Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحركات عالمية خجولة لحماية العمال من الشمس الحارقة

الحرارة المفرطة تزيد الأخطار وتؤثر في الصحة البدنية والعقلية

العمال الأكثر عرضة لخطر الإجهاد الحراري هم الذين يعملون في مهن تتطلب جهداً جسدياً (أ ف ب)

ملخص

مع مرور العالم بطقس متطرف بات العمال أكثر عرضة للخطر باعتبار أنهم غالباً أول من يواجهون تأثيرات المناخ وسط تحركات خجولة من الدول.

تشير التوقعات المناخية إلى زيادة تواتر وشدة درجات الحرارة والطوارئ المناخية عالمياً، مما يعني فقدان الوظائف وانخفاض إنتاجية العاملين، فارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب تغير المناخ سيجعل المشكلات الصحية المتعلقة بالتعرض المباشر لأشعة الشمس أكثر شيوعاً.

وتدور المشكلات الصحية الناتجة في إطار "ضربة شمس أو إجهاد حراري أو تقلصات عضلية وطفح جلدي"، وعليه فهناك أعمال تتأثر أكثر من غيرها بهذه الحرارة المرتفعة، فما هي هذه الأعمال وما الخطوات التي اتخذتها الدول عالمياً وعربياً لحماية العمال؟ فالعمال أكثر عرضة للخطر باعتبار أنهم غالباً أول من يتعرض لتأثيرات المناخ، إذ أثرت درجات الحرارة المرتفعة في عمال كثر بمناطق مختلفة من العالم مما أدى إلى ارتفاع خطر الأمراض والإصابات المهنية المرتبطة بالحرارة، وجعل الإجهاد الحراري أكثر شيوعاً من حيث المدة والوتيرة والشدة.

ويتعرض العمال في المنطقة العربية وفي مناطق كثيرة من العالم لظروف مناخية تتسم بالحر والرطوبة، ويعملون تحت أشعة الشمس القوية، وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى ما يعرف بالإعياء أو الإجهاد الحراري.

ويشير الإجهاد الحراري، بحسب منظمة العمل الدولية، إلى درجات الحرارة التي تفوق قدرة الجسم على الاحتمال ولا يمكن إلا أن تسبب ضعفاً فيزيولوجياً، إذ ينتقص الإجهاد في أثناء العمل من وظائف العامل الجسدية وقدراته وطاقته على العمل وتحقيق الإنتاجية، وبالتالي فإن الحرارة المفرطة ستزيد أخطار السلامة والصحة المهنيتين وضعف العمال مما يؤثر في الصحة البدنية والعقلية للفئة العاملة، وقد يؤدي التعرض للحرارة إلى زيادة الخطر وتراجع مستوى التركيز مما يفضي إلى حوادث تتجاوز بطبيعتها الأثر المباشر للإجهاد الحراري.

وفيما تعتبر سلامة العمال وصحتهم الأولوية في هذه المسألة، يؤثر الإجهاد الحراري في الاقتصاد والإنتاجية، إذ يؤدي التعرض للحرارة إلى تراجع كفاءة العمل، وعلى الصعيد العالمي سيؤدي إلى فقدان ما يعادل 80 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول عام 2030.

0 seconds of 1 minute, 8 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:08
01:08
 


الأكثر تأثراً

وتقسم أماكن العمل إلى داخلية وخارجية، فالأولى مغلقة وبالتالي يجب الحفاظ فيها على درجة حرارة مناسبة بحيث لا تقل عن 20 درجة مئوية في الأماكن الباردة مع توفر وسائل التبريد في الأماكن الحارة ووجود تهوية مناسبة للمكان، أما الخارجية فيمكن أن يكون لتأثيرات الطقس في هذه البيئة خطر على سلامة الموظف، وإذا لم ينظر في الأخطار أو إدارتها بشكل صحيح فقد يكون هذا التأثير فورياً أو قد يحدث خلال فترة زمنية طويلة.

وخلال المؤتمر الدولي لـ "منظمة العمل الدولية" في شأن الإجهاد الحراري الذي أقيم مايو (أيار) الماضي في قطر، خرج تقرير جاء فيه أنه "فيما يؤثر الإجهاد الحراري بشكل كبير فيمن يعملون في الأماكن المكشوفة، لا سيما في الأعمال التي تطلب جهداً بدنياً مثل الزراعة والبناء، لا ينبغي إغفال أثره في العمال داخل الأماكن المغلقة التي لا يجري ضبط درجة الحرارة فيها".

