ملخص
صالح بن عزرا بن يعقوب ابن لأسرة يهودية من أصل عراقي حيث مسقط رأسه في مدينة الكويت، وذاعت شهرته الموسيقية هناك بمشاركة شقيقه عازف العود الشهير داوود الكويتي.
لا يزال الملحن الراحل صالح الكويتي يحتفظ بمكانته في قلوب العراقيين، ولا تزال أغانيه تتردد على ألسنتهم وتحن إليها أسماعهم، ومن ثم فإن وجود دار تحمل اسمه في شارع الرشيد بمنطقة بغداد القديمة يبعث الأمل في إشاعة ثقافة الموسيقى من جديد في المجتمع، وصقل مواهبه وتنمية مهاراته وخلق جيل جديد لديه ذائقة موسيقية واعية.
وتضم دار مؤسس الأغنية العراقية الحديثة كثيراً من الملامح التراثية الخاصة بالمنطقة العربية تعود لقرن كامل، مثل الآلات الموسيقية وأسطوانات لمقاطع الأغاني التي لحنها في ثلاثينيات القرن الماضي ولا يزال العراقيون يتذكرونها حتى الآن.
صالح الكويتي
صالح بن عزرا بن يعقوب (1908 ـ 1986) ابن لأسرة يهودية من أصل عراقي حيث مسقط رأسه في مدينة الكويت، وذاعت شهرته الموسيقية هناك بمشاركة شقيقه عازف العود الشهير داوود الكويتي.
وتشير المصادر إلى أن صالح الكويتي كان شغوفاً بالموسيقى منذ صغره، إذ لازم الموسيقار الكويتي خالد البكر متعلماً العزف والغناء، كما رافق عبداللطيف الكويتي إلى البصرة لتسجيل أسطوانات موسيقية غنائية.
وبعد عامين في البصرة قرر صالح الانتقال إلى بغداد لتبدأ مرحلة أخرى من مسيرته الإبداعية ملحناً لأغان لا يزال صداها يتردد حتى يومنا هذا، ومنها "قلبك صخر جلمود" و "يانبعة الريحان" و "آه يا سليمة" و "خدري الجاي خدري" وغيرها.
وتأسيس مدارس ومعاهد ودور موسيقية تحمل اسم الراحل صالح الكويتي كان حلماً راود كثيراً من الموسيقيين حتى تحقق على يد الملحن إيهاب محمد الذي يقول إن "فكرة تأسيس الدار بدأت منذ عام 2013، وبدأنا نعمل عليها ونحضّر لها منذ ما يقارب عامين لكي يكون مكاناً تراثياً وسط العاصمة بغداد، وحتى يسهل الوصول إليه وقع الاختيار على منطقة "جديد حسن باشا" ذات الطابع التراثي والمشهورة بصناعة العود والآلات الموسيقية قرب بيت المطرب الراحل ناظم الغزالي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن أهداف الدار أوضح محمد أنها "تأسست لهدفين، الأول عرفاناً بجهود الفنان الراحل الذي يعد أب الأغنية العراقية، إذ وضع لبناتها خلال عشرينيات القرن الماضي، والثاني أن يكون مركزاً ثقافياً لتدريس الموسيقى وبيع الآلات الموسيقية بأسعار مناسبة لدفع الجيل الجديد إلى حب النغم والأغاني التراثية، إضافة إلى تعزيز الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية العراقية".
ويقول رئيس الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي المايسترو علاء مجيد إنه كان يسعى إلى افتتاح مدرسة تحمل اسم صالح الكويتي للعود، لكن مشروعه لم ير النور بسبب التحفظ على حقوق الاسم وغيرها، مضيفاً "أؤيد أي مشروع أو فكرة أو مدرسة أو دار موسيقية للتراث العراقي حتى لو كانت بداياتها متواضعة، فمع مرور الوقت سيكون لها شأن وستقدم لنا أجيالاً مميزة".
إعادة الأمل بـ"الأغنية"
ويقول الشاعر عبدالرزاق الربيعي إنه "بينما نشهد مرحلة تتراجع فيها الأغنية التي تلامس الوجدان والروح، يأتي افتتاح هذه الدار لتعيد لنا الأمل في الأغنية العراقية الأصيلة من خلال ورشة لصناعة العود وبيعه"، متابعاً "يكفي صالح الكويتي فخراً أن أم كلثوم عند زيارتها بغداد في ثلاثينيات القرن الماضي غنت واحدة من ألحانه ’قلبك صخر جلمود‘ التي لحنها لسليمة مراد، وكذلك تلحينه جميع أغاني أول فيلم سينمائي عراقي ’عليا وعصام‘ التي أدتها سليمة مراد بطلة الفيلم، ووضع الموسيقى التصويرية له".
نقلة نوعية
وفي السياق يرى الكاتب والصحافي زيدان الربيعي أن "افتتاح الدار في ظل الظروف الصعبة التي مرت على البلاد خلال الأعوام الماضية يمثل نقلة نوعية في الاهتمام بالمبدعين العراقيين الراحلين وما تركوه من تراث لم يزل خالداً في الذاكرة الجمعية للمجتمع العراقي".
وأضاف أن "هذه الدار ستسهم في إمداد الموسيقى العراقية بطاقات واعدة ستأخذ على عاتقها خلال الأعوام المقبلة مهمة صناعة ذائقة جيدة عند الأجيال الجديدة، لأن ترسيخ الموسيقى وفنونها عند الأطفال سيؤدي إلى وجود جيل واع ومثقف يحتاج إليه العراق الآن ومستقبلاً".
وتابع، "الملحن الراحل صالح وشقيقه داوود الكويتي أسهما في تأسيس القاعدة الصحيحة للغناء العراقي، وكانت لهما بصمات غنائية ولحنية في غاية الجمال والإبداع، والدليل أنها بقيت خالدة ليومنا هذا، وأتوقع أنها ستبقى لعقود وربما قرون مقبلة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على رصانة ما قدماه من فن حقيقي".
وأردف، "زرت دار صالح الكويتي قبل أكثر من عامين ووجدت فيها أنواعاً مختلفة من آلة العود التي صنعت بشكل أنيق جداً، وكذلك هناك كثير من الصور التي تم وضعها على جدران الدار وهي تشير إلى مراحل مختلفة من حياة الكويتي، وهذا وفاء كبير جداً من قبل القائمين عليها، وكم تمنيت أن تخصص الجهات الحكومية العراقية مكاناً جديداً لهذه الدار يكون ذا مساحة أوسع لاستيعاب المواهب المتقدمة إلى الدراسة".