ملخص
سبق أن بوغتت واشنطن ببناء بكين منشآت عسكرية في بحر الصين الجنوبي، لذلك لا تريد تكرار الأمر في منطقة قريبة من شواطئها وشواطئ كندا
أوردت "وول ستريت جورنال" أن القطب الشمالي الذي لطالما كان منطقة معزولة يصعب على السفن عبورها وتضطر البلدان المحيطة إلى التعاون معاً لاستخراج مواردها الطبيعية، يتحول في شكل متسارع إلى منطقة متنازع عليها. "فمع ذوبان الجليد وتزايد حركة المرور البحرية على الأطراف الجنوبية للمحيط المتجمد الشمالي، تخوض حكومات مناورات بطرق تعكس المنافسات بين القوى العظمى السائدة في خطوط العرض الأرضية الأدنى [بين شمال وجنوب خط الاستواء". ولفتت الصحيفة الأميركية في تقرير مطول إلى أن القاذفات الروسية تزيد دورياتها فوق القطب الشمالي وإلى الجنوب منه، ونقلت عن الاستخبارات النرويجية قولها إن ضعف القوات الروسية التقليدية بسبب الحرب في أوكرانيا عزز أهمية الأسلحة الروسية الاستراتيجية، ومن بينها الغواصات الحاملة لرؤوس نووية تابعة للأسطول الروسي الشمالي، في حين يكثر حضور السفن التجارية والحكومية الروسية في المياه القطبية.
وفي حين لا يتوقع مسؤولون ومحللون عسكريون أميركيون أن تنشر بكين قوات عسكرية كبيرة في القطب الشمالي، قالوا إنها تشارك معلومات استخبارية تجمعها أقمار اصطناعية وأنظمة إلكترونية في المنطقة مع موسكو، بحسب الصحيفة، التي أضافت أن الولايات المتحدة ترد بتعزيز حضورها في المنطقة من خلال زيادة عدد كاسحات الجليد القطبي هناك بما يسمح بانتشار سريع للقوات البحرية، بعدما كانت تكتفي بكاسحة جليد واحدة في مقابل 36 تنشرها روسيا. "كذلك تتابع [واشنطن] التحركات الروسية والصينية هناك من خلال الأقمار الاصطناعية والمسيرات والقوارب المسيرة من بعد، وفق محللين ومسؤولين عسكريين [لم تسمهم الصحيفة]".
وأضافت "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة وبلدان آسيوية مطلة على المحيط الهادئ بوغتت ببناء بكين منشآت عسكرية في بحر الصين الجنوبي، لذلك لا تريد وزارة الدفاع الأميركية تكرار الأمر في منطقة قريبة من شواطئها وشواطئ كندا وشواطئ بلدان أخرى منتسبة إلى حلف شمال الأطلسي تقع في أوروبا الشمالية. وبعد تدريبات عسكرية روسية - صينية مشتركة في الخريف، أطلقت الولايات المتحدة "عملية حراسة الحدود" المخصصة للرد على اقتراب سفن حربية أجنبية فجأة من أهداف أميركية في المنطقة. والخطة من وضع اللواء البحري ناثان مور الذي يشرف على تطبيقها، وهو نائب قائد خفر السواحل في القطب الشمالي. ونقلت الصحيفة عن الكابتن كينيث بودا، نائب قائد خفر السواحل في الولايات المتحدة، قوله: "نريد إبلاغ العالم أننا موجودون هنا وننفذ دوريات في هذه المنطقة وأن ثمة محظورات هنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق الصحيفة، أصرت وزارة الدفاع الروسية على أن التدريبات العسكرية الروسية - الصينية المشتركة كانت مصممة لتحسين التعاون بين القوات البحرية في البلدين والدفاع عن الخطوط التجارية البحرية في المنطقة. وقال ناطق باسم السفارة الصينية في واشنطن: "لن تستخدم الصين مسائل تتعلق بالقطب الشمالي لتعزيز مصالحها الجيوسياسية ولا تنوي ذلك". أما إدارة بايدن فأطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) استراتيجية جديدة تتعلق بالقطب الشمالي حددت [حماية] الأمن القومي بوصفه الركن الرئيسي للمصالح الأميركية في المنطقة، قبل البيئة والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي. ويرد في وثيقة الاستراتيجية ما يلي: "إن الحرب العدوانية التي تشنها روسيا من دون مبرر على أوكرانيا جعلت التعاون بين الحكومتين الأميركية والروسية في القطب الشمالي غير ممكنة عملياً".
وعلى حد تعبير "وول ستريت جورنال"، "تزيد الشراكة الروسية - الصينية من التحديات التي يواجهها الجيش الأميركي مع دخوله حقبة جديدة من المنافسة بين القوى العظمى. على مدى عقود، ركزت الولايات المتحدة على محاربة حالات التمرد في الشرق الأوسط وأفغانستان، وسعت أخيراً إلى إعادة توجيه قواتها لمواجهة نوع مختلف من النزاع المحتمل". "لقد أوضح كل من بوتين وشي أن الشمال الأعلى هو مفتاح مصالحهما الاستراتيجية، ومن الضروري أن تحول الولايات المتحدة وحلفاؤنا دون هيمنتهما على هذه المنطقة"، وفق عضو مجلس الشيوخ روجر ويكر (جمهوري من ولاية ميسيسبي)، العضو الجمهوري الأبرز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ.
وزاد عدد السفن التجارية والحكومية الروسية الناشطة في القطب الشمالي إلى ما متوسطه 709 سفن شهرياً العام الماضي، بزيادة بنسبة 22 في المئة عن عام 2018، بحسب بيانات متابعة جمعتها أقمار اصطناعية ونسقتها مؤسسة "إي إي سبيس كويست" لمصلحة "وول ستريت جورنال". وقال الفريق البحري بيتر غوتيير، رئيس العمليات في خفر السواحل في الولايات المتحدة، إن الصين "تبحث عن مبررات لحضور بحري لنفسها في القطب الشمالي".
ولفتت الصحيفة إلى أن الرأي العام الأميركي تنبه إلى أنشطة الصين التجسسية في المنطقة في وقت سابق من هذا العام بعدما رُصِد منطاد صيني قرب جزيرة سانت ماثيو غير المأهولة التابعة لألاسكا. وعبر المنطاد الولايات المتحدة وكندا قبل إسقاطه أمام سواحل ساوث كارولينا. وتنكر الصين أن الغرض من المنطاد كان التجسس. والعام الماضي صادر رجال أمن كنديون طوافات صينية يُعتقَد بأنها كانت تراقب غواصات أميركية. ويحقق مسؤولون أمنيون أميركيون في زيارات قام بها صينيون لمناطق قريبة من قواعد عسكرية أميركية.