وأعطى التقرير مثالاً على "انتشار أمراض الكلى المزمنة مجهولة المصدر في الدفيئات الشمسية، والخطر الكبير الذي تشكله درجات الحرارة المتنامية على العمال في قطاع الملابس بجنوب شرقي آسيا"، موضحاً أن الإجهاد الحراري يطاول العمال بغض النظر عن العمر والجنس والجنسية، وقد تبين أن فئات محددة منهم كالأشخاص الذين يعانون مشكلات صحية قديمة أو حديثة العهد أو النساء الحوامل هم الأكثر تأثراً بالتعرض للحرارة.

وعليه فإن العمال الأكثر عرضة لخطر الإجهاد الحراري هم الذين يعملون في مهن تتطلب جهداً جسدياً مثل البناء والزراعة وجمع النفايات، وأولئك الذين يعملون في المصانع والورش حيث لا أجهزة تكييف، وكذلك الذين يرتدون ملابس ثقيلة أو معدات وقائية مثل معدات رش المبيدات ورجال الإطفاء.

ويتأثر العمال الأكبر سناً بشكل خاص بسبب تراجع قدرتهم أو طاقة الجهاز التنفسي على احتمال الحرارة، وكذلك العاملين بجوار الأفران والمواقد مثل صناعة الحديد والصلب والمسابك في صهر المعادن وعمليات تقطير البترول وصناعة الأسمدة العمل، إضافة إلى العاملين أمام الأفران والمخابز والغلايات.

استجابة عالمية

وعلى رغم أن معظم دول العالم تفتقر إلى سياسة الاستجابة لهذه الأخطار والحد منها إلا أن بعضها سارع إلى اتخاذ خطوات، فعملت أستراليا على وضع رؤية للعمل الأمن والصحي بين أعوام 2023 و2030، وجرى تحديد الأخطار المتعلقة بالمناخ على أنها تحديات ناشئة.

كما أقرت سيدني بخطورة الحرارة والفيضانات والظواهر الجوية القاسية على العمال، وطورت مواداً إرشادية عملية في شأن إدارة أخطار العمل في درجات حرارة مرتفعة، ويلحظ الدليل واجبات العمال وأصحاب العمل ويقدم المعايير العامة لتقييم الأخطار، مثل حركة الهواء في مكان العمل والظروف المحيطة والرطوبة وفترات الاستراحة للتبريد ولياقة العمال.

 

 

ومن الدول التي استجابت أيضاً الأورغواي، فبعد وفاة عامل ريفي بسبب صاعقة عاصفة كهربائية، صدر مرسوم حول العمل في الظروف الجوية السيئة في المناطق الريفية.

ويمكن أن تزداد الأحداث الطبيعية المتنوعة بسبب تغير المناخ وبالتالي فهناك حاجة إلى تزويد العمال بحماية أكبر، لذلك توقف مهمات العمل أثناء الظروف الجوية السيئة، كما أن للعمال الحق في الانسحاب من المواقع الخطرة.

إجراءات العرب

واتخذت بعض الدول العربية مجموعة من التدابير لحماية العمال من الإجهاد الحراري، إذ حظرت البحرين العمل تحت أشعة الشمس والأماكن المكشوفة خلال فترة الظهيرة من الساعة الـ 12 ظهراً وحتى الساعة الرابعة عصراً خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) لحماية العمال وتأمين سلامتهم من أخطار الإجهاد الحراري وضربات الشمس ومختلف أمراض الصيف والحد من الحوادث المهنية، كما نفذت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هناك حملة توعية استهدفت أصحاب العمل والعمال حول أهمية الالتزام بالقرار، فزودت أصحاب العمل بنشرات إرشادية إضافة إلى إعداد مطويات وإعلانات بلغات عدة لتكون مفهومة من قبل مختلف الجنسيات العاملة في البلاد، إذ تتضمن إرشادات ومعلومات عن تأثير درجات الحرارة المرتفعة على صحة وسلامة العمال.

أما في قطر فخرج قرار منذ عام 2021 بحظر العمل في الفترة الصباحية بعد الساعة العاشرة صباحاً إلى الساعة الثالثة والنصف عصراً، وذلك للأعمال التي تؤدى في أماكن العمل الخارجية المكشوفة، والأماكن المظللة غير المزودة بوسائل التهوية المناسبة، فيما يعود العمال لعملهم في أماكن العمل الخارجية المكشوفة خلال الفترة المسائية بعد الساعة الثالثة والنصف عصراً. وألزم هذا القرار الشركات والمؤسسات التي لديها مواقع عمل تحت أشعة الشمس المباشرة بأن تضع جدولاً في مكان ظاهر يسهل على جميع العمال الاطلاع عليه وتحديد ساعات العمل اليومية.

أما في مصر وسوريا والعراق، وعلى رغم وجود قوانين لحماية العمال إلا أنها تطبق فقط وبنسبة معينة للعمال التابعين لمؤسسات الدولة، أما العاملون في القطاعات الخاصة فيخضعون للتشريع الخاص بالمؤسسة أو الشركة التي يعملون لديها.

المزيد من بيئة