائرات العراقية والإيرانية ومنعها من الهبوط في مطار بيروت، وقصف جسراً يربط بين الهرمل في لبنان والقصير في سوريا، وهي منطقة حدودية مفتوحة يستخدمها الحزب دائماً لعبور عناصره من وإلى سوريا من دون المرور عبر المداخل الشرعية.

ويقول ملاعب إن هذه الاستهدافات تؤكد أن إسرائيل تراقب بصورة مستمرة المعابر بين لبنان وسوريا ولا تثق حتى بالمعابر الشرعية، على رغم تأكيدات السلطات اللبنانية سيطرتها عليها. ويضيف الباحث الأمني والاستراتيجي "يدل ذلك على أن إسرائيل تسعى إلى حصار ’حزب الله‘ واستنزاف المواد التي يمتلكها من دون أن يتمكن من الحصول على بديل عنها، ويعني ذلك أن الحرب ستطول لأن الحزب يمتلك، وفق مراكز أبحاث أميركية وإسرائيلية ووسائل إعلام، ترسانة أسلحة كبيرة واستنزاف قدراته سيتطلب وقتاً طويلاً، مما يعني أن القتال سيطول".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خسائر اقتصادية كبيرة

على الصعيد الاقتصادي، يقول المتخصص بلال علامة إن إقفال طريق المصنع بين لبنان وسوريا سيرتب عواقب وخيمة جداً ويؤشر إلى بدء عملية حصار. ويوضح المتخصص الاقتصادي أن لبنان يعتمد في هذه المرحلة على سوريا لتأمين بعض السلع الأساسية، ومنها الأدوية والطحين والقمح وأمور أخرى، لذا ستكون لإقفال هذا الممر "آثار حياتية فورية تنعكس على مقومات الصمود للشعب اللبناني".

أما في شأن الخسائر المترتبة عن هذه الضربة، فيقول علامة إن "حجمها لن يظهر الآن لأن لبنان يراكم الخسائر بصورة كبيرة جداً يومياً بسبب القصف والاعتداءات الإسرائيلية، وما تسببه من دمار وخراب وخسائر هائلة على الصعيد البشري وفي الممتلكات، وهي أمور ستظهر نتائجها لاحقاً".

وفي هذا السياق يقول الباحث في "الدولية للمعلومات"، وهي شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات علمية مستقلة، محمد شمس الدين، إن معبر المصنع هو المعبر الأساسي الذي يربط بيروت بدمشق على مسافة 115 كيلومتراً بين العاصمتين، ويعبره يومياً بالاتجاهين ذهاباً وإياباً نحو 2000 سيارة و10 آلاف شخص، وهي أعداد ترتفع في أيام الأعياد وفي يومي السبت والأحد في نهاية الأسبوع، لا سيما بسبب الرحلات السياحية أو الدينية التي تقصد مقام السيدة زينب في سوريا.

ويضيف شمس الدين أن حجم المبادلات التجارية عبر هذا المصنع يتجاوز 500 مليون دولار، مشيراً إلى أن قسماً من السلع، ومنها ما يستورد عبر مرفأ بيروت، يتجه إلى سوريا فيما يعبر قسم آخر للترانزيت خلال توجهه نحو الدول العربية كالأردن والعراق والخليج العربي، وخصوصاً الخضراوات والفاكهة، مما يجعل هذا المعبر حيوياً وأساسياً بين لبنان وسوريا.

كما يشير شمس الدين إلى أنه في ضوء تعرض مطار دمشق للقصف المتكرر وتراجع حركة الطيران فيه، بات عشرات آلاف السوريين يعبرون شهرياً معبر المصنع للتوجه إلى مطار بيروت ليسافروا منه إلى وجهات أوروبية أو عربية. من هنا "توقف الحركة لفترة طويلة عبر هذا المعبر يلحق ضرراً كبيراً بالاقتصادين اللبناني والسوري، لأن المعابر الأخرى سواء عبر حمص أو اللاذقية تستغرق مسافات أطول، وترتفع من 115 كيلومتراً إلى نحو 600 أو 700 كيلومتر"، حسب شمس الدين.

 

المعابر بين لبنان وسوريا

مما سبق يتبين أن معبر المصنع هو أكبر وأهم المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا ويربط بين العاصمتين بيروت ودمشق. يقع في منطقة البقاع شرق البلاد على قاعدة أرضية تمتد على مسافة ثمانية كيلومترات تربط بين نقطتي التفتيش اللبنانية لناحية المصنع والسورية لناحية جديدة يابوس.

وبين لبنان وسوريا ستة معابر شرعية، أبرزها معبر المصنع، ومعبر الدبوسية الذي يربط قريتي العبودية شمال لبنان والدبوسية بسوريا، ومعبر الجوسية في البقاع الشمالي والمؤدي إلى بلدة القصير بريف حمص، ومعبر تلكلخ الذي يربط بين بلدة تلكلخ بريف حمص ومنطقة وادي خالد في لبنان، ومعبر العريضة الذي يربط بين قريتي العريضة في محافظتي طرطوس السورية وطرابلس اللبنانية، ومعبر مطربا الذي يربط محافظة حمص بلبنان. وإضافة إلى ذلك، توجد بين لبنان عديد من المعابر غير التي تنشط عبرها عمليات التهريب للبضائع والأشخاص.

ومنذ سنوات تتهم إسرائيل "حزب الله" باستخدام معبر المصنع لتهريب السلاح والمسلحين بين لبنان وسوريا، وتعده موقعاً يشكل خطراً عليها تماماً كمنطقة البقاع بأسرها، حيث للحزب نفوذ كبير يستغله للسيطرة على المعابر الشرعية وغير الشرعية، حسب المحللين. وتعززت هذه الهواجس لدى السلطات الإسرائيلية بعد حادثة الطريق الدولي في الكحالة، إذ انقلبت في الـ10 من أغسطس (آب) شاحنة محملة بالأسلحة قيل إنها تابعة لـ"حزب الله" وكانت آتية من سوريا.

وخلال المواجهات المستعرة بينهما منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، استهدفت إسرائيل عديداً من المواقع التابعة لـ"حزب الله" في سوريا وشاحنات وسيارات على الحدود بين البلدين. وفي هذا السياق أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنه استهدف "نفقاً أرضياً عابراً للحدود اللبنانية - السورية بطول نحو 3.5 كيلومتر، كان يستخدم من قبل ’حزب الله‘ لنقل كثير من الوسائل القتالية وتخزينها تحت الأرض".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات